قال الدكتور عاطف البنا، الفقيه الدستوري وعضو الجمعية التأسيسية، إن كلمة التوافق هي كلمة خاطئة لأن الأسرة الواحدة لا يوجد بداخلها توافق، والتوافق لا يعني الإجماع، مشيرا إلى أن المعترضين على الدستور لديهم أغراض شخصية.
وأوضح البنا خلال تصريح خاص لـ"بوابة الأهرام"، أن الذين يدعون لاشتراط نسبة الثلثين لتمرير الدستور في الاستفتاء، يعترضون من أجل الاعتراض، مشددا على أن قواعد الديمقراطية وإقرار الدساتير حول العالم تقضي بتغليب رأي الأغلبية بنسبة 50% زائد صوت واحد حتى لو كان هذا الصوت الإضافي يمثل واحدا في المليون أو واحد في العشرة ملايين.
وأضاف: "المعترضون على الدستور إما أنهم لم يقرأوا الدستور أو قرأوا ولم يفهموا أو قرأوا وفهموا ولديهم غرض"، منوها إلى أن الغرض مرض يضر بصاحبه ومن حوله والمجتمع بأثره إذا كان يدعي الزعامة السياسية.
وتساءل البنا: "الذين يدعون لإقرار الدستور بنسبة الثلثين هل يدركون أنهم يفرضون رأي الأقلية على الأغلبية وهنا يتحول المعارضون إلى أقلية ديكتاتورية"، مضيفا: "كيف أغلب رأي 40%من الشعب مثلا على رأي الأغلبية 60%".
وتابع: "هؤلاء لو جاءت النتيجة بـ(لا) هم أول من سيهلل لها"، مشددا على أن المعارضين للدستور لا يدركون الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر وإنما هم يعارضون من أجل المعارضة.
وأكد أستاذ الفقه الدستوري بجامعة القاهرة أن نسبة الـ44% المعارضة للدستور تعارضه ليس عن رفض لنصوص الدستور وإنما بسبب التشويه المتعمد لتيار الإسلام السياسي أو لمواد الدستور من خلال إصدار دساتير مزورة منسوبة للجمعية التأسيسية أو تشويه لصورة الجمعية التأسيسية والزعم بأنها مسيطر عليها من تيار بعينه، وتشويه لصورة الشخصيات المستقلة بها.
ولفت البنا إلى أن المعارضين للدستور أمامهم الفرصة لتعديل ما يعترضون عليه من مواد من خلال الآلية المعمول بها في الدستور وهي طلب 20% من الأعضاء تعديل المواد وموافقة الثلثين وطرحه للاستفتاء الشعبي وساعتها هم الذين سيتمسكون بقاعدة الأغلبية المطلقة 50% زائد صوت واحد، مشيرا إلى أن هذه هي قواعد الديمقراطية.
وكشف البنا أنه كان لديه تحفظ على مادتين أو ثلاث ولكنه قبل برأي الأغلبية، مشددا على أنه يدافع الآن عن المواد التي اعترض عليها عند التصويت نزولا عن رأي الأغلبية.
واختتم: "في حالة رفض الدستور سيكون أمامنا 10 أشهر لإعداد دستور جديد وقد تمتد الشهور العشرة إلى 20 ويموت الفقراء بسبب حالة عدم الاستقرار التي نعيش فيها كي تكون المعارضة سعيدة وهي تضع دستورا على هواها"، مشددا على أن حتى طلب الرئيس لبحث المواد المختلف عليها بعد انتخاب البرلمان الجديد لن يرضي المعارضين للدستور حتى لو عدلوه هم بأنفسهم.
فيما قال ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن شرعية الاستفتاء القانونية تتحقق بأن تكون نسبة الموافقين على الاستفتاء 50% من إجمالي عدد الأصوات زائد صوت لمواطن واحد، مشيرا إلى أن الشرعية الشعبية للاستفتاء تتحقق بالتوافق بين جميع أطياف الشعب، ذلك بنسبة لا تقل بأي حال من الأحوال عن الثلثين.
