بقلم / حنان بديع ساويرس
كتب عمرو أديب مُنذ أيام مقال أو بالأحرى بعض الخواطر بموقع اليوم السابع تحت عنوان "سليمان والسلام" يستنكر فيه موقف المصريين المُرحبين بترشح اللواء عمر سليمان لرئاسة الجمهورية ويأتى موقف أديب هذا بعد حلقات هجومية كثيرة منه على الإخوان والسلفيين ، فربما يكون أراد أن يقوم بعملية توازن حتى لا يستثير التيارات الإسلامية ضده فُيصبح وكأنه مُحايداً لذلك كتب هذا المقال ولاسيما بعد تصريحه بأن السيد سليمان قد هاتفه تليفونياً مُصرحاً له بأنه لو حاول الإخوان إقرار قانون العزل السياسى فأنه سيفتح "الصندوق الأسود " لهم أى سيقوم بفضحهم وإعلان أسرار عنهم تبدوا مُريبة أعود مرة آخرى لما قاله أديب من خواطر تبدوا فى ظاهرها مُهاجمة لموافقة الكثيرين على عمر سليمان لكن بواطنها لا يعلمها إلا الله وحده وضمائر أصحابها ،لكننى سأعلق على الظاهر والمُباشر من خواطر أديب سواء كان مُقتنع بما يقول أو له أهداف آخرى من هذا الكلام فيقول:
* هذا شعب غريب ، كلما كان عنده فرصة للتغيير رفضها اللهم إلا استثناءات تاريخية ، تخيلوا عصفورا فتحوا له القفص فرفض الطيران تخيلوا مريضا يرفض الدواء . - وجلست أتخيل كما طلب عمرو منا أن نتخيل ، فتخيلت كما قال أن عصفوراً فتحوا له القفص فرفض الطيران ، فوجدت أنه ربما يكون للعصفور ألف حق أن لايخرج خارج قفصه خوفاً من المجهول الذى ينتظره خارجه فمعروف أن أبينا نوح أثناء الطوفان وهو بالسفينة قد أرسل حمامة ليعرف عن طريقها هل قلت المياه من على الأرض أم لا فيقول الكتاب المقدس فى سفر التكوين ص/ 8 عدد 8 : 9 أنه بعد أن أرسل الغراب " ثم أرسل الحمامة من عنده ليرى هل قلت المياه عن وجه الأرض ، فلم تجد الحمامة مقراً لرجلها فرجعت إليه إلى الفلك" فها هى الحمامة عادت فى المرة الأولى للسفينة مُستنجدة بمحبسها خشية من تعرضها للغرق خارجها فربما لو خرج العصفور من قفصه تعرض للغرق والموت المُحقق لذلك لا عجب فى أن يرفض الخروج لو شعر أن خروجه من قفصه سيودى بحياته ويقضى عليه ولن تقوم له قائمة مرة آخرى لكن ربما وجوده فى القفص يضمن له العيش ولو بشكل مؤقت حتى لو كانت لفترة قصيرة.
