ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

وبدأت عملية أسلمة مصر...

منير بشاي | 2012-07-09 10:16:21
بقلم: منير بشاى
لم يمر على جلوس د. محمد مرسى على كرسى الرئاسة سوى أيام ومع ذلك نستطيع أن نرى السرعة الرهيبة التى تتم بها أسلمة مصر. آخر هذه القرار الجمهورى الذى يلغى حكم الدستورية العليا ويأمر بعودة مجلس الشعب المنحل لحين انتخاب البرلمان الجديد وصدور الدستور. والخطير فى الأمر ما قيل ان القرار قد اتخذ من مقر مكتب الارشاد ليضع التساؤلات عن من هو الحاكم الحقيقى لمصر. القراءة السريعة لما يحدث فى مصر يؤكد أن هنك مخططا يجرى تنفيذه بدقة بالغة لأسلمة مصر.
 
د. مرسى يحاول حكم مصر على طريقة الخلفاء
قد تكون المشكلة هو دخول د. مرسى الى عالم جديد لم يتمرس عليه، وقد تكون  رغبته فى كسب ثقة ومحبة الشعب، ولكن – دون شك- هناك تأثير لخلفيته الدينية التى جعلته يعتقد انه أصبح لمصر الخليفة أبو بكر الصديق أو عمر الخطاب، وان عليه الآن أن يجلس القرفصاء على كرسى الخلافة ثم يمثل أمامه أفراد الشعب بسردون على مسامعه مظالمهم، فيفتى فيها وتحل فى الحال.  فى هذا السياق يقول الداعية صفوت حجازى عضو الهيئة الشرعية للاصلاح أن الهيئة اختارت دعم (أو قل مبايعة) مرسى فى الانتخابات لأنه المرشح الوحيد الذى لم يطلب الرئاسة بل أجبر عليها. ويضيف حجازى "أثق أنه اذا صرخت سيدة مسلمة مصرية (ولماذا لا تكون مسيحية؟) فى أى مكان وقالت (وامرساه) فسينتفض لها مرسى من قصر القبة أو فى أى مكان كان، ويقول لها (لبيك يا أختاه).
 
ويبدو ان هذا المفهوم تبناه د. مرسى فى مقابلاته بوفود المهنئين فكان يدعوهم الى الاتصال به شخصيا اذا كان لأحدهم شكوى وكان يعطيهم أرقام تليفونه الخاص حتى يصلوا له دون عوائق. وفى محاولة لتطبيق هذا المبدأ قيل أن الدكتور مرسى اتصل بالقائمقام البطريركى الأنبا باخوميوس الساعة الثالثة فجرا (لماذا لم ينتظر حتى الصباح؟) ليطمأنه أنه شخصيا سيحل أزمة كنيسة العامرية بحيث لا تعود للظهور. وكان متشددون سلفيون قد حاولوا منع دخول الرحلات الوافدة لكنيسة القديس وانس بقرية البصرة بالعامرية ولم يكتفوا بهذا بل قاموا برشق الاتوبيسات  بالحجارة.
من ناحية فان الرئيس مرسى يشكر على محاولته حل مشاكل الناس بنفسه. ولكن من ناحية أخرى فانه من السذاجة الاعتقاد ان الرئيس يستطيع منفردا ان يحل مشاكل 85 مليون مصرى. واذا كان يستطيع ان يحلها فما الحاجة الى مؤسسات الدولة المختلفة والوزارات والمصالح الحكومية المتخصصة والقضاء.  ناهيك انه لم يمر الوقت الطويل عندما تجمهرآلاف الناس من أفراد الشعب أمام القصر الجمهورى يطلبون مقابلة الرئيس لعرض مشاكلهم بعد ان صدقوا ما قيل لهم أن "بابى مفتوح للجميع"، ليتأكد فى النهاية ان الرئيس من الناحية العملية لا يستطيع مقابلة الجميع.
 
الاخوان يشاركون مرسى حكم مصر 
لقد تبين لنا ان د. محمد مرسى لا يحكم مصر مستقلا عن جماعة الأخوان. هناك ما يؤكد ان مرشد الاخوان هو المخطط والمنفذ وان مرسى فى أحيان كثيرة هو مجرد صورة. 
فى مقال بعنوان "بديع يراجع بنفسه خطة تحرك (الحرية والعدالة) ببنى سويف لدعم مرسى" يكشف ان مرشد الاخوان قام بزيارة بنى سويف لمدة يومين للاشراف على الاجتماعات التى يعقدها الحزب بالتعاون مع عدد من الائتلافات الشبابية للاتفاق على خطة التحرك لدعم برنامج مرسى الذى وعد به لانهاء مشاكل الخبز والقمامة والامن والسولار والبنزين والبوتاجاز خلال 100 يوم. 
 
