إيلاف |
لم يكن بحسبان أحد في العالم الدخول من بلد إلى آخر من تحت الأرض، فالعادة جرت دومًا أن يأخذ أي إنسان فيزا أو تأشيرة مرور لعبور بلد آخر، وفي أحسن الأحوال عندما تكون العلاقات وطيدة بين بلدين متجاورين فيعبر المواطن البلد الجار بوساطة الهوية أو إثبات شخصي يدل على جنسيته. لكن وضع غزة يختلف تمامًا عن العالم بأسره زينب، إسم حركي فضلته فتاة للتعريف عن نفسها. فهي يمنية الجنسية فلسطينية الأب. أحبت هذه الفتاة التي لا يتجاوز عمرها الخامسة والعشرون، زيارة أقاربها وأعمامها بعد وفاة والدها في اليمن. وكان لها ذلك. وقالت زينب لإيلاف "لم أكن أتصور في يوم ما أن ازحف أكثر من 600 متر تحت الأرض لأصل إلى قطاع غزة وألاقي أهلي وأقاربي. لقد كان الأمر مرعبًا جدًّا بالنسبة إلي خاصة وأنني قرأت كثيرًا عبر الإنترنت أن حالات موت وإختناق حصلت في الأنفاق ذاتها التي سأدخلها". ومن حسن حظ الفتاة كغيرها من عشرات الناس الذين دخلوا من خلال الأنفاق المقامة بين رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة والأراضي المصرية، أنهم وصلوا جميعهم بسلام. بل وخرج عدد من الناس عبر الأنفاق ذاتها إلى مصر ومن ثم العودة إلى بلدانهم. وقال إبراهيم إبن عم الفتاة، أنه خطبها في اليوم الثاني من وصولها إلى غزة. وأضاف لإيلاف "لقد كنت أتحدث معها عبر الماسنجر كونها إبنة عمي، ومن ثم تطورت علاقتي بها وها أنا أجهز بيتي لإستقبالها كعروسة لي خلال الأيام المقبلة". وإعتبر إبراهيم أن الأنفاق جاءت كبديل مهم عن المعابر التي من المفترض أن يتم من خلالها دخول الناس من وإلى غزة. وقال "كثيرون عبروا من خلال الأنفاق إلى غزة(..) وآخرون خرجوا منها إلى دول مختلفة". من جانبه، أكد سيف أبو الرائد، أحد أصحاب الأنفاق، أنه يقوم بمساعدة الناس لحالات إنسانية وإدخالهم عبر نفقة التي يملكه. وقال لإيلاف "عندما تذرف دموع أم أمامك لتساعدها في رؤية إبنتها أو أهلها، حينها لن يكون بمقدورك غير مساعدها وإدخال البسمة على وجهها". وأضاف "لم نكن نتوقع أن يدخل مواطنون عاديون أو حتى عرب متضامين أرض غزة من خلال الأنفاق، لكن كل شيء يمكن أن يحصل في ظل إغلاق المعابر لفترات طويلة، فالفتاة زينب، جاءني عمها وأقاربها وجدتها وتوسلوا إلي على الرغم من معرفتهم بخطورة الأمر، لإدخال إبنتهم، وكان ابن عمها ينتظرها ليخطبها على الفور حسبما أكدوا لي". ولم تستطع الطائرات الحربية الإسرائيلية من إنهاء ظاهرة الأنفاق التي إبتدعها الفلسطينيون منذ بداية إنتفاضة الأقصى التي إندلعت في العام 2000، على الرغم من قصفها المستمر للشريط الحدودي الذي يفصل الأراضي الفلسطينية عن جارتها المصرية، إلا أن السور الفولاذي الذي تبنيه مصر في الوقت الحالي على الحدود ذاتها من شأنه إنهاء تلك الظاهرة، الأمر الذي خلق أزمة حاليه بين حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ منتصف سنة 2007 وبين القيادة السياسية المصرية. وكان العشرات من العرب قد دخلوا عبر الأنفاق إلى غزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني بعد الحرب الإسرائيلية التي شنتها في مثل هذا الوقت من السنة الماضية وأوقعت أكثر من 1450 مواطنًا. ومن بين هؤلاء المتضامنين أعضاء في برلمانات عربية مختلفة. ومع هذا يقول سيف، صاحب النفق، "الوضع تغير تمامًا عما قبل. فقد كانت التسهيلات المصرية أكثر مرونة من اليوم، حتى أننا نخشى من إنهاء مرحلة الأنفاق بشكل تام بعد إتمام بناء السور الفولاذي". |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت | عدد التعليقات: ٠ تعليق |