- تخيلت أيضاً معه كيف لمريض أن يرفض الدواء ، فلم أجد أدق من هذا الوصف وهذه الجملة الشهيرة التى قيلت فى إحدى الأفلام العربى القديمة وعلقت بأذهاننا جميعاً فعلى نهجها مع تغيير أسم البطل بأسم أديب صاحب هذه التساؤلات المُندهشة!! الا وهى" نداء من حكيمدار العاصمة إلى عمرو أديب ، لا تشرب هذا الدواء ، الدواء به سم قاتل " ونداء الحكيمدار هنا هو نداء الشعب المصرى له مُحذراً أياه من مغبة تناول هذا الدواء "الإخوانى السلفى" الذى ينصحنا بشربه بل ويتعجب أشد العجب لماذا لا نشرب منه ويقصد بالدواء هو التغيير لمجرد التغيير حتى لو كان التغيير سيجلب لنا تيارات إسلامية مُتشددة ستعود بمصر إلى الوراء آلاف السنون وسيدفع ضريبة هذا التغيير الأقباط والمرأة والعلمانيين وكل من ينادى بدولة مدنية ، فإذا كان هذا هو الدواء فى نظرك فهو بالحق دواء به سم قاتل ، وأعتقد من الطبيعى لأى إنسان طبيعى وسوى عندما يجد بالدواء سُم يبتعد عنه بل يلقى به فى أقرب بالوعة للتخلص منه لينجو بحياته حتى لو كانت حياته بدون دواء ستنتهى لامُحالة بعد أيام قلائل فرفض الدواء هنا هو حباً فى الحياة وليست رفضاً لها حتى لو كان إستمرارها لأيام معدودات ، فكثيراً يكون تناول الدواء هو سبب الوفاة وليست سبباً للشفاء ففى حالات كثيرة نسمع عن من أخذ جرعات زائدة منه فلقى حتفه أومن أخذ دواء بالخطأ فسقط صريعاً وهذا هو أن جاز التعبير الدواء الخطأ الذى تريد منا تناوله حتى نقع جميعاً صرعى ولا نجاة ،أقول لك أن الإنسان فى هذه الحالة سيتمسك بالأمل وسيلقى بالدواء وسيختار أن تمتد حياته ولو لساعات أوأيام قليلة على أن يلقى بحتفه فوراً لو شرب هذا الدواء المُسمم .
- وتابعوا معى سلسلة تخيلاته ، فأسترسل قائلاً : تخيلوا جائعاً يرفض الطعام ،حفاوة غير عادية لتأييد ترشيح سليمان، مواطنين عاديين وأغنياء ومثقفين ، لى صديق أضرب عن الطعام عندما علم أن سليمان لن يرشح نفسه، ألا تريدون تذوق أى طعام آخر، ألا تفكرون فى تغيير ملابسكم القديمة ، ليس عندكم أى فضول للتعرف على ناس جديدة تحمل أملاً جديداً ، فى الغرب الناس فى بعض الأحيان تغير لمجرد التغيير، الناس خلقها ربى تحب التغيير، أسألهم هل تعرفون أى شئ عن الرجل .... فلايردون لكن نحن نريد أحداً غير الإخوان أو غير الثورة .... ألم يكن مزاجكم إخوانياً ، ألم يكن مزاجكم ثورياً
- فأقول أن الطعام مثل الدواء لو أكتشفنا أن به سم وأننا سنأكله ونموت لن نأكله حتى لو كان هو آخر طعام فى متناول أيدينا فلو كان الخيار بين أن نموت حالاً وفوراً بسبب دواء أوطعام به سم أو أن نموت بعد فترة قليلة فأكيد سنختار تأجيل الموت لأن الله خلق الإنسان مُحب للحياة ولايريد تركها بسهولة حتى فى أحلك الظروف، فربما فى هذه الدقائق أو الأيام المؤجلة له يكون وجِد علاج للمرض أو أرسل الله لنا طعاماً يقينا من شر الموت جوعاً فمعونة السماء لاتنقطع أبداً عن بنى البشر ، فلماذا نختار الموت العاجل يا أديب؟!! ولماذا تريد منا أن لا نتشبث بالأمل ، الأمل الحقيقى وليس الأمل الذى تراه أنت لو غيرنا لمجرد التغيير كما تقول أن الغرب يغيرون لمُجرد التغيير فالغرب مُرفهون ومن الملل الذى ينتابهم يقومون بالتغيير لمُجرد التغيير لكننا فى الشرق ليس كذلك ، وعندما نغير لابد أن نتأكد أنه للأفضل فنحن لسنا فئران تجارب فنتحمل ما مضى من قمع وظلم وفقر بسبب النظام البائد لنجد تشدد وتزمُت وفرض أزياء مُعينة على نساء مصر والتفنن فى قمع الشعب بأسم الدين وتطبيق حدود وشرائع لايدين بها كل الشعب المصرى وهذا إذا حكمت تلك التيارات الدينية ، فلا عجب عندما تجد من يناصر عمر سليمان لو كان الخيار الآخر هو أبو إسماعيل والشاطر ومن على شاكلتهم فلو حكم مثل هؤلاء سيمنعون عنا الهواء وهم من سيُدخلونا القفص الذى تتوهم أنه بحكمهم لمصر سيُخرجونا منه ووقتها سنراك بلحية وجلباب أبيض كالثلج كالملائكة بالطبع وأنت تحاور ضيفك وإذا لم يعجبك رأيه نجدك تنهره قائلاً " لا تُجادل يا أخ على" مثلما فعل الكتاتنى مع د. إيهاب رمزى رافضاً حديثه قائلاً لأتباعه من أعضاء البرلمان " سيبوه يقول اللى يقوله " بمعنى أن كلامه ليس له معنى ولن يُأخذ به.
