بقلم: للقمص أفرايم الأنبا بيشوى
الإكتئاب أسبابه وتاريخه وأعراضه ..
+ الاكتئاب من الامراض التي انتشرت فى عصرنا للعديد من الاسباب كرد فعل مرضى لما يعانيه انسان العصر من الاحباط وخيبة الامل او نتيجة للرغبات المتعارضة وغير المشبعة أو نتيجة للرفض الاجتماعي وضغوط الدراسة أو العمل أو الامراض الجسدية والنفسية المنتشرة أو كنتيجة للخطية او الشعور بالذنب كما ان الصراعات والتغيرات المجتمعية والمشكلات فى محيط الاسرة والعمل والمجتمع مع عدم القدرة على التكيف معها تخلق لدى الانسان درجات متفاوتة من الكآبة قد تكون مزمنة أو متقطعة.
كما ان بعض الشخصيات الدورية والقلقة لديها قابلية أكثر للتعرض للحزن والكآبة واليأس وحتى الشخصيات النابغة هي أكثر عرضة لموجات الحزن والكآبة . يقول القديس يوحنا كاسيان (علينا أن نقاوم نوبات الاكتئاب المهلكة ذلك لأنه لو أتيحت لهذه النوبات، عن طريق هجمات متفرقة طائشة، وتغيرات عشوائية غير متوقعة، فرصة التسلط على تفكيرنا، لإعاقتنا باستمرار عن كل استرسال حكيم في التأمل الإلهي، ودمرت تماما وأحبطت العقل الذي ينحدر من حالة نقائه الكامل. ومن ثمَّ يتعذر عليه أن يمارس صلواته كما اعتاد ببهجة قلب، أو أن ينتفع بما تُضفيه مطالعة الأسفار المقدسة من تعزية، أو أن يعامل الاخوة بالهدوء والرفق، بل تجعله عنيفًا، ضيق الصدر في إتمام جميع الواجبات المتعلقة بالعمل والعبادة، وما دامت كل مشورة صالحة قد صارت هباءً، وسلامة القلب تبددت، فإن المشاعر قد تنهار حتى تصل إلى حافة الخبل والسفه، ويستبد بها القنوط جزاء لها). كما يوضح القديس يوحنا كاسيان حسب خبرة اباء البرية القديسين اسباب الاكتئاب قائلا: ( أحيانا يتضح أنه ناتج عن سقطة غضب سابق، أو عن رغبة في بعض الكسب الذي لم يتحقق، حين يجد إنسان ما أنه عجز عن تحقيق أمله في نوال تلك الأشياء التي استهدفها وخطط لها. وأحيانا أخرى، دون أي سبب ظاهر في استدراجنا للوقوع في هذه المحنة تحل علينا فجأة بغواية العدو الخبيث كآبة بالغة لا نستطيع معها أن نستقبل، في أدب لائق، زيارات أقرب الناس وأعزهم إلينا، حتى لنعتبر أن أي موضوع للحديث يطرقونه جاء سقطا وفي غير موضعه. كذلك نعجز عن الرد المهذب بسبب المرارة التي تستولي على كل ركن من أركان قلوبنا.
