كتب : تريزا جبران
عن الحب يكتبون .. عن روعته يحدثون.. عن لوعته يخبرون .. ثم يتركون ضحاياهم من القراء متحسرين.. تواقين للتجربة و الاختبار الوجداني .. و ما يختبره المرء في الواقع هو شاحب جداً اذا ما قورن بقوس قزح الشعراء و المؤلفين.. و علي الرغم من ذلك يظل الحب كائناً تتشارك في خلقه ملايين الحروف المزخرفة و المعاني الحفّارة و الفلسفات المجردة.
ولا أعلم لماذا يتخذ هذا النوع من الأدب بل الخيال كل هذه المساحات في حين يغوص العالم بإنسانه إلي هوة الكراهية.
فإن كان الانسان يفتقد فردوسه فلماذا يسعي جاهداً لتحمية وطيس الجحيم!
انما قليلون من كتبوا عن روعة ألا يكون الانسان في حالة حب! ألعله بسبب انها حالة لا تحتاج إلي شجن ولا معاناة ولا صراع! أو لأنها تتطلب الكثير من الواقعية و العملية ..
أتحدث هنا عن العشق وليس عن الحب المطلق. ما أروع أن يمر الانسان بخفة ضيقة اللا-حب
لا يكترث بذكر او بأنثي انما يدور اهتمامه حول الأشخاص بلا قيود النوع.
في حالة اللا-حب يستطيع الشخص ان يتجمل كي يري الحياة افضل . يشتري عطورا و زهورا و يهديها لنفسه.. يدعو نفسه علي قهوة في افضل الاماكن الرومانسية و يتأمل الاشياء التي لم يكن ليتأملها ومعه الآخر المعني..
يري الجمال و الحب في عيون الطبيعة وعيون من يتشاركون المكان. و يري العظة في ملامح الكادحين و يري الحكمة في تجاعيد الخبرة.
ان يستيقظ الانسان دون ان يبحث عن رسالة لن تصل أو تليفون لن ترن نغمته الخاصة أو صوت رسالة لا يجد فيها سوي تذكرة بميعاد فاتورة ما .. يجعله يبدأ في اكتشاف أشياء أخر تبهجه.. فيجدها فتبهجه... يكتشف انه قادر ان يضحك علي نكتة لم يقلها حبيب.. أن يبتسم لذكريات كثيرة.. أن يشرق لأمل في غدٍ من صنعه وليس من صنع خياله.
في حالة اللا-حب يكتشف الانسان ذاته و نفسه و مشاعره و احتياجاته الحقيقية.. يكتشف فرديته يكتشف تناغم بداخله من نوعٍ ما..
يبدأ في تغيير لون جدران قلبه .. اعادة ترتيب لأثاث نبضاته.. تغيير لبعض شرايينه
في حالة اللا-حب يبدو المستحيل أقرب بطريقة ٍ ما .. يبدو أكثر احتمالا و توقعا ..
في حالة اللا-حب تشعر بنبض من التوقع .. انه توجد مفاجأة ما قد تصلك أو تصلها
في حالة اللا-حب تستطيع ان تكون انت بألوانك دون أن ترتدي ألوان المحبوب
في حالة اللا-حب لا يوجد خيبة أمل مما قد لا يحدث أو لا يُقال من المحبوب بل كل ما لم يفعله هو تجدك انت تفعله بنفسك و بالآخرين. كأنك تريد ان تعطي الحب درساً.
في اللا-حب.. حب.. اتسعت دائرته فشملت كثير من الموجودات التي لم يكن لها ان توجد بينما من احتل وجودك موجود .
ما أروع اللا-حب ... فهنيئاً لمن يعيش الحالة و تشجيعاً لمن يخشاها!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com