بقلم: لطيف شاكر
قرأت خبراً في شكل مقال بجريدة الفجر بتاريخ 28-12-2009 بعنوان تراتيل اطفال الكريسماس في الفنادق ...حرام
يقول المقال :دخلت سيدة محجبة مخبزا في حي " مصر الجديدة " لتطلب من صاحبه نوعا من البسكويت علي شكل «بابا نويل» تعودت أن تشتري لأطفالها منه في الكريسماس.. لكنها فوجئت بصاحب المخبز الذي تعرفه جيدا وقد تبدل حاله.. حرق البنطلون الجينز وارتدي الجلباب والسروال الباكستاني.. فقد ابتسامته وأطلق لحيته.. وتضاعف تجهمه وهو يصرخ فيها : "ربنا تاب علينا من بسكويت الكفرة.. حرام عليك انت كمان.. توبي إلي الله.. وارحمي أطفالك من سعير جهنم". قبلها بساعات خرج الشيخ يوسف القرضاوي ليفتي بعدم جواز الاحتفال بالكريسماس وحذر من يخالفه بمصير لا يرضاه أحد في الدنيا والآخرة. ليكن ذلك رأيه.. وهو حر فيه.. ليكن خوف صاحب المخبز علي إيمانه من قطعة بسكويت سوتها النار مهما كان شكلها.. ليكن ذلك تعويضا عن الغش في الدقيق وبيعه في السوق السوداء.. لتكن استجابة الناس لمثل هذه الفتاوي ــ التي حرمت من قبل حلوي الموالد النبوي واعتبرتها بدعة وضلالة ــ نوعا من التكفير عما يرتكبونه من جرائم صغيرة.. رشوة عابرة.. أو تحرش في أتوبيس مزدحم.. أو كذبة بيضاء تبرر التأخر عن العمل.. أو غش في ميزان.. أو بيع سلعة فاسدة.. ليكن ذلك كله.. لكن.. أن تساير الحكومة ذلك.. وتوافق عليه.. وتهدد من يخالفه فهذا ما لا طاقة لنا علي قبوله.
لقد تعودت الفنادق الكبري أن تزين واجهاتها من باب الترويج والتجميل بأشكال ضوئية تناسب الكريسماس.. أجراس.. وأشجار.. وجراب بابا نويل.. وتعودت أن تضع في مداخلها شجرة عيد الميلاد.. وتعودت أن تؤجر قاعاتها لمجموعات من اطفال المسيحيين كي يغنوا الترانيم والتراتيل الداعية للخير والبركة والرحمة وهم يرتدون ثيابا جميلة انيقة.. ثم يطلقون البالونات.. ويأكلون الحلوي.. ويعيشون ساعات من البراءة لا تتكرر إلا كل عام.
لكن.. التعليمات هذه العام لمديري الفنادق ألا يحدث مثل هذا الاحتفال.. وإلا فإن مباحث السياحة لن توافق علي تجديد إقامة الأجانب منهم.. وسوف تسعي جاهدة لطردهم من البلاد.. سمعت ذلك من أهالي الأطفال الذين كانوا ينتظرون هذا اليوم 365 يوما بفارغ صبر.. فهل نلومهم لو غيروا حلمهم من الدفاع عن وطنهم للهروب منه والهجرة بعيدا عنه؟.. أليس ذلك نوعا من الاضطهاد والتعسف يستحق تدخل منظمات حقوق الإنسان وعلي رأسها المجلس القومي الرسمي الذي يتربع علي قمته رمزان للوحدة الوطنية.. بطرس بطرس غالي.. وأحمد كمال أبو المجد ؟.. هل هناك فرصة أفضل من ذلك لمنظمات أقباط المهجر ليصرخوا ويشتكوا ويكتبوا وينشروا ويحرضوا ويثيروا زوابع الغضب والتحريض ضد النظام السياسي؟
ليست هناك تعليمات مكتوبة تحرم وتجرم تلك الاحتفالات.. هي تعليمات شفهية من بعض ضباط مباحث السياحة.. لا نعرف هل هي مبادرة منهم أم تنفيذ لأوامر رؤسائهم ؟.. لابد من كشف الحقيقة.. ولو كنت من نواب الإخوان تحت قبة البرلمان لقدمت استجوابا عاجلا فيما جري.. علي الأقل ليثبتوا صدق كلامهم بأن للمسيحيين في مصر ما للمسلمين فيها.. لكن ذلك لن يحدث بالقطع.. فهم يقولون ما لا يفعلون.