+ وقد يظن البعض أن الكآبة هي من مرض هذا العصر فقط . بينما نجد انها مرض قديم ناتج عن السقوط والخطية والبعد عن الله {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) . في العهد القديم، عرف أيوب الكآبة {كَلَّتْ عَيْنِي مِنَ الكآبة، وَأَعْضَائِي كُلُّهَا كَالظِّلِّ} (أى7:17). كما ويقول لنا إرميا: "مَنْ مُفَرِّجٌ عَنِّي الكآبة؟ قَلْبِي فِيَّ سَقِيمٌ." (ار 18:8). وقال عن الكآبة اشعياء النبي انها عديمة الرجاء{ يوم غرسك تسيجينها وفي الصباح تجعلين زرعك يزهر ولكن يهرب الحصيد في يوم الضربة المهلكة والكابة العديمة الرجاء} (اش 17 : 11). وفي العهد الجديد، عرف الرسل وآباء الكنيسة آثار الحزن الذى يقود الى التوبة والخلاص والكآبة الضارة يقول الرسول بولس { لان الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة واما حزن العالم فينشئ موتا}(2كو 7 : 10). القلق والاكتئاب واليأس هم موت عن كل عمل اجتماعي ومهني يُنتَظَر أن ننجزه في هذا العالم، وهو موت روحي كونه يحجب عن النفس نور محبة الله ويتركنا في ظلام اليأس. يقول القديس يوحنا كاسيان عن خبرة أباء البرية حيث اتى من جنوب فرنسا وعشرة لمدة عشرة سنوات بين اباء البرية فى القرن الرابع ( أولا علينا أن نجاهد ضد شيطان الكآبة الذي يطرح النفس في اليأس. علينا أن نطرده من قلبنا. إن هذا الشيطان هو الذي لم يترك قايين يتوب بعد أن قتل أخاه، ولا يهوذا بعد أن خان معلمه). لقد عرف الشيوخ الروحيون في تراثنا الأرثوذكسي الاكتئاب وسعوا الى شرحه والتغلب. بعضهم اعتبره أحد أعراض الغرور الذي كان علاجه التواضع. وحتى فى مجال التوبة وعلاج الشعور بالذنب نحن فى حاجة إلى مراجعة مفهومنا عن التوبة، فالحديث المستمر عن الخطية فقط يُحطم الرجاء، لكن الكنيسة الأولى مع دعوتها المستمرة للتوبة ركزت أنظارها على الصليب والقيامة ومحبة الله للخطاة ، لتردد النفس { رد لي بهجة خلاصك وبروح مدبر اعضدني} (مز 51 : 12) .
+ ومن أعراض الاكتئاب، روح الحزن التي تسيطر على الانسان، وفقدان الرغبة فى الحياة ، والانطواء والكسل المفرط، البكاء، الضجر المستمر، الإنهاك، القلق، الأرق واليأس. والهروب من الواقع والتغيب عن الدراسة أو العمل وادعاء المرض وعدم المشاركة فى الحياة الاسرية والاجتماعية او التهجم على الغير لدى الشخصيات العدوانية .هذه كلّها إشارات إلى ضرورة عدم إهمال الأمر والحاجة إلى تفحّص النفس بشكل دقيق. يحتاج الإنسان إلى البحث في داخله عن الأوهام المحطَّمة في حياته، وعن الأحلام المخبأة من دون أن تتحقق، وعن الغضب المكبوت، وعن الأمور التي يمنعه غروره من الاعتراف بأنّها أثّرت فيه. فالاكتئاب هو حاجز يمنع الإنسان من الشركة والتعاون مع الغير والتمتع بثمار تعبه. الاعتراف بما نعانى ضروري لأن الرفض والكبت يساهمان في تنمية الاكتئاب. ان اليأس وصغر النفس وفقدان الهدف يدفع النفس إلى حالة من الكآبة تهدم كيان الإنسان الداخلي، وتُحطم رجاءه في الرب.
خطوات فى علاج الاكتئاب..
الإيمان بالله والثقة فى النفس ...
+ لابد ان يكون لنا إيمان بالله القادر على كل شئ، والذى يستطيع ان يعيننا { فقال له يسوع ان كنت تستطيع ان تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9 : 23). لقد جاء السيد المسيح لتكون لنا الحياة الافضل { واما انا فقد اتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم افضل} (يو 10 : 10). ولان السيد المسيح له المجد تألم مجربا فهو قادر ان يعين المجربين (عب 18:2). لقد جاء فى النبؤة عنه { محتقر ومخذول من الناس رجل اوجاع ومختبر الحزن وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به. لكن احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا} ( اش 3:53-6). وفى بستان جثيمانى عانى الاكتئاب وقال لتلاميذه { فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت امكثوا هنا واسهروا }(مر 14 : 34). ولقد اجتاز الرب يسوع المسيح بوتقة التجارب والصلب ثم قام منتصرا واهبا السلام والفرح والإيمان للمؤمنين . فلهذا يجب ان يكون لدينا وأمامنا اهداف روحية وعمليه وفكرية واجتماعية ومادية نسعى الى تحقيقها حتى نجاهد ونصبر ونبدع ونصبر كما جاء عن السيد المسيح { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله }(عب 12 : 2)
+ يجب ان نفهم ان المسيحية هي دعوة للتمتع بالفرح السمائي لا للكآبة القاتلة. وقد حذر الاباء منها كخطية مرة مؤكدين أن علتها ليس أخطاء من هم حولنا، بل فراغ القلب الداخلي. فقد جاء مسيحنا يطلب منا التوبة، والحزن البنّاء، المملوء رجاءً، الذى يفتح عينيْ النفس على أبواب السماء لتفرح ويفرح معها السمائيين. كما ان الكآبة لا تتولد من الظروف الخارجية ولكن من رد فعلنا غير الايجابي أو المرضى تجاة الاحداث والظروف. يجب علينا ان نواجه الحياة بروح الرجاء ونعالج مشكلاتنا بالتفكير السليم لتخطى العقبات لان وقوعنا فريسة للقلق والكآبة لا يقدم الحلول بل يسرق مباهج الحياة وآمالها وطموحاتها، ويحرمنا من رؤية الله ومن القدرة على العمل والبناء والنجاح ففي أعماق اليأس نحن لا نستطيع ان نصلّي وقد نفقد الرجاء ونرى أنفسنا مقطوعين ومنفصلين عن الله او انه غير راض عنا بل وخصمنا مع ان الله كلى الحنان والمحبة لاسيما على مثل هؤلاء الذين فقدوا طوق النجاة.
