بقلم : ادوارد فيلبس جرجس
إنتبه على دقاته ، دقات ماسح الأحذية ، تفرس في وجهه وتذكره ، بالرغم من مرور أكثر من عشرين عاماً ، تهلل وجه الرجل وابتسم ماسح الأحذيه .
- هل تذكرتني يابيك ؟
- نعم تذكرتك .
تقرفص ورفع الرجل قدمه فوق الصندوق ليبدأ ماسح الأحذية عمله.
زمن طويل منذ أن كنت هنا لآخر مرة.
- نعم .. بالفعل .
- هل كنت مسافراً ؟
- نعم .
- عودة نهائيه للوطن ؟
- نعم .
- كيف هان عليك مكانك المفضل ؟
- ها أنا عدت إليه في أول فرصة فراغ بعد عودتي .
منذ ثمانية عشر عاماً كانا يكافحان عدواً مشتركاً هو الفقر على اختلاف موقعهما منه .
- لم تتغير يا بيك !
- أنت أيضاً لم تتغير !
- أنا ؟! وضحك في سخرية ورثاء .
- ربنا يقويك !
- كنت فقيراً حقاً لكن الدنيا كانت رحيمة ويسيره .
تأمل الحذاء الذي بين يديه وقال ضاحكاً ، وكأنه يقارن بينه وبين الحذاء الوحيد البالي الذي كان يمسحه له أيام زمان :
- حذاء جميل يا بيك !
ضحك وفهم تلميحه :
- اشتريته من إيطاليا .
- يقال أن الأحذية الجيدة مرتفعة الثمن هناك .
- نعم ، هذا الحذاء ثمنه ستمائة دولار .
- كم بالجنيه يا بيك ؟!
- أقل من أربعة ألاف بقليل .
أطلق صفيراً واحتضن الحذاء وكأنه يخشى أن ينزلق من يديه ويتهشم ككوب زجاجي .
- الأحذية الجيدة مرتفعة الثمن هناك .
- حتى هنا ارتفع ثمنها لكنها غير جيدة .
نقده خمسة جنيهات .
- هذا كثير يا بيك .
- أعتقد أنها توازي الخمسة قروش التي كنت أدفعها لك في الماضي .
ضحك واستدار لينصرف ، سمع صوت البيك منادياً ، التفت ثانية نحوه ، كان يبحث في جيوبه ، وينحني لينظر أسفل المنضدة :
- هل فقدت شيئاً يا بيك ؟
- نعم السلسلة وبها مفاتيح السيارة والفيلا .
- قد تكون تركتها في مكان آخر .
- كيف والسيارة هنا !!
يأس من العثور عليها ، نظر إلى ماسح الأحذية :
- هل أكلفك بخدمة ؟
- تحت أمرك يابيك .
- سأنقدك أجرة التاكسي ذهاباً وأياباً ، لتذهب إلى الفيلا في سابا باشا ، وتطلب من الهانم المفاتيح الإحتياطي ، أرجوك سريعاً فأنا على موعد هام . الفيلا في سابا باشا ، من أرقى الأحياء بالإسكندريه ، تعجب وردد في داخله ، رب العباد إذا وهب لا تسألن عن السبب ، دق باب الفيلا ، بدت من خلال الفتحة المواربة ، جميلة جداً ، صغيرة جداً ، الغلالة الرقيقة ، تكشف عن مفاتن لا تزال صلبة ، ومتماسكة ، ظنها ابنته ، خاب ظنه ، الهانم زوجته ، عاد إليه بالمفاتيح الإحتياطي ، يردد طوال الطريق ، بَدَلَ زوجته القديمة بأخرى كالتفاحة النضرة ، كما بَدَلَ الحذاء البالي بآخر إيطالي ثمنه يعتبر ثروة لواحد مثلي .
********
الفيلا مكتظة برجال التحقيق والبحث الجنائي ، خبير البصمات يبحث في كل مكان محاولاً أن يرفعها جميعاً ، فقد تقود إلى الجاني ، جريمة قتل ، البيك وجد مقتولاً في فراشه ، زوجته اكتشفت الجريمة في الصباح ، الظواهر الأولى تقول أنه خنق بالضغط على عنقه وكتم أنفاسه بواسطة الوسادة ، جلست الزوجة أمام المحقق داخل الفيلا ، شفتاه توجهان الأسئلة ، وعيناه مركزتان تجاه مفترق النهدين الناضجين .
- متى اكتشفت الجريمة ؟
- في الصباح .
- آسف.. ألا تشتركان في غرفة واحدة !!