إن الإنسان في كل مكان لا يفوت فرصة ليفرح.. ليحتفل.. ليسعد.. ليزيح الهموم من علي صدره.. لكننا في هذا الوطن الحزين أصبحنا نكره الأعياد.. ونحرم الاحتفال بها.. شم النسيم حرام.. مولد النبي بدعة.. الكريسماس كفر.. وفاء النيل رجس من عمل الشيطان.. الشيء الوحيد الذي نحرص عليه زيارة القبور.. فنحن موتي علي قيد الحياة.
وانا بدوري اسأل :اين مصر بلد الحضارات ومهد العلم وصاحبة السبق في مجالات الطب والفلك والهندسة والعمارة وفن التحنيط وحاوية اعظم الاثار التي ادهشت كل العوالم حتي وقتنا الحالي...؟ اين مصر المحروسة بامجادها وتراثها .....؟ اين الحكماء والعقلاء والمثقفين من هذا الجهل ومن هذه الترهات السوداء والاهازيج البغيضة .
لقد اسلموا كل شئ من دورات المياه وقضاء الحاجة حتي حجرات النوم واسرة المضاجع مرورا بالاكل والشرب وطريقة النوم والملابس ووسائل النقل والاتصالات والاعلام لم يبق شئ الا واسلموه لقد ذهب جنونهم الي اسلمة حتي السياحة و الفنادق والارشاد السياحي والمرشدات المحجبات والمرشدين ذو اللحية والجلباب . وحتي الاثار المصرية الفرعونية لم تسلم من اسلمتها ,بعد ان كفروا زيارتها, وتنكروا لمصريتهم فتسمعهم يرددون امام السواح الذين تبهرهم الفراعنة بناة الاهرامات ( لم يكن للفراعنة في بناء الصروح والأساطين المصرية أي دور سوى نسبها لأنفسهم وقوم
عاد مصريون، وأنهم بناة الأهرام وسندهم في هذا مازعمه القرآن فهو في نظرهم الاصدق من التاريخ المدون والثابت) لقد كفروا ووثنوا الآثار التي تجلب علي مصر الخير الوفير والعملات الصعبة الركن الاساسي لميزانية الدولة وبدونها لاحتاجوا الي رغيف العيش, وذهبت هيستاريتهم وجنونهم أن طلبوا وصوتوا علي هدم الاثارالوثنية والاهرام والمسلات والمعابد وابو الهول لان في دينهم مايكفي ويشبع حاجة المسلمين من اساطير الاولين , ورأوا في طالبان الاسوة الحسنة والقدوة الاسلامية الصادقة.. ... وخيالهم المسموم يقول : لماذا لم تصل بلد الازهر الي ماوصل اليه اسلام طالبان الصحيح ... ومن المؤكد ينتظرون الفرصة المتاحة لتنفيذ خططهم الشريرة الشيطانية.. فهيا للجهاد والهدم والدم اذا لزم الأمر .. ويااسلاماه ..!!
وكثير اسأل نفسي اذا كان الدين والشرع يلزمهم عدم مشابهة الكفار في استخدامهم وسائل النقل والصناعات الخفيفة والثقيلة وكل احتياجاتهم الضرورية والحضارية لماذا لم تأتي قريحتهم وفكرهم المتقد بنار التعصب بصنعها, لتكون صناعات اسلامية بدلا من صناعات الكفار التي تدنسهم , وابسط الامور واخفها حينما يرفض المسلم ان يضع ساعته في معصم يده اليسري تشبها بالكفار فيضعها في يده اليمني (بعض كبار المسئولين يضع ساعته علي معصم يده اليمني) وبذلك ينجو من سعير نار جهنم لانهم لم يتشبهوا بالكفار, فلماذا اذن لم يصنعوا مجرد ساعة اسلامية تقيهم لهيب النيران التي تنتظرهم وهي ابسط انواع الصناعات.
ونسمع بعض الاصوات الحرة من كتاب ومفكرين ومثقفين يرفضون هذا الجنون الاسلامي والخبل الديني ووهم شريعة متخلفة ,لكن كعادة الدول الاسلامية لاتسمح بصوت العقلاء والحكماء ان يرتفع فصوتهم خافتا ضعيفا او ربما جبانا وخوفا من رميهم بالكفر والزندقة واحلال الدم .
ففي الوقت الذي يتقدم فيه العالم الخارجي واقتحم الفضاء الجوي مازال العرب والمسلمون يعيشون تحت الارض لايتحركون ولا يأكلون ولا يلبسون ولا يقضوا حاجتهم الا بريموت الشيوخ وائمة الدين , فيحللوا لهم شرب بول الابل والبعير و رضاعة الكبير علي الاتزيد عن عشر رضعات ومازاد فهو من المحرمات لاسمح الله ,ويفتون بدخول الحمام بالرجل اليمني والتكبير اثناء الجماع ... الخ وانا اسأل اي اله هذا لايهتم في سمائه الا بالتفاهات .. وهل الله بهذه الدرجة من الهيافة ام رسمنا صورته في امخاخ الناس بهذه الصورة القبيحة حتي كرهناه وتقيأنا تعاليمه الغير آدمية .
وفي يقيني ان الحركة الاسلامية المتشددة والغير عاقلة جاءت نتاج تعريب مصرأولا ثم الغزوة الدينية من منطلق الفكر العربي المتخلف الذي زرعه التيار الوهابي الوارد من السعودية ثانيا لهدم الكيان المصري لحساب بعض الدويلات العربية الصغيرة والحق يقال ان خططهم نجحت الي حد كبير واستطاعوا تحجيم مصر وتشويه صورتها امام العالم المتحضر بل وتمكنوا من سحب ريادتها وكادت دولة صغيرة لايزيد تعداد شعبها عن حي شبرا ان تقتنص هذه الريادة لنفسها امام المحافل الدولية , خاصة بعد ان ادركت الطريق الي الريادة يمر من خلال اسرائيل والولايات المتحدة فضلا ان الريادة لاتقاس بحجم البلاد فالفيل اقل سرعة من القط الصغير وايضا لايعتد بالعدد فالعدد في الليمون ولكن بدرجة شفافيتها ومقدار نزاهتها بعيد عن الفساد المتفشي في ربوع مصر واصبحنا محط انظار العالم كله وحديث الميديا المحلية والعربية والدولية .
ذكر التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية أن ظاهرة الفساد تفتك أكثر ما تفتك بالدول الأفقر, وتتفشي في بعض الدول العربية والافريقيةوالاسيوية وعلى رأسها الصومال وأفغانستان.
وبخصوص دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تصدرت دولة قطر قائمة الدول الأفضل من حيث مستوى الشفافية، تلتها دولة الإمارات فإسرائيل.
