CET 00:00:00 - 10/12/2009

مساحة رأي

بقلم: مينا ملاك عازر
لقد دار في الفترة الأخيرة لغط ومناقشات حامية الوطيص على إثر اقتراحات لأشخاص ليرشحوا أنفسهم لكرسي الرئاسة، كان من بينهم البرادعي وزويل ومجدي يعقوب وعمرو موسى وآخرين، منهم من نفى عزمه على أن يرشح نفسه ومنهم من أصدر بيانات مائعة لا تعبر عن موقف حاسم ومنهم من صمت وكان البرادعي من الفريق الأخير، وظللنا ننتظر موقفه الحاسم إلى أن خرج علينا أخيرًا وأعلن ضمنيًا أنه لن يرشح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة، صحيح أنه لم يقُلها بفمه إنما قالها بعقله وقلبه حين اشترط شروطًا يعرف وعن ثقة استحالة تنفيذها، وإن كان منها ما هو مطبق شكلاً كما ذهب رؤساء تحرير الصحف الحكومية حينما هاجموه، حيث أنه لم يسلم من سهامهم القاتلة ولا من نصالهم السامة، رغم أن المتمعن فيما اشترط يتأكد دون مجال للشك أنه لن يرشح نفسه حيث أنه يطمح في انتخابات نزيهة.
والسؤال الآن بأي أمارة نعمل انتخابات نزيهة؟! ولماذا الراجل حالم أو واهم قل طامح المهم أنه يطلب المستحيل في عدد من الشروط أبرزها إشراف قضائي كامل وأن يكون الرئيس توافقي فيما يعني أن يفتح الباب لكل المصريين للترشُّح –وهو ما ينادي به الإخوان المسلمين- وتشكيل لجنة قومية للإشراف على الانتخابات -وهي قائمة فعلاً- ولكن من المتوقع عدم جدواها، ولنا أن نقول أنه نسى أن يضيف لها شرط آخر ألا وهو أن يجري النيل من الإسكندرية إلى أسوان ليتأكد الكل أنه لن يرشح نفسه.

والمثير في الأمر كله ليس شروط البرادعي وإنما ما قام به رؤساء تحرير الصحف القومية التي هي ملك الشعب، صحيح هي تحت سلطة الحكومة ورؤساء التحرير معينين من المجلس الأعلى للصحافة والمشرف عليه السيد صفوت الشريف أحد أكبر وأعتى رجالات الحزب الوطني ورئيس مجلس الشورى أحد المجالس التشريعية، أقول لم يسلم البرادعي من هجومهم عليه وتسفيههم لشروطه ولشخصه المحترم الذي كان يجب ألا يختلف عليه اثنين، لولا خطيئته الشنعاء والتي تمثلت في أنه جرؤ وأشار لإمكانية الترشيح فصار حقًا لهم أن يقوموا بالتشريح فيه وفي أصوله.

والسؤال هنا هل لو كان البرداعي خرج مباشرة وقال أنه لن يرشح نفسه للرئاسة هل كان نال نفس القسط من التجريح والتشريح؟ هل أخطأ البرادعي أنه وصل لمكانة مرموقة في هيئة دولية كالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفكر بعد انتهائه من قيامه بوظيفته أن يرشح نفسه لانتخابات بلاده التي نشأ وتربى فيها وأخرجته للعالم رجل نافع؟ لذا صار على البلاد التبرؤ منه، وإلصاق تهمة ازدواج الجنسية به حتى تعوقه دستوريًا عن دخول الانتخابات، وبغض النظر عن نفيه هذه التهمة، فلنا أن نسأل إن كان ازدواج الجنسية تهمة تمنع الترشُّح، فكيف ننظر لازدواج الذمم والمعاير والآراء وتغيرها حسب تغيُّر اتجاه الرياح وتلوُّن الأقلام بألوان سترات الرجال المكلفين بالدفاع عنها؟! لماذا نحاول تشويه رموزنا؟ لماذا نحاول أن ننكر على بلادنا فضل إخراج هذا المحترم للعالمية وننسبها للجنسية السويدية كما فعل رئيس تحرير لإحدى الصحف القومية؟ عجبت لكم أيها المصريون هل لو بُعِث خوفو مرة أخرى للحياة ورشح نفسه للرئاسة مع الفارق سنسحب عنه الجنسية المصرية ونتبرأ من الهرم أحد عجائب الدنيا السبعة؟! لا لشيء إلا لأن خوفو تهور ورشح نفسه لمنصب، يتيح الدستور لمن ينطبق عليه الشروط أن يترشح إليه فيما يعني أنه لم يذنب دستوريًا.

أيها السادة، إن ما قاله الرجل لا يزد عن كونه أمنية، نعرف كلنا أنها صعبة وبعيدة المنال فلا داعي من هذه الضجة الكبرى، هو تمنى ونحن نحلم بأن يأتي اليوم الذي تجرى على أرض مصر انتخابات تتسم بالشفافية الحقيقية، ونفخر بالبرادعي وبمحاولته، ونفوض أمرنا وأمره لله وننتظر منه العون.

وفي الختام أنا نفسي لا أؤيِّد ترشيح البرادعي لا لشيء إلا أنني أفضل الاستفادة منه في مجال يجيده، أفضل ألا يدخل غمار هذه المعركة الخاسرة ويضيع بين الأقدام أو يأتي اليوم الذي يسدل عليه ستائر النسيان وتكون مصر خسرت البرادعي على كل الأصعدة ويكون الرجل قد أهدر عمره وعلمه وخبرته هباءًا، ولا تقل لي أنه أفناها في سبيل مصر حيث أن مصر نفسها لم تستفد منه، بل أنني سأذهب إلى أبعد من ذلك، واسمحوا لي في ذلك حيث أنني أرى أن البرادعي خطى أولى خطواته نحو النهاية بل نحو الهاوية، وربنا يستر عليه من قضايا التزوير أو اتهامات التخوين والعمالة فأنا على ثقة بأنهم سيبدأوا في البحث ورائه، فقد يكون هارب من أحكام أو من التجنيد أو سيهرب من أحكام من الآخر يا خسارتك يا برادعي!

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٢ تعليق

الكاتب

د. مينا ملاك عازر

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

اكتب مقال

حرب كل تلاتين سنة

إعتذار البرادعي

البسطاء

بريء يا هانم

جديد الموقع