بقلم: ابرام مقار
«القانون لا يعرف زينب».. عبارة شهيرة أطلقها قبل نصف قرن الفنان فؤاد المهندس فى مسرحية «أنا وهو وهى»، في اشارة الي ان القانون هو المظلة التي تشمل الجميع ولا يفرق بين احد، وحينما وصفوا قاضي امريكي « انه يحكم بالعدل» اجابهم بعبارة شهيرة «انا لا احكم بالعدل ولكني احكم بالقانون». ويصفه الفيلسوف بسوت «حيث يملك الكل فعل ما يشاءون ولا يملك أحد فعل ما يشاء، وحيث لا سيد، فالكل سيد، وحيث الكل سيد فالكل عبيد» في اشارة الي خضوع الجميع له. حينما ارادوا وصف العدالة وصفوها بتمثال لأمرة معصوبة العينين تحمل بيدها ميزان اشارة الي الحيادية فلا تفرقة بين الصغير والكبير، الغني والفقير، بين الوان او اجناس ام اصحاب عقائد، اي تحكم بين الناس دون اي معرفة بهم، وهو التمثال الاشهر في معظم محاكم العالم. ولكن هذا التمثال في مصر مختلف فكما يصفه انيس منصور في مقال نُشر له في مايو 2011 «في مصر نقش لتمثال العدالة وقد رفعت المنديل عن عينيها... فالعدالة كشفت عينيها لتندب فيهما رصاصة, تري وترحب.... فكأن العدالة قد رفعت المنديل من فوق عينيها وتحزمت به لكي ترقص علي القانون!». نري ذلك جليلاً في قضايا الساعة الان وهي جريمة «إزدراء الاديان» والتي طبقاً للمادة 98 تعاقب كل من يحقر او يزدري دين سماوي، والغريب بل والغريب جداً ان في ظل اربعة عقود نالت عقائد الاقباط في مصر ما نالت بالصحف والتلفزيون والخطب الدينية المسجلة وما يصدر في بعض خطب «الجمعة» لم يُحكم علي مصري واحد بجريمة ازدراء العقيدة المسيحية. وبينما نشر موقع المرصد الاسلامي الذي يدخله الالاف الفيلم المسئ الاخير، تلاه عرض قناة الناس الدينية والتي يشاهدها ملايين في حلقة لخالد عبدالله لقطات من الفيلم في امر غريب
علي قناة دينية مهما كانت المبررات الإعلامية والإعلانية لنشر تلك الاجزاء نجد التعرض الامني للشاب القبطي البير عياد والذي فقط وضع اللينك علي صفحته علي الفيس بوك، ليتم احاطة منزله من قبل متجمهرين يريدون الفتك به فقامت والدة البير بالاتصال بالامن والذي اتي للقبض علي البير وليس المتجمهرين كذلك تم حبسه 4 ايام ثم 15 يوماً علي ذمة التحقيق لوضعه لينك للفيلم علي صفحته التي لا يراها سوي المئات وليس للقائمين علي القناة والموقع من ساهموا في ان يري الملايين هذا الفيلم المسئ..... بينما وجدي غنيم يسب المسيحية ليل نهار علي اليوتيوب امام الملايين يتم القبض علي مكارم دياب سعيد بدعوي سب الاسلام امام زميل له بسوهاج..... بينما يقف ابو اسلام امام الجميع ويقطع الانجيل ويهدد بالتبول عليه ثم يخرج متحدياً القانون والجميع ويصرح علي قناة التحرير «حرقت الانجيل ومزقته وانا في كامل قواي العقلية ولن اعتذر حتي لو خرج شنودة من قبره واعتذر لي هو وكل الاقباط فلن اعتذر انا» وبدلاً من معاقبته يتم الحكم علي المدرس الشاب بيشوي البحيري بستة سنوات سجن مع الشغل والنفاذ بدعوي وضعه عبارات مسئية علي صفحة الفيس بوك ضد الاسلام وضد مرسي وضد النائب العام برغم شهادته انه تعرض لسرقة الاكونت الخاص به..... وبينما يصفف احد الكُتاب بجريدة حكومية يقرأها الملايين الديانة المسيحية انها محرفة يتم معاقبة الطالب جمال مسعود بدعوي وضع عبارات مسيئة علي صفحته التي ربما لا يقرأها احد.
الحقيقة ان القانون اصبح انتقائياً وتحولت العقيدة القانونية «المتهم برئ حتي تثبت ادانته» الي المتهم برئ حتي تثبت «ديانته» كما يقول الراحل جلال عامر، وبعض القنوات الإسلامية تمسح بالمسيحيين الأرض ولا يحاسبهم احد كما يقول الاعلامي محمود سعد، وقوانين التمييز لن تطبق إلا علي «جرجس» كما تقول الكاتبة سحر الجعارة، وقانون ازدراء الاديان لا يطبق الا علي الدين الاسلامي فقط كما يقول رفعت السعيد وكما يري الجميع. العدالة هي المحور الاهم في حقوق واخلاقيات اي مجتمع متحضر، وبالتأكيد ان يطبق قانون علي جزء من الشعب فقط لانهم اقلية هذا ليس عدلاً وها قد تحول قانون ازدراء «الاديان» الي قانون ازدراء «العدالة»، والدولة الغير محايده والمجتمع الغير عادل هو اسوء مجتمع ممكن ان يعيش به بشر وكل من فيه يدفع الثمن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com