بقلم: دميانة أقلاديوس
أثناء زيارة أختي المريضة في إحدى المستشفيات المتخصصة في علاج القلب، لم أكن أعلم إطلاقًا وأنا أدخل هذا المكان أننى سأشاهد حدثًا مثيرًا لم أره من قبل، ففي أثناء الزيارة جلسنا معها نحاول أن نستجمع قوانا في أن لا نظهر علينا القلق أو الاضطراب، نحاول ان نريحها ونروح عن نفسها، تارة ألقي عليها جزء من كلماتي المضحكة وتارة أخرى أتكلم عن الممرضة وأقلدها لها فكانت تضحك وتقول لى كفى لقد تعبت ورجاء لا تأتي لزيارتي مرة أخرى، ولو فكرتِ أن تأتي سأمنع الزيارة، فقلت لها سأخرج من هذه الشاشة المعلقة فوقك فضحكنا كثيرًا.
ثم دخل في الحديث شخص طيب جدًا وهو يسكن في إحدى محافظات مصر وكان مريضًا ولبعد المسافة لم يزوره أحد، وكانت حالة قلبه مثل قلب أختي ويدعى عم رجب، وكنت دائمًا أداعبه بكلماتي وأشاركه معنا في الحديث أثناء الزيارة حتى لا يشعر بالوحدة، فقال لي.. لا تسمعي كلامها وتعالي كل يوم.
وقبل أن يكمل جملته حدث ما لا أفهمه، وسألت نفسي هل حانت اللحظة؟ لا ربما تكون وقفة زمنية عابرة ولكن نفسه يتصارع حتى يخرج منه، وبدأ جسده يأخذ شكلاً غريبًا ولم أستطع تحديد لونه، فهرولت إلى الممرضة المسئولة عنهم حتى ترسل الطبيب المسئول فلم تجده، فجاء إليه دكتور امتياز وطلب من الممرضة على الفور تعليق محاليل بلازما ولكن الحالة لم تستقر بل ساءت، ثم طلب منها تعليق محاليل ملح ولكن الحالة أصبحت تصل إلى النهاية، ثم توجه إلى جهاز الصدمات الكهربائي وبدأ بإعطائه جلسة كهربائية ولكن للأسف ما زال عم رجب يصارع الموت.
وشعرت أنها الدقائق الأخيرة وها هو يصارع الموت ونحن شاخصين إليه نرتجف خوفًا عليه، فلقد كان ينطق باسم ابنه طالبًا إياه، وأثناء صراعه مع الموت كانت عقارب الساعة تتصارع مع الوقت حتى تبدأ نوبتجية الممرضة المسائية، وجاءت وكأن ملاك الرحمة قد حل على المكان، وأسرعت إليه كسرعة البرق وبعد ذلك استعاد عم رجب حياته وجلس معنا هادئًا.
هل تعلمون ماذا فعلت؟ لقد كان السبب هو تغيير بطارية للجهاز الذي يحمله على صدره وهو موصل بأسلاك رفيعة جدًا بالقلب، ففي حالات معينة من مرضى القلب يوصل لهم ليمد القلب بالطاقة ويساعد المريض على الحياة، وكانت بطارية الجهاز لدى عم رجب قد انتهت وجاء هذا الملاك وأعاد الحياة له من جديد.. يا له من أمر بسيط جدًا..
وهنا السؤال.. ماذا لو لم تأتِ تلك المرأة؟ ولماذا لم يخطر على بال هذا الطبيب أن يتفحص الجهاز؟ هل إلى هذه الدرجة أصبح الطبيب غير واعٍ للحالة التى بين يديه ويلجأ إلى المحاليل والصدمات الكهربائية كحل سريع دون تفكير، غير مبالٍ لخطورة هذه الأشياء عليه؟ وإذا كان غير مؤهل لكونه طبيب جيد فاحصًا لمرضاه فكيف حصل على هذا الكم من الدرجات العلمية حتى وصل إلى الامتياز؟ وأين هو الطبيب المسئول عن الحالة؟ هل هو نائم أم كان يؤدى فريضة العبادة؟؟
وهنا أدركت أن الطب فى مصر أصبح مجرد قطعة نحاسية تطن منقوش عليها اسم دكتور ما ومعلقة على باب منزله فقط لا غير... هذا ما احترامي الشديد للقلة القليلة الممتازة منهم.. |