الشرق الاوسط |
اشتعلت معركة الدستور في مصر. السؤال الذي يواجهني أينما وليت وجهي هو: ما رأيك في الدستور الجديد؟ هل نقول «نعم» أم «لا»؟ هل نذهب للصندوق أم نمتنع؟ في الحقيقة إن أغلب من يسأل لديه قناعته وهو يريد أن يختبر رأيه أكثر مما يريد أن يسترشد برأي. تقدمنا خطوات تحول المواطن العربي فيها إلى كائن سياسي تشغله قضايا بلده، التي تتجاوز حدوده الشخصية.. المأكل والمشرب والملبس والعلاوة ومصاريف المدارس وغيرها. من المؤكد أن انتشار الفضائيات لعب دورا محوريا في هذا المجال، حيث صار الخبر السياسي في حياتنا مثل رغيف الخبز لا غنى عنه، كما أن ثورات الربيع حركت الكثير من تلك الدوافع الكامنة، فلم تعد اهتمامات الناس في بلادنا يعلو فيها فقط الصوت في الشأن الكروي أو مع مسلسلات رمضان، ولا في برامج اكتشاف المواهب التي باتت تشعل مع الأسف النعرات القطرية بين البلدان العربية بدلا من توحيدها، وأصبح المشاهد لا يصوت للمطرب الأجمل صوتا، ولكن من ينتمي إلى بلده.. هذا مصري وذاك لبناني وثالث فلسطيني ورابع خليجي، وتواضعت كثيرا القيمة الفنية أمام هذه الأحاسيس «الشوفونية».
أن نسأل عن الدستور الذي يحكم البلد، هذا يعني أننا نفكر في الغد الذي يضمنا جميعا تحت رايته لا فرق بين ما دأبنا على وصفهم بالنخبة أو العامة، الكل سواء أمام صناديق الاقتراع.
تستطيع أن ترى في معركة الدستور في مصر فريقين.. القسط الأكبر من مؤيدي ثورة 30 يونيو (حزيران) الذين ينظرون لخارطة الطريق باعتبارها هي المكملة للثورة، والدستور التوافقي ولجنة الخمسين بداية الانطلاق إلى آفاق أرحب للوطن والخروج به من مرحلة الضبابية التي عشناها بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011. كثير من الأسئلة المؤجلة بعد إقرار الدستور ستصعد على السطح، مثل: هل نبدأ باختيار الرئيس أم البرلمان؟ وليس لدي أدنى اعتراض على أن نختلف في التصويت على الدستور، وفي عدد من بنوده، ورغم ذلك فلا أحد يصادر رأي أحد، فقط الممنوع هو دخول رجال الدين طرفا في اللعبة السياسية.
من يرفض الدستور لا يعد هذا هو الطريق للجنة، وأن من وافق سيدخل النار.. مع الأسف هذا ما يردده عدد ممن ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين وهم يحاولون استمالة من يؤمنون بأفكارهم عن طريق حثهم على التصويت بـ«لا» من أجل الجنة. وعلى الجانب الآخر، فإن البعض من رجال الدين الذين ينتمون للدولة يشهرون السلاح المضاد أيضا مستغلين الدين، وهو أن من يصوت بـ«نعم» سيدخل الجنة ومن يقول «لا» أو حتى يمتنع، يغضب الله، لأنه لا يجهر بالشهادة. أليس الامتناع يعبر بالضرورة عن رأي حتى ولو كان سلبيا؟! الله يسأل عن ضمائرنا ويمنح الإنسان الحرية في الاختيار «ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، فكيف يصبح اختيار مبدأ أو موقف فكري أو سياسي يخضع للحلال والحرام؟! سواء أيدت الدستور أو رفضته أو قررت ألا تدلي برأيك، فما هو الإثم في كل ذلك؟!
ما ينبغي أن نعمل جميعا على الوصول إليه، هو أن نسعى لكي نصل إلى إزالة حالة السلبية عن المواطن، وأن نرفض الخضوع والاستقطاب. كل منا يختار موقفه ورأيه وندرك أولا أن مصر ترنو لكي تعبر إلى آفاق أرحب. وقناعتي الشخصية أن إقرار الدستور خطوة للأمام، لكن سواء قلت عزيزي القارئ، «نعم» أو «لا»، فإن هذا ليس له علاقة بالجنة أو النار! |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |