CET 00:00:00 - 16/11/2009

مساحة رأي

بقلم: محمد زيان
يبدو أن فيروس الفتنة الطائفية لم يترك شبر في أرض مصر إلا وقد وصله ولم يترك ضاحية إلا وقد اخترقها ولا بيت في مدينة صغيرة أو كبيرة إلا دخلها، حتى إنه تمحور أخيرًا ليصل إلى بيوت الدعارة وله في ذلك مآرب آخرى!.
والفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها.. هكذا نقول حال اندلاع أية أزمة أو مشكلة، ولكن العقاب هنا عقابين أواللعنة ستكون لعنتين، لعنة تأجيج نيران الفتنة ولعنة ممارسة الدعارة ولعنة ثالثة موجودة بالفعل وترافقنا جميعًا في مجتمعاتنا هي لعنة التخلف، على أن الأهم من هذا كله هو أن نركز جميعًا في السبب الذي من أجله قُتل من قُتل وأُصيب من أُصيب في ملوي، ببساطة دعونا نتساءل عن السبب الرئيسي الكامن خلف اندلاع نيران الفتنة سريعًا بهذا الشكل؟
الإجابة أيضًا ببساطة تتمثل في بيت دعارة هو السبب، الذي سوف يجعلنا نتكلم عنه في السطور التالية على أنه من الدوافع الرئيسية التي تدفع لظهور المشهد الطائفي بهذه الصورة، هذا باعتبار أننا نبحث عن الحل لهذا المرض الذي وبرغم أن الطرح هنا مخزي إلا أننا سوف نتعامل معه على أنه ظاهرة ألقت بنفسها على المشهد المصري تستلزم بالضرورة النظر فيها والتمحيص، فقديمًا كانت تقوم الدنيا ولا تقعد إذا تعرض أحد للامرأة مسلمة أو مسيحية وحتى الآن إذا هي استجارت في حال التعدي على حرمتها أو محاولة التحرش بها، وبالتالي يتسابق الجميع لينقذوها ويكون نصيب المعتدي عليها الضرب، إلا أننا أمام حالة فريدة هنا هي أن المقاييس انقلبت رأسًا على عقب واستطاعت مجموعة من الداعرات أن يقمن الدنيا ولا يقعدنها لأن شابين مسيحيين حاولا الانضمام إلى نادي الدعارة الذي يقيمه هؤلاء لأصحاب المزاج، واستطاعت غانيات وبائعات الهوى أن يحولن المشهد المصري إلى مقتلة.

ومن خلال ما حدث في ملوي نسوق الملاحظات التالية تعقيبًا على حالة الانفلات القيمي في الشارع المصري:
أولاً: ما حدث في ملوي يؤكد انقلاب العرب والمسلمون على تراثهم الديني، فالقارئ للتاريخ الإسلامي يجد أن غزوة بني قينقاع والتي كانت بين يهود بني قينقاع ومسلمي المدينة قد اندلعت رحاها على إثر قيام شاب يهودي بالتحرش بامرأة مسلمة في السوق أثناء بيعها حليها، فاستغاثت فتجمع المسلمون فقتلوا اليهودي ودبت المعركة، وقُتل من الجانبين هكذا بسبب امرأة شريفة في الأصل، وبالتالى فإن المقدمة التي دعت لاستنتاج الانسلاخ من الموروث الديني الإسلامي بدت هنا هي المؤشر الخطير على تبني المسلمون لأفكار مزاجية وأهواء شخصية، والناتج هنا سلبي في الجانب الإسلامى يتمثل في الاتهام بالإرهاب وتشويه الصورة في الخارج واتهامهم بالبلطجة وما إلى ذلك من نتائج مترتبة تبدو صعبة الحصر هنا.
ثانيًا: انقلاب العرب والمسلمون على موروثهم المكتوب في التراث العربى الذي كانوا يعتزون به على مدار التاريح الماضي والذي حملوه على قصائد ومعلقات في الهجاء والرثاء والفخر بين القبائل وبعضها، وبالتالي فإن ما نحن بصدده إنما هو حالة من تفريغ الذاكرتين التاريخية والدينية عند العرب والمسلمين تبدو مؤشرًا عمليًا على افتقادهم لأبسط آليات الاندماج والدخول في المجتمع الحديث الذي يعتمد على العلم والتكنولوجيا، وبالتالي فقد أبسط آليات التأثير أيضًا في هذا المجتمع مع اعتبار أن المنتج الذي يقدمه المجتمع العربي والمسلم (المُصغر في ملوي) لا يقدم لكنه يؤخر كثيرًا نمو وتطور المجتمعات الراقية، وهنا تتمدد عوامل التعرية والحفر داخل الجسد الإسلامي وتنذر على المدى البعيد بتلاشي الثقافة والتراث إلى ما يشبه الحالة المزاجية والتي من الممكن أن تؤدي إلى انقراض القيم الجيدة في المستقبل.
ثالثًا: هذه الحادثة تعكس لنا مؤشر خطير هو عدم الاستحياء من قبل المنتفضون لإغاثة هؤلاء المجاهدون في سبيل الله، بحيث استطاعت الغانيات وبائعات الهوى للجمهور سببًا من أسباب الفتنة في المجتمع، ولم يكن الانتفاض والقتل هنا دفاعًا عن القرآن الكريم مثلاً أو نتيجة خطأ في العقيدة أو ازدراء الدين الإسلامي لكن ازدراء الداعرات.

كلمة أخيرة: الفتنة تقع بين أناس عقلاء وهنا يطلق عليها فتنة، لكن أن تقع في بيت دعارة فالوصف الأفضل لها فضيحة، كان من الأفضل أن يكتبوا على الباب ممنوع دخول المسيحيين حقنًا للدماء، وبالتالي يجب إعادة النظر فيما يُقَدم الآن من قيم باعتبارها مخالفة للحقيقة، كي لا يأتي اليوم الذي تصبح فيه الدعارة هي الأصل ونجد أن هناك من يتقاتلون لأجل داعرة، وبدلاً من أن يهبوا ليخرجوا هؤلاء الداعرات من بينهم تجدهم يقتلون لتكريس الدعارة والاحتفاء بها.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ١ صوت عدد التعليقات: ٦ تعليق