ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

لاسياسة ولا قانون لاضامن ولا مضمون

إدوارد فيلبس جرجس | 2013-03-23 08:34:55

بقلم :إدوارد فيلبس جرجس
المقومات الأساسية أو الهيكل البنائي لأي دولة تنحصر غالباً في : سياسة هذه الدولة سواء الداخلية أو الخارجية ، القانون أو مجموعة القوانين التي تحكم هذه الدولة وتسري على الجميع دون استثناء ، الضامن لسير السياسة المضبوطة والتطبيق العادل للقوانين أي النظام وحكومته ،  المضمون وهو الحد الأدنى الذي يضمن لكل فرد في هذه الدولة معيشتة وحقوقه . العناصر السابقة قد لا تكون هي الشاملة وقابلة للإضافة أو الإحلال أو المناقشة أو حتى الاعتراض ، لكن التأكيد كل التأكيد هي الحد الأدنى لأي دولة لكي توضع تحت بند "الدولة الكيانية " أي التي لها كيان أو يوثق بها على المستوى الدولي والعالمي . غياب أي عنصر من العناصر السابقة أو الخلل به يضع الدولة في محل الشك من حيث دوليتها أو يعطيها لقب " الدولة المهزوزة " والإصطلاح لي وقصدت أن أضعه بهذه الصورة ليستطيع كل واحد أن يكيفه حسب رؤياه للمعنى ، غياب كل العناصر السابقة عن الدولة واسمحوا لي أن أستخدم لفظ " دولة " بالرغم من أنه في هذه الحالة تفقد  دوليتها بالكامل وتوضع تحت بند " الدولة المهلهلة " ، أو إذا أردنا التصحيح فهي " لا كيان متهلهل " ولا أستطيع أن أقول " الكيان المتهلهل " فهي فقدت صفة الكينونه أو الوجودية وتحولت إلى " اللاكيان " أي عدم الكينونة وحتى هذا أصابه التهلهل ، وللتوضيح الأكثر تبسيطاً من باب إرضاء الضمير لي أنا شخصياً بأنني عبرت عنه التعبير الذي أحس به بالفعل أقول أنني أقصد أنه " لا كيان " ممزق تمزيقاً بشعاً وبالوصول إلى معنى مهلهل أو ممزق تمزيقاً بشعاً أكون قد وصلت إلى مربط الفرس الذي أسعى إليه منذ البداية الذي يبرز فداحة الوضع ، وما هو هذا الوضع ؟! ، وقبل أن أكتب عنه أعلم أن الجميع سيقولون " الوضع داخل مصر الآن " . يصعب علىَّ أن أقول " المهلهل " يصعب علىَّ أن أقول " الممزق "  يصعب على أن أقول أنه يحتاج إلى معجزة تضارع معجزة إقامة الميت ، لكنه الواقع الذي لا يمكن الهروب منه . لا أعتقد أن أحداً  مهما ضاقت رؤيته لا يعلم أن هذا التهلهل أو التمزق أو ما وصلنا إليه من " اللاكيان المتهلهل " والذي لم تحدث له  سابقة خلال التاريخ الطويل منذ عهد الفراعنة إلى يوم 25 يناير 2011 وهو  يوم الثورة التي خرجت ضد الفساد ففتحت الباب على مصراعيه أمام كل عوامل الفساد والهدم والتمزيق والهلهلة التي أطاحت بمعنى كلمة " دولة " أمام العالم كله وحولتها من جميع الجوانب إلى "اللاكيان المتهلهل" . لا يوجد جانب في مصر لم يصبه التهلهل ، وقد يكون أكثرها بشاعة هو الجانب الإقتصادي لارتباطه ارتباطاً مباشراً بلقمة العيش للمواطن والجانب الأمني لارتباطه بسلامته أما باقي الجوانب من حقوق وحريات ومواطنة وديمقراطية فقد تكون تهتكت وتهلهلت بصورة أكبر لكنها توارت قليلاً خلف الانهيار الإقتصادي والأمني وإن كانت انكشفت بصورة أكبر أمام العالم الخارجي مما أدى إلى ضعفها دولياً وللأسف أصبحت حدوتة ومضغة في فم اللي يسوى واللي ميسواش وعلى رأي المثل " اللي ما يشتري يتفرج " . دعونا نتناول عناصر العنوان الأربعة المفقودة وهي السياسة والقانون والضامن والمضمون ونضع كل واحد في نصابه أو ننسب إليه خطاياه : 
                                                                         
