تقرير: فيولا فهمي – خاص الأقباط متحدون
هي تعمل في وادٍ والحكومة تعمل في وادٍ آخر.. هذا هو الإطار الذي يحكم العلاقة بين المنظمات الحقوقية ورجال السلطة التنفيذية في مصر، ولأن علاقة التأثير بين الطرفين يشوبها النقوص من حيث تجاهل الحكومة، فقد انعكس ذلك على أداء معظم الجمعيات الحقوقية التي اتبعت اسلوباً نمطياً فقد تاثيره وجداوه، ولعل التقرير السنوي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حول ظاهرة التعذيب في مصر ابرز مثال على ذلك.
فلقد حمل التقرير رقم "20" وبالرغم من ذلك لم يختلف عن سابقيه من حيث التبويب أو التوصيات أو القراءة التحليلية للظاهرة في المجتمع، فعادة تبدأ تلك التقارير بالإطار التشريعي المنظم لجرائم التعذيب والقصور القانوني لمواجهة تلك الجرائم في مصر، ثم يليها عرض لأهم المواثيق الدولية المؤثمة لجرائم التعذيب وقانون العقوبات والدستور المصري، يعقبها مرحلة عرض بعض النماذج لحالات الوفاة والتعذيب والإضطهاد وسوء المعاملة التي تم رصدها خلال فترة إعداد تلك التقارير، إلى أن تنتهى بالتوصيات الختامية التي تتشابه إلى حد التطابق من حيث الشكل والمضمون، وذلك دون الإستجابة من الجهات المعنية في الحكومة أو السعي لإصدار تشريع يجرم ظاهرة التعذيب، مما يجعلها تقارير حقوقية باهتة لا جدوى من إصدارها.
ومن جانبه دافع حافظ ابو سعدة "الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان" عن التقارير السنوية التي تصدرها المنظمة المصرية، معتبراً الأسلوب المتبع في كتابة تلك التقارير أسلوب منهجي لبحث ورصد الظواهر المجتمعية، وهو اسلوب متعارف عليه دولياً، وخاصة أن المنظمات الحقوقية الدولية تتابع تلك التقارير وتستعين بها في حالة متابعة السجل الحقوقي بمصر.
وبالرغم من ذلك اعترف أبو سعدة بنمطية التقارير السنوية المعنية برصد ظاهرة التعذيب، مؤكداً أن النمطية والتقليدية التي تبدو في التقارير الحقوقية جاءت انعكاساً للتردد النمطي في ارتكاب حوادث العنف وارتباطها بقضايا مزمنة في المجتمع، مبرراً عدم السعي لتنفيذ التوصيات الختامية التي تورد سنوياً في التقرير بعدم اهتمام الجهات الحكومية ومجلس الشعب بنشاط المنظمات الحقوقية، لاسيما أن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ترسل سنوياً نسخة من التقرير لجميع المسئولين في الدولة وأعضاء مجلس الشعب أملاً في الإستجابة.
بينما ألقى عماد رمضان "المدير التنفيذي للمعهد الديمقراطي المصري" بالكرة في ملعب الحكومة، حيث أكد أن تكرار التقارير الحقوقية نابعاً من عدم استجابة الوزارات المعنية وخاصة أن المنظمات الأهلية لا تمتلك سلطة لتنفيذ توصياتها بينما تمتلك الحكومة السلطة التي يقابلها الواجبات والالتزامات تجاه مواطنيها، موضحاً أن الخطورة الكارثية تكمن في اقتناع بعض القيادات السياسة بأن تلك التقارير الحقوقية معادية وممولة من الخارج لهدم الإنجازات الداخلية وبالتالي تواجهها بالتجاهل والإستهانة.
وإحداثاً للتوازن في المسئولية بين الطرفين أشار رمضان إلى أهمية عدم اكتفاء الجمعيات الحقوقية بالرصد وكتابة التوصيات دون محاولة إيجاد آليات للضغط على الحكومة لتفعيل تلك التوصيات وخلق قنوات جديدة بين نشطاء المجتمع المدني وأعضاء السلطة التنفيذية والتشريعية ومن يمتلكوا السلطة على التفعيل والتنفيذ. |