CET 00:00:00 - 10/01/2010

مساحة رأي

بقلم: لطيف شاكر
كنت قد كتبت مقالاً سابقًا بعد أحداث فرشوط بعنوان أمس أسيوط واليوم ديروط وغدًا... ولم أخطئ العنوان فالمسيرة تحركت صوب نجع حمادي هذه المرة وماذا عن غدًا؟ فالرئيس الحاكم لم يتغير والأمن ورئيسه كما هو دون تغيير أيضًا رغم الحوادث التي تهز كيان أي دولة محترمة والقضاء لم يعترية أي تعديل في فكره وعقيدته ببراءة قتلة الأقباط قبل أن يُحاكموا وجميع أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية باقية وراضية على القتل حتى آخر قبطي.

اذا لم يكن ثمة تغيير أو عقاب للقتلة أومحاكمة للمسئولين ماذا نقول يا سادة؟ الكل في مكانه رغم الأحداث الموجعة والمصائب المحزنة، أليس هو بمثابة الضوء الأخضر لكل قاتل إرهابي ولكل مجرم سفاك دم ولكل مسلم وهابي؟

نسيج واحد.. أحداث فردية.. وحدة وطنية.. دولة الأمن والأمان.. لا توجد فتنة طائفية.. كلمات رنانة جوفاء عارية من الصحة باطنها قتل وغدر وكراهية وظاهرها شعارات تافهة وفارغة وكاذبة.

ولو اعتبرنا أنها ظاهرة فردية -وطبعًا هذا الكلام يجانبه الصواب- فكيف يتحرك إنسان بمفرده ويقوم بقتل هذا العدد؟ ألم يمده أحد بالسلاح؟ ألم يسمحوا له بحيازته؟ ألم يحمي ظهره أحد ومساعدته على الفرار؟ وكيف يجرؤ إنسان وحده بالقيام بهذ الحدث الإجرامي البشع بقتل وجرح هذا العدد؟ وما دور الأمن الواقف بجوار الكنيسة في الأعياد، خاصة أن الكنيسة مطرانية ويحضر بعض المسئولين لتهنئة الأسقف كالعادة المتبعة؟ ولمصلحة من هذا العمل في يوم العيد؟ أسئلة عديدة تدور في ذهن أي عاقل.. وطبعًا لا إجابة.
ثم أنا أسأل بدوري.. لماذا هذه الأحداث الفردية التي تزعزع الكيان المصري وتصب في صالح الإسلام الصحيح والوهابي؟ لماذا ولماذا.. والإجابة واضحة لا تحتاج إلى تفكير لأنه انعدم الردع في المرات الأولى وانتفي العقاب قبلاً, فلا حرج إذًا من التكرار بل والتصعيد أيضًا, وتأكيدًا للكلام لو تتبعنا الحوادث السابقة باستثناء مذبحة الكشح نجد الخط البياني للقتل في ازدياد وارتفاع، والقتل عادة يتم تحت نظر قوات الأمن, ولم نسمع أبدًا أنه تدخل مرة لحماية الأقباط أو فك اشتباك, فبعد انتهاء كل عملية يقوم الأمن بالقبض على عدد من المسلمين والأقباط أهالي المقتولين والمضروبين الأبرياء، ثم يقوم البوليس بتحرير المحاضر التي تدين الجانب البريء, وتقوم النيابة والقضاء بدورهم بتوجيه التهم للأقباط لأنه واجب ديني شرعي "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا", و يقوم القضاء بواجبه المناط به وهو البحث عن مبررات وحيثيات حكم البراءة الغير مقنع للجاهل أو للطفل الصغير ويضع القضاء الأعذار, ويعلن افتراءات وأكاذيب وتضليل الرأي العام ببجاحة وبدون حياء والنتيجة معروفة للقاصي والداني: فإما الجاني مجنون.. أو مريض نفسي.. أو ثأر.. أو شروع في الصلاة في بيته... إلخ إلخ، ولا مانع أن يدينوا الأموات في قبورهم، وعندما يعجزوا عن المبررات يلتجئوا إلى جلسات الصلح العرفية، القضاة يلجأ للعرف بدلاً من القانون بحجة وأد الفتنة الطائفية علي حساب الأقباط الغلابة, وحكم البراءة للجاني يصدر مشفوعًا بالمصالحة العرفية وكأنك يا ابو زيد ما غزيت... هل سمعتم أو شاهدتم ظلم اكثر من هذا؟ يتم هذا في بلد اسمها مصر في قرننا الحالي وليس في القرن الأول الهجري وفي مصر وليس في بلاد الماو ماو.

