بقلم: جرجس بشرى
مُنذ عام تقريبًا، كنت قد طالبت ومن على صحيفة "الأقباط متحدون" بتأسيس محكمة متخصصة للنزاعات الطائفية أو الدينية بمصر، تكون مهمتها الأساسية فقط الفصل بسرعة وحيادية ونزاهة في الحوادث الطائفية أو الدينية التي تحدث في مصر وتؤثر بالسلب على السلام الاجتماعي والسِلم العام، وبعد أن تصاعدت وتيرة العنف الطائفي ضد الأقباط في مصرمؤخرًا بصورة متكررة وجماعية ومُمتدة لتشمل مناطق متفرقة من الجمهورية، أصبح الحديث عن وجود محكمة للنزاعات الدينية أو الطائفية مطلبًا ضروريًا ومُلِحًا للغاية لضمان سرعة وحيادية ونزاهة الأحكام الصادرة من هذه المحكمة تحقيقًا لردع الجناة الذين تسوِّل لهم أنفسهم العبث بمقدرات هذا الوطن ووحدة شعبه ومصيره، وتأسيس محكمة من هذا النوع بمصر يتطلب وبالضرورة أيضًا تأسيس نيابات متخصصة للنزاعات الدينية والطائفية، بحيث يكون المُعينين في هذه النيابات مشهودًا لهم بالنزاهة والحيادية الكاملة وعدم التطرف لكي تكون التحقيقات والإجراءات التي تقدمها هذه النيابات لهذه المحكمة غير مضللة للعدالة وغير منحازة لديانة الجاني أو المجني عليه، وهو ما يجعل الأحكام الصادرة من محكمة النزاعات الطائفية عنوانًا للحقيقة.
وفي ظل تكدس المحاكم بالقضايا في هذه الأيام بطريقة لا يتصورها أحد، أصبح البت في الأحكام غير سريع بل ومُمِلٍ، وهو ما يجعل الكثيرين يلجأون إلى الحصول على حقوقهم بقوة الذراع أو بالتحايل على القانون أو بعيدًا عنه، ومن المؤكد أن المحاكم المتخصصة لها ميزات خاصة ووجودها أصلاً يؤكد على اهتمام الدولة نفسها بأهميتها القصوى للمجتمع واستقراره، ولا يظن أحد كما ذكرت سابقًا أن المطالبة بوجود محكمة متخصصة للنزاعات الدينية أو الطائفية بمصر يعتبر بدعة، وضربًا من الخيال، فهناك محاكم متخصصة بمصر مثل محكمة الأسرة والمحاكم الاقتصادية والتي تنبهت الدولة مؤخرًا بأهميتها، وهناك اتجاه الآن للمطالبة بوجود محاكم رياضية في مصر، والحق أقول إن وجود محكمة للنزاعات الدينية أو الطائفية في مصر يعتبر في أهميته أكثر من هذه المحاكم المتخصصة نفعًا للمجتمع، لأن التوترات الدينية والطائفية في مصر تؤثر على مناخ الاستثمار والاقتصاد بالسلب، كما تؤثر بصورة أكبر على تماسك ووحدة وأمن هذا البلد.
إن مجرد وجود محكمة للنزاعات الدينية يُحقق الردع العام والشخصي لمن يتطاول على جماعة أو طائفة مصرية بسبب معتقدها الديني، ويؤكد على وجود إرادة حقيقة من الدولة المصرية ومؤسسة الرئاسة لحل مشكلة التوترات الطائفية أو الدينية، ويُحقق سرعة الردع وتقديم الجناة إلى محاكمات نزيهة وعادلة، لأن العدالة البطيئة ظلم، إنني من على منبر "الأقباط متحدون" أطالب القيادة السياسية المصرية بتبني هذه الفكرة لكي تخرج إلى حيز النور، وأطالب المفكرين والنشطاء الحقوقيين ورجال القانون المصريين بمصر والمهجر بالعمل على بلورة هذه الفكرة وإجراء حوار مجتمعي بشأنها قبل أن تغرق مصر في الطائفية والنزاعات الدينية.
وليس معنى كلامي هذا أن هذه المحكمة ستحل مشكلة التوتر الطائفي في مصر، فهذه المشكلة تحتاج إلى منظومة متكاملة من الدولة لحلها، ومن بين هذه المنظومة هذه المحكمة. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|