بقلم: سعيد السني
الإعلان الدستورى الأخيرالذى اصدره الرئيس الدكتور محمد مرسى , ما هو إلا مشروع ل"حرب أهلية وطائفية" , تفوح منه رائحة الدم , وقد بانت شواهد ذلك فيما نراه على الشاشات ونسمع به من معارك بشوارع مصر , بين أبنائها المؤيدين , والرافضين لهذا الإعلان ..
ولنُقصر كلامنا هنا على مسألة "تحصين" الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور التى أراها خطراً كبيراً, فهذا التحصين للتأسيسية من الحل , يهدف أساساً لتمرير الدستور الإخوانى السلفى الذى تجرى كتابتة , وبهذه المثابة فإن الإعلان يؤسس دون أن يدرى لحروب أهلية وطائفية يمكن أن تجعل البلاد نسخة مكررة من الصومال .. تفصيل ذلك فيما يلى :
الدستور الجارى تجهيزه بالجمعية التأسيسية , هو إخوانى سلفى بإمتياز وعلى مقاسهم دون غيرهم من المصريين .. هو دستور يُفَرِق ويُقَّسم المجتمع , ولا يوفق بين اطيافه , إذ انه يكرس للطائفية , وإثارة الفتن بين المسلمين أنفسهم ناهيك عن الفتن مع المسيحيين , وفى هذا السياق نشير إلى أن المادة الثانية جعلت الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع , وهو نص محل إجماع ولايثير خلافاً , على أساس أن المحكمة الدستورية العليا, هى المختصة بالفصل فى النزاعات التى تقوم بشأن دستورية القوانين , ومن ثم فهى المعنية بحسم أى نزاع قد يثور عند التطبيق , حول ما إذا كان القانون موضوع النزاع ا مطابق للشريعة أم يخالفها؟ ..وجرت أحكام الدستورية العليا على أن "مبادئ الشريعة " , هى المبادئ الكلية والتى هى محل إجماع بين المذاهب الإسلامية الأربعة .. إلا أن مسودة الدستور , جاءت فى المادة 220 منها بتعريف جديد ل"المبادئ" على أنها : "تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الإصولية والفقهية ومذاهبها المعتبرة من مذاهب أهل السنة والجماعة" , وهذا يفتح مجالاً واسعاً للخلاف الذى يمكن أن يصل إلى حد الإقتتال بين المسلمين أنفسهم , بل إن المادة الرابعة من المسودة جعلت من "هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف" و مرجعا أعلى وإلزاميا فى تفسير الشريعة , وبهذه النصوص الثلاثة بما تحوية من بذور للخلاف والشقاق ,
فإننا نكون بصدد دولة دينية مكتملة الأركان , إذ بدلا من كيان قانونى هو الدستورية العليا مرجعا للقوانين وتفسيرها , صارت هيئة كبار العلماء , وهى كيان دينى صرف , وإذا قال قائل , بأن الأزهر الشريف هو رمز الإعتدال , فهذا صحيح , لكننا الآن فى زمن الأخونة والسلفنة , ولعل القارئ الكريم يلاحظ محاولات إقصاء شيخ الأزهر, تمهيدا لأخونة منصبه , ويليه هيئة كبار العلماء التى ستكون متأخونة ومتسلفنة , وبموجب المادة الرابعة يصير أعضائها مقدسين , ونكون بذلك قريبين من النمط الإيرانى حيث ولاية الفقيهه , ولا تسأل عن وضعية الأقباط فى مثل هكذا دولة ,أو ما يمكن أن يصيبهم من تفسيرات متشددة قد تمس بعض جوانب حياتهم , وهنا تكون الفتن الطائفية المقيتة, سلم الله مصر منها وحفظها , بل إن مسلمي البلاد ذاتهم , ربما يكونون موضوعاً للإضطهاد مالم يكونوا إخواناً أو إخواناً أو إخواناً .....( التكرار مقصود), أو سلف.
مادة أخرى وهى المادة رقم 9 بمسودة الدستور أيضاً ,يمكن أن تثير فتن وحروب أهلية , وهى التى تحدث عنها عمرو موسى مع الإعلامية منى الشاذلى على قناة إم بى سى ( mbc ) مصر ,يوم الثلاثاء ( 20 نوفمبر الجارى ) , وتنص على أن "تلتزم الدولة وأشخاص المجتمع كافة برعاية الأخلاق والقيم العامة" , وهذا النص يعنى فتح الباب لكل مواطن كى يتدخل فى حياة الآخرين وسلوكياتهم ,بحجة حماية الأخلاق وما إلى ذلك , وهو مأمور بذلك أو مسموح له طبقاً للدستور.
والسؤال هنا .. ألا تتسبب مثل هذه المادة فى مشكلات وشجارات ومعارك لا اول لها ولا آخر بين المصريين ؟ إذ انها تعنى ً ظهور جماعات وأفراد يمنحون انفسهم الحق فى الرقابة السلوكية على الآخرين من أفراد المجتمع وجماعاته , ولعلنا نتذكرقبل عدة أشهر , حادثة قتل الشاب السويسى الذى كان مع خطيبتة على يد من يسَمونَ أنفسهم ب"جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر" , , و ماذا لو كان هذا الحادث فى الصعيد بعاداته الثأرية ؟..والجواب هو الدخول فى دوامات ثأرية لاتنتهى .. فهل هذا دستور دولة أم قبيلة فى الصومال ؟ أم أنه مشروع لحروب أهلية ,ف إذا إمتدت مثل هذه الممارسات المتوقعة فى ظل هذا النص الدستورى للإخوة الأقباط , فإن الطائفية سوف تطل برأسها , وبسرعة تتمدد وتنتشر وتتوغل و لاقدر الله .
إن القوانين القائمة لدينا لاتسمح ل"مفتش التموين" مثلا بضبط مخالفة تموينية إلا إذا كان حائزا على صفة" الضبطية القضائية" , وهى صفة يتم منحها بقرارات من وزير العدل , طبقا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية , كما لايجوز لضابط مباحث الآداب , ضبط جرائم الآداب مالم يكن ممنوحا لهذه الضبطية ,وكذلك الحال لايستطيع منهدسى البناء والزراعة والبيئة والامن الصناعى تحرير المخالفات فى مجال عملهم دون أن يكون لديهم هذه الصفة ب"الضبطية القضائية" , وقياسا على ذلك يعمل "ضابط المباحث " , ورغم ذلك تحدث التجاوزات من هؤلاء أو من زملائهم الذين لايمتلكون هذه الضبطية .. فكيف هو حال المجتمع لو ترك...
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com