+ لقد كان الفتية قديما فى أتون النار واذ بهم يسيرون والله فى وسطهم وهو يسبحون الله، كما ارسل الله ملاكه ليسد افواه الاسود عن دانيال النبى، وأعد الله حوتا لينقذ يونان النبى من الغرق، وأتى السيد المسيح للتلاميذ وهم تتقاذفهم الامواج وتعصف بهم واسكت البحر وهدأ الرياح. ونحن يجب ان نصلى من القلب والفكر ليمد يديه ويخرجنا من الظروف الصعبة. ان الآلام والاحزان التي نمر بها ما هي الا أدوية ومراهم للغوص داخل أعماق النفس وتعميق الأساس لبناء قوى للشخصية للارتفاع والنهوض والتحدي والانتصار بالإيمان فى الله وفى نفوسنا وقدراتنا الكامنة فى النفس للنجاح والتفوق. وما المنحنيات والمنخفضات فى الحياة الا مرحل نتسلق ونصعد بها الى قمة الجبل ويجب ان نتعلم حتى من أخطائنا وضعفاتنا الدروس والعبر ومتى منحنا القدر ليمونة حامضة نستطيع ان نصنع منها عصيرا طيب المذاق.
التوبة والقيام والتطلع للأبدية السعيدة ...
+ ان كان الاكتئاب نتيجة للشعور بالذنب فيجب ان لا نهرب من الله او من أنفسنا بل يجب ان نرجع الى الله بالتوبة والاعتراف ونثق قبول الله للخطاة بل سعيه الى خلاصهم {فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 9 : 13). يجب ان نعلم انه لا توجد خطية مهما بلغت تستطيع ان تغلب مراحم الله وهو الذى يدعو ثقيلى الاحمال الى الراحة معه وفيه { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم } (مت 11 : 28). لقد غفر الله لداود النبى خطاياه واصبحت مزامير التوبة التى رتلها مجال للتعلم منه والصلاة بها وقبل المرأة الخاطئة ودافع عنها وغفر لها ووهبها سلامه. وهكذا عبر التاريخ راينا تغيير وتوبة شاول مضطهد الكنيسة واغسطينوس ومريم المصرية وكثيرين فلا تصدقوا الشيطان فى إدعائه بثقل خطايانا أو قوله بعدم قبول الله أو رفضه لنا . فان اقسى أسلحة الشيطان هو قيادتنا الى اليأس وقطع الرجاء واعظم الاسلحة للانتصار هو الرجاء والثقة فى محبة الله وقدرته الى تحويل الخطاة الى قديسين.
