بقلم: مجدي نجيب وهبة
هل الأقباط غير مصريين؟
كلاكيت للمرة المليون بناء على طلب الجماهير نكرر هذه العبارة "الأقباط جزء من نسيج الوطن شركاء الحاضر والماضي والمستقبل هم نبت هذه الأرض التي نحيا جميعًا عليها، فهم ليسو أقلية كتلك الأقليات الموجودة في كافة دول العالم".... منذ أحداث الزاوية والأقباط يتعرضون لأحداث إرهابية متواصلة في جميع أرجاء المحروسة وقد حازت محافظات وقرى الصعيد بالنصيب الأكبر لتلك الأحداث.
لقد اكتوت الأرض الطيبة في الصعيد بدماء الأقباط الطاهرة وتمنت الأرض لو أنها كانت تملك القدرة على النطق كي تصرخ من هول الفزع وهي تبتلع هذه الدماء، ومع ذلك فقد أنجبتنا هذه الأرض وعلمتنا تاريخها العريق وثبتت فينا روح حضارتنا المجيدة وقيمتها النبيلة، إنها مصر التي قال عنها الكتاب المقدس "مبارك شعبي مصر" وذكر في القرآن "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"... "إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا"... "الله الله في قبط مصر ويكونون لكم عدة وأعوانًا في سبيل الله"، فهل هذه هي مصر التي لا يمر بضعة أيام إلا ونواجه مشكلة طائفية؟
ومع آخر الأحداث الطائفية، فقد طالعتنا الصحف الصادرة في 22 نوفمبر 2009 "مئات المسلمين يحاولون إقتحام مركز شرطة فرشوط وحرق الكنيسة بعد إعتداء قبطي على طفلة مسلمة، مما استدعى الأمن إلى إستخدام القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياة لتفريق الأهالي.. حيث خرج مئات المسلمين في ساعة مبكرة من الصباح وحاولوا اقتحام مركز شرطة فرشوط للفتك بالشاب القبطي "جرجس برسوم وليم" 25 سنة وقتله لقيامه بإستدراج الطفلة "يسرا" 12 عامًا وسط الزراعات وإعتدى عليها جنسيًا بالقوة، وعندما فوجئ المسلمون بترحيل المتهم إلى محكمة قنا لتجديد حبسه توجهوا إلى كنيسة فرشوط وحاولوا إقتحامها وإحراقها إلا أن قوات الأمن حالت دون تحقيق ذلك فتمكن بعض الشباب المسلم من إحراق 15 محلاً وصيدلية مملوكة للأقباط وبعض السيارات والدراجات البخارية".
حادث فردي يتكرر منذ عشرات السنوات... حادث اغتصاب يوصنف جنائي يتكرر يوميًا، وليس له أي علاقة بالعقيدة، فهؤلاء المنحرفون غالبيتهم مصابون بالإضطراب النفسي والإجتماعي..
وإليكم بعض نماذج قضايا الإغتصاب والتى تحدث شبه يومي منذ عشرات السنين:
• أوائل إبريل عام 2000.. سائق ميكروباص يستدرج بائعًا صغيرًا 11 سنة وخلف فيلا الشيخ متولي الشعراوي بالهرم أجبره تحت تهديد المطواة على خلع ملابسه حيث قام بالإعتداء عليه ثم قتله، وكانت هذه ثاني جريمة للمتهم حيث سبق أن أتهم من قبل في قضية هتك عرض طلفة صغيرة وكان وقتها حدثًا وحُكم عليه بالسجن سبع سنوات ليخرج ويقوم بجريمته بعد شهور قليلة.
• استدرج عامل بلاط بورشة قريبة من منزل طفل يبلغ من العمر ثمانية أعوام وأغراه بشراء الحلوى ثم قام بالإعتداء عليه أكثر من مرة داخل ورشة البلاط أثناء إنصراف الناس عنها، بل في آخر مرة أخذ المجرم الطفل إلى سطح مهجور لأحد المنازل وقام بالإعتداء الصارخ عليه وأدت شدة جثوم الجاني فوق الطفل إلى وفاته، وحكمت عليه المحكمة بالأشغال الشاقة وحملت القضية رقم 2302.
• مقاول استدرج إبنة صديقه التي تبلغ من العمر سبع سنوات وحاول الإعتداء عليها وعندما فشل في الإعتداء عليها نتيجة صراخها ذبحها.
• صاحب مراجيح عمره 60 عامًا استدرج طفلة ست سنوات وقام بالإعتداء عليها أسفل كوبري الأزهر وعندما حاولت الإستغاثة قام بخنقها بإيشارب كانت ترتديه، وألقاها في صندوق خشبي.
