11 مليار جنيه ليس رقماً صغيراً حتي يمر بدون مساءلة.. في الوقت الذي تتسول فيه مصر من أجل سد العجز في الموازنة يقوم البنك الاهلي المصري بجرة قلم باعدام 11 مليار جنيه من الديون المتعثرة لنحو 784 عميلاً العام المالي الماضي. ويرفض البنك حتي الآن اصدار ميزانية مجمعة، متجاهلاً تعليمات البنك المركزي المصري والمعايير الدولية، وذلك خلال رئاسة طارق عامر للبنك حالياً الذي أثبتت تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات بعض المخالفات والتجاوزات بشأنه.
الرقم خطير ويطرح العديد من التساؤلات، منها مثلاً: لماذا تم اعدام هذه الديون في هذا التوقيت بالذات وهو عام الثورة 2011؟ ولماذا لم يتم اتخاذ البنك الاجراءات القانونية ضد 103 عملاء منهم والتي لا يوجد أي علامة في خانة الاجراءات القانونية، في حين يوجد كلمة محال لباقي العملاء؟ ولماذا يرفض البنك الاهلي عمل ميزانية مجمعة حتي الآن؟ أين الجهاز المركزي للمحاسبات - الرقيب؟ ولماذا لم تحرك قيادات هذا الجهاز أي ساكن نحو المخالفات المتعددة في البنوك العامة؟ وأين البنك المركزي المصري - الرقيب المباشر؟.
أكثر من 20 مستنداً ضمن ملف اعدام ديون لنحو 784 عميلاً باجمالي 11 ملياراً و16.5 مليون جنيه بلغ اجمالي المديونيات التي تم اعدامها بالعملة المحلية 9.898 مليار جنيه وعوائد التسوية لهذه الديون 518 مليون جنيهاً والرصيد الدفتري 8.696 مليون جنيه وبلغ اجمالي المديونيات بالدولار 158.8 مليون دولار وعوائد التسوية 5.06 مليون دولار والرصيد الدفتري 157.4 مليون دولار، واجمالي المديونيات باليورو بلغ 2.5 مليون يورو ورصيد التسوية 13 ألف يورو والرصيد الدفتري 514 ألف يورو.
تكشف المستندات عن مفارقة غريبة هو ظهور خانة الاجراءات القانونية فارغة أمام أكثر من 103 عملاء بما يشير الي أن البنك لم يتخذ ضدهم الاجراءات القانونية لحماية المال العام ولم يجر معهم تسوية بقيمة مديونيات ما أمكن حصره تقترب من 1.9 مليون جنيه منها 30.3 مليون دولار و2.03 مليون يورو.
ومن أهم العملاء الذين لم تتخذ ضدهم اجراءات قانونية وفقاً للمستندات جمعية المنارة للاسكان التعاوني بفرع الثورة تم اعدام 52.2 مليون جنيه والشركة العالمية لانتاج السليلوز ومشتقاته بفرع الدقي تم اعدام 181.6 مليون جنيه والشركة العالمية للملدنات والمذبيات بفرع العاشر بقيمة 38.5 مليون جنيه وشركة مساهمة البحيرة بفرع طوسون بقيمة 53.6 مليون جنيه ومجموعة شركات الشروق بنقابة المهندسين بقيمة 5 ملايين جنيه وشركة أمريكا الشمالية ناتو بفرع ثروت بقيمة 61.3 مليون جنيه وشركة بوبيان للتجارة والمقاولات بفرع مصدق بقيمة 39.4 مليون جنيه وشركة هيبي تكس لانتاج المستلزمات الطبية بفرع الشريفين تم اعدام 5.4 مليون جنيه و1.3 مليون دولار و2.02 مليون يورو والشركة المتحدة للاستثمارات العقارية بفرع نزيه خليفة تم اعدام 84.4 مليون جنيه وتيسير والهواري محمد عبدالقادر بفرع سفنكس تم اعدام 11.5 مليون جنيه وشركة مصر للحديد والصلب بفرع نقابة المهندسين تم اعدام 9.3 مليون جنيه وشركة سيروكو العالمية للطيران تم اعدام 