بقلم: ألبير ثابت
طالعتنا بعض الصحف بأنه تحدد يوم 27 يناير الجاري موعدًا لافتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثانية والأربعين، والذي يستمر حتى تاريخ 7 فبراير 2010 م، بمشاركة (32) دولة، ويصل عدد الناشرين المشاركين بالمعرض إلى 800 ناشر. وقد اختارت الهيئة المصرية العامة للكتاب دولة روسيا كضيف شرف لدورته الجديدة.
ونظرًا للإقبال الجماهيري الكبير من جميع أنحاء الجمهورية بل ومن خارج مصر، وكونه نافذة يطل منها الجمهور المصري على مختلف فنون وعلوم وآداب العالم، وذلك من خلال الكتب، وشرائط الفيديو، والكاسيت، وتسجيلات الموسيقى العالمية، والوسائل التعليمية، ولوحات كبار الفنانين العالميين، والندوات واللقاءات الفكرية، والأمسيات الشعرية، وقراءات المقهى الثقافي ...إلخ، ولرغبتنا جميعًا إيقاف ظاهـرة ازدراء الأديان، وسد منابع الفتنة الطائفية، نقترح باتخاذ الخطوتين التاليتين قبل خـراب مالطة:-
1. رغم أن طبيعتي الشخصية ضد سياسة تكميم الأفواه ومصادرة الحريات، ولكن في ظل الظروف والأحداث المفجعة في نجع حمادي التي أصابت الجميع بالآسى، أطالب الأجهزة المعنية وخاصة الرقابية بمنع الكتب والكتيبات التي تثير الفتنة، وتحرِّض على الغلو والتطرف والكراهية، ومصادرة شرائط الكاسيت التي تبث سموم الكراهية وتزدري الدين المسيحي، لأن المسألة أصبحت تتصل بتهديد أمن مصر، وبذر فتنة في بلد لا تنقصه المزيد من الفتن .. فنحن في مجتمع يجب أن نحترم فيه الآخر (فحريتك تنتهي عند حريات الآخرين).
2. يجب على المنظمين وسلطات المعرض إيقاف أي ندوات أو مناظرات أو أي حوارات دينية تمس الأديان أو مشاعر الآخرين، لأن الجدال الديني دون وجود ضوابط لا يصب في مصلحة الثقافة المصرية، وهذا ليس من مبدأ الخوف أو ضد الحوارات المبنية على الحجة بالحجة، والفكرة بالفكرة، والرأي بالرأي، ولكن في ظل تحول طـرق المعرض في السنوات السابقة لساحات للتراشق والتنابذ الديني وسط غياب شبه كامل لسيطرة الأجهزة الرقابية والأمنية.
فمن الجوانب السلبية والسيئة في الدورتين السابقتين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب ظاهرة تجمع بعض الشبان من الجماعات الإسلامية المتطرفة من طوال الذقون وقصارى العقول في أروقـة المعرض بملابس شبه طالبانية أو غريبة يتعمدون إلى استدراج أصحاب العقائد الأخرى في مناظرات خفية تنتهي في نهاية الأمر إلى التفوه بالألفاظ الجارحة والمشاجرة باليد وإيذاء الشباب .. فقد رصد موقعنا المحبوب فى الدورات السابقة قيام الداعية "أبو إسلام أحمد عبد الله" رئيس قناة "الأمة" (الفتنة) وغيره من التكفريين بتجنيد مجموعة من الشباب لعمل مناظرات دينية مع الشباب المسيحي ويسجلون الحوارات بشكل سري ثم بثه عقب ذلك على المواقع الإلكترونية أو تسليمها للأجهزة الأمنية.
وفي السياق ذاته، أكد بعض القائمين على المعرض بوجود كتب دينية متنوعة تصل نسبتها إلى ربع المعرض، وهذا شيء جيد، ولكن لماذا تكثر الكتب والكتيبات والشرائط التي تكفر المسيحيين وأصحاب العقائد الأخرى كالشيعة والبهائيين؟!!.
بل هناك كتب سنية وشيعية تكفر الآخر، وكتب عديدة تجيز إحراق المقدسات الأخرى، وكتب تؤسس للعقلية العدوانية. فمن الكتب المثيرة والتى عرضت في الدورات السابقة كتاب يحمل عنوان "رجال شباط والقردة" لدار الإمام المصرية، يري كاتبه أن القردة ينحدرون من اليهود وليس العكس مثلما تقول نظرية داروين.. لهذا نتطلع جميعًا لقيام الأجهزة الرقابية بواجباتها بقوة وحزم ومصادرة كل كتب التكفريين وفقهاء الظلام قبل توزيعها.
وعلى الرغم من انتشار كتب ازدراء الأديان، والممارسات السلبية إلا أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية تجعل بأن يكون معرض الكتاب عرسًا ثقافيًا كبيرًا، فقد حرص القائمون على المعرض على تطويره بشكل جديد شهد له الكثيرون بالتميز والاختلاف عن النمط التقليدي. وفيما يلي أهم الجوانب التطويرية التى تم تنفيذها في السنوات الأخيرة ليكون المعرض ساحة حقيقية للفعاليات وعيدًا ثقافيًا لمصر:-
1. التركيز على العروض السينمائية والمسرح والمعارض التشكيلية والعروض الموسيقية. كما سيشهد المعرض هذا العام حسب ما ورد في بعض الصحف بعودة المقهى الثقافي الذي توقف نشاطه خلال الدورات الأخيرة للمعرض، لكن في شكل مختلف عن الدورات السابقة، كما تم إضافة جزء من سوق سور الأزبكية المخصص للكتب المستعملة والتي تباع للجمهور بأسعار زهيدة.
2. إقامة عروض مخيم الإبداع التي يشترك فيها كبار المفكرين والأدباء والفنانون الذين يلتقون برواد المعرض ويكسرون الحواجز بينهم وبين الجماهير في حوار ديمقراطي أصيل.
3. توفير الأوتوبيسات الصغيرة والمجانية لخدمة رواد المعرض بداخله والتنقل بهـم، بالإضافة إلى الطفطف الذي يفضله الجمهور والأطفال، وزيادة عدد عربات الإسعاف والمطافئ لتأمين الرواد، وتخصيص غرفة عمليات لمدة 24 ساعة من أجل حل مشاكل الزائرين، وتوفير سلسلة من المطاعم لتقديم الوجبات والمشروبات السريعة، وتوفير خدمة الاستعلام باستخدام أجهزة كمبيوتر، وأبواب خاصة للمعاقين، وأماكن للسيارات المختلفة لاستيعاب الزائرين .. إلخ.
الجدير بالذكر، بأنه لوحظ للزوار خلال الدورات السابقة لجوء أصحاب دور النشر من التخلص من مطبوعاتهم القديمة وبيعها بأسعار رمزية، قد وصلت بعضها إلى سعر جنيه واحد، وهذه السمة مشتركة بين معظم دور النشر.
كلمة أخيرة: نأمل من السادة المسئولين في كافة وسائل الإعلام المختلفة الاهتمام بالجوانب الثقافية باعتبارها ركنًا أساسيًا من أركان منظومة التنمية في المجتمع، كذلك العمل على إبراز دور مصر الحضاري والثقافي والفني. |