الصيادلة.. سائقي المقطورات.. المحامون.. والبقية تأتي
تقرير : أسحق إبراهيم - خاص الأقباط متحدون
تدعو سرعة إصدار القوانين بمجلس الشعب إلى الدهشة والتعجب والتساؤل حول أسباب الاستعجال خاصة أن الحزب الوطني يملك الأغلبية التي تُمكّنه من إقرارها حين استكمال مراجعتها وتنقيحها والتأكد من سلامتها، وتحرم هذه السرعة الأعضاء من دراسة كافة الجوانب القانونية والآثار المترتبة عليها فلا يمنح المجلس الوقت الكاف لتنظيم لجان استماع يحضرها أهل الاختصاص ولا يعطي فرصة لأعضاء المعارضة والمستقلين للتأثير على التشريع وتكون النتيجة صدور تشريعات بها أخطاء أو يحكم بعدم دستوريتها فيما بعد.
شهدت الفترة الماضية عدة مظاهرات وإضرابات واعتصامات لفئات مختلفة من المجتمع جمع بينها هدف واحد (أنهم يعترضون على إقرار وتنفيذ بعض القوانين) مما يؤدي إلى تراجع الحكومة ومجلس الشعب وإعادة النظر في القانون الذي تم إقراره، وهو ما يؤكد الانتقادات التي توجه للمجلس بـ "سلق" القوانين وعدم إتاحة الوقت الكاف لمناقشته، وأن المجلس إذا رأى أن إصدار هذا القانون أو ذاك يصب في مصلحة الحكومة.
رأى القانون النور خلال جلسة واحدة وبدأ العمل به في صباح اليوم التالي على إصداره أما إذا كانت الحكومة لا يهمها إصدار القانون فأمامه سنوات وسنوات لكي يتم البت فيه والدليل القانون الموحد لدور العبادة وقانون نقل الأعضاء.
صدر قانون المرور الجديد العام الماضي وتضمن بنداً بإلغاء سير المقطورات خلال خمس سنوات لكن فجأة وقبل نهاية العام أجرى المجلس تعديلاً جديداً على هذه الفقرة لتصبح المدة عامين فقط دون إبداء أية أسباب أو الاستماع إلى آراء أصحاب الشأن مما فجّر احتجاجات وإضرابات سائقي وأصحاب المقطورات والتي ترتب عليها زيادة أسعار السلع الغذائية والأسمنت.
وتحت ضغط هذا الإضراب رضخت الحكومة واجتمعت مع ممثلي السائقين ووعدتهم بإعادة النظر في بند السنتين مع تقديم تسهيلات ضخمة لتحويلات المقطورات إلى تريلات للتوافق مع القانون الجديد، وقرر الرئيس مبارك بتشكيل لجنة لدراسة الأزمة وأبعادها الحقيقية.
في نفس السياق قال المحاسب وجدي عباس العضو المنتدب للشركة المتحدة للتجارة والنقل وأحد أصحاب المقطورات: إن أزمة المقطورات ترجع إلى عدم الدراسة العلمية وبالتالي اتخاذ قرار غير مناسب كان سيُضر بآلاف الأسر المصرية.
وأكد عباس أن الأرقام التي اتخذ مجلس الشعب والحكومة على أساسها قرار الحذر مغلوطة 100%، ولم تدرس جيداً لأنها كشفت عن عدد قليل للمقطورات -على حد تعبيره-، لكن الواقع سيثبت العكس فالتقديرات المبدئية تفيد أن هناك 50 ألف مقطورة وسيستغرق تنفيذ قرار المنع إذا ثبت ذلك حوالي 6 سنوات.
لا يختلف الوضع كثيراً عند الصيادلة، فقد صدر قانون الضرائب عام 2005 و أكد على ضرورة إمساك الدفاتر المحاسبية المعتمدة طالما زادت إيرادات أية منشأة عن 200 ألف جنيه أو صافي أرباحها عن خمسة وعشرين ألف جنيه، وجرم القانون مخالفة ذلك، وبالتالي يفترض أن تلتزم كل المنشآت التجارية والمهنية الخاصة للضرائب بهذا القانون.
