ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مصارعة الثيران وغياب الحقيقة

بقلم: د. نوال السعداوى | 2012-10-28 07:42:11
وأنا فى ميتشجن، أشهد الصراع حول كرسى الرئاسة الأمريكية، أتذكر حمى الانتخابات فى العالم الرأسمالى الاستعمارى العسكرى، الذى ينعت نفسه بالديمقراطية. شهدت الحوارات الإعلامية خلال أكتوبر ٢٠١٢، بين باراك أوباما وميت رومنى، ومندوبيهما من أقطاب الحزبين الديمقراطى والجمهورى.
الاختلاف بينهما فى تفاصيل صغيرة لمشروعات داخلية لعلاج الأزمة الاقتصادية والبطالة والتأمين الصحى ونظم التعليم وغيرها الاتفاق بينهما ضخم وجوهرى، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية الخارجية فى المنطقة التى يسمونها «الشرق الأوسط».
 
يتنافس أقطاب الحزبين فى التأكيد على الآتى:
١- تقوية إسرائيل وحمايتها بكل الطرق لتصبح الذراع القوية لمصالح أمريكا فى المنطقة.
٢- عدم السماح لإيران (أو أى دولة أخرى فى المنطقة) باكتساب أى قدرة على الاستقلال أو التصدى لقوى الاستعمار الأمريكى الإسرائيلى.
٣- تدعيم المعارضة فى سوريا ضد بشار الأسد وأى حاكم آخر يعارض السياسة الأمريكية الإسرائيلية.
 
٤- تقوية أمريكا (علمياً وعسكرياً واقتصادياً) للتصدى لقوة الصين المتصاعدة. تصدع رأسى من تحذيرهم من خطر البرنامج النووى الإيرانى على أمريكا وإسرائيل، وأنهم لن يسمحوا أبدا لإيران بأن تكتسب إمكانية نووية، لم ينطق أحدهم كلمة واحدة عن ترسانة إسرائيل النووية العسكرية التى تهدد المنطقة بأسرها.
 
لم ينطق أحدهم كلمة واحدة عن دماء الشعب الفلسطينى المهدرة يوميا، والمساجين الفلسطينيين المعذبين فى سجون إسرائيل، والاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، وحكومة الأبارتايد العنصرية العازلة فى إسرائيل، والتوسع فى المستوطنات المستمر فوق أرض فلسطين، وخرق إسرائيل المتكرر للقانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة، وغير ذلك من المسكوت عنه.
 
تحدثوا طويلا عن جريمة قتل سفيرهم فى ليبيا، لم ينطقوا كلمة واحدة عن ضرب «الناتو» لدولة ليبيا وتحطيمها، أو قتل الآلاف من الشعبين الليبى والعراقى للسيطرة على البترول المتدفق فى البلدين، وليس لإنقاذ الشعبين من الديكتاتورين: صدام حسين ومعمر القذافى وإلا فلماذا لم ينقذوا الشعب الفلسطينى؟
لماذا بسطوا فى الماضى، ويبسطون فى الحاضر، حمايتهم لأعتى الديكتاتوريات فى المنطقة، من السادات إلى مبارك إلى ملوك السعودية ودول الخليج؟
 
رغم فشلهم فى حرب أفغانستان يتفقون على الاستمرار فيها، والتمويل السرى المستمر لـ«طالبان».
فى مجلة «النيشن» الأمريكية هذه العبارة «فشلت سياستنا فى أفغانستان لأننا ندعم بالمال والسلاح قوى طالبان ذاتها التى يحاربها الجيش الأمريكى فى أفغانستان؟ نعم تناقض، لكن لا يمكن تأمين حركة جنودنا داخل أفغانستان وطرقها الوعرة الخطيرة دون دفع أموال ضخمة لقوات طالبان التى تسيطر على هذه الطرق؟ تقدر القيادة العسكرية الأمريكية فى كابول أن ما ندفعه لطالبان يساوى ١٠٪ من عقود البنتاجون فى أفغانستان».
 
تتدفق الأموال والأسلحة الأمريكية على قوى طالبان كما تدفقت من قبل على قوى القاعدة وبن لادن؟
التناقض الصارخ أساس الاستغلال وأى نوع من الظلم، فى العالم أو فى الدولة أو داخل العائلة هذه هى الحضارة الأمريكية الطبقية الأبوية، التى تنتشر فى العالم اليوم، وتؤدى إلى تصاعد القوى الدينية الديكتاتورية فى بلادنا وغيرها.
 
أول ضحايا الحكم الدينى (إسلامى أو مسيحى أو يهودى أو غيره) هم النساء والفقراء، لأن الحكم الدينى جزء من النظام الرأسمالى الذكورى، حيث يتزايد الفقر والبطالة والتمييز بين البشر، على أساس الطبقة والجنس والدين والعنصر.
لهذا تشتعل الثورات الشعبية ضد هذا النظام فى بلادنا وأوروبا وأمريكا وغيرها، وسوف تنتصر الشعوب عاجلا أو آجلا، إنه التاريخ، احذروه؟

نقلا عن المصري اليوم
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com