+ يحذر القديس يوحنا من العلاج المرضى للكآبة بالانعزال والانطواء والبعد عن التعامل بل يجب علينا ان نقتنى فضيلة الصبر والاحتمال لنصل الى الكمال المسيحي قائلا: ( ينبغي ألا نتخلى عن التعامل مع اخوتنا سعيا وراء الكمال، لكن يحسن أن نزرع على الدوام فضيلة الصبر والاحتمال. لأن جذور سقطاتنا وأسبابها لا علاقة لها بالآخرين إذ هي داخل نفوسنا، تعطى لنا الوصية بألا نتخلى عن الاتصال باخوتنا، وألا نتجنب أولئك الذين نظن أننا أسأنا إليهم، أو هم أساءوا إلينا، بل يلزمنا مصالحتهم وتهدئه نفوسهم، عالمين أن كمال القلب لا يحرزه الإنسان بالابتعاد عن الناس واعتزالهم قدر ما يحرزه عن طريق فضيلة الاحتمال والصبر، التي إذا تمسكنا بها حقا وفرت لنا أسباب السلام حتى مع أولئك الذين يبغضون السلام. لذلك إن لم نحرزها، نصبح على الدوام غير نظراء للكاملين ومن هم أفضل منا، ذلك لأن الرغبة في الابتعاد عن من تربطنا بهم أواصر الوداد لا تدوم طويلا ما دمنا نعيش بين الناس، لذلك لن نحظى بكامل الفرار والنجاة إنما يلزم أن نغير بواعث الاكتئاب التي من أجلها افترقنا عن أصدقائنا الأولين).
+ ان قيامنا ونهوضنا من الفشل وسعينا الى الحياة السعيدة والأفضل لا يعتمد على قوتنا وأنفسنا فقط بل على الله القادر على كل شئ الذى يهبنا القوة والنصرة { يعطي المعيي قدرة ولعديم القوة يكثر شدة }(اش 40 : 29). ان الله يواصل العمل معنا ويهبنا بروحة القدوس ان نكون على صورته ومثالة وان كانت أوقات الضعف تغرس فينا الادراك المتضع لضعفنا وتدفعنا الى الاتضاع لكنها فى نفس الوقت يجب ان تفجر فينا طاقات الرجاء المتجدد فى الله القوى الذى يقوى الضعفاء { اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الاقوياء واختار الله ادنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود (1كو 1 : 27- 28). كما ان الفقراء جعلهم اغنياء فى الإيمان{ اسمعوا يا اخوتي الاحباء اما اختار الله فقراء هذا العالم اغنياء في الايمان وورثة الملكوت الذي وعد به الذين يحبونه} (يع 2 : 5). الإيمان مع التوبة والاعتراف والصلاة، والقراءات الروحية وممارسة الاسرار المقدسة مع وجود الرغبة الصادقة فى الشفاء، تساعد بقوة للشفاء الروحي للروح والنفس والعقل والجسد .
+ من الوسائل التي بها نستطيع أن نقتلع جذور الاكتئاب من قلوبنا كما يقول كاسيان الانشغال بالرجاء فى المستقبل ووعود البهجة الالهية وعدم الحزن على ما يصيبنا من مصائب فكلها وقتية عابرة :( نستطيع بالتأملات الروحية أن نجعل عقولنا مشغولة دائما بالرجاء في المستقبل وتدبر وعود البهجة الإلهية المرتقبة. فبهذه الوسيلة يتيسر لنا الإفادة من كل أنواع هذا الاكتئاب، سواء في ذلك ما نشعر به بسبب العجز عن الكسب، أو ضياع شئٍ ما أو الإساءة إلينا، أو لإثارة طائشة تستبد بالعقل. أولاً، ذلك النوع الذي يملأنا قنوطا مميتا ومن ثمَّ نبتهج بالتغلغل روحيا إلى أعماق الأمور الخالدة والمستقبلية، والاستمرار في الكف عن عدم الاستقرار، فلا نكتئب لما يصيبنا في الحاضر من كوارث، أو نسرف في الابتهاج بالنجاح والازدهار، إنما نرنو بأبصارنا إلى كل حالة منها باعتبار أنها غير ثابتة ومن المحتمل زوالها سريعا). لقد بُهر القديس كاسيان وغيره من رجال الغرب الذين جاءوا إلى مصر ورأوا حتى الصحراء قد تحولت إلى فراديس مملوءة فرحا. عبّر عن ذلك بقوله إنه إذ عبرَ من الإسكندرية حتى أقصى جنوب مصر، كان يسمع صوت التهليل يصدر عن الأديرة والقلالي والمغاير حتى تساءل: تُرى هل هؤلاء ملائكة نزلوا على الأرض أم أناس ارتفعوا إلى السماء.
العلاج النفسي والطبي ...
