بقلم: سوزان قسطندي
لقد كشفت دولة الإسلام عن وجهها القبيح وكشَّرت عن أنيابها بكل تبجّح الإرهاب حينما أشهرت السيف في وجه الأقباط المسيحيين المدنيين العُزَّل المسالمين في وطنهم مصر وأعملت فيهم الذبح، خلال هذا الحادث الإرهابى المروع الآثم بنجع حمادي حينما فتح ملثّمون النار بعشوائية على زهرة الشباب الخارج من الكنيسة بعد تأدية صلاة العيد ليلة عيد الميلاد المجيد !!! فسقط منهم على الفور ستة قتلى وحارس الأمن المسلم وأصيب عشرة آخرون بإصابات خطرة !!! حدث ذلك رغم وجود تهديدات مسبقة ولم تقابل بجدية من جهاز الأمن.. ورغم وجود سابق شحنات طائفية وأحداث عنف طائفى منذرة بكارثة ولم تقابل بحسم العدالة من القضاء ومن الحكومة !!!
وتتوالى توابع المذبحة الطائفية بالمزيد من أعمال القبح.. حملات إعتقالات واسعة من جهاز الأمن لشباب مسيحى لا ذنب له سوى أنه مسيحى وذلك ليستخدم من قبل الحكومة كورقة ضغط على الأقباط للتنازل عن حقوقهم !!! وتوابع شعبية أخرى من ترويع وخطف ونهب وحرق وتدمير لبيوت المسيحيين ومحالهم وكنائسهم وما ينتج عنها من خسائر فى الممتلكات والأرواح كما حدث مع سيدة ببهجورة إستشهدت إختناقاً بسبب الحريق- من قِبَل متطرفين آخرين يملأ الغلّ والحقد قلوبهم فيأبوا إلا أن يزلّوا الباقين أحياء من الأقباط وينكِّسوا رؤوسهم عقاباً لهم على إيمانهم المسيحى !!!
وتعم حالة الحزن والحداد والغضب والرفض على الشعب القبطى كله بالداخل والخارج.. وحال مؤازرة واستنكار ورفض تعم شركاء الوطن المخلصين.. وتتوالى حملات الإدانة والإستنكار الواسعة والمطالبة بتحقيق عدالة القانون الرادع ومعالجة الفتنة من جذورها من قِبَل مثقفين وطنيين وسياسيين واعيين قد شعروا بالفجيعة واستشعروا الخطر على مصر !!!
والمحصِّلة حالة من الترنُّح والإهتزاز وفقدان التوازن واستشعار السقوط والإنهيار تصيب الجسد المصرى كله !!! والنتيجة تهديد الأمن القومى المصرى كله !!!
نعم إنه كذلك.. فالأقباط هم روح مصر وقلبها النابض بالحياة.. هم الحقيقة التاريخية الباقية والشاهدة على مظالم تاريخ طويل.. وضرب الأقباط كمثل ضرب الجسد فى القلب- أى ضربة فى مقتل.. فإن أبيد الأقباط عن بكرة أبيهم كما يحلم مغيبى القول عبيد إبليس ففى ذلك إختفاء إسم مصر من خارطة دول العالم !!! ويؤسفنا كثيراً أن تكون أيادى مصرية -لا خارجية- هى من تضرب الأقباط.. وهو ما يمكن أن نطلق عليه "إنتحار وطن" !!!
توالت الضربات على الأقباط من قِبَل الدولة الإسلامية منذ سبعينيات القرن الماضى.. إلا أن ضربتين فى القلب قد آلمتا الأقباط كثيراً- الأولى كانت خلال أحداث سبتمبر عام 1981 حيث وُجِّهت الضربة إلى الكنيسة ورجال الإكليروس وهم رموز الديانة المسيحية، والثانية خلال مذبحة نجع حمادى ليلة عيد الميلاد المجيد 2010 وهى الأخطر على الإطلاق فى التاريخ القبطى الحديث لما فيها من تعدّى سافر على حق الوجود القبطى ومستقبل المسيحية فى مصر فجاءت الضربة فى قلب المسيح نفسه وهكذا يصلبون المسيح مرة أخرى !!!
لقد تجرأ الحاقدون ومسّوا حُرمة أقدس حق إنسانى يكفله الله عزّ وجلّ للإنسان وهو حق الوجود !!! وبسبب مثل تلك الأحداث تقوم الحروب الأهلية والحروب بين الشعوب وبين الدول بل والحروب العالمية !!! ولهذا فلن نلوم الأقباط ممن يطالبون بحق تقرير المصير وتقسيم مصر ليستقلّ الأقباط آمنين بدولة خاصة بهم.. أو ممن ينادون بتسليح الأقباط للدفاع عن النفس.. فإن حق الدفاع عن النفس وتأمين الحياة هو حق طبيعى يكفله المجتمع الدولى ويقرّه القانون الدولى !!!
ليس مستحيلاً أن بعض فصائل من الأقباط يهجروا الكنائس ويحملوا السلاح بغرض الدفاع عن النفس وعن حق الوجود ويطالبون بتقرير المصير والعيش المستقِّل- على شاكلة الجنوب السودانى والذين يتعاطف معه المجتمع الدولى.. وتعم بلادنا المصرية حالة الفوضى والدمار الشامل جراء الحروب الأهلية التى تقضى على الأخضر واليابس !!!
ولكن... ماذا نقول ونحن الشعب القبطى المتدين محب المسيح، وقد كبّلنا المسيح بمحبته "ولكن الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيبح لأجلنا" (رو5 : 8)، وهكذا دعانا "أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكو أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت 5: 44)، وهكذا أوصانا ألا نثأر لأنفسنا بأيدينا "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء" (رو 12: 19)، "إغضبوا ولا تخطئوا" (أف 4: 26).. علمنا المسيح أن نحترم النظام العام "إعطوا ما لقيصر لقيصر" (مت 22 : 21)، وأن نرفع شكاوانا القانونية أمام القضاء ودعاوانا أمام الحاكم- حتى إلى أعلى سلطان دولى "إلى قيصر أنا رافع دعواى" (أع 25 : 11)، وذلك بحسب ترتيب الله ضابط الكل لأنظمة الحكم المتصاعدة والمقرَرَة منه لإقرار العدل بين الشعوب وحفظ النظام بالمسكونة "لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لأنه ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هى مُرتَّبة من الله.. لأنه خادم الله للصلاح، ولكن إن فعلت الشر فخَف لأنه لا يحمل السيف عبثاً إذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذى يفعل الشر" (رو 13: 1- 4) !!!
ومنذ أن وقّعت حكومتنا المصرية على المعاهدات الدولية وإتفاقيات حقوق الإنسان فقد ألزمت نفسها بالخضوع للإشراف والرقابة الدولية حتى إلى أحكام القضاء الدولى !!!
وفى هذا الحادث الإرهابى الأثيم -مذبحة نجع حمادى- والذى آلم المصريين جميعاً فإن أضعف الإيمان هو تطبيق حكم القانون العادل بتوقيع أقصى عقوبة على لجناة المنفّذين والمحرّضين، لكى يرتدع كل متجبِّر ولا تتكرر أمثال هذه المذابح وأحداث العنف الطائفى فيما بعد !!!
ولكننا نطلب ما هو أكثر من ذلك- أعنى إعدام المخطط الإبليسى الهائل لإبادة الأقباط !!! وذلك بإلغاء المادة الثانية (المادة الإبليسية) من الدستور المصرى.. وإعلان قيام دولة المواطنة والحقوق والحريات والقانون العادل- دولة مصر المدنية. |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|