بقلم: زهير دعيم
" وصرخ الصحفي العراقي سيف الخياط، الذي قام برشق فردتي الحذاء باتجاه الصحفي العراقي الآخر منتظر الزيدي، خلال رميه فردتي الحذاء صوب الزيدي، قائلاً: "الآن ليحتفي العراقيون، أنها قبلة الاشتياق و هذه بتلك"، مضيفاً "هل بمثل هكذا مهزلة أصبحت بطلاً و تلقي علينا محاضرات، هل بمثل هكذا تكون صحفياً، هل كان يتوجب عليك أن تكسر قلمك و ترفع حذائك، أنني استنكف من هذا العمل و ما أقدمت عليه إلا لكي أجعل الضمير و العقل العربي يتذوق نكهة الأحذية مرة أخرى و استفز كرامتهم، لأريهم قباحة مثل هكذا تصرف أياً كان الفاعل و أيّاً كان المستهدف".
هذا ما قاله الخيّاط وهو يقذف بحذائه في وجه منتظر الزيدي إيّاه، العازف العظيم لسيمفونيّة الأحذية في مؤتمر صحفيّ في باريس اقيم على شرف الزيدي في نادي الصحافة العربي هناك.
علقَ منتظر الزيدي ووقع في الحفرة التي حفرها هو بنفسه لغيره ...او كما قال الرب يسوع له المجد : " الذي يأخذ بالسيف ، بالسيف يؤخذ " وذاق أو كاد الزيدي طعم ونكهة الأحذية العراقية ، وهذه المرة النيران صديقة ، وما امرّها وأقساها من نيران ان كانت صديقة وكان الهدف ذاتيًا.
ضحك الزيدي يومها وضحكت الملايين معه في العالم العربيّ واعتقدوا بانّهم كسبوا المعركة وانتصروا على الولايات المتحدة انتصارًا باهرًا.
نعم وقتها صرخ الشرق والعرب صرخة الفوز ، صرخة الغَلَبة ، فعرض فلان ابنته الحسناء زوجة للمنتظر ، وذاك عرض شراء الفردتين بوزنهما ذهبًا، وآخَر اقترح ان يقام له في كل عاصمة عربية تمثالا لأنّه رفع بحذائه أنف العرب عاليًا ، وحرّرنا من عبودية أمريكا بضربة واحدة فقط كادت ان تصيب .
هلّلت وسائل الإعلام يومها ، وظلّ صدى تهليلها أيامًا وأشهرًا ، وأضحى ألزيدي - الصّحفي المغمور –والذي يعرف من أين تؤكل الكتف ، أضحى صحفيًا لا يُشقّ له غبار ، كسر قلمه وأخذ يخطّ بحذائه ويُسجِّل أمجاد الامّة بحروفٍ من مسامير وبنكهة حذائية !!
صرخت وصرخنا وقتها وقلنا : عمل جبان ، رغم أنّ بوش ليس ملاكًا ، ولكنه عمل يحطّ من قيمة فاعله وقيمة الإنسان ، ومن قيمة من وقف الى جانبه وآزره ، فالشعوب الحرّة والمُتحضّرة ترقى بالقلم والعلم والاختراعات والاكتشافات لا بالأحذية.
صرخنا وقتها وصرخوا في وجوهنا : صه...اصمتوا ...هذا هو شرفنا ، عزّنا ، هذا هو سلاحنا وبندقيتنا في وجه الاستعمار والاحتلال ....وضحك الزيدي ايّاه ، ورفع رأسه شمَمًا ..الى أن جاء مَن أذاقه الإهانة والذلّ وطعم الحذاء.
وقع في الحفرة التي حفرها لغيره .
أعلّمه الرِّماية كلّ يومٍ
فلمّا اشتدّ ساعده رماني
وكم علّمته نظم القوافي
فلمّا قال قافيةً هجاني
قالها الشّاعر وقالها الزيدي ...ولم يأبه الخيّاط ...ذُق يا صاحبي لَذة الحذاء ، لذة الشُّهرة ، وأركب مركبها الهيّن الى باريس ، فلولا الحذاء وقدمكَ ما حطّت قدماك في مدينة الأنوار ، وما ذكر أحد اسمك في سجل الصحفيّين....ذُق وتمتّعْ.
أمّا أنا فما زلت عند رأيي ، أنّ ظاهرة الأحذية مُخزية ، مُضرّة ، مُهينة ، لا ترفع من شأن فاعلها ، وأن ما قام به الخيّاط مذموم بغيض.
نم قرير العين يا بوش !!!فقد جاء مَنْ يأخذ بثأركَ ، وثق انهم كثيرون ، وسيتمتّع الزيدي منذ اليوم ، بوجبة أحذية ساخنة بعد وجبة ، وستكون كلّها على مذبح الشَّرَف العظيم .
إنّني انتظر فلسطينيًّا أن يعرض على الخيّاط ابنته الصبيّة الحسناء زوجة له ، أو يعرض أحد أغنياء وأثرياء العرب أن يشتري حذاءه بالذّهب ، فالقضيّة كلّ القضيّة ضربة حذاء هنا وهناك .
منتظر الزيدي – رغم معارضت الشّديدة لفكرة الحذاء العبقرية !! أقول لك : تعيش وتأكل غيرها !!! |