14.5 مليون دولار وعنايات وشركاه شركة الآلات والمعدات الحديثة تم اعدام 24.9 مليون جنيه بالفرع الرئيسي وشركة ميديكيب للتجارة والمقاولات تم اعدام 118 مليون جنيه بفرعي سفنكس والبرج، بالاضافة الي 6.7 مليون دولار بفرع مصر الجديدة وشركة المهندسون المصريون للاستثمار العقاري ايدك، تم اعدام 35.3 مليون جنيه بفرع البرج وشركة المهندسون المصريون للمقاولات والاسكان المتكامل تم اعدام 35.4 مليون جنيه بفرع مصر الجديدة و9.5 مليون جنيه بفرع البرج وشركة الاستثمار العقاري العربي اليكو تم اعدام 38 مليون جنيه بفرع البرج وشركة مجموعة الخليج للاستثمار العقاري العربي تم اعدام 25.8 مليون جنيه بفرع البرج. وتم اعدام 35.4 مليون جنيه لشركة مضارب الاسكندرية واعدام 155 مليون جنيه لشركة مجموعة الاستثمارات المتكاملة وغيرها من الشركات. ومن العملاء الذي تم اعدام ديونهم ومحالين للشئون القانونية مجموعة النشرتي ووليد يحيي عبدالحميد أبو غزالة ومجدي يعقوب وياسر السراج وعلية العيوطي وخالد أبو المكارم وعبدالناصر عيد يوسف والمتحدة للصناعات الغذائية وكيا موتورز وغيرها من الشركات والعملاء.
شهادة المحاسبات
وقال عاصم عبدالمعطي رئيس الجمعية المصرية لمكافحة الفساد ووكيل سابق بالجهاز المركزي للمحاسبات ان اعدام 11 مليون جنيه يظهر القوائم المالية للبنك علي غير الحقيقة من أجل إظهار انجازات وهمية للقيادات الحالية، مشيراً الي أن اعدام الديون لا يعني إسقاط هذه الديون وانما يعني استمرار المتابعة القانونية لتحصيل هذه الديون.
وأشار الي أن البنك يحق له اعدام الديون بعد استنفاد جميع الاجراءات القانونية ضد العملاء المتعثرين ويجب أن يحصل علي شهادة من الجهاز المركزي للمحاسبات تفيد بأن البنك استنفد جميع الاجراءات القانونية. أضاف انه علي حد علمي هذا لم يحدث فالجهاز المركزي للمحاسبات لم يطلع علي الاجراءات القانونية التي اتخذها البنك لاعدام هذه الديون، وبالتالي لم يحصل من الجهاز علي هذه الشهادة وأوضح ان هناك علاقة حميمة بين الجهاز المركزي للمحاسبات وقيادات البنك، حيث لم يقم الجهاز المركزي للمحاسبات بدوره في اتخاذ كافة الاجراءات التي تحافظ علي مكانته وهيبته في الرقابة، وكان يجب القيام بحركة تنقلات بين أعضاء الجهاز لكل من بنكي الاهلي ومصر خاصة بعد فضيحة القوائم المالية للعام المالي الماضي المنتهي في يونيو 2011 والتي ترتب عليها ظهور أرباح وهمية وغير حقيقية ببنك مصر بلغت 519 مليون جنيه وأرباح غير حقيقية بالبنك الاهلي المصري قبل خصم الضرائب بلغت 4.6 مليار جنيه وذلك بهدف إظهار انجازات وهمية لقيادات بنكي مصر والاهلي.
تلاعب في الأرقام
ويري عبدالفتاح عبدالوهاب، خبير ضرائب ومحاسب قانوني ان هناك تلاعباً في استخدام الارقام والمصطلحات بميزانية البنك الاهلي المنشورة، موضحاً ان أرباح البنك الاهلي المصري بلغت خلال العام المالي الماضي نحو 2.1 مليار جنيه في الوقت الذي قام باعدام 11.2 مليار جنيه مما يعني ان الديون المعدومة تزيد علي 5 أضعاف أرباح البنك السنوية وتمثل 11٪ من اجمالي القروض البالغة 100.8 مليار جنيه.