أما الإعلام الفاسد القبيح الذي انتزع الضمير منه, يقوموا بقلب الحقائق بطريقة فجة خسيسة لا تعرف للأمانة والصدق طريقًا, فيقوموا بتأليف القصص من خيالهم المريض ويتكلموا على ألسنة الباطل والعاطل ويحبكوا أقوال لناس ربما فارقوا الحياة او لايمتوا بصلة للحادث أو الحقيقة.

وتدل الدلائل الأولية هذه المرة أن الحادث الحالي سيطلق عليه الأمن والقضاء والإعلام اسم الثأر فمسمياتهم السخيفة كثيرة، وإن صح هذا الكلام أو حتى إن صح موضوع الاغتصاب نفسه -وأنا اشك فيه من أساسه-, هل يستوجب قتل هذا العدد من الأقباط في يوم فرحهم بعيدهم؟ يوم يتيم وسط الأحزان الكثيرة والأيام السوداء التي يعيشها الشعب عامة والأقباط خاصة, والعجب أن الحدث في فرشوط والثأر من أقباط نجع حمادي بعيدًا عن مكان حدوث الواقعة المزعومة والتي عملوا فيها أعمال يندى لها جبين الأمن العدالة. وكان يمكن تطبيق قوانين الشريعة "السمحاء" أي الدموية بتزويجه الفتاة المغتصبة بعد أسلمته طبعًا نهارًا جهارًا ورغم أنفه. وتقام الاحتفالات وتعلي الرايات بأسلمة أحد الكفار والاهتداء إلى دين السلام والسماحة وبالمرة المحبة والتسامح... (هو الكلام عليه ضريبة)، أما إذا زاد التجبر يمكن أن يصاحب الأسلمة والزواج فدية كبيرة يجمعها الأقباط وهم أذلاء, بل يمكن زيادة جرعة التجبر والافتراس أن يقتلوا الجاني شخصيًا, لكن شرف البنت يعادل دم مئات الرجال الأقباط بما فيهم والد الجاني الذين قتلوه بفرشوط, في حين كل يوم يهتك أعراض المسيحيات القاصرات المخطوفات, والويل كل الويل لمن يقوم بالبحث عنهم أو محاولة ردهم أو رفع الصوت بالشكوى فيكون نصيبهم الاعتقال أو القتل بعد أن يوقعوا كل أنواع الإهانة والمذلة وشتى أنواع العذاب بأهل الفتاة المخطوبة المغتصبة.. ألم يكتفِ هؤلاء بما فعلوه في قرية فرشوط وقتلوا من قتلوا ونهبوا ما نهبوا وسلبوا ما سلبوا وهدموا ما هدموا؟ وقد تم هذا كله أمام كل أجهزة الدولة وعلى مرأى من الأمن المناط بحفظ الأمن، واعتبروا هذه الأحداث المفجعة مجرد ثأر ولا داعي لإثارة هذا الموضوع لأننا نسيج واحد... كرهت هذه الكلمة أيما كراهية لدرجة أبغضت حتى كلمة النسيج أو القماش, والمعنى الوحيد الذي أفهمه من تقنين الحدث بأنه مجرد ثأر أنه كارت أخضر مسبقًا من الدولة لإطلاق يد الجبناء في قتل الأقباط على الهوية والمشاع وأن جميع الأقباط يستحقون القتل بحجة الثأر على فتاة اغتصبت، فأقباط مصر كلها لا بد أن يُقتلوا بسبب الثأر... عدالة.. رحمة.. سماحة.. ويا إسلاماه.. ويا شريعتاه.. ويا خيبتاه عليكم وعلى.... بلد خلت من أبسط أنواع حقوق الإنسان والقوانين الوضعية البشرية والدستور المحترم, وسيستمر مسلسل القتل تحت راية الثأر أو راية أخرى تحيك للأقباط بموافقة كل المسئولين بلا استثناء... أمس كانت أسيوط وفرشوط واليوم نجع حمادي وغدًا... يعلمها الله والمسئولين طبعًا.