1 _ السياسة .
 هي في الحقيقة حسب العنوان منفية أي " لا سياسة " ، سواء في الداخل أو الخارج  ، من حيث الداخل فقدت معناها وتحولت إلى مجموعة تحركات من الواضح كل الوضوح أنها تسير في اتجاه واحد وغير قابلة لتعديل المسار أو حتى العودة للخلف قليلاً تفادياً للإصطدام ، تسير مغمضة العين كثور الساقية ولا مانع أن تدوس أو تدهس أي شيء في طريقها حتى لا تتنازل عن الأهداف الإخوانية المرسومة على مقاس الجماعة والمتمثلة في أخونة الدولة ، ومن المضحك أو المبكي هو محاولة نفي هذه الأخونة بالرغم من إثباتها وبالأسماء وبالإحلالات التي تمت على مستوى القيادات وما يتبعها كضمان للولاء الإخواني ، وبالرغم من هذا نفاجأ بالكذب المفضوح للنفي لكنه من المعروف حسب القاعدة أن نفي النفي أثبات  واصبحت هذه الأكاذيب النافية هي اثبات غير قابل للشك للخطة الإخوانية للأخونة ، ونستطيع أن نقول وبمنتهى الثقة أن السياسة الداخلية فقدت أسنانها تماماً وأصبحت تعتمد اعتماداً كلياً على الرضاعة من صدر المرشد وقيل والعهدة على الراوي لأن لبنه يحتوي على أعلى نسبة من هرمون " أخ " وفيتامين " ونه " .  وإذا انتقلنا للسياسة الخارجية فهي أيضاً " لا سياسة " وأنما هي تخبط سياسي لا يرتقي مطلقاً من مسمى سياسة ولا تخرج عن مسمى خطوات غير مسئولة تشوبها الريبة مما أدى إلى تراكم علامات الإستفهام التي لا تجد إجابة واضحة أو مضمونة والتي أدت إلى تخوف الجميع وتراجعهم عن مد يد العون الاقتصادي في هذه الفترة الحرجة ، وحتى الذين ساعدوا من أجل الوصول إلى أخونة الدولة انكمشوا ولو قليلاً في الفترة الأخيرة ، سقطت السياسة الخارجية وأصبحنا نستجدي المساعدة ، فمن يرفض ومن يقبل تحت شروط ، الحنكة السياسية لها رجالها ، وحتى الآن لم يبرز من يكيف الموقف سياسياً وبالتالي من نافل القول أن نطلق على ما يحدث من هذه الإتصالات الواهية بالعالم الخارجي أن نقول عنها سياسة خارجية ، وأيضاً نستطيع القول بأنها فقدت اسنانها وتحولت للرضاعة لكن المشكلة ترضع من من ؟! من أمريكا أم اسرائيل ، أم قطر ، أم إيران ، أم تركيا ،  أم حماااااااس!!! ، أم باكستان وطرطور الدكتوراة الفخرية ، أم المجهول الذي لا نعلمه ، لا نعلم من أمها !!!! ، ولذا من الأفضل أن نضم السياسة الداخلية إلى الخارجية تحت مسمى " لا سياسة " ، أو سياسة بابا مرسي وماما قنديل وتحت رعاية جدو المرشد !!!!!.

