رفض الدكتور عبد الرحمن، عضو مكتب الإرشاد، والملقب بـ"مفتى الإخوان"، اتهام الأزهر والإخوان بالتخاذل عن نصرة الشريعة الإسلامية، والخضوع لابتزاز من سماهم بالقوى السياسية الرافضة لتطبيق الشريعة، كما أبدى استياءه فى مقال نشره على موقع "إخوان أون لاين" الناطق باسم الجماعة من توزيع أوراق دعائية فى العيد تتضمن إشارات واضحة إلى أن السلفيين، هم وحدهم الذين يحملون قضية الشريعة فى الجمعية التأسيسية، فى حين تخلى الآخرون الذين كانوا يحملون شعار "الإسلام هو الحل"- والمعنى بهم الإخوان- عن هذا الأمر، ونزلوا فى سقف مواقفهم مجاملة للتيارات الليبرالية.
وأكد "البر" أن قضية الشريعة الإسلامية هى إحدى المحدِّدات المهمة للهوية المصرية باتفاق الجميع فى هذا الوطن بمن فيهم غير المسلمين الذين ينتسبون إلى ثقافة الإسلام وحضارته مع استمساكهم بدينهم، وأضاف "ليس المقصود بالشريعة ذلك الفهم المحدود الذى يقصرها على العقوبات والحدود الشرعية، بل هى نظام متكامل للحياة ينشِئُ الفردَ المؤمن الصحيح قوى الجسم، متينَ الخلق، مثقَّفَ الفكر، القادرَ على الكسب، سليمَ العقيدة، صحيحَ العبادة، المجاهدَ لنفسه، الحريصَ على وقته، المنظمَ فى شئونه، النافعَ لغيره، الذى إذا وُجد وُجدت معه أسبابُ النجاح جميعًا؛ لأنه صاحب ضمير حى، وقلب مخلص محب لوطنه وأمته راغبًا فى تقديم الخير للدنيا من حوله".
وأوضح البر أن قضية الشريعة كانت فى بؤرة اهتمام الأزهر، كونَه أهمَّ مؤسسة تعليمية إسلامية تحمل راية التعريف بالإسلام ونشر تعاليمه الكريمة، وفى بؤرة اهتمام جماعة الإخوان المسلمين التى جعلت مهمتَها الأساسية إرشادَ الناس إلى تعاليم الإسلام الصحيح وقيمه السامية، والسعى الجادَّ لتطبيقها فى الواقع،بحسب تعبيره.
وأشار إلى أنه حين دعا الأزهر الشريف قوى المجتمع المصرى لمناقشة وثيقة الأزهر، كان الإخوان من أول الموقعين- ومعهم سائر القوى الإسلامية الأخرى- على ما ورد فى الوثيقة من تأكيد الهوية الإسلامية لمصر، والنص على أن المبادئ الكلية للشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
وشرح البر الجدل الذى دار حول "مبادئ الشريعة" منذ انتخاب الجمعية التأسيسية، وأوضح أن سبب الجدل يرجع إلى أن البعض تطوع بتفسيرها بأنها الحرية والعدالة والمساواة وما إلى ذلك من المبادئ الإنسانية العامة، فى حين استراب البعض الآخر من تفسير المحكمة الدستورية للمبادئ بأنها الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وهو التفسير الذى وصفه بأنه يلغى ما جاء فى القرآن والسنة مما ليس قطعى الثبوت أو قطعى الدلالة.
وعلق البر على هذا التفسير قائلا: "لا مستند لهذا التفسير من لغة أو شرع، صحيح أن الأحكام قطعية الثبوت والدلالة تعد من مبادئ الشريعة، لكنها ليست كل مبادئ الشريعة، بل يدخل فى المبادئ كذلك كل الأصول والقواعد العامة المستنبطة من نصوص القرآن والسنة وإجماع الأمة، وما يقاس عليها مما فى معناها".