• سباك قذر أغرى طفلة 5 سنوات بالشيكولاتة وقام بإغتصابها وتركها في مقلب قمامة بأحد شوارع شبرا وتبين بعد إلقاء القبض عليه أنه اعتاد اغتصاب الأطفال.
• عامل شاذ تجرد من كل المشاعر الإنسانية احتجز طفلة عمرها 3 سنوات حيث إدعى أنها ابنته واحتجزها 47 يومًا وظل يعتدي عليها إلى أن قُبض عليه.
• في إحدى مدارس المرج طلب مدرس بعد إنتهاء مجموعة التقوية خروج الفتيات واستبقى إحداهن بحجة ترتيب درج مكتبه وحاول إرغامها على معاشرته، وعندما حكت الطفلة لوالدتها حيث حررت محضرًا ضد المدرس بالواقعة حمل رقم 18379 إداري.
ومازالت تلك الجرائم تطالعنا يوميًا ومعظمها تُحال إلى الجهات القضائية للتحقيق فيها... وقد طالبنا في أكثر من مقال بإعدام هؤلاء المجرمين وفي ميدان عام، فنحن لسنا هنا بصدد الدفاع عن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية ولكن في الحادثة الأخيرة.. المغتصب شاب قبطي والمغتصَبَة أو المُعتدى عليها طفلة مسلمة، لذلك فقد أخذت منعطفًا طائفيًا خطيرًا، وهو ما أدى إلى حرق متاجر الأقباط وبعض السيارات ومحاولة إقتحام الكنيسة وحرقها... علمًا بأن جميع القضايا السابقة لم يُذكر في أي قضية منهم إذا كان المتهم مسلم أو المجني عليه مسلم أم مسيحي فهي قضايا مخلة بالشرف وطريقها هو القانون والقضاء.
لقد صمت الجميع على التطاول على الأقباط وإهدار كرامتهم والإستهزاء بعقيدتهم منذ أحداث الزاوية وهو ما ساعد على ظهور تطرف جديد.. كما ساعد تهاون الدولة مع التطرف الفكري إلى ظهور التطرف الجسدي، إنها أحداث بغيضة ومتكررة أصابت جميع قرى ونجوع المحروسة.. أحداث مخزية يقابلها "صمت القبور من الجميع"، فما الفرق بين ما قام به الرعاع والبلطجية الجزائريين وبين ما تقوم به الجماعات الدينية المتطرفة في الصعيد المصري.
لقد انتفض جميع المصريين للدفاع عن الكرامة المصرية التي أُهدرت على أيدى بعض الرعاع الجزائريين في إستاد أم درمان، فهل ينتفض الجميع للدفاع عن كرامة الأقباط التي تُهدر يوميًا تحت سمع وبصر الدولة في صعيد مصر؟
ماذا يطلق الشعب المصري على الذين يدعون إلى حرق الكنائس وسرقة ونهب ممتلكات الأقباط علنًا، ماذا يسمى من يمنع الآخرين من التبشير بدينهم أو منعهم من التعبير بدينهم؟ ماذا يسمى الذين يقتلون الأقباط ويبيحون دمائهم؟ ماذا نطلق على كل من يقوم بهذه الأعمال الإرهابية؟ ألا نطلق عليه أنه إنسان فاشي.. بل ونازي أيضًا، ماذا تقدم الدولة من حلول لوقف نزيف الفتاوى والإرهاب ضد الأقباط منذ أكثر من ثلاثين عامًا والتي تزكيها بعض رجال الدين الإسلامي والسياسيين ودعاة التطرف في الدول الإسلامية؟
وإليكم بعض النماذج لفتاوى التحريض.. وما زالت مستمرة:
• فتوى لجنة الإفتاء بالسعودية رقم 19402 لتكفير اليهود والمسيحيين بعدم الإستجابة لبناء الكنائس.
• فتوى رقم 21413 للجنة الإفتاء بالسعودية وجاء فيها كل دين غير دين الإسلام هو كفر وضلال، وكل مكان للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال.
• فتوى شيخ الإسلام بن "تميمة" تكفير المسيحيين وكنائسهم.
• ما جاء في كتاب "الإيمان بالله" لشيخ الأزهر السابق عبد الحليم محمود قوله "أن المسيحيين أشبه بمرض خبيث معد" وأنه يجب على المسلمين أن يظلموهم، وأن يسيئوا معاملاتهم ويحتقروهم ويقاطعوهم حتى يضطروهم إلى إعتناق الإسلام.
• ما يقوم به المرشد العام للإخوان مهدى عاكف "الجهاد فرض عين إذا إحتل شبر من أرض الإسلام".
• ما جاء في الموسوعة الإسلامية "نشر الإسلام فرض كفاية على المسلمين كافة".
