مراد وهبة : التسامح لا يصلح ان يكون مضادا حيويا للقضاء على التعصب
منى ابو سنه : العدو اللدود للمتعصب هو الابداع والمبدعين
محمد فرج : العَلمانية قادرة على مواجهة التعصب، لأنها تؤمن بضرورة التعدد والتنوع.
أشرف راضى :لا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون عَلمانية.
تقرير: عماد توماس - خاص الأقباط متحدون
انطلق الدكتور الفيلسوف مراد وهبه من تعريفه للعَلمانية-بفتح العين- بأنها "التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق" ودعا لإعمال العقل والتفكير العَلمانى للخروج من النفق المظلم الذى يحيط بالمجتمع المصرى، وأرجع وهبه، ظاهرة التعصب إلى المجال الدينى والسياسى. واعتبر أن المتعصب شخص مريض نفسيا وعقليا، ليس لأنه عاجز عن التفكير لكن لأنه يسير فى اتجاه التخلف.
فالمتعصب- فى رأى مراد وهبه- لدية شهوة الاعدام لأى نسق اعتقادى يختلف معه، وبالتالى فهو يقف ضد التعددية ، التى هى سمة حضارية، واختلف الفيلسوف الكبير مراد وهبه مع من يرددون أن المضاد الحيوى لمنع المتعصب من السير فى طريق التخلف هو التسامح، مستشهدا بتعريفه للتسامح لغة بأنه : الموافقة والقبول ويعنى أيضا الجود والكرم والسخاء ، والمتسامح اللين مضطر أن يتنازل للمتعصب الخشن، وبالتالى يبقى المتعصب ويتلاشى المتسامح، لذلك يرَ الدكتور وهبه أن التسامح لا يصلح أن يكون مضادا حيويا للقضاء على التعصب.
البديل فى رأيه يستلزم البحث عن جذور التعصب، واستعرض وهبه جذور التعصب تاريخيا بدءً من العقل اليونانى الذى كان حراً فى البحث والتفكير بعيدا عن مُلاك الحقيقة المطلقة مستشهداً بالفيلسوف سقراط الذى حُكم بالاعدام عليه نتيجة أفكاره ونسقه الاعتقادى المختلف، مرورا بالعصور الوسطى الذى كان فيها العقل محكومَا بمحاكم التفتيش، معتبرا ان اى فيلسوف يهدد النسق الاعتقادى يتعرض لمخاطر كبيرة.
وذكر الدكتور وهبه سببين من أسباب التعصب الأول: معرفيا : العقل الانسانى معتبرا أن مُلاك الحقيقة المطلقة هم سبب التعصب من الناحية المعرفية، أما السبب الثانى للتعصب فى راى وهبه، من الناحية السياسية هو الحكم المطلق بعقيدة مطلقة على واقع نسبى ، فيكون بشأن هذه العقيدة ان تكفر كل ما يحاول فك الوحدة العضوية بين المطلق والنسبى، فالتكفير مرحلة أولى ثم القتل مرحلة ثانية.
وفى نهاية كلمتة فى ندوة " العلمانية طاردة للتعصب " التى انعقدت مساء الأحد بمقر منتدى الشرق الاوسط للحريات بالتعاون مع منتدى ابن رشد، دعَ الدكتور وهبة لتجنب التكفير والقتل إلى تدريب البشر على التفكير العلمانى لانة يعنى التفكير فيما هو نسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق.
وشاركت الدكتورة منى ابو سنه بكلمة عن ظاهرة التعصب مستشهدة بكتاب عالم الفيزياء النمساوي كارل پوپر "المجتمع المفتوح وأعداؤه" والذى صدر في جزءين عام 1945وتناول فى كتابة ظاهرة الدوجماتية التى تعنى : الاعتقاد الجازم واليقين المطلق دون الاستناد إلى براهين يقينية، فالحد الأقصى للتعصب عند بوبر –كما ترً أبو سنه-هو الفاشية، التى تعنى عدم قبول اى رأى اخر، فالانسان الفاشى يكره اى مجموعة من البشر تخالف رأيه، واعتبرت الدكتور منى ابو سنة، أن العدو اللدود للمتعصب هو الابداع والمبدعين، لانهم يهددون نسقة المعرفى والاعتقادى، وعن المراة فى حياة المتعصب قالت ابو سنه، أنها غائبة فمكانها المنزل "المطبخ"
وتساءلت ابو سنة عن هل العَلمانية قادرة على شفاء المتعصب على اعتبار انه مريض معرفيا ؟ واجابت ان الظروف المعرفية التى نشأ فيها المتعص اذا تغيرت، فبالتأكيد يمكن تغيير المتعصب.
وشدّدت على أن مواجهة التعصب هى المهمة الأولى والأساسية لجماعة المثقفين التى تنتمى للمجتمع المدنى وداخل الاحزاب السياسية التى يجب أن تكون على وعى بخطورة ظاهرة التعصب على المجتمع المصرى، فى ظل تصاعد الأصوليات الدينية.
الاستاذ محمد فرج تحدث فى كلمته عن أربعة مصادر فكرية للتعصب هى : التعصب الأيدلوجى و السياسى والثقافى والدينى معتبراً أن التعصب الدينى-النابع من الفكر الدينى- يعتبر من اخطر انواع التعصب، لأنه يستطيع أن يخفى المصادر الايدلوجية والسياسية والثقافية خلف الغطاء الدينى.
وأكد فرج على مقدرة العَلمانية على مواجهة التعصب، لان العَلمانية من الناحية الفكرية هى التفكير فيما هو نسبى بما هو نسبى ومن الناحية المنهجية تؤمن بضرورة التعدد والتنوع.
وفى النهاية تحدث الاستاذ أشرف راضى- فى كلمة مختصرة- معتبراً أن التعصب ظاهرة اجتماعية، ولا يمكن تحقيق الديمقراطية بدون عَلمانية، ورأى أن الاشكالية أن يعرض كل طرف بشكل واضح فكره على الجمهور المستهدف.
وردا على سؤال لـ "الأقباط متحدون" للدكتور مراد وهبه عن الفرق بين "العَلمانية" و "الليبرالية" قال وهبه، إن العَلمانية نشات فى القرن الـ16 نتيجة نظرية كوبرنيكس عندما اكد أن كوكب الأرض لم يعد مركزاً للكون، وبالتالي لم يعد الإنسان، الذي يحيا علي هذا الكوكب، مركزاً للكون، ومن ثم لم يعد من حقه توهم امتلاك الحقيقة المطلقة، وفى القرن الـ 17 ظهرت نظرية "العقد الاجتماعى" التى نادت بعدم تأسيس المجتمع على عقيدة دينية، وفى القرن الـ 18 ظهر التنوير وتحرير العقل ثم فى القرن الـ19 نشات الليبرالية التى لا تعنى فقط تحرير العقل من كل السلطات، لكن تحرير الأغلبية الاجتماعية والسياسية وبناء عليه يكون سلطة الفرد أكثر من سلطة المجتمع فالليبرالية لابد أن تمر بالعَلمانية.
|