ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

هوامش لندنية...

بقلم: طارق حجي | 2012-12-23 07:11:16
الأولي : من الأشياء التى على كل مصري ومصرية ، وعلى كل انسان فى عالمنا ان يعرفه هو رأي الإسلاميين فى الإبداع بكل اشكاله وصوره وتجلياته . واعني هنا التصوير (الرسم) والنحت والموسيقي والغناء والمسرح والسينما والشعر والباليه وكافة انواع الرقص وغيرها من صور الإبداع. فهناك ما هو مرفوض كلية مثل البالية وكل اشكال الرقص . وهناك ما هو مرفوض من أغلبية الإسلاميين مثل التصوير والنحت.

أما باقي أشكال الإبداع فيقولون عنها ما ذكرته منذ أيام فى واحد من حواراتي التلفزيونية (الخميس 13 ديسمبر ) ... فقد ذكرت ان محاورا تلفزيونيا سأل القيادي الإخواني عصام العريان عن رأيه فى الغناء ، فأجاب بهذه الكلمات التى سمعتها من عشرات غيره من قادة تيارات الإسلام السياسي الذين يصفون انفسهم بالإعتدال (ويصفهم غربيون سذج وبله ايضا بنفس الوصف الذى لا اساس له ) ...
قال عصام العريان : إذا غني محمد عبدالوهاب بكلمات مثل "أخي جاوز الظالمون المدي ، فحق الجهاد وحق الفدا" ، فهذا "غناء حلال" !! أما إذا غني نفس الإنسان (محمد عبدالوهاب) كلمات مثل "جفنه علم الغزل" ، فهذا "غناء حرام" !!
وفى اعتقادي ان هذا الرأي والذى يؤمن ويصرح به كل قادة التيارات الإسلامية (عدا السلفيين الذين يحرمون الموسيقي والغناء بشكل كامل) هو رأي كاشف لجانب بالغ الظلامية والتحكم والرجعية من جوانب تفكير الإسلاميين (وهى بالآلاف) . فهو نصب نفسه (او جهة ما) حكما على الإبداع. وهو جعل مجال الفن الحلال ضيقا جدا ومجال الفن الحرام واسعا جدا. كما انه جعل للفنون وظيفة اخلاقية / دينية (وهو الذى سيحدد ما هو اخلاقي وما هو لا-أخلاقي). ناهيك عن "ثقل الظل" الذى لا مثيل له فى رأيه هذا.

فما أبأس ذلك الإنسان الذى يجلس مع سيدة يحبها ويسمعها " أخي جاوز الظالمون المدي" !!! وفي رأي المصري العادي أن ثقل الظل هو من الجرائم التى لا تغتفر ... وثقل ظل من يغني وهو مع حبيبته "أخي جاوز الظالمون المدي" يبرر العقاب المغلظ !! وناهيك أيضا عن بعد آخر : فعصام العريان غالبا لا يعرف أن مؤلف "جفنه علم الغزل" هو احمد شوقي !!! وسواء كان يعلم او لا يعلم فإننا أمام كارثة : فهذا رجل متواضع المحصول المعرفي والثقافي ، ولكن أيدولوجيته (الظلامية) تسمح له بإصدار أحكام باتة عن أمير الشعراء أحمد شوقي. وحسب "نظرية العريان" ، فمعظم إبداعات مايكل أنجلو وليوناردو دافينشي ومسرحيات شكسبير وموليير وعروض الباليه الكبري لأمثال موتزارت وتشايكوفيسكي وفيردي وأغنيات أم كلثوم وفريد الأطرش وفيروز وعبدالحليم ماجدة الرومي وعمرو دياب هى من قبيل "الفن الحرام" !!!! أما رسامون مثل رينوار وجوجان ومحمود سعيد فهم (وفق النظرية العريانية) هراطقة وزنادقة !!!

