تقرير: جرجس بشرى
بدأ على السطح مؤخراً مؤشرات خطيرة تؤكد على استشعار دولة الإمارات العربية المتحدة، لخطر جماعة الإخوان المسلمين ، وقد دللّ على ذلك المؤشر حزمة الملاحقات والاعتقالات التي قامت بها السلطات الإماراتية .
وكانت وسائل إعلام إمارتيه قد نشرت أنباء تفيد إلقاء السلطات المحلية القبض على خلية سرية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين تضم 10 مصريين ، إلا أن وكالة رويترز قد نقلت عن قيادات من جماعة الإخوان المسلمين بمصر قولهم بأن عدد من أعضائها اعتقلوا في الإمارات بناء على إدعاءات عارية عن الصحة ، وكانت تقارير صحفية قد أكدت على قيام السلطات الإماراتية في يوليو الماضي باعتقال 60 شخصاً ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانوناً في الإمارات ، وقد اعترف المقبوض عليهم بانتمائهم لتنظيم سري له جناح عسكري بهدف الاستيلاء على السلطة وإقامة دولة دينية وذلك بحسب ما نشرته صحيفة الإمارات اليوم.
وقالت الصحيفة أن المقبوض عليهم اعترفوا أمام جهات التحقيق بأنهم وجدوا في أحداث الربيع العربي فرصة مناسبة وأن لديهم جناحاً سريا عسكريا تأسس عام 1988 لتدريب المنتمين للجماعة ، ووجهت النيابة العامة لهم أربعة إتهامات هي :إنشاء وإدارة تنظيم سري يمس الأمن ومبادىء قيام الدولة، والارتباط بجهات خارجية، وتلقي تعليمات وأموال منها ،والتعرض للقيادة السياسية في الدولة، إضافة إلى بناء محفظة استثمارية لدعم تنظيم غير مشروع، وأوضحت الصحيفة أن مصادر لم تفصح عن هويتها،قالت أن المقبوض عليهم من أعضاء الجماعة أسسوا هيكلا تقليديا ًعلى غرار الهيكل التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية ،مشيرة إلى أن الهيكل التنظيمي يؤكد يشمل وجود منسق عام، ومكتب تنفيذي،ومجلس شورى الجماعة، كما تدير هذه القواعد لجانا فرعية على مستوى كل إمارة في دولة الإمارات .
كما أوضحت تقارير صحفية نقلا عن الصحيفة الإماراتية قولها أن الموقوفين عملوا على "تهيئة المجتمع للتنظيم بعد التغلغل فيه ثم الاستيلاء على السلطة وإقامة حكومة دينية، وسبق ذلك استقطاب مواطنين لعضوية التنظيم ، على أن يكون لهم في الحكومة نحو خمس حقائب وزارية واستثمارات تتعدى مليار درهم في الدولة
.وذكرت أن التنظيم الإخواني في نسخته الإماراتية استخدم تكتيكات عدة، للطعن في شرعية الدولة ونظامها السياسي وإيهام المواطنين بأنهم يعيشون حالة واهمة من الرخاء الاقتصادي .
ومن الواضح أن كل هذه الملاحقات تؤكد على أن هناك محاولات من قبل جماعة الإخوان المسلمين في دولة الإمارات العربية تسعى للتمكين للحكم ، والسيطرة على مقاليد الامور تحت غطاء ثورات الربيع العربي التي تتستر وراء الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية للوصول للحكم ، كما حدث في عدد من ثورات الربيع العربي أبرزها مصر ، والسؤال الهام هنا :هل سينجح الإخوان المسلمون في اختطاف دولة الإمارات العربية ، والإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى الإجابة عن عدة أسئلة هامة ؟ ومن أهمها مستوى معيشة الفرد الإماراتي الثقافية حيث من التجارب السابقة العديدة كانت الجماعة تستخدم الفقراء عن طريق الاستقطاب المادي للوصول للحكم عبر الاستفتاءات والإنتخابات الرئاسية والتشريعية ، للحصول على أكبر كم من الأصوات وهذا ما حدث في مصر وفقا للتقارير الصحفية التي أكدت على ذلك ، إلا أن مستوى معيشة الفرد في الإمارات العربية المتحدة ستقف عائقا ً أمام الجماعة بسبب مستوى الدخل المعيشي العالي للفرد في الإمارات حيث تحتل "دبي" مركزا عالميا مرموقا ًفي الإقتصاد والتجارة العالمية وتحتل الدولة نفسها مركزا متقدما وتصنف على انها الدولة الــ25 ضمن أغنى 25 دولة في العالم وفقا لــ"ويكبيديا" كما أن مؤشر التنمية البشرية في الإمارات عالي جداً وهو ما يقف حائلا ً أمام الجماعة لاستقطاب المواطنين بالمال واستغلال فقرهم بهدف الحصول على مكاسب سياسية وانتخابية ، كما أن الجماعة محظورة أيضا بقوة القانون في الدولة وهو ما يقف عائقا ً شرعيا ً أمام عمل الجماعة السياسي .