2 _ القانون :
دولة بلا قانون مثل امرأة تعرت تماماً وتخيلوا ما يمكن أن يفعله أمامها شيوخ وأدعياء الفضائيات والبلطجية والمتحرشون والمغتصبون والمراهقون والصبية وكل من وظف عقله بالكامل في ديوان الجنس ، قد يرى البعض أن التعبير ينقصه الحياء ، وهذا ما أردته بالفعل ولا أتأسف عنه ، إذا كان الحياء اُنتزع من وجه هؤلاء الذين جردوا الدولة من قوانينها ، فكيف أستخدم أسلوب الحياء ؟! ، كيف استخدم أسلوب الحياء مع نظام يريد فرض سطوته على القضاء وأحكامه ؟! ، كيف استخدم الحياء مع نظام سمح للبلطجية بمحاصرة أكبر محكمة لمنعها من إصدار أحكام تخالف أهواء النظام ؟! ، كيف استخدم الحياء ورئيس النظام أعطى لنفسه سلطة إقالة وتعيين رجال القضاء دون الرجوع للقضاء كما ينص القانون ؟! ، لم يكذب المثل القائل " إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص " ، فإذا كان رئيس الدولة ينتهك القوانين فماذا ننتظر من العامة ، دولة يغيب فيها القانون هي غابة ، ماذا يمكن أن أطلق على ما رأيته وشاهدته بنفسي أثناء وجودى بمصر من الفوضى العارمة ، ماذا أطلق على جماعات بل وأفراد يسنون القوانين بأنفسهم ، يصدرون الأحكام ويطبقونها ، ماذا يمكن أن أطلق على قضاة يُضغط على ضمائرهم لإصدار أحكام مرسومة من قبل النظام ، ماذا يمكن أن أطلق على رجال في موقع المسؤولية يزورون شهادتهم تحت الضغط والترويع ، ماذا يمكن أن نطلق على دستور طُبخ في وعاء غير نظيف لتكيف مواده على أهواء مجموعة معرفتها بالتشريع والدساتير لا يزيد عن معرفة أبو جهل بالقوانين الفيزيائية ، هل ما نتابعه يومياً من أحداث يحمل ذرة من القانون أو شبهه ، هل ما نراه من محاولة تلفيق التهم للقضاة الذين يحاولون وضع القانون في مكانته فيه مجرد إيحاء بأننا في دولة قانون ، القانون السائد الآن هو " اللاقانون " ، فلماذا يستنكر أحد حتى لو استخدمت أحط الألفاظ ، من سيحاسبني ؟! ، لقد ضاع القانون ، خرج ولم يعد ، وحتى يوجد سأقول ودون تحفظ أن دولة بلا قانون تشبه امرأة عارية ......... الخ .  
     