+ أن أول خطوة في التعامل مع الاكتئاب هي الاعتراف به والسعي الى علاجه. من ثم على الانسان تفحّص نفسه بشكل واقعي وصادق لاكتشاف ما الذي يقلقه بالحقيقة. قد يكون صعبا على المرء أن يفحص نفسه بنفسه، لذا لا بد من أب روحي أو من معالج. مع العلم أن الأب الروحي ليس طبيبا نفسانيا ولا يحق له أن يلعب هذا الدور، كما أن المعالج النفساني ليس أباً روحياً ولا يحق له أن يأخذ هذا الدور. لكل من الاثنين منهجيته التي تتيح له أن يميز الخيط الفاصل بين المرض الروحي والمرض النفسي. من هنا أنّه متى وُجد الأب الروحي صاحب التمييز والمعالج النفسي المؤمن يصير العلاج والشفاء ممكناً. فالتخلص من الإكتئاب ممكناً من خلال علاج روحي متزامن مع العلاج الطبي أو سيكولوجي لدى الطبيب الامين لنعرف نفوسنا وتكون لنا الفرصة لأن يكون الانسان أكثر إنسانية، وشخصاً أكثر امتلاءً واكتمالاً، وأكثر إيماناً وحكمة ومعرفة.
+ ويمكننا أن نستعمل فكرنا لفهم الاضطرابات العقلية ومعالجتها، إن أفضل استعمال لعقلنا اليوم هو البحث العلمي. ان الاضطرابات النفسية كالإكتئاب تصدر عن اعتقادات وفهم مشوه وغير سليم. فلا يجب الحكم بأن أحاسيس الإنسان هي وقائع صحيحة. فقد يكون احساسنا وعواطفنا وحكمنا على الامور خاطئ وعلى سبيل المثال، الناس في أيام كريستوف كولومبوس كانوا يحسّون بأن العالم كان مسطحاً، إلا إنه بالرغم من قوة إحساسهم إنه لم يكن كذلك اثبت العالم كروية الارض. يتضمن التدخل العلاجي الفعّال أولاً مساعدة المريض على التعرف على التشوهات الإدراكية ووصفها وتصحيحها. وإعادة تصحيح التشوهات التي تتضمن ثلاث أسئلة مهمة: أين الدليل؟ وهل هناك طريقة أخرى للنظر إلى الأمور؟ هل الأمر هو على ما يبدو عليه من السوء؟ ان ذلك يعيد تقيمنا للامور ويساعدنا على أن نصبح أكثر نشاطاً عن طريق المعاونة في معرفة الخطأ، وفهم كيفية حصول الخطأ ووضع خطة لتغيير هذه الظروف لتحقيق أداء أكثر فعالية في الوقت الراهن والمستقبل. وتفاعل هذا التغير في السلوك مع الفهم الواقعى والسليم للواقع يودئ إلى علاج الاكتئاب وتحسن في الحالة النفسية.
+ كما انه من الامور المفيدة فى معالجة الاكتئاب ان نتحدث عما يحزننا لله فى روح الصلاة ولاشخاص نثق بهم لاسيما ان تقينا أخبارا سيئة أو تعرضنا لأمر مزعج، فالحديث مع من هم قريبون منا يزيح الهموم عنا ويعيننا على ايجاد الحلول الافضل لمشكلاتنا. أن مجرد الحديث عن مشاكلنا مع شخص ما يعتبر من الطرق الطبيعية المساعدة فى الخروج من الاكتئاب . والقيام ببعض التمارين الرياضية ولو رياضة المشي. يساعد على الحفاظ على اللياقة الجسدية، حتى مع الاحساس بعدم بالقدرة على المشي ، ولكن من المستحسن دوما الحفاظ على النشاط . ويمكن أن يقوم الانسان ببعض الأنشطة كبعض أعمال المنزل، أو بعض التصليحات المنزلية أو أي عمل من أعمال المنزلية مما يساعد على صرف التفكير بعيدا عن الأفكار المؤلمة التي تجعل الشخص يشعر بالمزيد من الاكتئاب. مع اتباع نظام أكل صحى متوازن والقراءة الروحية او الاستماع الى البرامج والعظات والترانيم المفيدة تتفاعل معا للقضاء على الاكتئاب.
