بين الموت و الحياة
يعبر الموت كل الضعفاء لكنه يقف كعبد أمام سيده المسيح.يدوس الموت كل البشر لكنه يقف مستئذناً مخلصنا الصالح الذي يستطيع أن يردعه.
لعازر – نام - مثل لعازر – مات - عند قاهر الموت.فما الموت إلا نوم . و ما النوم إلا موت.هكذا الموت كالحياة في يد مخلصنا .
أدهش الكلام كل الملائكة حين قال مخلصنا ( لأني لم أكن هناك لتؤمنوا) أحقاً لم تكن هناك يا سيدنا الصالح؟ فكيف إذن مات لعازر؟ ألم تكن مع حبيبك عند موته؟ ألم يستأذنك الموت في قديسك؟ربما لم تكن هناك بالجسد ؟ لكنك مالئ الكل بلاهوتك و رغم هذا لم تضع هناك حاجزاً بين الموت و لعازر. بل سمحت للموت أن يتوغل لكي تظهر قوتك. نعم لم تكن هناك تعني أنك لم تكن هناك لتمنع الموت بل لتسمح له. لم تضع عائقاً يعطل فعل الموت بل عن رضا قد أذنت للموت راضياً بفعله لكي تظهر شدة حياتك في المائتين.
مات لعازر .فكل القديسين يموتون. مات حبيبك لأنك لا تمنع الموت عن أحباءك. بل تجعل الموت ينقلهم إلي حضنك. الموت خادمك تصنع به كما تصنع بالحياة.تجعله للخير كما تجعل النسمة في أفواهنا. ما الموت سوي رحلة تكريم لأتقياءك.موكب تشريف لخائفيك.حفل إستقبال ملوكي لأحباءك.ما الموت عندك؟ لقد جعلتنا نحب الموت لأجلك كما نحب الحياة معك. لقد تصادقنا مع الموت.حين أفقدته عنفوانه.و روضته كحمل عند أقدام بني الملكوت.كم لعازر يموت و هو بشوش .كم لعازر يري الموت ليس كما يراه الهالكين.
لعازر رأي الموت بلا شوكة.بلا سلطان.لعازر وجد أن الموت ليس الخاتمة.ليس أبداً نهاية حياة. فها هو يموت ليس كما يموت الهالكون. يموت و هو لا زال يسمع صوت مخلصنا.
اليوم نفهم سؤال مخلصنا : هل أعوزكم شيء؟ لا يا رب لم يعوزنا شيء.أخذنا منك الحياة غير ناقصة. بل ممتلئة حتي إلي الأبدية. أخذنا و فاض فيضاً وفيراً. أخذنا و رأينا و لمسنا و عشنا من العظائم و العجائب ما زاد عن خيال كل الناس. لا يا سيدنا الجزيل العطاء لم يعوزنا شيء.
لعازر حبيبنا
يدهشنا قولك يا معلمنا القدوس يسوع. لعازر حبيبنا ؟ هل هو حبيب الثالوث لذا قلت حبيبنا و ليس حبيبك فقط؟ نعم هو هكذا . لأنه بدون نسمة الروح القدوس .بدون أمر الآب .بدون وساطة الإبن لم يكن ممكناً أن يقوم لعازر. السر في قيامة لعازر هو في هذه الكلمة فقط ( لعازر حبيبنا) حب الثالوث الأقدس هو سر حياة كل البشر. و رضا الثالوث الأقدس و عمل الثالوث معاً هو السبيل الوحيد للقيامة. لعازر حبيبنا ...... ما أكرمك أيها القديس محبوب الثالوث.و ما أعظم عمل الثالوث في المائتين.
لعازر حبيبنا أيضاً تعني أنه حب المسيح يدفع كل أولاده للتوحد في نفس الحب. هو المحب الحقيقي الذي من نبع محبته يفيض الحب و يشمل كل أولاده معاً. نعم بهذا يعرف العالم أننا تلاميذك. إن أحببنا بعضنا بعضاَ لأن هذا يعني أن إلتصاقنا بنبع الحب هو إتحاداً حقيقياً .لا يستطيع أولاد المسيح أن يدعون أولاده لو لم يكن الحب هو لغتهم الوحيدة معاً.لهذا يقول مخلصنا أن لعازر ( حبيبنا) كلنا . فطالما أن المسيح يحبه علينا أن نحبه. إننا نقلد معلمنا في محبته لأتقياءه.
أم لعازر حبيبنا تعني أنه ضمن تلاميذك و خدامك. فتتكلم عنه ضمن التلاميذ .كأن حبيبنا تعني أنه حبيبكم أيها التلاميذ.لأنك أنت الذي بتواضعك سألت بطرس قائلاً أتحبنى ؟ لكي تجعل منه راعياً و خادماً ...لعازر حبيبنا أصبحت تساوي لعازر خادمك و لأنه حبيبك فهو شريك في الخدمة و البشارة. هو شاهد أمين لعمل مخلصنا الصالح و سلطان لاهوته. هو حبيبكم أيها التلاميذ لأنه الوحيد الذي أقامه المسيح ليبشر .فنحن لم نسمع عن إبن الأرملة بعد إقامته. و لم نسمع عن الصبية طابيثا. و لم نسمع أن أحداً مات ثم قام ليبشر سوي لعازر لذا هو حبيبنا. و سوف يتبع تلمذته كثير من الراقدين الذين سيقومون وقت موت مخلصنا يوم جمعة الصلبوت. هؤلاء سيظهرون لكثيرين متحدثين عن عمل الإبن الذي خلص العالم. هكذا صار لعازر بكراً للمبشرين بقوة القيامة بين التلاميذ.