• ما يردده عبد الصبور شاهين وزغلول النجار وفهمي هويدي ومحمد عمارة ود. صفوت حجازي الذي أعلن أنه على رئيس الدولة أن يصدر قانون يجرم التبشير وحبس من يدعو إلى غير دين الإسلام لأن مصر دولة مسلمة ومن يريد غير ذلك فليأكل التراب.
• الشيخ يوسف البدري "الإسلام بس هو اللي صح واللي يقول غير كدة كافر".
أحداث وقضايا وهجوم على الأقباط والسيناريو واحد والنتيجة واحدة إهدار كرامة الأقباط والأمن يقف صامتًا، فهل أقباط مصر غير مصريين؟!!! أم تعجز الحكومة عن حماية الأقباط.. وهل الدولة تريد أقباطًا من نوع "لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم"؟!.
لقد تناسى البعض أننا مسلمون ومسيحيون وُلدنا كذلك وكلنا نعيش في وطن واحد ونشرب من ماء واحد مواطنين مصريون... فهل الأقباط فعلاً جزءًا من نسيج هذا الوطن وإذا أصابه ضرر سيصيب الوطن كله؟ أم أنها ذكريات عفى عليها الزمن وقضى عليها الحاضر المؤلم؟ لماذا لا تقوم الدولة بتطهير المجتمع من هذه الذئاب الجائعة ليتعلم الجميع قبول وإحترام الآخر؟ لماذا لا تقوم الدولة بدورها للقضاء على شيطان التعصب وأن تضرب بيد من حديد على كل من يحاول المساس بالوحدة الوطنية ودون النظر لديانته؟
لقد مللنا تلك الأحداث الطائفية ونريد أن يكون هناك حل وموقف حاسم للدولة وواضح.. تقول الدولة والمسئولون والعقلاء علينا أن نقدم الحلول من داخل الوطن وترفض الدولة حتى فكرة الشكوى أو الإستقواء بالخارج فنحن جميعا نرفض، ولذلك فللمرة المليون نطرح هذه المشاكل أمام المسئولين لحلها فما هو الحل؟؟، أم نظل نهدر كرامة المواطن القبطي..
مشكلة اغتصاب تحدث يوميًا كان يجب أن تُحال إلى الجهات القانونية لردع المتهم دون النظر إلى ديانته، أما أن تُستغل كل حادثة لإرهاب الأقباط وترويعهم وتبرير تلك الأعمال البربرية بزعم وجود إحتقان، وإستغلال الحدث والتغطية على تلك الأعمال الإرهابية والتى يواكبها سرقة ونهب وسلب للممتلكات وزعم أن الملف الطائفي وأن أسباب إندلاعه وجود إحتقان بين أبناء الوطن، وفي الحقيقة أنه لا يوجد إحتقان طائفي ولكن يوجد إعتداء ساخر من فلول الإرهاب وتنظيم القاعدة وجماعة "التكفير والهجرة"، وتتكرر هذه الإعتداءات على الأقباط فهل ستظل الدولة تلتزم الصمت؟ وهل تتغاضى الدولة عما يفعله هؤلاء الغوغائيين لإهدار كرامة الأقباط وجرح مشاعرهم والطعن في عقيدتهم؟
لقد هب جميع أبناء الوطن للدفاع عن كرامة المصريين التي أهدرتها حفنة من أحفاد الذئاب الجزائريين في إستاد الخرطوم عقب نهاية المباراة بين مصر والجزائر، فهل تؤمن الدولة أن الأقباط هم مصريين ومن واجبها الدفاع عن كرامتهم ضد التطرف والإرهاب أم تعلن الدولة عجزها عن حماية الأقباط؟ فلا يُعقل أن نظل نُعامل كالأسرى في وطننا..
إن ما يجري على الساحة والأرض المصرية هو استهزاء بكل القيم والمبادئ ولا يوصف إلا بأنه نوع من أنواع البلطجة والسفالة التي يقودها بعض طلبة مدارس الإرهاب في صعيد مصر المحروسة ولا أقول المدارس الأزهرية.. فالأزهر أعظم وأقوى من هذه القلة المنحرفة والشرذمة التي استطاعت أن تقود البسطاء للثورة وإهانة الأقباط.. فهل تفيق الدولة قبل فوات الأوان أم تظل الأمور كما هي؟ وإذا ظلت كما هي ما هو الحل؟؟؟ هل نجلي الرعايا الأقباط من الصعيد أم يطالبوا بحق اللجوء السياسي لأي دولة لحمايتهم من بطش الإرهاب؟ أم سيبقى الوضع كما هو عليه في انتظار أحداث جديدة وإهانات أخرى وقتل وترويع في الأطفال والنساء؟؟
نريـد حـلاً!!. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|