والسؤال الثاني مدى ما تتمتع به الإمارات من حريات دينية ووعي ديني ؟والقارئ العادي في الشأن الإماراتي يدرك لأول وهلة أن الإمارات العربية المتحدة الذي يبلغ عدد سكانها الأصليين 8.264.070 وفقا ً لإحصاء عام 2010 وعالبيتها من المواطنين الوافدين ، كما أن شعار الدولة " الله ـ الوطن ـ الرئيس " والمذهبين المالكي والشافعي هما أبرز المذاهب المعمول بهما هناك ، بجانب المذاهب الأخرى، وتوجد بها كنائس ومساجد وأتباع ديانات غير سماوية "هندوس" والجميع يتمتعون بحرية دينية في الدولة ، كما يوجد شيعة بنسبة كبيرة يصل تعدادهم لحوالي 15 % من تعداد السكان وفقا لتقرير الحريات الدينية الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2010 ،والشيعة فصيل وطني أصيل في المجتمع الإماراتي ، وتقدر الاستثمارات الإيرانية في دولة الإمارات العربية المتحدة بـ13 مليار دولار وفقا لتصريح رسمي أدلى به القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالقاهرة ، السفير "مجتبي اماني "في حوار صحفي تليفزيوني مع "موقع الأقباط متحدون،وهذه التعددية الدينية أيضا ستقف معوقاً كبيرا ً أمام وصول جماعة الإخوان المسلمين للحكم في الإمارات ، كما أن انتفاضة الدولة وإحساسها لخطر الجماعة بعد أن رأت انحدار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والثقافية والإعلامية في الدول التي تحكمها الجماعة جعلها تستشعر خطر داهماً قد يصيب دولة الإمارات العربية بالتفكك والانهيار الاقتصادي إذا ما وصلت الجماعة للحكم ، خاصة وأن هناك استثمارات دولية أخرى تخشى الدول عليها في الإمارات حيث توجد استثمارات أمريكية وإيرانية وغيرها هناك ، كما يوجد تحد ماثل الامام أمام الدولة وهو سد المنافذ عبر تشريعات قانونية للمد الإخواني واقتصادياته كي لا تصبح بديلا لمؤسسات الدولة في التعامل مع المواطنين بشكل سري خاصة في الشأن الاجتماعي
والسؤال الأخطر هنا : هل تخشى الإمارات فعلا ً من الإخوان ؟ وهل هناك ليس عداء بل عداوة بين الإخوان والإمارات ، وهذا السؤال يجيب عليه القيادي السابق المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين بمصر د.ثروت الخرباوي الذي قال في حديث صحفي أجرته مع الصحفية"نجاة عطية الجبالي" على موقع "صدى البلد" الإلكتروني حيث قال : أن تنظيم الإخوان متغلغل في الخليج ولكنه أكثر نشاطاً في الإمارات ملمحاً أن الإخوان كانوا على علاقة طيبة بالشيخ زايد آل نهيان وأنه سمح لهم بممارسة أنشطتهم ، مؤكداً أن القلق يسيطر على القيادة الإماراتية من جماعة الإخوان المسلمين بعد ثورات الربيع العربي وقلاقل البحرين ،مؤكداً انفراد دولة الإمارات العربية المتحدة بالهجوم على جماعة الإخوان دون باقي دول الخليج يرجع إلى وعي الإمارات بأنها ولسبب استراتيجي ستكون المحطة القادمة في أجندة الجماعة ، موضحاً الإمارات تمثل محفظة العرب أجمعين والمنطقة الإقتصادية الأولى في المنطقة، ووجود الإخوان هناك متعلق برغبتهم في السيطرة على هذه المحفظة ،وقيادات الإخوان تدرك هذا الهدف جيداً ، ولذلك بدأت في ضبط الخلايا الإخوانيا هناك ، وأضاف الخرباوي أن نشاط الإخوان المسلمين منذ ان بدأ في الغمارات المتحدة،كان معروفا وظاهرا،وكان يتم السماح لهم بممارسة انشطتهم،خاصة في فترة حكم الأمير الراحل الشيخ زايد،حيث كانت تربطه بهم علاقات طيبة جدا، ولكن ثورات الربيع العربي والقلاقل التي أصابت بعض دول المنطقة وأهمها البحرين
،أثارت قلق الخليج من نشاطهم وتصديرهم الثورة،وجعلت القيادة الغماراتية تحترز منهم ،خاصة وأن نشاط الجماعة في ظاهره يبدو دعويا سلميا ،بينما الإمارات أدركت الآن أنه في حقيقة الامر انقلاب على المجتمعات ،وتابع أن الذي ساهم في اشتعال الموقف هو أن الجماعة لم تكن اكثر استبصاراً وقراءة للمستقبل ،حيث ظلت تمارس نشاطها بمنتهى الوضوح والجراة ،برغم القلق الذي تسرب في منطقة الخليج منهم،بعد وصولهم للحكم في أكثر من بلد على رأسها مصربعد الثورات فكان لزاماً على القيادة الإماراتية أن تشرع في السيطرة عليهم ، خاصة بعد عرفوا مداخل ومخارج الدولة ،وكل ما يسهل لهم الإنقلاب على الحكم ،وتحقيق فكرة الخلافة الراسخة في ادبيات الجماعة،وحول صمت دول الخليج عن الإخوان باستثناء الإمارات قال الخرباوي :إن نشاط جماعة الإخوان في السعودية والبحرين على مدار تاريخها لم يكن بالوضوح والصراحة التي كانت عليها دولة الإمارات ،لذلك قيادات هذه الدول لا يساورها الخوف من الجماعة .
فهل ستنجح جماعة الإخوان المسلمين في اختطاف الإمارات ؟ ربما هذا السؤال أيضا يكون مرهونا بمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وأمن إسرائيل ؟
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com