لذلك لعازر هو حبيب التلاميذ أيضاً. فهو الوحيد معهم الذي لديه خبرة الموت و خبرة القيامة معاً. هو الوحيد الذي عرف معني الإنسان الجديد قبل بولس الرسول. هو الوحيد الذي فهم ما هي متاريس الموت و ما هي مخارج الحياة أيضاً و رآهما بعينيه مثل الشمس.
لعازر حبيبنا. نعم حبيبنا نحن أيضاً لأن فيه رأينا كيف تستطيع المحبة أن تقيم الأموات. كيف تستطيع المحبة أن تغلب حتي قوة الموت القاهرة. كيف تستطيع المحبة أن تفك كل الأربطة و القيود التي تتحدي المسيحي ذو الإيمان الحي.
لكني أذهب لأوقظه؟؟ لنذهب إليه...
و من يذهب إلي القبر بجرأة سواك؟ و من يتساوي عنده الموت و الحياة سواك؟ من يستطيع أن يفعل شيئاً في هذا المصاب الأليم غيرك... حسناً أنت الذي أتي إلينا. ذهبت إلي الميت الذي هو الإنسان. ذهبت لأن أباك السماوي سٌر أن يرسلك لأجلنا.
يحتاج الأمر دوماً إلي تدخلك يا سيدنا الصالح يسوع.إذهب أنت لتوقظه .يا لتواضعك .لم تقل أنك ذاهب لتقيمه لكي لا تظهر بطلاً و أنت صانع الأبطال.لم تقل أنك ذاهب لتعيد له الحياة لكي لا يندهش السائرون حولك و يتعجبون منك؟ حتي ساروا يتضاحكون معاً قائلين هيا نذهب لنموت معه؟ غير مدركين أن الذي يسير معه يصبح أقوي من الموت و أقوي من الهاوية .ألم يحكي أن أخنوخ سار معه و لم يمت لأن الله إختطفه.ما بالك يا توما إذن لم تنتبه لما قاله المعلم السماوي.؟
تعالوا لنذهب إليه .... ليس إلي لعازر بل إلي مخلص لعازر و مخلص كل ذي جسد. تعالوا نسير معه لنقوم من موت الخطية.تعالوا نرافق القيامة و الحياة فلا يكن للموت الثاني نصيب فينا.نعم من يسير معه و لو سقط فسيقيمه. لأنه الثاني لكل واحد.و الرفيق السائر مع كل نفس يهبها نسمة الوجود.تعالوا نذهب معه حيثما سار نسير و لو إلي وادي ظل الموت حيث قبر لعازر.
السؤال بين الموكبين
كانت هناك مسيرة جنائزية تحيط بمرثا و مريم .مشيعون و معزون و نادبون.و كانت هناك مسيرة صامتة يقودها رب المجد يحيط به تلاميذه حائرون ماذا سيقولون و كيف سيتقابلون مع شقيقتي صديقهم لعازر.
موكب السائرين لتهدئة الحزاني و موكب المخلص مقابله يعرف أن في يده فرحاً حقيقياً يهبه لأحباءه.
رأيتك تدخل وادي ظل الموت بيدين عاريتين.أليس هذا هو أيضاً مشهد الغالبين.لم تكن نجاسة الموت حائلاً بينك و بين أحباءك.
نعم الآن نعرف ما معني الحب حتي الموت. أو الحب رغم الموت.
طرحت سؤالك لتفصل بين الموكبين و تعط فرصة لمريم و مرثا للإنضمام إلي موكب المنتصرين..... أتؤمنين بإبن الله؟
لماذا لم يصلي المسيح
أتؤمنين بأنني الله؟ لأنها قالت له أنا أؤمن أن ما تطلبه من الله يعطيك الله إياه .و هي لا تعلم أنها بقولها هذا تفصل بينه و بين لاهوته. فأجابها أنا هو الله. أنا هو الحياة. أنا هو القيامة . أنا الذي يجب أن تؤمنين به .أتؤمنين بهذا؟
لذا أيضاً قال لها الممجد .. سيقوم أخوك.. و لم يقل أنه سيطلب لأجله ليقوم... و لذلك لم يصل لأجله ليقوم بل بالأمر أقامه.
مرثا لم تكن تنظر إلي المسيح المحيي بل إلي أخيها الميت منذ أربعة أيام.
منذ صارت الأرض مات أخي. كنا في الفردوس مخلوقين لحياة أبدية و الآن نحن في أرض المطرودين من الفردوس. نحن في أرض الموت .هنا مات الجميع منذ أيام أربعة.في أربع جهات الأرض.
