بقلم: صفوت مجدي
" تمر السنون وترحل ......
تمر دون أن نشعر أو حتي نفكر في إنها لا تمضي خاوية اليدين أبدا.....
بل تمضي ومعها جزءً منا... تمضي بأجمل أيام العمر ، تمضي وترحل دون استأذان
ترحل... وترحل ومع الرحيل نبدأ أو ننتهي ..... !
تللك هي قصة كل واحد منا ، والفارق يكمن في موقفنا من ذلك المشهد
: " مشهد الرحيل " ."
**الحياة المُفحصة.
فجأة نجد أنفسنا علي مشارف نهاية عام وبداية آخر جديد ،
وفجأة أيضا نصل للورقة الأخيرة ..... للبيت الأخير من قصيدة السنة
وها هو الرقم الجديد يحتل مكان رقم مضي .... ،
نقف مذهولين أمام هذا المشهد ونحن نسأل بتعجب : " كيف بدأت السنة ،
وكيف انتهت بهذه السرعة ؟! ".......
إلي هنا ينتهي مشهد الرحيل عندنا.... نتحول عنه ونتفرغ بالاحتفال بالعام الجديد
فنتوه داخل دوامة الفرح بالجديد.... !
قديما قال سقراط : " إن حياة لم ُتفحص ، لا تستحق أن تعاش "
وعلي هذا المبدأ أبني تساؤلاتي....هل الحياة (حياتي وحياتك) لاتستحق منا وقفة ؟؟
هل تأخذنا دوامات الحياة فنرحل نحن أيضا في غيبوبة المشغوليات...وننسي أن نعطي أنفسنا وقت لنهدأ برهة... لنفحص مامضي من ربيع العمر ؟؟
عزيزي...إن حياتنا غالية جدا وتستحق مني ومنك أن نقف ونتأمل في هذا
المشهد....فحياة لاتفحص هي حياة فعلا لاتستحق أن نعيشها .
** ترحيل.......!!
كلمة غير لطيفة...... ( علي الأقل في نظري )
أما علاقتها بنا كبشر فهي وثيقة جدا لدرجة إننا نستعملها علي كافة المجالات
أصبحنا نعتنق " ثقافة الترحيل "........
فإذا فكرنا في لحظة رحيل سنة وفحصنا أيامنا ماذا فعلنا بها وماذا فعلت بنا ...
هل لدينا الشجاعة أن نعترف بأخطائنا وطرقنا المعوجة... ونتركها
أم إننا نُرحل .... ونُرحل......للسنة القادمة
إننا حقا نفعل شيئا واحد ألا وهو الترحيل أو قل :" التأجيل "
نعيش كل حياتنا نُرحل أخطائنا ومشاريعنا وأحلامنا فيزيد رصيد الخطأ لدينا
فنعيش وكأننا لا نعيش من كثرة الهموم والخطايا المُرحلة والمؤجلة... ،
نعم فالحساب صار ثقيل جدا.... ولما لا ونحن لا نطبق القانون الإلهي
القائل :" من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يُرحم "(أمثال 13:28)
إذن لابد أن نعلم أنه لا فائدة تذكر من عملية الترحيل فنتائجها دائما عكسية...!!
والمفاجأة.... إنه علي باباً يقرع من يريد أن يحمل ويرفع عنا دون إحتياج للترحيل
فمعه لن تشعر بثقل همومك وخطاياك أبداااااااااا
معه ... ادخل عامك الجديد ورصيدك صفر من المُرحل
فهو علي عود الصليب حمل كل شيء.......
واليوم مستعد أن يحملك أنت أيضا شرط أن تفتح له باب قلبك
إنه يقول لك ولي :"لا تخشي.."( مزمور5:91) شيئاً
ف... " أنا أوفي " ( فليمون 1 :17 ) .
** راحيل .......!
ذكرتني هذه التأملات في مشهد الرحيل وجهل الترحيل بقصة " راحيل" المحبوبة
راحيل .... محبوبة يعقوب.....
التي من أجلها خُدع وتغيرت أُجرته عشر مرات............ ،
ومن أجلها خدم كعبد لمدة 14 سنة ......!! ،
ومن أجلها عاش مع الأصنام إذ دخلت بيته عندما سرقتها " وسرقت راحيل أصنام
أبيها " (تكوين 19:31 ) ......
لكن بعد كل هذه الرحلة المليئة بالصراعات من أجل الفوز براحيل
يقول الكتاب : " وماتت راحيل ودفنت ... " (تك 21:35)
ياللحسرة ماتت راحيل المحبوبة في الطريق........
راحيل رمز للعالم وشهواته وخداعه وطرقه المعوجة.....
ماتت راحيل وستموت كل راحيل...... نلهث وراءها ولا نلتفت لأرواحنا
نجري ونركض ونسرع الخطي..... نتصارع ونسهر نبكي ونفرح
وحين نظن إننا نمتلك ... إذ والمفاجأة :" قبض الريح "
كأننا كنا نضارب الهواء...... ونجري ورا السراب فالإنسان ذاهب إلي بيته الأبدي
فحياتنا هنا علي الأرض ممر وليست مقر .....!!
**قارئ العزيز.... إن الزمن لايعود للوراء ولا يقف.....
نحن في" رحلة رحيل" شئنا أم أبينا...... العمر يمضي بل ويمضي سريعا ،
وعبثا نحاول أن نعود بالزمن للوراء ، أو حتي نوقفه.....
الفرصة لنا اليوم ونحن علي أعتاب سنة جديدة.... فرصة لنهدأ ونفكر في مصيرنا الأبدي.....فيها نرفع عيون قلوبنا للسماء حيث المسيح جالس... ،
فالباب مفتوح والصوت الحاني ينادي : تعال
إذن فالعاقل من يغتنم الحاضر قبل فوات الأوان... فاليوم يوم خلاص
هيا عزيزي...ارفع رأسك وتأمل وفكر في مشهد الرحيل....ولاتؤجل
كفاك جري وراء راحيل .....وليكن العام الجديد بداية لحياة جديدة وعمر جديد مع إلهك .
# شذارات#... :" يا إله كل الأزمنة المكتملة ساعدني كي أفهم، البدايات
والنهايات ،حتي أضع الماضي ورائي ،وبذلك أتقدم بتجديد وحرية نحو اليوم
الجديد ، الذي تخطه لي "(دوروثي بيرسيون )
|