لكن نقابة الصيادلة كان لها رأي آخر وتمسكت باتفاقية تحاسبية ألغيت بموجب القانون الجديد، ونظمت إضرابها وأغلقت الصيدليات ورضخت الحكومة أيضاً واستثنت السنوات السابقة من 2005 حتى 2008 من المحاسبة طبقاً للقانون الجديد -في مخالفة واضحة- وشكلت لجنة للتفاوض مع النقابة للوصول إلى صيغة الإقرار الضريبي الجديد للسنوات المقبلة.
ويناقش مجلس الشعب حالياً قانوناً لزيادة الرسوم القضائية نص في بدايته على زيادة الرسوم بعشرة أمثال الوضع الحالي وهو ما أثار اعترض القانونيين والحقوقيين لأنه يحرم المواطن "الغلابة" من حق التقاضي وهو حق دستوري.
وتحت ضغط المحامين ونشطاء المجتمع المدني رضخ وزير العدل وقرر تخفيض الزيادة لتصبح خمسة أمثال إلا أن المحامين مازالوا معترضون ونظمت رابطة «محامون ضد زيادة الرسوم القضائية» وقفة احتجاجية –أمس- أمام نقابة المحامين احتجاجاً على مشروع زيادة الرسوم القضائية، بينما يواصل محاموها اعتصامهم داخل النقابة لليوم التاسع على التوالي.
وحذر محمود رضوان، أحد مؤسسي الرابطة، كما نظمت نقابات الجيزة والقليوبية والإسماعيلية وسوهاج والفيوم الفرعية اليوم إضراباً عن العمل، ونظم محاموا بورسعيد مسيرة من أمام مقر نقابتهم، ونظمت نقابة شمال سيناء وقفة احتجاجية ضد مشروع القانون.
يذكر أن أحزاب المعارضة والمستقلون بمجلس الشعب تقدموا بمذكرة احتجاج رسمية إلى الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس العام الماضي على النهج الذي بدأ يسلكه المجلس خلال الفترة الأخيرة في التعجل المفرط لتمرير مشروعات القوانين الهامة التي تؤثر على الشعب والوطن.
وأكد محمود أباظة رئيس الوفد أن المعارضة لجأت إلى إعداد هذه المذكرة بعد شعورها بعدم القدرة على أداء دورها البرلماني مما استوجب التشاور بين ممثلي الأحزاب والمستقلين لكي يلجئوا إلى رئيس المجلس للاتفاق علي طريقة أخرى تمكنهم من أداء دورهم تحت القبة.
أكدت المذكرة أن أسلوب مناقشة القوانين بمجلس الشعب يتعارض مع الأصول والقواعد البرلمانية في الدول الديمقراطية.
وأشارت المذكرة إلى أن المعارضة أصبحت تواجه ديكتاتورية الأغلبية التي تحرص على تمرير القوانين المهمة المؤثرة على الشعب مثل قوانين الأحكام العسكرية والسلطة القضائية وقانون مناشدة الحقوق السياسية.
وأشارت المذكرة إلى أن هذه القوانين تم طرحها على اللجنة التشريعية دون جدول أعمال مسبق ولم تتح الفرصة الكاملة لأعضاء اللجنة لدراستها رغم أهميتها وجرت مناقشات مبدئية حولها وتم التصويت بأرقام المواد دون تلاوتها أو مناقشته، كما تمت الموافقة على هذه المشروعات بسرعة فائقة بما يتعارض مع القواعد البرلمانية.
وانتقدت المذكرة لجوء نواب الحزب الوطني إلى المقاطعة والتشويش على المعارضة أثناء إبداء رأيها على مشروعات القوانين في الجلسات العامة ومصادرة آرائها واتجاهاتها الفكرية باستخدام نصوص لائحية في غير موضعها ولجوء المنصة إلى إغلاق باب المناقشات وإنهاء الكلمات قبل استكمال الأفكار وطرح الآراء، واعترضت المذكرة على أن تكون الأغلبية العددية حائلاً دون مناقشة مفتوحة فالعبرة في المناقشة هي أن يتاح لكل رأي من الآراء فرصة متساوية للتعبير عن نفسه، أما دور الأغلبية العددية فيأتي في مرحلة التصويت.
|