بقلم: جون الفي
قابلته صدفه علي اثر مشاهدة مجموعة من السائقين يقطعوا طريق مصر -أسوان الزراعي احتجاجا علي نقص الوقود ، رجل عمره يناهز الستين عاما ، يرتدي " قميص وبنطلون" من النوع العادي ، نظره من الأسي والأسف تعلو وجهه حين كان يشاهد قطع الطريق ، العرق يتصبب من جبينه ولا يطيق الانتظار للمشاهدة اكثر من ذلك ، فقرر بتلقائية المصري المعروفة ان يدخل معي في حديث مشيا علي الأقدام دون سابق معرفة . وكان الآتي :
الرجل : عاجبك كده يا استاذ اللي بيحصل ده ؟
جون : أكيد مش عاجبني، دي همجيه وتعطيل لمصالح الناس
الرجل : انا كمان مش عاجبني ده لكن الناس معذوره برضه
جون : ازاي ؟؟
الرجل : المسؤولين الله لا يسامحهم مبيسمعوش صوت الناس دلوقتي اللا بالطريقة دي، ياما الناس دي أشتكت ووقفت علي أبواب مكاتب المحافظة ولا حد سأل فيهم .
جون : ماهو الدنيا مش هتتعدل في ثانية الصبر حلو برضه ( أحاول تهدئته وانا غير مقتنع بما أقوله )
الرجل : يا بيه الناس دي سواقين غلابه واديلهم خمس شهور في الازمه دي ، عليهم أقساط عربياتهم ، بيقفوا يوم في الطابور للبنزين والانبوبه والعيش ، امال يشتغلوا أمتي ؟؟
جون : معلهش بكره تتعدّل
الرجل : يا بيه البهوات اللي بيقولوا كلام ورغي كتير في التليفزيون هم اللي واكلينها والعه ، هو يعني حضرة المشير بيقف ف طابور زي ده ؟ ولا حتي الرئيس بيطلع عينه عشان يجيب رغيف العيش زينا ؟ طبعا لا
جون : وانت إيه رأيك في الرئيس مرسي علي كده بالمناسبة ؟ "هنا أطلقت له العنان في الفضفضه "
الرجل : يا بيه الجيش هو الرئيس ، مش هم اللي مكتفينه ولاويين دراعه ومهددينه ؟ أقولك انا ، الجيش مبيحبش مرسي وولائه بس للعسكري اللي زيه ، واللا ليه كل شويه يهددوه هنعلن مكان الرئيس فاضي ؟ دي قعده اتفقوا فيها ان الجيش في أمان ومتصان وفلوسه ومشاريعه ووضعه زي ما هو ومرسي يبقي الرئيس
جون : ازاي بس دي انتخابات الرئاسة مثال للنزاهه ؟
الرجل : يا بيه عيب هو انا مختوم علي قفايا ، الوليه حماتي في الريف كانت رايحه تنتخب ابن العمده محمد مرسي وتقوللي نزيهه ، انا انتخبت مرسي عن نفسي
جون : ليه ؟
الرجل : قلت الناس دي بيراعوا ربنا وبيتكلموا بالقران ، فأكيد هيراعوا ربنا فينا ، بس حزنت لما الرئيس رجع مجلس الشعب
جون : ليه ؟ ماهو أغلبيته الناس اللي بتحبهم ؟
الرجل : بس برضه يا بيه الناس اللي فيه كانوا بيزعقوا علي طول والدنيا زي ما هي ، واللا الشيخ اللي اذَّن ده ؟ كسفنا والله ، والشيخ التاني اللي عمل مناخيره ، لا لا دول كفايه عليهم كده .
جون : بس رئيسك من ضمن تيار الاسلام السياسي برضه .
