بقلم: صبحي فؤاد
بلغ الجهل قمته والتطرف مداه على أرض المحروسة عندما دعى بعض المتطرفين المتعصبين الغالبية المسلمة في مصر إلى مقاطعة المنتجات والشركات التي يمتلكها مصريين مسيحيين، والسبب لإطلاق هذه الدعوة المخربة المجنونة هو حسب زعمهم وجود أخوات لهم مسجونيين في الأديرة القبطية بسبب اعتناقهن الإسلام، ولذلك قرر هؤلاء المتطرفين الدعوة لمقاطعة نصارى مصر إقتصادياً حتى يتم الإفراج عن أخواتهم المسيحيات المسلمات من الأديرة القبطية!!
وحقيقة إن دلت هذه الدعوة المجنونة فإنها لا تدل فقط على وصول التعصب الديني الأسود إلى مدى خطير للغاية، لم يعد من المقبول إلتزام الصمت تجاهه ليوم أو حتى ساعة أخرى من قبل القيادة السياسية وفي مقدمتهم الرئيس مبارك شخصياً ورئيس الوزراء الدكتور نظيف وكبار رجال الدولة.. لم يعد من المقبول أبداً أن يتفرغ الرئيس مبارك وكبار رجال الدولة لإجراء مصالحات بين الفلسطنيين المنقسمين على أنفسهم أو تطييب العلاقات بين السعوديين والسوريين أو السعي لإيجاد حل أو مخرج لمشكلة القبض على الرئيس السوداني..إلخ، بقية مشاكل الدول العربية التي لا تنتهي أبداً.. بينما بيته من الداخل منقسم على ذاته، وشعبه المصري أصبح في أمس الحاجة لمن يعيد الوفاق والهدوء والسلام والوحدة الوطنية إليه!!
لاشك أن الرئيس مبارك وكبار رجال الدولة مطالبين بالتصدي بقوة وحزم لمحاولات ضرب وحدة المصريين وخلق الفتنة بين المسلمين والمسيحيين والمشاكل الطائفية تحت مسميات مختلفة وأسباب مصطنعة، إنني أخشى أن أقول أن صمت القيادة والمسئولين في مصر تجاه ما يحدث من تعصب وفتن وطائفية بغيضة داخل المجتمع المصري، شجع للأسف على زيادة الإحتقان بين أبناء الوطن الواحد وساهم إلى حد كبير في زيادة التعصب والكراهية والإعتداءات المتكررة ضد مصالح ودور عبادة الأقلية المسيحية ووصول مصر إلى حافة الهاوية والإنفجار.
إن الدعوة إلى مقاطعة منتجات وشركات مملوكة لمصريين غير مسلمين على أرض مصر هي دعوة بالغة الخطورة تهدف بالدرجة الأولى إلى تخريب اقتصاد مصر قبل أن تهدف إلى الإضرر بمصالح وشركات ومنتجات الأقباط.. والعجيب والمثير للشك أن تأتي هذه الدعوة المريبة في وقت تعاني فيه البلد بالفعل من متاعب إقتصادية ضخمة نتيجة الأزمة الإقتصادية العالمية الحالية.. وفي وقت بدأ فيه مئات الألوف من المصريين الذين كانوا يعملون في دول الخليج واستغنوا عن خدماتهم يعودون إلى مصر لكي ينضموا إلى صفوف ملايين العاطلين عن العمل.. وذلك إلى جانب انخفاض الدخل القومي من السياحة والسفن العابرة لقناة السويس.
إنني أود أن أسأل اخوتنا المسلمين العقلاء في مصر ماذا سيكون رد أفعالهم لو طالب بالمقابل واحد أو مجموعة من الأقباط بمقاطعة شركات ومنتجات المسلمين في مصر؟؟، وماذا سيكون رد فعل المسئولين في الدولة والحكومة المصرية الصامتة إذا طالب واحد من الأقباط ملايين المهاجرين الأقباط في الخارج بعدم زيارة مصر وزيارة أي بلد آخر بهدف ضرب السياحة أو سحب ودائعهم وأموالهم من البنوك المصرية وإيداعها في بنوك الخارج؟؟
إنني لا أعرف ما الذي سوف يستفيده هؤلاء المخربين المتطرفين لو أخذ أصحاب المصالح ورجال الأعمال الأقباط أعمالهم وأموالهم وهاجروا بها إلى الخارج ؟؟، وترى من سوف يكون الخاسر الأكبر هل هم الأقلية المسيحية أم الغالبية المسلمة لو أفلست أو انهارت وأغلقت أبوابها مصانع وشركات ومحال ومتاجر أقباط مصر التي توظف بجانب المسيحيين ملايين المسلمين أيضاً؟؟
وأخيراً آمل أن يضم كثيرين من المعتدلين والعقلاء من المسلمين والمسيحيين في مصر أصواتهم إلى صوتي، ويقومون باستنكار مثل هذه الدعوات العنصرية الخبيثة المتطرفة التي لا تستهدف أقباط مصر فقط بل كل المصريين بكل فئاتهم الإجتماعية وانتماءاتهم الدينية والسياسية.
صبحي فؤاد
استراليا
Sobhy@iprimus.com.au |
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|