"حين أعلن الاسبوع الماضي عن حلّ البرلمان الذي يسيطر عليه الإسلاميون جاء رعية الكنيسة يهتفون من البهجة." يقول القسّ الهولندي المقيم في القاهرة يوس سترينغهولت. الآن وقد اقترب مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي من الفوز، فإن بعضهم بدأ يحزم الحقائب استعداداً للهجرة. لكن القس سترينغهولت يعتقد أن الجيش مازال يمسك بكل الخيوط.
في قاعة صغيرة تجلس ثلاث فتيات في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من العمر يتبادلن أطراف الحديث. في الصف الخلفي يختبئ صبيان تحت كرسييهما. وفيما يهيئ زميله المصري عماد غيتاره وأوراقه، يقرأ يوس سترينغهولت في الكتاب المقدس، لكي يهيئ موعظته لهذا اليوم. صبي يقف متردداً عند الباب. "تعال معنا" يناديه عماد "من سيصلي لنا؟"
كنيسة جديدة
يعيش ويعمل القس الهولندي يوس سترينغهولت في مصر منذ عشرين عاماً. بعد سنوات عديدة من العمل في الصحافة والإنتاج التلفزيوني، اتخذ وهو في الخمسين من العمر قراراً راديكالياً، ليصبح قساً في الكنيسة الانجليكانية. ومنذ سبتمبر 2011 يحاول تطوير الكنيسة ذات المبنى الرائع في إحدى ضواحي القاهرة لتكون ملتقى للمسيحيين الأجانب وكذلك "للمسيحيين الأقباط الذين يهجرون كنيستهم الأصلية
يقول القس سترينغهولت: "هنالك الكثير من الأقباط غير المنتمين للكنيسة القبطية في مصر، هم في الأصل أقباط كانوا أعضاء في الكنيسة الأرثوذوكسية لكنهم يبحثون عن كنائس أخرى. غالبا ما يتركون الكنيسة الجديدة بعد فترة لأنهم لا يشعرون بالارتياح فيها. القداس في كنيستنا يشبه إلى حد كبير القداس القبطي الارثودوكسي لكن بمحتوى أكثر حداثة. يمكن للرعية البقاء في الكنيسة بعد القداس للقاء بآخرين، كما نعقد اجتماعات للشباب." ويبدو أن هذا الأسلوب فعال. تقول إحدى الفتيات: "كنت في البداية اذهب إلى كنيسة أخرى، قريبة من المنزل، لكنني حاليا أفضل المجيء إلى هنا حيث ألتقي بأصدقاء وأقارب."
فرح وخوف
حين أعلن الاسبوع الماضي عن حل البرلمان جاء شباب الكنيسة وهم يهتفون من الفرح. ويقول سترينغهولت إنه يتفهم هذه المشاعر، فقد لاحظ أن أفراد رغيته، وغيرهم من المسيحيين المصريين قد ازدادت مخاوفهم خلال السنة الماضية. وظاهرياً تغيرت بالفعل الكثير من الأمور: "حصلت الانتخابات، وفجأة قويت شوكة الإخوان المسلمين، سواء في وسائل الإعلام أو في الشارع. بعض المظاهر تثير الخوف عند المسيحيين."
يعلم القس أن الغالبية العظمى من مسيحيي مصر قد صوتوا لصالح مرشح الرئاسة أحمد شفيق: "الآن وقد بدا أنه خسر السباق، فإن المزاج العام هنا متوتر جداً. البعض حزم الحقائب استعدادا لمغادرة البلاد. في حال فوز المرشح الاخواني محمد مرسي، فإنهم سيتوجهون إلى الولايات المتحدة خلال بضعة ايام. لكن البعض ما زال يأمل أن تـُحظر جماعة الاخوان المسلمين، لتعود الأمور كما كانت."
"لم يتغير شيء"
لكن القس الهولندي شخصياً لا يرى أن تغيراً كبيراً قد حصل حلال السنة والنصف الماضية. "لم اصدق يوماً أن الجيش قد تخلى عن السلطة، منذ البداية وهو يسير على نهجه الخاص." ولم يستطع البرلمان أن يغير من الأمر شيئاً "يتحدثون كثيراً عن الشريعة وعن تفاصيل ثانوية، بدلاً من السعي لإعادة بناء البلد شبه المنهار." سارت الانتخابات الرئاسية بطريقة حرة ونزيهة إلى حد كبير، لكن "الرئيس الفائز مقصوص الأجنحة، فقبل إعلان النتائج بساعات أصدر المجلس العسكري إعلانا تضمن الكثير من التقييد لصلاحيات الرئيس المقبل. إنه وضع غريب، حيث لا نعرف بالضبط ما هي صلاحيات الرئيس، ولكن كما يبدو فإنها ستكون محدودة جداً. وربما سيكون دور الرئيس مرسي شبيها بدور ملكة هولندا التي تقص الأشرطة في الاحتفالات."
لم يغير الجيش منهجه منذ بدء الصورة وحتى الآن، يقول سترينغهولت: "خلال السنة والنصف الماضية استطاع الجيش المحافظة على السلطة بطريقة بالغة الذكاء، أمسك بكل الأوراق ولعب بكل ورقة في الوقت المناسب."
كلا الفريقين المحتفلون الآن في ساحة التحرير بفوز المرشح الإسلامي، والمسيحيون الخائفون من الهيمنة الإسلامية، لا يدركون جيداً ما يحصل وفقاً لرأي القس الهولندي: " أعتقد أنه حين تنجلي الضجة ويشعر الناس بالهدوء قليلاً ويفكرون بما حدث سيدركون أن الجيش قد وجه ضربة قاضية للإخوان المسلمين. ولكن لا أحد يعلم كيف ستسير الأمور لاحقاً."
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com