ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مرشح الإخوان بين المغالبة والارتباك‏!‏

بقلم: د. وحيد عبدالمجيد | 2012-04-17 09:36:18

بخلاف ما أوحي به قرار ترشيح جماعة الإخوان المسلمين وحزبها المهندس خيرت الشاطر في الانتخابات الرئاسية‏(‏ ثم ترشيح محمد مرسي احتياطيا‏)‏ من اتجاه إلي المغالبة‏.

يبدو هذا القرار تعبيرا عن ارتباك أصاب أداءها في الأسابيع الأخيرة وأفقدها زمام المبادرة التي امتلكتها علي مدي نحو عام بعد الثورة. فقد أخذت في الانتقال من موقع الفعل إلي حالة رد الفعل بعيد انعقاد مجلس الشعب الذي افتتح أعماله في23 يناير الماضي في وجود حكومة لا طاقة لها علي معالجة مشاكل هائلة متراكمة.

فقد وجد حزب الإخوان أنه في موقف صعب لأن الحكومة لا تحل أيا من المشاكل التي تثير غضب قطاعات واسعة من المواطنين الذين انتخبهم كثير منهم أملا في معالجة هذه المشاكل. وفي ظل وضع بالغ الصعوبة وشديد الارتباك, تحولت العلاقة بين مجلس الشعب وخصوصا حزب الإخوان فيه والحكومة إلي خلاف متزايد بسبب ازدياد قلق هذا الحزب والجماعة التي يعبر عنها من تراجع شعبيتهما بسبب ازدياد المشاكل التي تواجه المواطنين بدلا من تناقصها.

ولكن المجلس الأعلي للقوات المسلحة رفض تغيير الحكومة وأصر علي استمرارها حتي إنهاء المرحلة الانتقالية في30 يونيو الماضي لكي لا يستأثر الإخوان بالسلطة التشريعية والشق الحكومي في السلطة التنفيذية قبل التفاهم علي ترتيبات ما بعد هذه المرحلة وكيف سيكون شكل النظام السياسي الجديد الذي سيلعبون الدور الرئيسي في تحديده عبر دورهم الرئيسي في الجمعية التأسيسية التي انتخبها البرلمان لوضع مشروع الدستور الجديد.

وبالرغم من عدم وجود دليل قاطع يؤكد سعي الطرفين إلي حل يقوم علي إقالة الحكومة وتكليف حزب الحرية والعدالة بتشكيل أخري جديدة في مقابل الاتفاق علي دعم مرشح يحظي بقبول المجلس العسكري ويلتزم الإخوان وبعض الأحزاب بدعمه والسعي إلي الحصول علي مساندة أوسع له باعتباره رئيسا توافقيا, فثمة معطيات ترجح حدوث ذلك.

وكان فشل السعي إلي توافق من هذا النوع بداية ازدياد الخلافات بين الطرفين, وصولا إلي إعلان جماعة الإخوان ترشيح نائب مرشدها العام المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية. وبدت هذه الخطوة قفزة علي الواقع وحرقا للمراحل. فقد أصبحت الجماعة في مرمي نيران هجوم شديد وفي قلب مغامرة تخاطر فيها بأهم ما تملكه وهو المصداقية وثقة قطاع واسع من الناخبين فيها بعد أن تراجعت عن التزام قطعته علي نفسها للمرة الأولي في10 فبراير2011 بعدم تقديم مرشح رئاسي وأكدته في أبريل من العام نفسه في اجتماع مجلس الشوري العام التابع لها ثم في كثير من البيانات والتصريحات التي صدرت عن زعمائها ومن قادة حزب الحرية والعدالة.

كما اتهمت بتبني منهج قيل إنه انقلابي وتدبير خطة محكمة للاستيلاء علي مختلف المواقع الرئيسية في الدولة وممارسة هيمنة كاملة علي النحو الذي فعله الحزب الوطني من قبل حتي ثورة25 يناير.

غير أن المعطيات الأكثر اقترابا من الواقع تفيد أن جماعة الإخوان اندفعت في طريق لم تخطط للسير فيه منذ البداية, بل انجرفت إليه نتيجة أخطاء عدة ارتكبتها منذ فوزها الكبير في الانتخابات البرلمانية عندما شعرت بالقوة التي قد تضعف من يمتلكها إذا لم يتجنب شرورها. فقد ابتعدت عن حلفائها من الأحزاب الليبرالية والقومية مما أدي إلي تلاشي التحالف الديمقراطي الذي قام بدور رئيسي في طمأنة كثير من المصريين بشأن توجهاتها ومصير البلاد في ظل توسع دورها. كما لم تحسن أكثريتها البرلمانية المنتمية إلي حزب الحرية والعدالة إدارة العمل في مجلس الشعب علي نحو أضعفه كثيرا أمام الحكومة وجعله بين خيارين يعتبران الأقل فاعلية, وهما تسول إصدار قرارات تنفيذية أو الصراخ والتهديد بسحب الثقة منها في ظل وضع دستوري ملتبس بشأن العلاقة بين الطرفين( المجلس والحكومة).

وكان الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الأكثرية البرلمانية وساهم في دفع الإخوان في طريق تصعيد الخلافات مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة حول قضية الحكومة هو تهميش الدور التشريعي لمجلس الشعب وعدم استخدامه إلا قليلا كما لو أنه مجلس استشاري لا صلاحيات له في إصدار القوانين وتعديلها, بالرغم من أن هذا هو دوره الرئيسي وأداته الأقوي لإلزام الحكومة أية حكومة بإصدار قرارات معينة أو تغيير سياسات محددة. فلا يزال أداء المجلس في هذا المجال هو الأضعف في تاريخ مصر البرلماني منذ عام1924, بما في ذلك البرلمانات المزورة التي كانت تمرر تشريعات سابقة التجهيز. وكان في امكان مجلس الشعب أن يلزم الحكومة بما يطالبها به, ولايزال, عبر إصدار تشريعات جديدة تتعلق بهذه المطالب أو تعديل قوانين قائمة ذات صلة بها.

ولو أن طريقة حزب الأكثرية في إدارة البرلمان كانت أفضل حالا, لما وجدت جماعة الإخوان نفسها في وضع يدفعها إلي الاندفاع في اتجاه قد يكلفها الكثير من مصداقيتها وبالتالي شعبيتها بسبب تراجعها عن التزام تعهدت به, حتي إذا لم يؤد إلي صدام مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة. فقد اندفعت في اتجاه زيادة مساحة الخلاف مع هذا المجلس, في الوقت الذي تصطدم مع الحكومة, وتتنافر مواقفها تجاه المسألة الدستورية مع الأحزاب والقوي الليبرالية واليسارية مجتمعة تقريبا للمرة الأولي, وتتباعد المسافة بينها وبين كل من الأزهر والكنيسة بسبب هذه المسألة أيضا.
ولذلك كله, فقد دخلت العلاقة بين الجماعة والمجلس في أصعب مراحلها منذ يوم11 فبراير2011 علي نحو يجعل مستقبل مصر وربما مصيرها متوقفا علي تطورات هذه العلاقة في الأسابيع القليلة المقبلة.

نقلا عن الاهرام

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com