- لقد اعتدنا أن يستقل كل واحد منا بغرفة عند النوم .
خاطر جال في رأس المحقق لم يفصح عنه ، رجل غبي ، لو كنت مكانه ما أطلقتك من بين ذراعي لحظة واحدة .
- منذ متى تم زواجكما ؟
- حوالي أربعة أشهر .. بعد عودته من الخارج تقريباً .
- وزوجته الأولى ؟
- طلقها ، واشترى لها شقة لتقيم فيها هي وأولادها .
- الخزنة مفتوحة وخالية من أي نقود أو جواهر ، لكن لا توجد بها أي تلفيات ، وهذا يعني أنها فتحت بمفتاحها الأصلي ، وكذلك لا توجد أي تلفيات بالباب الخارجي ، والنوافذ جميعها مغلقة ، فهل لديك فكرة كيف قام المجرم بجريمته ؟
- لا .
- هل توجهين شكوكك نحو أحد ؟
- لا .
- هل هناك أشياء أخرى إختفت غير محتويات الخزنة ؟
- لا ، لكن هناك شيء غريب .
- ما هو ؟
وضعت ساقاً فوق ساق وانكمش الفستان الأسود للخلف ، واحتارت عينا المحقق بين مفترق النهدين ، وبين الفخذين القشديتين ، وود لو اكتشف المزيد .
- الخادمة تقول أن حذاءه اختفى ، إعتادت أن تجده كل صباح أمام الغرفة ، وتعيده إلى مكانه ، لكن اليوم لم تجده .
- هل يمكن أن تصفيه لي ؟
- الخادمة هي التي تتولى هذه الأمور ، وليس لدىَّ أي فكرة عن أحذيته .
- حسناً ، سأسأل الخادمة ، لكن ألم تلاحظي حدوث أي شيء غريب خلال الفترة الماضيه .
قطبت جبهتها مفكرة ، واختطف المحقق نظرة سريعة ليربط بين الوجه الفاتن ومفترق النهدين ، والفخذين القشديتين ، ليتيح لخياله انتزاع الفستان الشحيح لتكتمل الصورة .
قالت بعد أن فكت التقطيبة :
- نعم .. تذكرت ، بالأمس أرسل المرحوم رجلاً تُلطخ الأصباغ ثوبه ويديه ،ليأخذ النسخة الإحتياطية من المفاتيح ، لأنه فقد مفاتيحه.
- ألم تسأليه إن كان عثر على المفاتيح عند عودته ؟
- عاد متأخراً، وكنت قد ذهبت للفراش .
- هل كان بين المفاتيح مفتاح الخزنة ؟
- لا ، كانت للباب الخارجي للفيلا وللسيارة .
عقد المحقق بين حاجبيه ، ثم ابتسم وقال :
- شكراً ، يمكنك الإنصراف ، وأرجو أن تستدعي الخادمه لأوجه إليها بعض الأسئلة .
شيعها بنظرة بدأت من الخصر النحيف هابطة لأسفل ومرتفعة لأعلى ، لتكتمل في خياله الصورة الرائعة للجمال الفاتن والمثير .
********
البيك منذ ثمانية عشر عاماً أو أكثر ، كان يعمل موظفاً بسيطاً في إحدى المصالح الحكومية ، التي تتعامل مع الجمهور ، لم يكن راتبه يسمح له بالجلوس بالمقاهي الأنيقة التي تمتد على كورنيش الأسكندريه ، لكن الصحبة التي كونها من الجمهور الذي يتعامل معه من المتيسرين ، سهلت له أموراً كثيرة ، من ضمنهاالقيام بدفع حساب طلباته ومشروباته بالمقهى وأصبحت مع الوقت شيئاً مقرراً لا جدال فيه ، وحتى حساب ماسح الأحذية ، كان كثيراً مايتطوع أحدهم بدفعه قائلاً بمزاح حتى يدفع الحرج عنه ، ليس بين الأصدقاء حساب . من خلال أصدقاء المقهى حانت له فرصة للسفر ، ترك زوجته وأولاده في بيت أبيها ورحل ، وهناك كرس كل شيء لجمع المال ، من أين يأتي لا يهم ، مبرراً ، بأن الفرصة لا تأتي سوى مرة واحدة ، إن لم يستغلها ، سيعود خالي الوفاض ، وحتى أصدقاء المقهى الذين كانوا يدفعون ثمن طلباته قد لا يجدهم بعد أن ترك وظيفته المتعددة الخدمات . من ضمن أوراق طرق جمع المال ، وقد تكون أهم ورقة في تحويل مجرى حياته ، وقعت في يده ورقة رابحة جداً ، وهي التي دفعت به للأمام إلى عالم لم يكن يحلم مجرد الحلم ألوصول إليه ، أجنبية تخطت العقد السادس ، لا يزال جسدها لم يشبع من نهم الشهوة ، ومن باب الحلال تزوج بها ، الزواج تم بنظام المقايضة ، إشباع نهم جسدها ، مقابل إشباع نهمه للمال . عمله الوحيد قضاء مصالحها نهاراً ، وخدمة جسدها ليلاً . واجب ليلي لا يتوقف أبداً ، كره بسببه النساء جميعاً . عندما يأتي الظلام ، كان يستعين بالله على الشقاء ، ويردد بصورة منتظمة من خلال أنفاسه المتقطعة ، وهو يضخ الجنس مجبراً خلال جسد لا يهدأ وكأنه يعزي نفسه " إيه اللي رماك على المر قال إللي أمر منه " . كل من يعمل من حقه عطلة أسبوعية إلا هو ، سألها أكثر من مرة أن ترحمه ، وتخصص له حتى ليلة واحدة كعطلة أسبوعية كبقية خلق الله ، لكنها رفضت بحجة أن الأجر الذي يحصل عليه ، يحتم عليه أن يعمل جميع الليالي ، ووقت إضافي خلال النهار إذا لزم الأمر !! لعن النساء والجنس ، وتقبل الأمر كما يتقبله سجين محكوم عليه بالأشغال الشاقة . ذات يوم اختفت الزوجة النهمة ، كيف اختفت هذه قصة أخرى أو لغز! ، استعصى حله حتى على الشرطة ، التي ظلت تراقبه لفترة طويلة ، يدعمها في شكها الثروة الطائلة التي ورثها عنها ، لم يكن لها وريثاً آخراً غيره . ولا يعلم سوى الله إن كان هذا الإختفاء من تدبيره أم برئ منه . عاد بعدها إلى الوطن ينوء بحمل ثروة ولج بها إلى عالم الأثرياء من أوسع الأبواب . كانت أولى مشروعاته هي الطلاق من زوجته التي كانت تنتظر عودته بفارغ صبر ، وتخفيفاً من حدة اللوم الذي صب فوق رأسه من القريب والبعيد ، اشترى لها ولأولادها شقة وخصص لهم راتباً شهرياً . الفيلا والسيارة وبذخ المعيشة ، السبيل لتعويض نفسه عن شقاء الليالي التي عاشر فيها الزوجة الأجنبية العجوز ، والثراء الشديد مكنه من الزواج من صبية عشقتها الفتنة فسكنت جسدها وحولته لشعلة من الإثارة ، تعرف عليها في أحد النوادي ، بالرغم من فارق في العمر يصل لأكثر من ثلاثين عاماً . وأنصافاً للحق لم يكن زواجه من أجل فتنتها ، فلقد خمدت داخله كل رغبة في النساء ، بعد لياليه الشاقة في فراش الزوجة النهمة ، ودع الفراش الذي كان يحتويهما معاً بقوله " لم يشق رجل في العالم كما شقيت أنا فوقك " . زواجه من الصبية الصارخة الأنوثة كان من أجل استكمال مظهراً اجتماعياً فقط ، صُدمت فيه من أول ليلة ، ولم يمانع بعدالشهر الأول من الزواج عندما سألته أن يستقل كل واحد منهما بغرفة . بل أحست بشعور الإرتياح يغمره.
********
لم يكن من الصعب على ضابط المباحث الذكي، أن يربط بين الرجل الذي أرسله البيك للفيلا لإحضار النسخة الإحتياطية من المفاتيح ، والذي وصفته زوجة المجني عليه أنه ملطخ بالأصباغ ، والحذاء المختفي الغالي الثمن كقول الخادمة . تنقل بين المقاهي وفي إحداها لفت نظره ماسح أحذية ، وجهه المغضن وثيابه الرثة ينبئان عن حالة من الفقر الميئوس منها ، الغريب أن قدميه تنتعلا حذاءً غير متكافيء أبداً مع حالته ، دقق النظر ، وجد أنه يطابق الأوصاف التي أدلت بها الخادمة لحذاء البيك ، نهض الضابط بخفة ووضع يده على كتف ماسح الأحذيه وهو يهمس في أذنه :
- أين خبأت المسروقات التي حصلت عليها من خزنة البيك ؟
فزع الرجل وألقى بالصندوق الخشبي من يده ، أطلق ساقيه للريح ، لم يبتعد كثيراً وكان في قبضة الضابط ، داخل قسم الشرطة أطلق لدموعه العنان ، يُقسم بأنه لم يسرق سوى الحذاء . إحساس وسوس للضابط بأن الرجل قد يكون صادقاً، وأنه بريء من تهمة القتل وسرقة الخزنة . انتعش الأمل داخل الرجل عندما أمره الضابط بالجلوس ووضع أمامه كوباً من الشاي وقال وفوق شفتيه ابتسامة وهو ينقل بصره بين الجلباب الرث والحذاء الثمين:
- سأساعدك بشرط أن تقول الحقيقة كاملة .