وطرح العديد من التساؤلات حول تاريخ التعثر لهؤلاء العملاء ومسلسل تاريخ الديون لهم؟ وأين ذهبت الضمانات التي قدمت للبنك؟ وما هي الاجراءات التي اتخذت ضدهم لحماية أموال المودعين التي هي أموال البنك؟ ومن هم هؤلاء العملاء؟ ولماذا هم دون غيره؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات وهو عام الثورة؟ وأين الجهاز المركزي للمحاسبات والمراجعين مما يحدث في البنوك العامة؟ موضحاً ان نسبة الديون المعدومة كبيرة جداً في البنك الاهلي ولابد من مساءلة قياداته.
فترة قريبة
ويضيف الخبير المصرفي أحمد آدم ان اعدام البنك الاهلي لديون في فترة قريبة (نهاية شهر يونيو 2011) وهي فترة الثورة المصرية يؤكد ان هناك أمراً لابد من الإفصاح عنه إما من قبل ادارة البنك أو من لجنة لبحث هذا الامر، فاعدام هذا الكم من الديون أمر غريب والاغرب ان الديون التي تم اعدامها بينها ديون لم يتم اتخاذ اجراءات قانونية ضدها وبالتالي فهذا أمر مخالف لقانون البنوك والذي يوضح تفصيلاً خطوات اعدام الدين، ويؤكد انه كان لابد أن يقوم البنك باتخاذ مع كافة الطرق القانونية والودية مع العملاء وتبين عدم جدواها، وبالتالي فهناك احتمالات كبيرة بأن الديون التي تم اعدامها ولم يتم اتخاذ اجراءات قانونية معها قد تم استخدام المخصصات العامة في عملية اعدامها، كما ان هناك احتمالات لان تكون ديوناً لم تصل بعد لمرحلة الرديئة، وبالتالي تحصيلها فيما بعد سيضاف للايرادات وهو ما يعني ان البنك قام بتحويل مخصصات عامة للايرادات بصورة غير سليمة وإظهار ايراداته ومراكزه المالية علي غير الحقيقة ومع الوضع في الاعتبار ان المركز المالي للبنك هو في الحقيقة مركز ضعيف، لانه مركز مالي غير مجمع علاوة علي أن هناك بعض النقاط الفنية للمركز تؤكد ضعفه.
يطالب «آدم» بتشكيل لجنة من الجهاز المركزي والرقاب الادارية وبعض المتخصصين لبحث المركز المالي للبنك خلال فترة رئيسه الحالي واعداد تقرير بشأنه لرئيس الوزراء وتكون اللجنة تبعيتها مباشرة لرئيس الوزراء بعيداً عن البنك المركزي، ويجب التساؤل عن الدور الرقابي للبنك المركزي تجاه بنوك القطاع العام بصفة عامة والبنك الاهلي بصفة خاصة ووضعاً في الاعتبار ان بنك مصر العام بصفة عامة والبنك الاهلي بصفة خاصة ووضعاً في الاعتبار ان بنك مصر أيضاً قد قام باعدام ديون وبكثافة أيضاً علي الرغم من ضعف مركزه المالي، موضحاً انه لم يتم الكشف عن الميزانيات المجمعة خلال فترة رئيسه الحالي حسب معايير التقارير الدولية ووفقاً لتعليمات البنك المركزي المصري ولو تمت هذه الميزانيات المجمعة سوف تظهر الوضع الحقيقي للارباح الوهمية التي يحققها البنك.
وقال هشام عكاشة نائب رئيس البنك الاهلي انه في اجتماع وعاودت الوفد الاتصال به فلم يستجب، كما تركت رسالة صوتية لشريف علوي نائب رئيس مجلس ادارة البنك ولم تتلق منه رد.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com