إن خلية نجع حمادي أدت دورها بامتياز ولهم أن يرفعوا رؤوسهم أمام خلايا ديروط وفرشوط والعياط، وكانوا يتمنون أن يكونوا على نفس قامة خلية أبطال الكشح ويكون لهم الكعب العالي على الخلايا الأخرى بجدارة لتتجاوز حصيلة الكشح أو تزيد، وأريد أن أسأل.. وآسف لأنني كثير السؤال، ولكن من الناحية الفضولية فقط هل سيتم مكافأة الجناة على الرؤوس أم سيحسبوها لهم بالغزوة أو القطعة؟ وما مصير الجرحى الذين لم يموتوا لحظ الجناة العاثر؟ ما حكمهم لو حاسبوهم على الرؤوس؟ حرام عليهم ظلم الجناة الابرار والقتلة الاطهار.. فالواجب الاحتكام في هذا الموضوع للشريعة الغراء الشنعاء!! ياللعجب صحيح اللي اختشوا ماتوا.. خسة وندالة المسئولين كيف أعطوا لعيونهم نومًا وضميرهم راحة؟ هل أصبح همهم الأول هو قتل الكفار والمشركين وأولاد القردة والخنازير؟ وأنا أوصيهم لكي تكون الأرض مسجدًا طهورًا للإسلام بشعب إسرائيل واليهود خيرًا لينعكس الوضع، فيكون المسلمون لهم اذلاء وأدنياء ويتبدل الحال لأن القوي له من أقوي منه!! فرغم قلة عددهم مرمغوا انوف ابطال الغزوات في تراب ارضهم, حتى الهدنة تمت في أرضنا والجيش الإسرائيلي يركب تراب أرضنا, وعلى مقربة من مقر رئاسة الدولة والقوات المسلحة.

تأسد القتلة الوهابين على الأقباط العزل المسالمين وأصبحوا نعام وقطط وجبناء أمام الإسرائيليين واليهود, يا عالم اختشوا خلوا عندكم شوية دم في وجهوكم الصفراء النكراء. لماذا تقتلوا شركاء بل أصلاء الوطن؟ يا لحظنا العاثر أن يركبونا ويحتلوا أراضينا عرب حفاة لا أخلاق لهم أو مبادئ وكل همهم المال والنساء والقتل على الهوية, تاريخ أسود ومهبب.

وهل هذه الأمور تتم من وراء ظهر الحكومة واجهزة الدولة أم الأقباط ضحية لتغطية حالات الفقر والجوع والبطالة والفساد المتفشي في كل البلد؟ أم هو لإبعاد الأنظار عن موقف الجدار الفولاذي على الحدود المصرية مع غزة وحماس وما ترتب عليه من اشكالات وقتل؟ أم هو تنفيذ المخطط الاسلامي الوهابي ونوال المكافآت من السعودية الوهابية وإخراس صوت الجماعات والإخوان وعدم المزايدة على الإسلام؟ فهم يقومون خير قيام نيابة عنهم بقتل الأقباط وأسلمة كل شيء حتي قضاء الحاجة والنكاح والعلاج الرباني ببول الإبل، حتي يكسبوا رضائهم وودهم ويصيروا الكارت الرابح لكسب معركة الاستمرارية في الحكم أو التوريث بدلاً أن يكون كراتًا خاسرًا ومنافسًا ومخيفًا لهم, خاصة أن الشعب كره ومل الحكم وبطانته. أم هو تفعيل حالة الطوارئ في البلاد حتى لا يتم انتخابات أو هباب في ظل الاضطرابات ويبقى الحال ما عليه والمتضرر يلجأ إلى أقرب حائط ليخبط رأسه فيه ويشقها نصفين أو أكثر.