- أقسم يا باشا بأنني لن أقول سوى الحقيقة ، ارتشف رشفة موسيقية من كوب الشاي ، وامتدت يده لتخلي سبيل الحذاء من قدميه ، وقال بنبرة بائسة : صدقني ياباشا من كتبت عليه التعاسة ، يعيش طوال عمره تعيساً ، ويموت وهو يتمرغ في ترابها .. أعرف البيك منذ أكثر من عشرين عاماً ، كان فوق الفقربقليل ، كنت أمسح له حذاءه البالي ، وكانت هذه المرة الأولى التي أقابله فيها بعد هذه الأعوام الطويلة ، أصبح شيئاً آخراً ، وعندما أبديت إعجابي بالحذاء وأخبرني أنه أحضره من الخارج وأن ثمنه يقترب من الأربعة آلاف جنيه ، كدت أفقد رشدي ، إنكمشت الدنيا كلها أمام عيني داخل هذا الحذاء ،أحتضنته بحنان يفوق حنان الأم وهي تحتضن وليدها . طوال عمري ياباشا أحُلم بأن أضع قدمي في حذاء غالي الثمن ، مسحت ألاف الأحذية ، الغالي والرخيص ، ولم أضع في قدمي سوى الأحذية البالية التي أحصل عليها كصدقة من زبائني ، أمنياتي كلها انحصرت في حذاء جميل حتى لو انتعلته مع ثوب مهلهل ، لا تتعجب ياباشا ، قد تنظر أنت إلى الموضوع بأنه شيء غير معقول ، فأنت لم تجرب أن تقضي حياتك وأنت تحدق في الأحذية ، ورزقك كله منها ، وتُقَيمَ الناس من خلالها ، ماسح الأحذية تتولد عنده حاسة الحكم على الأذواق والمستويات من خلال الأحذيه التي ينتعلها الزبائن . حذاء البيك جذبني ورأيت فيه حلم حياتي ، وعندما كلفني بإحضار المفاتيح ، حاصرت تفكيري كله فكرة واحدة ، بأنه يمكنني الحصول على هذا الحذاء ، وبدأت في تنفيذ خطتي ، وذهبت إلى صانع المفاتيح سريعاً وصنع لي نسخة منها ، وعندما عدت إلى البيك ووجدته قد عثر على مفاتيحه التي نسيها في دورة مياه المقهى ، أحسست بأن القدر هو الذي يساندني وساق هذه الظروف ، لأحصل على نسخة من المفاتيح تسهل لي الحصول على الحذاء . في نفس الليلة كمنت بالقرب من الفيلا لوقت متأخر حتى عاد البيك من الخارج ، انتظرت حتى تأكدت أنه خلد إلى الفراش ، تسللت إلى الداخل ، وكأن الظروف كانت تسهل لي خطواتي ، ووجدت الحذاء ملقى أمام باب غرفته ، وهو يغط في نومه مطلقاً شخيراً حاداً ، أسرعت للعودة ، لكن الدم كاد أن يتجمد داخل عروقي ، عندما مررت بغرفة سمعت بداخلها همسات بين رجل وامرأة ، أكملت طريقى سريعاً للخارج وأنا أحتضن الكنز الذي حلمت به طوال عمري .
سأل الضابط باهتمام :
- تقول بأنك سمعت همساً بين رجل وامرأة داخل غرفة ، هل يمكنك تحديد مكان الغرفة بالتقريب .
أجاب ماسح الأحذية دون تردد :
- نعم ياباشا ، الحجرة التي تجاور السلم .
هز الضابط رأسه قائلاً :
- سأتحفظ عليك هنا ، وكما وعدتك لو كنت صادقاً سأساعدك .