3 _ الضامن   :
 الأفضل أن نقول " الضامن العام " أي الضامن العام للثلاث عناصر الأساسية لأي دولة وهي السياسة والقانون والمضمون المعيشي والإجتماعي الذي يمكن لأقل فرد أن يقبض عليه في يده أي يكون متاحاً له دون إرهاق فكري لتحقيقه . من المعروف أن رب الأسرة المتمثل في الأب عادة يكون هو الضامن لتحقيق مطالب الأسرة على قدر الإمكان ، فهو يبذل أقصى جهده لتحقيق الأمن والأمان المعيشي لهذه الأسرة ، وأيضاً رئيس الدولة هو الضامن العام لتحقيق الحد الأدنى من الأمن والأمان لكل فرد من الشعب ، وهو المتمثل في شعار ثورة 25 يناير " عيش حريه عدالة إجتماعية " ، فهل نجح رئيس النظام الحالي في تحقيق ذلك ؟ ، بالتأكيد وبجميع أدوات النفي فشل فشلاً ذريعاً ، فهو " ضامن مضمنش حاجه " ، وقد يلجأ البعض من قادة الإخوان المقاتلون من أجل الوصول والسيطرة على الحكم حتى ولو بطريقة الإحتلال الإستعماري تبرير هذا الفشل بأن المدة منذ توليه الحكم قصيرة بالرغم من أنها تصل إلى ثمانية أشهر أو تزيد ، وسأجيب على هذه الحجة بمثل عامي بسيط " الديك الفصيح من داخل البيضه يصيح " ، أو بمثل آخر " لو كانت هتمطر كانت غيمت " ، والريس لم يطلق حتى زقزقة عصفور ولم تبد طوال هذا الفترة من حكمه مجرد غيمة واحدة تقول أن هناك بعض الخير قد يتساقط !!! ، أي لم تبدر بادرة واحدة تقول أنه على الطريق الصحيح وأننا  يجب أن ننتظر وأن نعطيه فرصة ، أي فرصة وقرابة عام قد مضى والمنحنى في الهبوط ؟!! ، لم يقابلنا حرف واحد من كلمة الأمل خلال هذه الفترة بل الإحباط هو الذي يأخذ دائماً دور البطولة ، الطفل يصرخ عالياً عندما يشعر بالجوع لكنه يهدأ بمجرد أن يرى أمه تعد له الحليب أو الطعام لأن الأمل بدا واضحاً أمامه وأن الطعام أو الغذاء في الطريق إليه ، كان من الممكن أن نلتمس الأمل خلال هذه الفترة لكننا لم نر في يد مرسي لا حليب ولا حتى أشعل موقداً ، فهو ليس بالضامن الذي يضمن أو يقدم أو حتى يستطيع أن يعد بإقناع أنه على وعده ، لا يجيد سوى التخبط في القرارات لسببين أولهما وكما نسمع دائماً أن مصر كبيره عليه من جميع النواحي خارجياً وداخلياً والثاني أن قراراته ليست بيده لكنها بيد الجماعة ، وقرارات الجماعة على نقيض " عيش حريه عدالة اجتماعية " أي " جوع عبودية ظلم اجتماعي " لأي فرد لا ينتمي إلى جماعتهم . الضامن هو صورة الدولة أمام العالم الخارجي وهو الذي يحدد المصداقية من عدمها في حجم التعاملات الخارجية ، لقد هبطت هذه الصورة إلى الحضيض ولم يعد لها لا شكل ولا منظر بدليل مساومة صندوق النقد الدولي على قرض تافه والشروط المطلوبة  لتنفيذ هذا القرض التي قاربت أن تتدخل حتى في عدد الساعات التي يجب أن ينامها كل فرد !!!!!! ، هذا المؤشر البسيط جداً يلقي الضوء الكامل على مدى انعدام الثقة في الضامن العام والذي هو متمثل في الريس ونظامه ، الضامن لا يضمن الأمن داخل الدولة بالدرجة التي انهارت معها السياحة بصورة لم تحدث من قبل وربما تعليق شبكة " إن بي سي " الأمريكية بأن مصر احتلت المركز ال 140 والأخير في قائمة ضمن تقرير مؤشر التنافسية في السياحة والسفر عام 2013 ، الذي أعده المنتدى الإقتصادي العالمي ينهي الحديث في هذا الموضوع. لقد تحققت من ذلك بنفسي ففي أثناء وجودي بمصر وقبل عودتي بعدة أيام قررت الذهاب إلى الصعيد وذهبت إلى مدينة الأقصر السياحية ، والتي كانت تعج بالسائحين في مثل هذا الوقت في السنوات السابقة " في عهد مبارك!!!!! " هل يكفي أن أقسم بأنني وأخي وأولاد أخي " أربعة أفراد فقط " كنا النزلاء الوحيدون في أحد الفنادق الكبرى ، هل يكفي أن أقسم بأن عدد السياح الذين يجوبون المدينة وأثارها يعدون على الأصابع ، هل يعلم الضامن أنه خسرالمليارات من السياحة ؟!! كان يمكن أن تحفظ ماء وجه مصر الذي أريق في محاولات الإستجداء ، هل يعلم الضامن أن وقوفه لايسمع ولا يرى ولا يتكلم أمام التهديدات للسياحة واتهامات الموتورين بأن الأثارما هي إلا أصنام يجب تكسيرها هي أحد الأسباب التي هبطت بالسوق السياحية هذا عدا الإسلوب القمعي الذي يتبعه للمحافظة على وضع الجماعة ، وانتشار البلطجة والإرهاب . الضامن لم يعد ضامنا سوى لما يحقق أغراض جماعته ، ألم أقل أنه " ضامن مضمنش حاجه " !!!!! .                                                        
4_ المضمون   :
 وكما عرفته بأنه الحد الأدنى الذي يمكن أن يتاح لأي فرد في المجتمع ، فهل تحقق ؟، بالتأكيد ودون شرح أو تبيان يمكن أن نقول أنه تحقق بالسالب ، أي المضمون وضعت أمامه علامة الناقص وأصبح مهدداً بضياعه إن لم يكن ضاع بالفعل . وأن شعار " عيش حريه عداله اجتماعيه " تحول إلى وهم كبير ، من يضمن مجرد خبز الآن ، من يضمن حتى نسمة الهواء التي يتنفسها ، لا يوجد أي مضمون يُضمن لأي أحد ، أعتقد حتى الأحلام تحولت إلى كوابيس عن الغد المظلم . لا أحد يمكنه حساب الأوضاع الآن ، الوحيد الذي يمكن أن يحسب حساباته بالضبط هو عزرائيل الذي فاز ويفوز وسيفوز بنصيب الأسد من الأرواح التي تطالب بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية ، الثورة لم تبدأ بعد !!!!! .

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com