خُلق الإنسان في اليوم السادس. وكان قبلها بأربعة أيام للخلق خَلق الله الجلد.و فصل بين الجلد الذي فوق السماء و الجلد الذي تحت السماء.
ثم في الطوفان إستخدم الله هذا الجلد الذي فوق السماء (جلد اليوم الثاني) و فتح طاقات السماء ليبيد الإنسان ( مخلوق اليوم السادس) بسبب الشر الذي صار في الأرض.
لذلك لم ير الله الجلد أنه حسن و لم يقل عن خلقة اليوم الثاني أنه حسن ليس لأنه سيء بل لأنه يعلم أن هذا الجلد سيبيد الإنسان و هو لا يشاء موت الخاطئ بل قيامته من الموت و حياته حياة أبدية.
من اليوم الثاني إلي السادس في أيام الخلقة أربعة أيام. و قد مات الإنسان بسبب الشر منذ أربعة أيام. لقد أنتن.
لم يكن الأمر يحتاج لصلاة ليقوم الإنسان بل يحتاج لخلاص من الموت ممن له سلطان علي الموت.لذا تحدث المسيح مع مرثا عن نفسه أنه الحياة.
طوباكي يا مرثا لأنك فهمت قصد مخلصنا و أجبت قائلة نعم يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح إبن الله الآتي إلي العالم.
الآن فهمت مرثا أنه المخلص من الموت. و أنه لأجل كل لعازر قد أتي . و أنه لأجل كل البشرية التي أحبها حتي الموت قد أتي.
البسطاء يفهمون اللاهوت بسرعة بينما يعثر المتحذلقون بفلسفاتهم الفارغة.
قصد المسيح أن يجيب مرثا عن لاهوته ثم قصد أن يجيب مريم عن ناسوته لأنها لما سألته بنفس عبارات أختها مرثا لم يجب بنفس الإجابة بل إنزعج بالروح و إضطرب. ثم أيضاً إنزعج في نفسه . فكشف عن ناسوت كامل جسد و نفس و روح . و لاهوت كامل يهب الحياة بمجرد كلمة.
و هكذا أفصح المسيح عن شخصه .هو الحياة و هو الإنسان معاً. هو الإله و هو الصديق الحبيب .هو المسيا و هو المشارك في ضعف البشر.
أين وضعتموه؟؟؟؟
أين تضع الميت؟؟ أتظن أن هذا سؤال؟ هل لو سألك شخص أين نضع الميت ستجيبه أم ستظن أنه يهذر ؟ خاصة و أن السؤال ليس أين القبر بل أين وضعتموه.
لم يكن السؤال أين لعازر فالذي سيقيم لعازر لن يصعب عليه أن يعرف قبره.حتي أن القبر لا يبعد سوي خمسون متراً عن بيت لعازر.
لم يكن السؤال أين وضعتموه حرفياً. بل أين مكان الإنسان عندكم. أهو أغلي المخلوقات و أحبها عند المسيح أم هو المحكوم عليه بالهلاك لإرضاء عدل الله.
أين تضع الخاطئين في فكرك؟ في قلبك؟ في ضميرك؟ هل تضعهم تحتك و تعلو عليهم شامخاً بأنك بار؟ أم تضعهم في صلاتك و مشاعرك و خدمتك لكي يتشاركون في ميراث الملكوت.
أين تضع الساقطين و اليائسين و الجاهلين و المتلفين؟ هل تخلصت منهم و وضعتهم في قبر الضمير ظاناً منك أنهم لم تعد لهم فرصة للحياة الأبدية؟ هل فارقتهم و عدت أنت منزلك أي حياتك الخاصة تتباهي بأنك فارقت هؤلاء ؟ لو سألك المسيح اليوم أين وضعتموه فماذا تري ستكون إجابتك؟
لعازر هلم خارجاً
صرخ بصوت عظيم ............... صرخ سيدنا بصوت عظيم. لينادي لعازر هلم خارجاً ثم بعدها بأسبوع علي الصليب صرخ بصوت عظيم أيضاً قائلاً يا أبتاه في يديك أستودع روحي
مات المسيح و قام لعازر.هذا هو الثمن. هذا هو السبت الحقيقي.
لعازر أنت و أنا و كل الناس. يصرخ فينا و لأجلنا دم المسيح .ينادينا أن نخرج.
و يبقي السؤال...هلم خارجاً من ماذا يا رب؟ من القبر؟ من الخطية؟ من محبة الأرضيات؟ من دائرة التعدي؟ أم من ذواتنا نخرج؟ أم من كل شيء عداك.
أيادينا مربوطة و أقدامنا و أفواهنا مكممة. سنخرج إليك بقيودنا. و يبقي أنك كما تقيمنا أيضاً تفك أربطتنا. لأننا متكلين عليك في كل شيء.
متي أخرجتني يا رب صاحبني حيثما شئت أن تسيرني. متي أخرجتني فلأكن لك.أنت عمري الجديد .و حياتي الحقيقية.أنت مالكي و ملكي.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com