- وها هى البوادر بدت تطفو على السطح فالبرلمان الإسلامى وكأنه يقوم بعمل بروفة أو يعطى لنا صورة مُصغرة لما سيحدث فى مصر لو وصلوا لحكمها فمرة يقومون بتشكيل قانون للعزل السياسى حتى لا يجعلوا فرصة لسواهم للجلوس على كرسى الرئاسة ولا سيما عندما أعلن عمر سليمان الترشح وفعلوا هذا بحجة أنه من الفلول وينتمى للنظام البائد فلا أدرى ما هذه العُقدة الفلولية فكل من يريد التشكيك فى سمعة أى شخص لإزاحته من طريقه يقول أنه من الفلول ، فربما يكون البعض ممن كانوا يعملون مع النظام السابق من الشخصيات المُحترمة والتى تستحق التقدير وإلا أصبح الشعب المصرى برُمتِه كله فلولاً فالشعب كله كان يتعامل مع النظام السابق سواء بشكل مُباشر أو غير مُباشر فجميع موظفى الدولة بكل أطيافهم وأشكالهم كانوا يتعاملون معه فهل نقوم بإستيراد شعباً جديداً ؟!! أنا أرى فى هذا التعبير سذاجة وتلاعب بمشاعر المصريين فمبارك قد أنتهى عصره بالفعل ولا يوجد أحد ممن رشحوا أنفسهم للرئاسة ممن يُحتسبون على النظام السابق هم مبارك حتى لو قد كانوا يتعاملون مع نظامه ، لأن المصريين قاموا بثورة والجميع يعلم أنه يستحيل أن تعود مصر إلى ما قبل الثورة ومن سيأتى منهم يعرف ذلك جيداً ومن الطبيعى أن يتحاشى الأخطاء الذى وقع فيها النظام السابق .
- أعود للبرلمان الموقر ، فمرة يخرج علينا بقانون العزل السياسى وآخيراً يقومون بإصدار قانون لعزل بعض النجوم الذين كانوا مُقربين من نظام مُبارك فنياً ومنهم عادل إمام وليلى علوى ويسرا وطلعت زكريا وغيرهم ، وكأنهم عقدوا العزم على أن كل من قابل الرئيس وسولت له نفسه أن "يُصبح عليه أو يلقى السلام عليه" سيقومون بعزله ، وكأن مشاكل مصر قد تم حلها ببركاتهم مُنذ حلولهم بالمجلس ولا يبقى سوى الحديث فى الثانويات ، فليذهب إقتصاد مصر وأمنها وأمانها وتعليمها وسياحتها وشعبها إلى الجحيم حتى يبلغ أعضاء البرلمان مُرادهم الشخصى ، فأصبحوا يقومون بتفصيل قوانين على مقاسهم تارة ، وعلى من يُريدون إقصاؤه تارة وينطبق عليهم المثل الشعبى " أنهم أعطوا للقط مُفتاح الكرار"ملحوظة كلمة " "الكرار" هنا بحرف الكاف وكانت تطلق قديماً على غرفة خزين الطعام فتخيلوا معى وليس مع أديب ماذا يحدث عندما يحصل القط على مُفتاح الكرار فبالطبع سَيلتهم كل ما يجده بطريقه ولا يستبقى لأهل المنزل شيئاً يأكلونه ، وهكذا أعطوا لأعضاء البرلمان مُفتاح "القرار" وهنا الكلمة بحرف القاف أى تحديد المصير وللأسف ، أنهم لم يُحددون مصائرهم