وأوضح رشوان خلال تصريح خاص لـ"بوابة الأهرام"، أن هناك العديد من دول العالم التي تشترط موافقة ثلثي الشعب على الدستور، لكي يتم إقراره مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها، منوها إلى أن هذه الدول تحدد هذه النسبة لضمان الحد الأدنى من التوافق المجتمعي على الدستور أو إدخال أي تعديل عليه.
وأضاف: "كما أن هناك إشكالية في الدستور الجديد الذي أعدته الجمعية التأسيسية متمثلة في اشتراط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على تعديل أي مادة بالدستور لضمان وجود الحد الأدنى من التوافق بين ممثلي الشعب ولضمان عدم استغلال أي فصيل نجاحه في الانتخابات البرلمانية بالأغلبية المطلقة وإدخال تعديلات جوهرية على الدستور وإحداث حالة من التغيير في التوازنات المجتمعية"، مشيرا إلى أن تحقيق ذلك أيضا أوجب عند طرح الدستور للاستفتاء لضمان التوافق المجتمعي.
وتابع: "إذا كان الدستور يشترط لإدخال تعديل على إحدى مواد الدستور موافقة ثلثي الأعضاء وليست ثلثي الحاضرين بجلسة التصويت وهؤلاء هم ممثلو الشعب فلابد من تطبيق نفس القاعدة عند الحصول على موافقة المواطنين لتمرير التعديلات المقترحة، ولضمان عدم استغلال أي فصيل سياسي ارتفاع أسهمه في الشارع بنسبة ضئيلة للتغول على حق فئة أخرى".
ولفت رشوان إلى أنه دعا قبل الاستفتاء لوضع شرط موافقة نسبة الثلثي لتمرير الدستور وكذلك أن يكون الحد الأدنى للمصوتين 50% من إجمالي عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في أي انتخابات، مؤكدا أنه في حالة وجود توافق لممثلي الشعب على الدستور والشرائح المكونة له فإنه من المؤكد أن نسبة الذين سيصوتون في الاستفتاء لن تقل بأي حال من الأحوال عن 60% ونسبة الموافقة لن تقل عن 70% على الأقل.
واعتبر رشوان أن نسبة الـ56% التي أيدت الدستور، تعتبر تراجعا لتيار الإسلام السياسي، داعيا جماعة الإخوان وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة والدعوة السلفية وذراعها السياسية حزب النور والجماعة الإسلامية وذراعها السياسية البناء والتنمية إلى المقارنة بين نسبة موافقة الشعب على الاستفتاء ونسبتهم في برلمان 2011، التي وصلت لـ70%.
أضاف رشوان: "الإشكالية الخطيرة أن الفصيل الإسلامي حول معركة الاستفتاء إلى معركة انتخابية"، موضحا أن الدساتير يتم إقرارها بالتوافق المجتمعي وبنسبة لا تقل عن الثلثين لضمان استمرار الدستور بينما الانتخابات يكفي إقرارها بالأغلبية المطلقة نظرا لأن الانتخابات تأتي بمجموعة في الحكم يمكن تغييرهم بعض فترة زمنية 4 سنوات أو 5 بانتخاب آخرين.
وأشار رشوان أن الجولة الأولى من الاستفتاء شهدت أخطاء إجرائية كبيرة أبرزها إجراء الاستفتاء على مرحلتين وكل مرحلة في يوم واحد الأمر الذي منع عددا كبيرا من التصويت، منوها إلى أن أهم الأخطاء الإجرائية الأخرى عدم إشراف القضاة على بعض اللجان الأمر الذي لا يؤكد نزاهتها.
واختتم: "كما أن أبرز الإشكاليات أن المنظمات الحقوقية والتي كانت تتابع سير العملية الانتخابية منعت من متابعتها نظرا لأن الدكتور حسام الغرياني، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس الجمعية التأسيسية، التي أعدت الدستور وصاحب المصلحة في أن تأتي نتائج الاستفتاء بـ(نعم) قصر حق متابعة سير الاستفتاء على أعضاء الحرية والعدالة، والذين يمثلون إحدى وجهتي النظر فقط ويريدون أن تخرج النتيجة بـ(نعم) الأمر الذي يضع الآلاف من علمات الاستفهام على الجولة الأولى من الاستفتاء.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com