+ معالجة اسباب الكآبة والتفاؤل .. علينا معرفة اسباب حزننا وروح الكأبة فينا فى ضوء قيادة الروح القدس لنا { لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله (1كو 2 : 11). علينا دراسة مشكلاتنا واسبابها وطرق علاجها واتخاذ افضل الوسائل للوصول الى افضل الحلول لها . ولنبقى متفائلين دائما
ولنذكر انفسنا بأننا نعاني من تجربة عانى منها الكثيرين قبلنا من الكثير من الناس ولا عيب فى مرورنا بتجارب محزنة حتما سنخرج من منها وبها نكتشف مشاعرنا ونصير أكثر رقة واحساس بمن حولنا ونخرج أقوى وأقدر على التكيف فهي تساعدنا على رؤية الحالات والعلاقات بشكل واضح ، يمكن أن تكون أقدر على اتخاذ قرارات هامة وتغييرات في حياتنا كنا نتجنبها في الماضي.
+ بات العلاج النفسي لاسيما فى الازمات النفسية متاحا وواجبا قد يكون من الأسهل الحديث عن هذه المشاعر مع مرشد نفسي أو اختصاصي بالمعالجة النفسية. وهناك أنواع مختلفة للمعالجات النفسية المتوفرة ، وبعضها فعال جدا في حالات الاكتئاب من الدرجة الخفيفة إلى المتوسطة الشدة. المعالجة المعرفية السلوكية تساعد الناس على تجاوز الأفكار السلبية التي تكون أحيانا سبب الاكتئاب . وقد تفيد المعالجات النفسية التحليلية الديناميكية إذا كان الانسان يجد صعوبة في التعامل مع الآخرين. اما فى حالات الاكتئاب المزمن والشديد فقد يقترح الطبيب تناول أدوية مضادة للاكتئاب. والتي تخفف الشعور بالقلق والاضطراب وتزيد القدرة على التكيف مما يقود الى الشعور ببهجة الحياة، والتعامل مجددا مع مشاكلهم بشكل فعال
كيف أساعد مصابا بالاكتئاب؟
+ نحن نحيا ونتعامل فى مجتمع ملئ بالتحديات ونتعامل مع من حولنا فى الاسرة والمجتمع والدراسة والعمل ويجب ان نساهم بجدية وأمانة فى معاونة الاشخاص الذين نتعامل معهم للتغلب على مشاكلهم، ونشاركهم همومهم واحزانهم ونعمل على سعادتهم . ولهذا يجب ان يكون الانسان مستمعا جيدا لاسيما لمعاناة ومتاعب الغير بروح الصبر والمحبة والتفهم.
+ يجب ان ناخذ بيد المكتئب روحيا ونعلن له محبة الله وقبوله وسعيه لمساعدتنا للحصول على الشفاء. علينا العمل على مساعدة المكتئب فى استعادة الثقة بالله وبنفسه وبمن حوله من خلال التجارب الحياتية التى نعيشها ونقرأ عنها. ويمكن طلب مساعدة الاباء الروحيين والمرشدين النفسيين واستشاريي الاسرة فى هذا الشأن.
+ قد يكون علينا الاستماع مرات ومرات لنفس الشئ من الشخص المكتئب. والافضل أن لا نقدم النصائح إلا إذا طلب منا، وحتى لو كان الجواب واضحا لنا. في بعض الأحيان قد ينشأ الاكتئاب من مشكلة محددة معروفة، وفي هذه الحالة يمكن مساعدة الشخص عن طريق إيجاد حل لهذه المشكلة او على الأقل لمجرد طريقة للتعامل مع هذه المشكلة. ومن المفيد مجرد قضاء وقت مع المريض ويمكن تشجعيه ومساعدته على الكلام ومساعدته على الاستمرار في بعض الأمور التي من عادته أن يقوم بها، والخروج معه لقضاء وقت مشبع ومبهج للنفس. قد يجد المصاب بالاكتئاب صعوبة كبيرة في تصديق فكرة أنه سيتماثل للتحسن من الاكتئاب. فيمكن مطمئنته بأنه حتما سوف يتحسن، وربما علينا تكرار هذا مرات ومرات .
+ مساعدة المصاب بالاكتئاب وتوفير الرعاية والتغذية المناسبة. ومساعدته على البقاء بعيدا عن الخمور والمخدرات، وإذا ساءت حالته كثيرا ، وبدأ يبيح عن عدم رغبته في العيش أو حتى مجرد تلمحيه بأنه قد يؤذي نفسه، فلنحمل هذا الأمر على محمل الجد. وأخبار طبيبه بذلك. ومساعدته على تقبل العلاج . ولا نثنيه ابدا عن تناول الدواء أو عن أن يرى المعالج أو المرشد النفسي .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com