بل المُصيبة الكبرى أنهم يُحددون مصائر الشعب المصرى بأكمله ولن يستبقوا له شيئاً يسد به رمقه ، فإذا كان البرلمان أعلن أن " أول القصيدة كفر" فماذا يا أديب لو حكموا هؤلاء مصر ولاسيما بعد أن أفتضحت أكاذيبهم المُستمرة فأحد أعضاءهم يقوم بعمل عملية تجميل بأنفه ويكذب ويلفق الإتهامات ويُقدم بلاغاً رسمياً بأنه تعرض لحادث ضرب وسرقة وفى النهاية يتضح لنا أنه فيلم هندى !! والآخر يترشح للرئاسة وجنسية والدته أمريكية ويخفى هذا فطالما أنكم تلهثون للحصول على الجنسية الأمريكية فلماذا صدعتم رؤوسنا بالتشكيك فى كل من يتعامل مع أمريكا وإتهامهم بالخيانة ولاسيما أقباط المهجر ، الا يوجد حياء أوحرج ؟!! والكذبة الكبرى الا وهى أن يعلن الإخوان مراراً وتكراراً أنهم لن يُرشحوا منهم أحداً لرئاسة الجمهورية وسيكتفوا بالبرلمان وعندما وصلوا للخطوة الأولى نراهم يتسلقون للخطوة التى تليها ، فماذا لو قالوا صراحة من البداية أنهم سيرشحون أحدهم للرئاسة فهل الكذب هواية أم صنعة!! وآخيراً ما يفعله الآن أنصار أبو إسماعيل فجميع المُرشحين المُستبعدين تلقوا قرار إستبعادهم بهدوء إلا هؤلاء فمن يومها لا نسمع منهم إلا لغة التهديد والوعيد وأننا سَنُبايعه ويتحدثون وكأنهم هم كل الشعب المصرى أو وصاة عليه أو معهم توكيلات بالنيابة عن 80 مليون مصرى وسيفرضونه رئيساً رغماً عن الجميع ،لا أدرى هل مصر أصبحت وسية أم تكية !! أم أصبح كرسى الرئاسة بالبلطجة والإرهاب ، فنشكر الله لأنه كشف هؤلاء فماذا لو كان حكم أبو إسماعيل وبالطبع أتباعه المُتأزمين من أجل إستبعاده بل المُتضررين من ذلك لأنه بالطبع كان سيوزع عليهم المناصب الوزراية وغيرها ، فماذا كانوا سيفعلون بالشعب المصرى لو حدث هذا وماذا عن هتافهم بالتحرير إسلامية إسلامية ، فقد خرج أحدهما وصرخ من أعلى المنصة بالتحرير وكان من المفروض أن يكون مكانه الآن بالسجن وليس المنصة لأنه هو من فجر فتنة إمبابة بل الكثير من الفتن الطائفية فى مصر ،ويقول أنهم سيحكمون بشرع الله رغماً عن الجميع وكأنه وحده من يعرف الله والجميع لايعرفه!! ففى هذه الحالة أقول لك يا أديب أن داخل القفص أفضل من خارجه وإلقاء الدواء أرضاً أفضل من شربه بسُمه المُميت والجوع أفضل من طعام سيسبب أمراض تكون نهايتها موت مُحقق والملابس القديمة ربما تكون أكثر أناقة من ملابس جديدة تكون ضيقة فتخنق من يرتديها أو تجعله مصدر لسخرية الناس فيستهزؤن به.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com