ولفت البر إلى أن الأزهر بادر إلى دعوة التيارات الإسلامية لجلسة حوار حول النص الأفضل المحقق للغرض، وانتهى الحوار الذى حضره الإخوان والسلفيون والجماعة الإسلامية مع ممثلى الأزهر فى حضور شيخ الأزهر إلى اعتماد عبارة "مبادئ الشريعة"، مع الطلب من الجمعية التأسيسية أن ترجع إلى الأزهر لتحديد المقصود بالمبادئ.
وتابع: "بالفعل وافقت لجنة المقومات الأساسية على إضافة العبارة التالية إلى نص المادة الثانية: "ويكون الأزهر هو المرجعية فى تفسيرها" يعنى تفسير المبادئ، والمقصود بالأزهر "هيئة كبار العلماء"، وليس شخص فضيلة الإمام الأكبر، لكننا فوجئنا بعد أيام ببعض القوى السياسية تعلن رفض هذه الإضافة بزعم أنها تعنى تعدد المرجعيات فى تفسير الدستور، وبررت رفضها بأنها تخشى أن يتولى مشيخة الأزهر فيما بعد شخص لا يكون على منهج الوسطية والاعتدال كما هو الحاصل الآن، وأعلن الأزهر أنه ليس متمسكًا بأن يكون مرجعية فى الدستور، وقدَّم ممثل الأزهر فضيلة أ.د. حسن الشافعى للجمعية مذكرة ضافية يشرح فيها معنى المبادئ وحقيقتها، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لتطمين المتخوفين من إساءة التأويل لعبارة "مبادئ الشريعة"؟
وأوضح البر أن الأزهر دعا سائر القوى السياسية، وقدم مقترحًا وافق عليه الجميع بإضافة مادة تنص على "حظر سن أى قانون يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو الأحكام الواردة فى الدستور"، وفى لقاء ضم ممثلى الأزهر مع ممثلين عن الإخوان وممثلين عن السلفيين توافق الجميع على هذا النص، باستثناء أحد السلفيين الذى اعترض على الجمع بين أحكام الشريعة وأحكام الدستور فى مادة واحدة، واقترح أن ينص على ذلك فى مادتين منفصلتين، وهو اعتراض شكلى لم يمنع من التوافق على هذا النص بحسب تعبيره.
وأضاف: "فوجئنا مرة أخرى ببعض القوى السياسية تعترض على هذه المادة المضافة، وتم لقاء للتوافق بين القوى المختلفة حضره ممثلون عن الإخوان وممثلون عن السلفيين، وممثلون عن القوى السياسية الأخرى، واتفق الجميع على إضافة مادة فى فصل الأحكام العامة توضح مبادئ الشريعة، ونصها كالتالى: "مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة" وهذا ما استقر عليه التوافق بين الجميع والحمد لله".
وأكد البر أنه فيما يتعلق بالأسرة والمساواة بين الرجل والمرأة، فقد أصرَّ الأزهر والإخوان والسلفيون على التمسك بما ورد فى دستور 1971 من النص على عدم الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك حتى لا يكون هناك أى مجال للتأثر ببعض ما جاء فى مؤتمرات السكان العالمية من الدعوة إلى القبول بأمور تخالف الشريعة الإسلامية، كممارسة الجنس خارج إطار الزواج الشرعى، أو تقنين المثليَّة والشذوذ، أو منع الآباء من تأديب الأولاد بالآداب الإسلامية، ونحو ذلك.
وأضاف: "لا يمكن أن نقبل على الإطلاق بوصفنا أزهريين أو إخوانا أية مادة تخالف الشريعة الإسلامية فى دستور مصر بإذن الله، فهل ترى عزيزى القارئ الكريم أى تقصير من الأزهر أو الإخوان فى تأكيد الهوية الإسلامية والحرص على الشريعة الإسلامية فى الدستور المصرى؟ أترك الإجابة للقارئ الكريم".
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com