ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

إلى مصر الجديدة أم إلى قندهار؟

منير بشاي | 2012-05-21 10:17:08

 بقلم منير بشاى- لوس انجلوس

 
سأل أحدهم من حوله من الناس: هى مصر رايحة على فين؟ 
 
أجابه آخر: مش كنت تسأل قبل ما تركب!
 
 لا أدرى ان كانت النكتة ستدعوك الى الضحك، ولكن المؤكد ان الواقع يثير البكاء.  حافلة الانتخابات الرئاسية تسير فى طريقها. الركاب فى أماكنهم مطمئنون ومتفائلون ان الحافلة تتجه نحو مصر الجديدة.  .لم يخطئوا الاختيار، سألوا وتأكدوا أنهم فعلا فى الحافلة الصحيحة.  ولكن بعد فترة استرخاء غفلت فيها عيونهم المنهكة، نظروا من خلال النافذة وراعهم ما رأوا. لا.. لا يمكن ان تكون هذه مصر.  منظر الشوارع وشكل المبانى ومظهر الناس وطريقة لبسهم يدل على ان الحافلة دخلت فى عالم آخر.  انزعاج شديد يتلبس الركاب وصرخات ألم من كل اتجاه: الى أين نحن ذاهبون؟ هل يعقل ما حدث؟ لقد استغل البعض ثقتنا، وغيروا مسار الحافلة، فبدلا من ان تتجه الى مصر الجديدة، تحولت الى قندهار!
 
 مصر على مفارق الطرق.  والواقع المؤلم ينبىء بأيام عصيبة توشك ان تمر فيها مصر.  النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية للمصريين فى الخارج تفيد ان التيار الاسلامى يكتسح بقية المرشحين فى انتخابات المصريين المقيمين فى دول الخليج غطت على نجاح التيار الليبرالى بين المصريين المقيمين فى الدول الغربية.  وهى ظاهرة ان استمرت فى انتخابات الداخل تنذر بكارثة كبرى من شأنها ان تعود بمصر الى عصور التخلف والظلام.
 
 حجم المأساة أكبر من أن نتصوره اذا تحقق حلم الاسلاميين فى الاستحواذ على كرسى الرئاسة (السلطة التنفيذية) بعد نجاحهم فى الاستحواذ على البرلمان (السلطة التشريعية) فاذا أصبح فى امكانهم التحكم فى كلتا السلطتين فمعنى هذا ان تصبح لهم السلطة المطلقة لتنفيذ ما يريدون دون عوائق.
 
  معنى هذا ان كل أحلام الاسلاميين وكل مخاوف الليبراليين قد تتحول الى واقع معاش.  وهى على سبيل المثال لا الحصر: معاملة الأقباط ككفار يحل دمهم ومالهم الا اذا قبلوا ان يدخلوا معهم فى عقد ذمة يتحولون بمقتضاه من مواطنين الى ذميين يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون.  ومعناه ان تعود المرأة الى عصر الحريم وتفقد حقوقها التى اكتسبتها عن طريق كفاح هدى شعراوى وقاسم أمين. ويتحول كل ليبرالى يعشق الحرية الى انسان مشكوك فى ايمانه. ومعناه ان توضع القيود  فيما يبتكر ويبدع أهل الفن والمسرح والموسيقى والأدب. باختصار يمكن أن تصبح مصر دولة شبيهة بالسودان والصومال وأفغانستان.
 
  هل هذا ما نريده لمصر؟  وهل لا يزعجنا أن  نترك مصر تتردى الى هذه الدرجة؟ إن مصر أمانة فى عنقنا جميعا نحن الذين كتب علينا أن نعيش فى هذه الحقبة من تاريخ مصر. وحتى ان كنا لا نقوم بدور مباشر فى عملية ارجاع مصر الى الوراء فقد نقوم بنفس هذا الدور بطريقة غير مباشرة اذا آثرنا الصمت واللامبالاة بينما نرى هذا كله يحدث أمام عيوننا.
 
 ولذلك يتحتم على كل مصرى يهمه ان ينقذ مصر من السقوط فى الهاوية ان يعمل كل ما بجهده لكى يحول دون الوصول الى هذه النهاية المأسوية. على كل مخلص لهذه البلد سواء كان مسلما أو قبطيا، امرأة أو رجلا ان يدرك ان مصر تمر بأزمة خطيرة وان خروجها من هذه الأزمة يتوقف عليه شخصيا ويعتمد على صوته فى الانتخابات الرئاسية.  فلو أدى كل ناخب واجبه الوطنى، فان المعجزة يمكن ان تحدث، أما لو تكاسل فان النتيجة ستكون محبطة، ولا يستطيع أحد ان يلوم سوى نفسه.
 
لتفعيل أصواتنا علينا ان نعرف كيف نستعمل أصواتنا بذكاء فلا نضيعها أو نفتتها بل نركزها لانجاح المرشح الصالح. المرشح القوى، والحازم، والادارى، والنظيف اليدين، وصاحب البرنامج التقدمى الواضح والذى يؤمن بمدنية الدولة. من يكون هذا المرشح؟ هذا ما يجب ان يقرره كل واحد لنفسه.  أنا شخصيا انتخبت الفريق أحمد شفيق.
 
 وهناك اقتراح يمثل حلما، وهو إن تحقق، يمكن ان يغير كل شىء للافضل. وهو يتعلق بتكوين جبهة واحدة، منعا من تفتيت الأصوات، بين الثلاثة المرشحين الذين يمثلون التيار المدنى وهم الفريق أحمد شفيق والأستاذ عمرو موسى والأستاذ حمدين صباحى.  فيتنازل اثنين منهم للثالث ليكون هوالمرشح لمنصب الرئيس.  وفى حالة نجاح هذا المرشح يعين الاثنين الآخرين نوابا للرئيس، ويعلن عن ذلك مسبقا حتى يعرف الناخب أنه ينتخب مجموعة وليس مجرد فرد.  هذا الاقتراح يبدو ملحا الآن خاصة فى ضوء البيان الذى أصدرته جبهة علماء الأزهر مطالبة العوا بالانسحاب ومطالبة أبو الفتوح ومرسى بالتوافق على أحدهما لتوحيد جبهة الإسلاميين. 
 
أتمنى مخلصا من مرشحينا الكرام تغليب مصلحة مصر فوق أى اعتبارات شخصية حتى تعبر بهم مصر هذه الفترة بسلام نحو مستقبل مشرق يعوضها عن احباطات الماضى.  وحتى تعود الحافلة من توهانها فى أزقة وخرائب قندهار الى اتجاهها الصحيح نحو مصر الجديدة، مصر التقدمية، مصر المستقبل، لتأخذ مكانها اللائق بها بين دول العالم المتحضر كرائدة الايمان والعلم والتكنولوجيا.
 
 كلمة أخيرة أقولها لكل من يحمل بطاقة انتخابية فى مصر: اذهب الى صندوق الانتخاب، مهما كانت المخاطر، ومهما كلفك هذا من جهد، وانتخب مرشحك الذى يؤمن بمدنية الدولة. لا تستهن بصوتك، اعتبره الصوت الوحيد الذى سيحدد مستقبل مصر، ومعها مستقبلك ومستقبل أولادك. انها مسألة حياة أو موت.
 
Mounir.bishay@sbcglobal.net

 

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com