إن البلد أضحت بلد للحكام وشللهم الفاسدة وهم يملكون ويحكمون، وإذا التفتنا بأنظارنا حولنا نجد عادة من يملك لا يحكم والعكس صحيح, إلا في بلدنا فقط ومع حكامنا دون سواهم فقد امتلكوا كل شئ حتى نفوسنا اشتروها بلا ثمن يقول عمرو بن العاص (إن أهل مصر... وإنما هم عبيدنا نزيد عليهم كيف شئنا ونضع ما شئنا). الطبري تاريخ الرسل والملوك ص106، ويقول ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ص 74 أن عمرو بن العاص خطب في جنوده قائلاً: كلوا من خيره ولبنه وخرافه وصيده وارتعوا خيلكم وسمنوها وصونوها واكرموها فإنها جنتكم من عدوكم وبها مغانمكم وحمل أثقالكم.

ومع هذا كله يذكر معاوية بن ابي سيفيان في خسة وجبن (أهل مصر ثلاث أصناف فثلث ناس وثلث يشبه الناس وثلث لا ناس، فأما الثلث الذين هم الناس العرب (الحفاة والأجحاف) والثلث الذين يشبهون الناس فالموالي (الذين جبنوا وأسلموا لكن العنصرية لا تسمح لهم بالتساوي) والثلث الذين لا ناس المسالمة يعني القبط (أصحاب الحضارة والبلد ولولاهم لجاعوا وتعروا)).

وما زل الأقباط هم هم لم يتغيروا والحكام العرب المتمصرين هم هم ايضًا رغم مرور الزمن، فنحن الأقباط في نظر السادة الحكام الأعمي لا ناس.. صدقوني هذه عقيدتهم وفكرهم بغض النظر أننا أصحاب البلاد وهم الغزاة المحتلين، وإن لم نكن هذا كما يقول المجرم معاوية من ابي سيفيان منذ زمن بعيد لماذا يهدروا حقوقنا ويستهينوا بأرواحنا ويستحلوا دمائنا؟ تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله (انجيل يوحنا 16 : 2).

سيبقي الحال السيئ على ماعليه.. ونحن في نظر الذي أصابهم العمي لاناس... وماذا نحن فاعلون في الداخل والخارج؟ لن يحترمنا العالم أو يناصرنا ونحن ضعفاء أو نركن إلى الصمت ونلتمس رحمة الدولة.. لتحريك القضية لا بد أن نكون أشداء أقوياء في الداخل نطالب بحقوقنا بكل قوة، لا نخاف ويكون لنا صوت في الانتخابات لأنه من ليس له صوت لا يكون له أهمية، ولا بد أن ندرك جيدًا أن الحق يغتصب ولا يمنح والغاصبون يختطفونه لا يلتمسوه.

نريد أن نسمع صوت اخوتنا المسلمين العقلاء وهم كثر والحمد لله، وأن يكون لهم دورًا أساسيًا في الدفاع عن الحق القبطي، لا بد أن يرفعوا صوتهم ويدافعوا لأن صوتهم أعلى وأقوى, وهم مخلصون ومحبون ونتبادل الحب معهم كالأيام الخوالي قبل ثورة العسكر.

وأقول للمسئولين ليس كل مرة تسلم الجرة، ففي هذه المرة طار الخبر إلى جميع محطات العالم كله، وعلى سبيل المثال سمعت الخبر في عدة محطات أمريكية, قبل أن ينشر في الجرائد المصرية ووجدته على مواقع عديدة جدًا على الإنترنت وبالفيديو على كثير من المحطات الأوربية والأمريكية, وكان الخبر مصحوبًا بالاستنكار وتوجيه اللوم على المسئولين في الدولة المصرية، وبعض القنوات أشارت إلى الحوادث السابقة واعتبرت مصر خارجة عن حقوق الإنسان, لقد بدأ العالم يتحقق من الظلم الواقع علي الأقباط والفتن الطائفية ضد حقوقهم.. إن هذه المرة لم تستطع الدولة بأجهزتها وإعلامها الفاسد أن تعتم على الحادث الدموي.. وهذه أول خطوة ناجحة لأقباط الداخل وليس خفي إلا ويعلن.. وننتظرما يحمله قادم الأيام.

أود ان اشكر الرجل العاقل الحكيم د. طارق حجي على مقالته الرائعة والتي تحمل كل معاني الحب للاقباط وحزنه وغيظه من التصرفات البذيئه وتهاون الدولة في دماء الأقباط، وأيضا مواساته لنا في هذا المصاب الجلل.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق