CET 00:00:00 - 30/12/2009

مساحة رأي

بقلم: نبيل المقدس
بعيدًا عن الأحداث الجارية.. أحببت أن أحتفل معكم بهذه القصة الحقيقية عن حياة الحب.
منذ 6 سنوات تقريبًا جاءتني دعوة من إحدى الشركات الأمريكية لزيارة معرض عالمي مُقام في شيكاغو بإلينوي، وهناك تعرفتُ على إحدى الكوريين وكانت ترافقهُ دائمًا سكرتيرتهُ الكورية الخاصة بهِ، وكنتُ أجدها دائمة العمل من ورائِهِ في تحديد المواقيت والذهاب إلى مكان الفاكسات لإرسال أوراق خاصة بهِ واستقبال المكالمات الهاتفية, حتى وصلَ بها الحال أنها تقطع فرط في بعض المواضيع... وأندهشُ عندما تنتهي من المكالمة وينظرْ إليها وبعيون متسبلة وبضحكة رايقة علامة على أنهُ موافق على كل كلمة تقولها للآخر، لكنها كانت تلتزم الصمت الكامل وهو موجود معنا، وكان عملها محدود عندما يكون معنا مثل استخراج بعض الأوراق أو ترتيب الكاتالوجات التي كنا نأخذها من الشركات العارضة.

وفي أول احتفال أقامتهُ لنا الشركة التي دعتنا وجدتهُ يجلس مع سكرتيرتِهِ ويتكلم معها بطريقة كلها ود وحنان.. قلت في نفسي يبدو أنها ليست سكرتيرة فقط لكنها....!!!! و كشرقي ذهب فكري إلى اتجاه آخر. طبعًا في هذه المواقف عليّ أن آخذ بالأمر الواقع وأن لا ألتفت إليه.
كان باقي على ليلة رأس السنة حوالي شهر, فوجهت كلامي إلى الصديق الكوري وقلت لهُ: ما هي مظاهر احتفالات أعياد الميلاد وليلة رأس السنة؟؟ وبينما هو يتحدث عرفتُ منهُ أن هذه السكرتيرة الجميلة ما هي إلاّ زوجته, ولهما إبنًا في إحدى الجامعات الكورية, وإبنة تستعد لدخول دراسات لاهوتية.

أخذت راحتي معهم بعد ما أدركتُ أن هذه السيدة هي زوجته -أي أن الجلسة سوف لا تكون فيها خصوصيات-، وبدأت هي تألف الجلسة معنا جميعًا... وسأله أحد الزملاء وكان من أصل هندي كيف تعرف على زوجتهُ؟ وما صدق الزوجان أن يسمعا مثل هذا السؤال وبدءا يتنافسان في سرد القصة... قال صاحبنا الكوري:-
كنت في إحدى المكتبات الملحقة بإحدى الكنائس في بلدتنا (كوريا الجنوبية), وبينما كنت أبحثُ عن كتاب معين وقع نظري في عنوان كتاب جذبني فسحبتهُ, واخذتُ اقرأ فيه حتى أنني نسيتُ الكتابَ الذي كنتُ أقصدهُ, وعندما كنت أقفل الكتاب لمحتُ اسم سيدة مكتوب على أول مقدمة الكتاب. أحبُ أن أذكر لكم أن كثيرًا من الكتب الموجوده في المكاتب الكنسية هي من إهداءات الناس (أي كتب مستعملة). جذبني اسم السيدة وتشوقت أن أعرف تلك السيدة التي تقرأ مثل هذا الكتاب والذي هو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة, فأكيد لها بعض التوجهات والميول تطابق ما لديّ. لكنني كان أمامي 3 أيام فقط وأرجع إلى نيوجرسي لاستكمال دراستي حيثُ كنتُ أنهي دراستي هناك, فليس هُناك وقت أن أبحث عنها أو حتي آراها.. لكنني قررتُ أن أجدها.. أخذت أبحث عنها خلال هذين اليومين, حتى وصلتُ إلى رقم تليفونها, ولم اُكذِبْ خبرًا, فإتصلت بها, وكانت مفاجأة لها ولي أيضًا. لكنني اعتذرتُ لها أنني لا أستطيع مقابلتها إلا بعد ستة أشهُر... ضَحِكتْ نفس الضِحكة والتي تسمعونها الآن, وجاء رَدُها... ومَالُه سوف نتبادل الرسائل. (وقتها لم يخرج الكمبيوتر إلى الوجود)... سافرتُ إلى نيوجرسي وهناك أرسلتُ لها صور لي مع العائلة ومع أصدقائي، وطلبتُ مِنها أن تُرسل لي صورة لها لكنها رفضتْ رفضًا باتًا، ثم ذَكرتْ في رسالتِها.. سوف لا أعطيكَ صُورتي لأنني أُريدُ أن أمتحن مقدار حُبك ليّ كما تَدعي، فأنت تقول أنك أحببتني من اسمي وأحسستَ أن روحك ترافق روحي، لذلك أردتُ أن أختبر هذه المشاعر. إحترمت رأيها... حتى جاء يوم رجوعي إلى كوريا في يوم رأس السنة، وكم كانت فرحتنا أنا وهي أننا سوف نتقابل ولأول مرة بعد اجتياز هذا الحب عبر الرسائل فقط، الآن جاءَ وقت تفعيل هذا الحب. وأعطتني علامة لها لكي أعرفها في صالة الإستقبال, حيث قالتُ لي سوف لا أسمح لنفسي أن آتي إليك أولاً عليك أنت الذي تبحث عني.. ضحكنا جميعنا...