قال ماسح الأحذية متوسلاً :
- أقسم ياباشا بأنني صادق في كل كلمة رويتها لسعادتك ، وأنني لم أقتل البيك أو أسرق محتويات الخزنة ، طوال عمري أعيش بالحلال ، ولولا هذه النزوة التي تملكتني ، ما كنت أقف أمامك الآن متهماً .
قال الضابط مطمئناً :
- يكتنفني إحساس بصدق أقوالك ، وهذا ما سيؤكده التحقيق .
********
تصدرت عناواين الصحف خبرإلقاء القبض على ماسح الأحذيه الذي قتل البيك وسرق خزانته ، وكان هذا الخبر مبعث اطمئنان ليتحرك القاتل بحرية ويفقد حذره ، وتم القبض عليه ، وبالرغم من عين المحقق المركزة على مفترق النهدين الناضجين ، إنهارت تحت وابل من الأسئلة المتلاحقة واعترفت بتفاصيل الجريمة :
- كنت أعيش قصة حب مع شاب تعرفت عليه ، لكنه قوبل بالرفض من عائلتي لفقره ، ونكاية فيهم وافقت على البيك فورتقدمه لطلب يدي ، بالرغم من الفارق الكبير جداً في العمر . للأسف اكتشفت ضياعه كزوج منذ الليلة الأولى ، وهو يؤدي العلاقة الزوجية كمقرر صعب عليه . عادت عواطفي المتأججة إلى الشاب الذي تربطني به علاقة حب أكثر من الأول ، طلبت من زوجي أن أستقل بغرفة مستقلة ، فوجئت بموافقته دون نقاش بل وارتياح . هذه الغرفة أصبحت مخدعاً للحب مع حبيبي ، ولقاءات ليلية بعد أن أطمأن على عودة زوجي ورقاده . اتخذنا قراراً بالتخلص من زوجي ، لأرث ثروته وأكون حرة في الزواج من عشيقي ، لكن هذا القرار كانت تنقصه خطة التنفيذ . وفي تلك الليلة كنت مع عشيقي بمخدعي عندما سمعت خطوات متلصصة تسير بالخارج ، خشيت أن يكون زوجي قد اكتشف علاقتنا ، نهضت ونظرت من ثقب الباب ، شاهدت رجلاً يسير بهدوء وهو يحتضن حذاء زوجي ، عرفت فيه الرجل الذي أرسله زوجي في الصباح ليُحضر له المفاتيح ، وتبلورت الخطة فوراً في ذهن عشيقي ، وقام بتنفيذها على الفور ، خنق زوجي وسرق محتويات الخزنة ، واختفى في انتظار إلصاق التهمة بالرجل الذي سرق الحذاء .
********
ضحك الضابط قائلاً :
- لقد وعدتك بالمساعدة إن كنت بريئاً من تهمة القتل وسرقة الخزنة ، فخذ الحذاء وانصرف .
- لكن هذا الحذاء سرقته من البيك !
- ونحن لم يبلغنا أحد بسرقة حذاء ، أو اتهمك بسرقته .
- هل تسمح لي بسؤال ياباشا .
- إسأل .
- كيف توصلت للقاتل ؟
- ملحوظتك عن سماعك لهمس بين رجل وامرأة داخل غرفة أثناء إنصرافك بعد حصولك على الحذاء ، أثارت انتباهي ، وعندما سألتك إن كنت تتذكر موقع الغرفة ، وأجبتني بأنها بجانب السلم ، تأكدت من أنها حجرة الزوجه ، لأنني قمت بمعاينة غرف الفيلا وعرفت أن هذه الغرفة لزوجة المجني عليه ، والشيء الأهم أن المفاتيح الإحتياطي التي قمت بعمل نسخة منها لم يكن بها مفتاح للخزنة ، وبمعاينة الخزنة وجدت أنها فتحت بمفتاحها ولم تُفتح عنوة ، ومعني هذا أن هناك من قام بفتح الخزنة وسرقة محتوياتها غيرك ، والتفت شكوكنا حول الزوجة ، وبتوجيه الإتهام إليك وتسريب الخبر للصحف ، إطمأنت ولم تنتبه للمراقبة الموضوعة عليها ، وتم لقاء بينها وبين العشيق ، قادنا للقبض عليهما وانتزاع اعتراف كل منهما على حدة .
- هل تسمح لي ياباشا بالانصراف دون الحذاء .
- ولماذا ؟!
- صدقني ياباشا عندما انتعلت هذا الحذاء أحسست بأنني غريب عن نفسي ، وأنا أريد أن أقضي ما بقى لي من عمر مع نفسي ولست غريباً عنها .
********
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com