إن العالم الذى يبشر به هؤلاء الظلاميون إنما هو عالم كئيب وضيق الآفاق ومعدوم الإبداع وفقير ثقافيا وفنيا لأقصي درجة يمكن تصورها .... بل انه عالم عقيم ... ناهيك عن كونه عالما ثقيل الظل وسخيف بكل ما تعنيه الكلمتان ... إن عالما بلا فنون لم يقيدها احد (لا سيما من أمثال العريان) هو عالم لا يستحق ان يعاش . الثانية : لأكثر من خمسين سنة وأنا أسمع من العديدين من أبناء وبنات بلدي مصر هذا القول : العالم كله يعلم أن المصريين أكثر ذكاء من أبناء وبنات الجنسيات الأخري . وقد سمعتها من أميين وغير متعلمين وأنصاف متعلمين وبسطاء الثقافة ، كما سمعتها من متعلمين ومثقفين ومئات من حملة الدكتوراة. ونظرا لأنني كنت لعقدين من الزمان إبنا لواحدة من أرقي المؤسسات الإقتصادية فى العالم ، وهى مؤسسة تحقق إيرادات تفوق إيرادات دول شديدة الثراء .
وهى تحقق ذلك بتميزها نادر المثال فى المجالات التالية :
(1)التقدم فى البحت العلمي وتوظيفاته التكنولوجية فى عشرات المجالات
(2) البحث الدؤوب عن أفضل العناصر البشرية ذات التعليم الرفيع والمهارات النادرة. لذلك ، فقد كان موظفوها المائة ألف هم من بين أفضل وأنبغ وأذكي خريجي جامعات هى الأفضل على مستوي العالم، وكان هؤلاء الخريجون ينتمون لأكثر من مائة دولة.
(3) توظيف أحدث تقنيات علوم الإدارة الحديثة فى كل دوائر العمل ومن بينها الإدارة العصرية للموارد البشرية.

وكنت (خاصة عندما وصلت وأنا فى منتصف الثلاثينيات من عمري) للمنصب القيادي الأول لمجموعة من الشركات الكبيرة التى تتبع هذه المؤسسة "البريطانية / الهولندية" والتى ظلت تحتل المكانة الأولي بين كبريات الشركات العالمية لقرابة القرن أتذكر تلك المقولة ، مقولة أن المصريين هم الأذكي دون أن أقف عندها طويلا. وذات يوم كنت أحاضر وكان الطلبة الذين أعلمهم هم من مديري الشركات الكبيرة التى تحقق كل منها عدة مئات من ملايين الدولارات كأرباح سنوية. وعندما كنت أشرح لهم أننا بينما لا نستطيع ان نزودهم بإجابات عن كل الأسئلة التى سيواجهونها ، إلا أننا سنجعلهم قادرين ان يقولوا : نحن لا نعلم الإجابة المثلي عن هذا السؤال ، ولكننا مؤهلون لأن نصل لأفضل إجابة خلال ساعات او عدة أيام. وبعد محاضرة لمدة ساعة (تلاها نقاش لأكثر من ساعة) تذكرت المقولة التى يكررها معظم المصريين والتى فحواها ان كل البشر والنباتات والجمادات والحيوانات تعلن أن المصريين هم الأذكي بين كافة البشر .
تذكرت هذه المقولة عقب محاضرتي عن تزويد المديرين التنفيذين بأنجح (وأنجع) آلية تسمح لهم بالحصول عن أفضل إجابة لأي أسئلة وخلال ساعات او ايام غير كثيرة. فقررت أن أتبع المنهج الذى كنت اعلمه لطلابي أي لمديرين تنفيذيين كبار لشركات عملاقة ويرأسون عشرات ومئات من أنجب من تعلموا بأعظم الجامعات العالمية ....

فى اليوم التالي أرسلت أربعين رسالة لجهات على أعلى المستويات العالمية فى دراسة الذكاء العام والذكاء الإجتماعي ومن بينها معاهد تخصصت فى دراسة القدرات وأهمها "قوة التحليل" و "قوة الخيال" و "الإحساس بالواقع" وقدرة تسمي فى العلوم الإدارية الحديثة " القدرة الهليوكوبترية " وتعني القدرة على البعد عن التفاصيل وإلقاء نظرة "من فوق" على العمل .... وبعد أيام ، بدأت أستلم الردود العلمية من مجموعة من أرفع مراكز البحوث المتخصصة والمتعمقة فى دراسة الذكاء بكافة أنواعه وأبضا الذكاء الإجتماعي . وبعد ساعات من قراءة (بل ودراسة) متأنية للتقارير رفيعة المستوي التى جاءتني كانت الحقيقة العلمية (وهى تختلف بعض الشيء عن رأي الحاج إبراهيم بائع الصحف الذى يكرردائما أن المصريين هم أذكي شعوب الدنيا) كانت الحقيقة العلمية ماثلة أمامي : عشرات الدراسات العلمية التى قارنت مستويات ذكاء أبناء وبنات حوض البحر المتوسط بشماله وجنوبه وشرقه وغربه إنتهت لتماثل المستويات فى كل بلدان حوض البحر المتوسط - لندن 22 ديسمبر/كانون الأول 2012.

نقلاً عن الحوار المتمدن
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com