ويتكون مؤشر الفساد من 10 نقاط، وتعد الدول أكثر فسادا كلما اقتربت من الصفر وأقل فسادا كلما زادت نقاطها عليه. وتعتمد تقارير المؤسسة في تقييمها على بيانات الخبراء ورجال الإعمال ومحللين حول مدى انتشار الفساد في دولهم.وجاءت نيوزيلندا في المركز الأول وحصلت 9.4 نقاط، تلتها الدانمارك برصيد 9.33 وسنغافورة والسويد برصيد 9.2 لكل منهما. كما حلت أفغانستان في ثاني أكثر المراكز سوءا وحصلت على 1.3 نقطة، أي أقل مما حققته العام الماضي وهو 1.5 نقطة و1.8 في العام 2007. وبعد أفغانستان احتلت ميانمار المركز الثالث برصيد 1.4 نقطة ثم العراق والسودان برصيد 1.5 نقطة لكل منهما وحققت مصر بجدارة نسبة 8و2 نقطة نفس نسبة جيبوتي وجاءت ودولة الإمارات (6.5) سلطنة عمان (5.5) والبحرين (5.1) والأردن (5) والسعودية (4.3) وتونس (4.2) والكويت (4.1) والمغرب (3.3)
هل لايصيبك دهشة وذهولا حينما نسمع هذا.. لقد اصبحنا اكثر فسادا واقل شفافية من كثيرمن الدول العربية مثل السعودية وسلطنة عمان والكويت وباقي البلاد التي كنا نعولها قبل ثورة العسكر الطامعة والهادمة للكيان المصري لصالح القومية العربية الهزيلة التي لاطعم لها او رائحة . الم تعرف او تسمع أو تري حكوماتنا الرشيدة والجالس علي كرسي العرش الجمهوري , ومجالس الانس الذين لاهم لها سوي جني المكاسب الهائلة علي حساب شعب فقير ائتمنه ليرفع صوته للمسئولين ويشاركه همومه . ومن المؤكد ان نسبة الفساد ستنحط اكثر في احصاء العام المنصرم ... واما بنعمة ربك فحدث.. ونحمد الله علي نعمة الاسلام .. ولا عزاء للمغفلين
يقول الدكتور النابغة طارق حجي بمقاله الثري الحلف الغير مقدس: ومن الأمور المؤسفة (ولكنها مفهومة) التي تقع هي انه ماان يخرج في مجتمعاتنا من يقول الحقيقة وينبه الناس لحقيقة اننا خارج التاريخ والحاضر والمستقبل , واننا (للنخاع) متخلفون وغير مفيدين ( باي شكل للانسانية ) بل ومضرون ....
لكن بعد ان انتهي حظنا العاثر الي هذا القدر من الفساد والمحسوبية والانحطاط وانعدام الشفافية هل ممكن ان يدركنا الأمل ساعة يقظة ونقول لاخوف علي مصر في الاعماق ومايبدو فوق السطح عاريا من ورقة التوت الوطنية ليس اكثر من زلزال مؤقت لايحطم معبد التاريخ العظيم والمستقبل الذي لايعلمه الا الله وحده فهو الزلزال الأخير للثورة المضادة حين نصل الي نهاية الطريق المسدود عندما يستيقظ الشعب الغلبان من سباته العميق بعد ان ضاقت به سبل الحياة الكريمة واظلمت الدنيا في وجهه باحثا عن كسرة خبز يقوت بها اولاده ,وجرعة ماء فاسد يسد به ظمأهم ,وغدا يعيش يومه الكئيب علي تفاهات الفتاوي ووعظ ائمة الدين ,بعد ان غيبوا عقول الشعب بسموم كل ما يضر الانسان والمجتمع بفاسد التعاليم ووتفاهة الفتاوي.. واظن ان هذا لايتم الا بمؤازرة الحكومة بكل اجهزتها لمصلحة بقاء الحكم واستمراره ..لانه اسهل الطرق لاستمرارية حكم البلاد المتخلفة والمحكومة بالدكتاتورية ..هو نشرالجهل بين الشعب واسلحتهم في هذا هو تسليط الشيوخ ورجال الدين كالجراد عليهم ليهدم العقول والنفوس ويتركونها جرداء بلا عقل وجدباء بلا تفكير . |