بقلم: مينا ملاك عازر
حدثتكم من قبل في مقال "صدقتَ يا مبارك" أن مبارك كان مُحقًا حين خيَّرنا بين الفوضى أو بقائه، وحينما اخترنا رحيله، كان يعني اختيارنا للإخوان، ذلك التنظيم المنظم على أرض الشارع، الفوضوي في قراراته وفي رجوعه عنها، وإن لم تصدقني، فانظر مليًا لتصريحات الوزير مكي، وهو يؤكد أن النائب العام راحل، وده قرار جمهوري ليس تهريجًا، ثم تراجعه رويدًا رويدًا، ثم اكتشافه أنها مفاوضات ودية، ثم تشاوره مع الجمعية الطارئة لنادي قضاة مصر؛ ليتحايل عليهم لئلا يطالبوا بإقالته هو والغرياني، انظروا لتصريحات نائب الرئيس بخصوص أزمة النائب العام، وكيف يتراجع عنها، انظروا لتصريحات العريان القائم بأعمال رئيس حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسي للجماعة ومستشار الرئيس؛ لتتأكدوا من أنها حقًا فوضى، فالفوضى ضربت كل أجزاء وسلطات الدولة، وطالت حتى قصر الرئاسة منذ أن وطأه الإخوان.
العجيب أن الإخوان، ذلك الكيان المنظم في توزيع الزيت والسكر والشتيمة في النت، وحاشد الجماهير في ميادين وإستادات مصر لتأييد رجاله، غير قادر أن يكون منظمًا في تصريحات رجاله، ومساعديهم، غير قادر على أن يكذب حتى كذبًا مرتبًا. يعاني تنظيم الإخوان المحظور من ضعف في ترتيب الكذب، أقول هذا وأنا مدرك أن الفرق الحقيقي بين جماعة الإخوان وحزبها، وبين الحزب الوطني، أنه رغم أن الاثنين يكذبان على الشعب المصري ويخدعاه، إلا أن الحزب الوطني كان كذبه مرتبًا، حتى صياغته للقوانين صياغة قانونية عن علم، أما الإخوان، فكذبهم غير مرتب ارتجالي، متخبط بين تصريحات الشخص وتصريحات آخر، بل يمكنك أن تجد تناقضًا صارخًا وبيِّن بين تصريحات نفس الشخص في بداية الأزمة وفي نهايتها، صياغتهم للقوانين صياغة بجُحة في تفصيلها، قراراتهم تفتقر للصياغة وللسند القانوني، رغم العدد الكبير من المستشارين القانونين المحيطين بالجماعة وبالرئيس، والمشترك عدد منهم في فضيحة الدستور القادم.
النائب العام قالها للجماعة وللرئيس، "مش كل الطير اللي يتاكل لحمه"، إحنا لحمنا مُر، المستشار الزند قال لهم إحنا مش المشير ولا عنان، كش رئيس، واختفى الرئيس، وترك نائبه ومستشاريه ووزيره يعبثون في آذاننا وعقولنا بتصريحات متضاربة تفتقر للحنكة السياسية والحكمة في القول والترتيب في الكذب. المستشار النائب العام يمارس مهام عمله في مكتبه ولم تقدر الجماعة أن تفعل شيئًا، المشير عُزِل عن مكتبه بعد تعديل في الدستور صدر ولم يدر به، ولم يجد من يحصنه، لكن في حالة النائب العام لم يتسطع الرئيس التعديل في الدستور لعزله، لكن على أية، حال سأبقى منتظرًا القرار القادم لعزل النائب العام ليكون في هذه المرة محصنًا وأكثر حبكة درامية، فشل الإخوان في الضغط ووجدوا حوائط صلبة، ولك أكررها أن النائب العام الذي صمت عن طغيان الإخوان ونيَّم البلاغات المقدمة ضدهم أو ضد بطانتهم، يستاهل هو وكل من يتعاون مع تلك الجماعة الغدارة بكل المحيطين بها ومؤيديها.
من الآخر كده وعلى بلاطة، الجماعة الحاكمة للبلاد تعاني من طفولة سياسية، فتكذب وتنتقم كالأطفال دون دراسة لكيفية الكذب والانتقام، فيكون انتقامها وكذبها انتقامًا وكذبًا مفضوحين، وما يثيرك بجاحتها في دفاعها عنهما
المختصر المفيد الكداب بيروح النار.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com