ويقول المقال ان الحزب أتم الانتهاء من وضع تصور للتعامل مع مشكلة الخبز لمنع التلاعب بالاوزان وزيادة كمية الخبز المعروض للبيع واقامة عدد من المخابز الكبيرة. كما سيقوم عدد من شباب الحزب بالاشراف على عمليات بيع السولار والبنزين. وسيتواجد عدد من أعضاء الحزب داخل أقسام الشرطة وبجوار رجال المرور فيما يعرف ب" صديق الشرطة والمرور". 
وفى الوقت الذى نرحب فيه بأى محاولات لحل مشاكل مصر ولكن نحذر من محاولات تخطى مؤسسات الدولة المعنية بهذه الأمور بدلا من اصلاحها لتقوم بواجبها. وفى الوقت الذى نرحب باسهام الشباب لحل مشاكل الوطن ولكن ندق ناقوس الخطر لما نراه من تغلغل شباب الأخوان الى مراكز القوة فى مصر بداية من توزيع الخبز الى التدخل فى مهام المرور والشرطة 
 
الاسلاميون يحاولون السيطرة على الوزارات السيادية
وهو ما أدى الى خلافات بين السلفيين والاخوان حول من يسيطر على هذه الوزارات.  فمما نشر قيل ان جماعة الأخوان المسلمين رشحت اسماء من كبار رجال الأعمال الاخوان لتولى رئاسة الوزارة بينهم حسن مالك و خيرت الشاطر. كما اقترحت اسماء أخرى للمجموعة الاقتصادية وهى وزارات المالية والصناعة والتجارة والتخطيط والاستثمار والزراعة، وأسماء لوزارات الخارجية والقوى العاملة والتموين والبترول، وأسماء لتولى وزارات التعليم والبحث العلمى والرى واقترح انشاء وزارة جديدة لشئون الحج. 
 
هذا بينما يطالب حزب النور السلفى بالتمسك بوزارة التربية والتعليم باعتبارها الوزارة المسئولة عن تنشئة الأجيال القادمة. ويرشحون لها الدكتور شعبان عبد العليم. ولك ان تتصور ماذا سيحدث لهذه الأجيال القادمة لو قام السلفيون بتعليمهم وتربيتهم. 
وهذا كله يعكس دخول مصر فى منعطف خطير وهو اختيار أهل الثقة الذين يتبنون الآيدلوجية الاخوانية المتشددة وتفضيلهم على أهل الخبرة من العلمانيين أو المنتمين لأحزاب أخرى.
 
الحيز المتاح فى هذا المقال لا يتسع لذكر كل ما نراه من بوادر أسلمة مصر ومنها استقواء جماعات داخل المجتمع المصرى لفرض ما يعتبرونه فضيلة بقوة السلاح مثل جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وهى جماعة ليس لها أى صفة قانونية نخول لها ممارسة عملها فى قمع الحريات الشخصية التى يكفلها القانون. كما ان هناك محاولات لفرض الشريعة الاسلامية على جميع المصريين بمحاولة تغيير البند الثانى للدستور الذى ينص على أن مبادىء الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع وحذف كلمة "مبادىء" أو استبدالها بكلمة "أحكام". معنى هذا قطع يد السارق. وفى بلد انتشرت فيه ظاهرة الشهادة الزور يمكن أن ترى أبرياء يفقدون أيديهم ظلما، ومعها يفقدون أيضا كرامتهم الانسانية، ولن يكون ممكنا رد كل هذا لهم اذا ثبتت براءتهم.
مجرد بضعة أيام كانت كافية لتحدث كل هذا التغيير نحو أسلمة مصر. فترى ماذا سيحدث لمصر بعد أربعة سنوات؟ كان هذا هو الكابوس الذى يؤرقنا، والآن أصبح الكابوس المخيف واقعا مرعبا. فهل ستستمر مصر تحتفظ  بطابعها الحضارى؟ هل ستستمر مصر تحتفظ حتى باسمها؟ 
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com