الرجل : والله ما بقت تفرق ، يا بيه انا وعيالي ومراتي ولا يهمنا ميدان ولا تيار ولا يحزنون ، انا عاوز الستر مش اكتر ، والشباب بيتابعونا كل شويه باللي ربنا يقدرهم عليه ( يقصد شباب الاخوان ) إحنا بلد الغلابه يا بيه والغلبان الزمن والفقر كسروا وسطه وميهمناش كل اللي بحري دول ( يقصد النخبة والسياسيين) مادام عمالين ثورة ومش ثورة ولسه بمشي مع بنتي اللي ف ثانوي للدروس خايف عليها ، ولسه مرتبي مش مكفيني من الإيجار ولا الأكل والشرب والمصاريف ، معاناش ناكل لحمه اللا يوم القبض بس ومفيش أمان لسه
جون : الصبر ، الرئيس لسه مشتغلش والأمن هيرجع أحسن من الاول .
الرجل : بس يا باشا ( حولني من بيه لباشا ولا اعلم لماذا ؟ اعتقد انها مرتبطه بالأمن ) بلدك دي نقول فيها اللي ملهوش كبير يشتري كبير ، فلازم يكون ليك الاقوي اللي تتحامي فيه ، وفي بلدك يقولوا الكبير والقوي لما يقع ميرجعش أحسن واقوي اللا لما يرجع افظع من الاول ( لم استطيع ذكر اللفظ تحديدا فاستبدلته بافظع ولكن له علاقه بعكس النظافة ) والحكومة - يقصد الشرطه - مش راجعه اللا لما تكون كده ، وبعد الثورة محدش هيسيبهم يرجعوا أقوياء زي الاول تاني .
جون : بس كده اكرم ليك وعلي الاقل محدش يضايقك تاني .
الرجل : لا يا سيدي يرجعوا أوحش بس يلموا البلد ، ده شوية العيال ولاد ابو عبد القادر - لا اعلم من هم ولا من اين ولا اعلم من هو عبد القادر- الصيع يروحوا يتنططوا ف كل مظاهره شويه وبعدين يقولوا عليهم متظاهرين ، وهم اساسا حرامية مكن - يقصد من يستقلوا الموتوسيكلات الصيني ويسرقوا المارة - بالذمه دول متظاهرين
جون : بس مش كله زي ولاد عبد القادر اللي انا مش عارفهم اصلا
الرجل : ( يضحك) لا يا بيه معروفين .. معروفين
اكتشفت انني تركت من لي وتعديته بحوالي خمسة شوارع من فرط اهتمامي بهذا اللقاء ، هذا المواطن المصري البسيط الذي تكلم بالعاميه ابلغ وارقي من كل كلام النخبويون الذين يصرفوا علي مؤتمراتهم ما هو كفيل بحل جميع مشاكل هذا الرجل المادية.
الساده ساسة مصر وقادتها ، السيد الرئيس ، السيد المشير ورفاقه في المؤسسة العسكريه ، الاحزاب والتيارات والائتلافات والقوي - الثوريه- والمفكرين والأدباء
اقول لكم ان مصر لن تشهد ثورة فعليه حتي يشعر امثال هذا المواطن بالأمان والكرامة والعزة في بلاده ، اقول لكم ان ( الغلابه) لا يهنئوا اللا ايام الانتخابات ، اقول لكم وبكل ثقه اننا سنشعر بما فعلناه ان كان ثورة ام لا ثورة الا عندما يترك هذا المواطن ابنته تذهب لدروسها في أمان ، ولا يلاقي الأمرّين ليحصل علي لقمة العيش ، ولا يشعر انه مهمش حتي يكون أداة كسب سياسي فتتسلط عليه الأضواء ، فهو ما نتغني به في مقالاتنا وبرامجنا وبرامج وأسماء احزابنا بعد الثورة ونحن لا نعرفه ، فهو الوحيد الذي لا تتعدي أحلامه الّا الستر.
هو المواطن المصري ،،،،
لن نشعر اننا في مصر الحديثة الّا حينما نجد كلٍ في مكانه ، الشرطه في مكان الأمن ، والجيش في مكان الحدود ، والساسة في برلمان منتخب ونزيه ومعبّر ، و ،،،،،،،، ( اولاد عبد القادر ) وأمثالهم في السجون ، وأخيرا وليس آخراً ،، المواطن المصري يجد مكانه في قلب وعلي رأس كل من يتولي مسئولية هذا الوطن .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com