بقلم: منير بشاي
قام أكثر من عشرة آلاف من الشعب القبطي بلوس أنجلوس في يوم الأحد الموافق العاشر من يناير 2010، بمظاهرة كبرى أمام المبنى الفيدرالي بلوس أنجلوس تضامنا مع الشعب القبطي في نجع حمادي، وتعتبر تلك المظاهرة أكبر مظاهرة في تاريخ لوس أنجلوس. ولأول مرة تشترك الكنيسة مع الشعب في وحدة وتضامن رائع يُذكرنا بما كان يحدث في تظاهرات أحداث عام 1981.
وكنتُ قد تلقيتُ مكالمة في يوم الجمعة 8 يناير 2010، من الأب الورع جناب القمص بيشوى عزيز يُبلغنى أن الأنبا سيرابيون أسقف لوس أنجلوس وتوابعها، تعبيرًا عن قلقه إزاء ما يحدث في نجع حمادي، وتعاطفًا مع مشاعر الشعب القبطي في لوس أنجلوس، قد قرر أن تشارك الكنائس في التعبير عن مشاعرها بالاشتراك في مسيرة الاحتجاج التي ستنظم لهذا الغرض.
وقد ذهبتُ مع "أبونا بيشوى عزيز" إلى أستوديو محطة الكرمة الفضائية لبث برنامج خاص بهذه المناسبة ولإعلان تفاصيل المظاهرة.
وأذيع هذا البرنامج على العالم وعلى الهواء، وتلقى مداخلات من رجال دين ونشطاء أقباط، وعشرات الناس من الشعب القبطي والمسيحى في جميع أنحاء العالم، وعندما انتهى البث بعد ثلاثة ساعات، كان ما يزال منتظرًا على خطوط التليفون المئات الذين لم يتسع الوقت لسماع مداخلاتهم.
في الحال قمنا بعمل التجهيزات اللازمة مثل الاتصال بالإعلام العربي والأمريكي، المسيحى والعلمانى، وكتبنا بيانًا عن تفاصيل ما يحدث في نجع حمادي للتوزيع على السيارات المارة، وطبعنا منه عدة آلاف من النسخ، وأحضرنا لافتاتٍ كبيرة وصغيرة ليحملها المتظاهرون تعبيرًا عن مشاعرنا في هذه المظاهرة.
وفي يوم الأحد صباحًا، أعلنت الكنائس عن المظاهرة، وأذاعت رسالة صوتية من نيافة الأنبا سيرابيون يتناول الموضوع من الوجهة الروحية ويقدم تعزيته لأسر الضحايا وللشعب القبطي، ويطلب نياحًا لمن استشهدوا في فردوس النعيم، ويُعلن عن حق الشعب القبطي في التعبير عن مشاعره إزاء المأساة بالطريقة التي يراها مناسبة، طالما كانت ملتزمة ولا تتعارض مع السلوك المسيحي الصحيح.
وقبل الثانية بعد الظهر، بدأت حشود الأقبط تتوافد على المكان، وجاءوا مستخدمين الأتوبيسات من مقر الكنائس، والكثيرون استعملوا سياراتهم الخاصة. آلاف الناس من الرجال والسيدات ومن الشبان والشابات بل وحتى الأطفال، وكذا العلمانيون ورجال الإكليروس، وأيضًا الخادمات والخدام المكرسون. البعض كان يبكي والجميع كانوا يصرخون إلى الله أولاً، وإلى الضمير العالمي، مطالبين بوقف نزيف الدماء ومعاملة مسيحي مصر كمواطنين أصلاء، ومطالبين الحكومة المصرية بالاضطلاع بمسئوليتها لحماية مواطنيها الأقباط ووقف الظلم الذي يُوجَّه للمسيحيين، وتحميل الرئيس مبارك شخصيًا مسئولية ما يحدث، ومطالبته أن يكف عن صمته، ويتكلم مُعطيًا الأقباط التأكيد أنه يشعر بمشاكلهم، وأنه حريص على أن يُوقف كل عمليات الإرهاب والظلم والاضطهاد ضدهم.
استمرت المظاهرة حوالي ثلاثة ساعات، وتمت تغطيتها بواسطة جميع الفضائيات القبطية في جنوب كاليفورنيا، وأيضًا العديد من محطات الراديو والتلفزيون الأمريكي.
لا يفوتنا أولاً أن نشكر الله على توفيقه، ونشكر كلَّ من ساهم في إنجاح هذا الحدث الهام، ونخص بالذكر صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا سيرابيون، الذي يعود له الفضا الأكبر. كما نشكر أباءنا الأجلاء كهنة الكنائس على اهتمامهم الكبير وتوفير المواصلات لتوصيل الشعب للمكان. ونشكر جميع النشطاء الذين أظهروا وحدة وتعاونًا ومسئولية رائعة. ونشكر ونهنيء الشعب القبطى كله على تجاوبه وتفاعله مع الأحداث وعلى إثباته أنه لا توجد قوة على وجه الأرض تقدر أن تقف ضد إرادة الشعب.
أيها الأقبط واصلوا النضال من أجل أخوتكم في مصر.. لأن الحق في صفكم ولابد للحق أن ينتصر في النهاية. |