وأكملت الزوجة وقالت لنا: قد أعطيته العلامة بأنني سوف أكون مرتدية جاكيت أخضر وفي يدي شجرة صغيرة لعيد الميلاد، وتترك لزوجها الكلام.. وصلتُ المطار وكان عليّ أن أستقل القطار الذي يأخذني إلى بلدتي الصغيرة والتي تبعد حوالي 4 ساعات من العاصمة، وبمجرد أن وصلت أسرعتُ إلى صالة الإستقبال وأخذت أتلفتُ يمينًا وشمالاً، وأفاجأ بشابة جميلة تتجه نحوي, فتوجهت إليها مباشرة وإذ أراها تنظر لي نظرة كلها إشمئزاز, فقد ظننتها هي فقد كانت تلبس جاكت أخضر ولكنها لا تحمل في يديها شجرة عيد الميلاد طبقًا بما اتفقنا عليه.. ويا دوب أفقت من ذهولي وإذ أجد أمامي فتاة جميلة ممسكة بشجرة عيد الميلاد تقترب مني وبصوت هادي قالت لي: مستر؟؟؟ تسمرت في مكاني واندهشتُ أكثر عندما أحسست أنها ليست هي التي كانت تراسلني. وهنا احترت... ماذا أفعل, وعندما همت في تكملة كلامها قاطعتها فورًا ودعوتُها أن نجلس في بُوفيه المحطة، وأخذتُ أتكلمْ عن صعوبة السفر وأنني مجهد جدًا, وهي تنظر لي تريد أن تجد فرصة أن تقاطعني وتتكلم هي، لكنني لم أعطِ لها هذه الفرصة أبدًا لكي لا أتورط معها بأي كلام عاطفي إلا الكلمات العادية... وعندما طلبتُ لها مشروب وقفت بحدة وبصوت عال قالت لي: أرجوك تسمعني أنا أريد اللحاق بالقطار الخاص بي، وقلت لها وبفرحة هي لاحظتها, حسنًا جدًا فأنا فعلاً مُجهد وأريد أن أستعيد نشاطي وحياتي... ولمحتها تشاور لشخص لم أخذ بالي منه, وتستمر في كلامها... هناك فتاة تلبس جاكت أخضر قالت لي: [أرجوكي إعملي معي هذا المعروف, وأعطي هذه الشجرة لهذا الشاب الواقف بجانب العمود وقولي له أنني أنتظره في الكازينو المقابل للمحطة].

خطفت الشجرة وعبرتُ الشارع ودخلتُ الكازينو فإذ بي أري الشابة التي نظرت لي نظرة اشمئزاز من قبل جالسة بوداعة وترتدي الجاكت الأخضر, قبلتُ يديها... وقالت لي كنت بامتحن شعورك وإحساساتك التي كنت تكتبُ عنها لي على الورق... وسألتُها على النتيجة.. قالت ناجح بدرجة إمتياز.. وإذ أفاجئ بالشابة التي قابلتها منذ لحظات وعرفتني مكان محبوبتي تقف ورائي وتضحك, وعرفتني بنفسِها بأنها صديقتها وقد قامت بدور الممتحنة لي وعندما أحستْ وتأكدتْ أنني لم أشعر بها وتشككتُ بأن لا تكون هي حبيبتي التي أقصدها أشارتْ لها بعلامة النصر والنجاح.
وإذ بحبيبتي تقول لي... انت نسيت ما قرأته في الكتاب، فقد كان هذا العمل الذي قمت به هو أحد القصص القصيرة الموجودة فيه، تذكرت فعلاً هذه القصة وقلت لها علينا أن نكمل القصة إلى نهايتها, وأخذتها في أحضاني, وما أدهشني حقًا أن أجد أفراد عائلتها تأتي إلى الكازينو ومعهم أفراد أسرتي لكي يباركوا خطبتنا... فقد كانت حبيبتي على اتصال دائم بعائلتي طيلة غيابي.. فعلاً وثقت فيّ وأنا وثقت فيها فنحن نحيا حياة الحب!!
وكل سنة وانتم طيبين!!!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١١ صوت عدد التعليقات: ٣٢ تعليق