ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الحَج البَطرك !!!

حنان بديع ساويرس | 2012-04-04 10:10:29
بقلم: حنان بديع ساويرس
بعد رحيل مُثلث الرحَمات قداسة البابا شنودة الثالث توقعنا أن يتصارع البعض للترشح على الكُرسى المُرقسى سواء من بعض الرهبان أو حتى الأساقفة ، ولكن مالا نتوقعه قط أن يخرج علينا شخص مُسلم الديانة طالباً الترشح لمَنصب بطريرك الأقباط الأرثوذُكس!! فقد قام أحد المُحامين المُسلمين ولا أريد ذكر أسمه لعلمى بأنه قد فعل ذلك من أجل الشهرة ليكون محَط أنظار الإعلام المقروء أو المرئى وإن كان لم يفعل ذلك من أجل الشهرة فلا يوجد سوى تحليل آخر لهذا الفعل الا وهو أن يكون هذا الرجل مشكوك فى قواه العقلية ولا سيما أنه قام بعمل بلاغ رسمى بدعوته العجيبة هذه ضد قائم مقام البطريركية " المُكلف بمهام البطريرك " لحين أختيار بطريرك جديد فيقول البلاغ حسبما نشرته صُحف عديدة ، تقدم ....المحامى ببلاغ رقم 1367 لسنة 2012 يوم 21/3/ 2012 لرئيس نيابة العطارين ضد القائم مقام بطريرك الأقباط الأرثوذُكس للترشح على الكرسى البابوى ويقول : عندما علمت عن نية نبيل لوقا البباوى الترشح للرئاسة عملاً بفكرة المساواة ففكرت فى دعوة المُسلمين لإنتخاب بطريرك الأقباط أيضاً فما دام الأمر ليس تعينياً ومادامت المساواة هى التى تحكمنا فلماذا لا يسمح لمُسلم أن يرشح نفسه ليُصبح لأول مرة مُسلم هو "بابا الأقباط" وأنا على ثقة بالترحيب بالفكرة فأنا كما هو التعبير الدارج هذه الأيام " بابا مُحتمل" مع وعده التام بالشفافية فى إدارة شئون الكنيسة والسماح لأول مرة بمُراقبتها من جانب الجهاز المركزى للمحاسبات.
 
* يبدوا أن الجنازة المَهيبة لقداسة البابا التى أذهلت العالم والتى كانت أقوى دليل على أن قداسة البابا هو حقاً "حبيب الملايين" وليس عن قول فحسب بل عن فعل وبالبرهان الواضح ،أقول يبدوا أن هذا قد تسبب للبعض بحالة "هيستريا" وكل حالة منهم كان لها رد فعل مُختلف عن الآخر ، فمثلاً كان تأثيرها على من يُدعى وجدى غنيم أنها تسببت له بحالة من الهَياج والسباب والتكفير لقداسة البابا وإزدراء العقيدة المسيحية بإلفاظ  يعف قلمى عن ترديدها مرة آخرى بسبب بشاعة وواضعة وركة ألفاظه ،ولاسيما عندما تُقال هذه الألفاظ عن شخصية مثل شخص قداسة البابا ولاسيما أيضاً أن تتردد هذه الألفاظ بعد رحيل قداسته عن عالمنا ومازالت قلوب الأقباط كلا بل قلوب المصريين تدمى بسبب رحيله والجميع يعرف مدى صعوبة وقسوة كلمات تُقال عن إنسان إنتقل من هذا العالم وتحمل هذه الكلمات إساءة وإهانة له وماوقع هذا على قلوب أحبائه .
 
* والبعض وهم من على شاكلة هذا المحامى شعر أن الكُرسى البابوى له وقاره وإحترامه من العالم بل وتقدير العالم لبابا القبط ، وكيف وقفت مصر على قدماٍ وساق يوم جنازة البابا وكيف حزن وبكى الملايين على قداسته فى حين أن رئيس الجمهورية خُلع عن عرشه وخرج من موكبه ذليلاً وكسيراً وكيف كرم الله قداسة البابا فى حياته وبعد رحيله ، فيبدوا أن هذه العوامل جعلت هذا المحامى المذكور فى حالة من الذهول لذلك أراد أن يكون بابا القبط القادم ، فليست المشكلة بالنسبة لى أنه أراد أن يُرشح نفسه للكُرسى البابوى رغم أن هناك أسباب كثيرة تمنع ذلك فيبدوا أنه يجهل ذلك ، وسنتطرق لذلك أيضاً فى السطور القادمة للمقال ، لكننى أريد أن أتوقف بُرهة عند تصريحات هذا الرجل وتبريره لماذا هو أراد أن يرشح ذاته للبابوية، وماذا يريد أن يفعل لو أصبح بطريرك الأقباط !! فيقول أنه أراد أن يُرشح نفسه للكرسى البابوى عملاً بالمساواة وطالما أن هناك مسيحياً سيرشح نفسه لرئاسة الجمهورية فإذا فمن حق مُسلم أن يُرشح نفسه للكرسى البابوى.
 
* فإذا كان هذا هو حقاً السبب الرئيسى لترشحه فهذه مُصيبة كبرى فى حد ذاتها لأن الرجل بفكره هذا قد جعل الأقباط  وكأنهم ليسوا بمواطنين وليس لهم حق فى الترشح لرئاسة الجمهورية أى يراهم من وجهة نظره غرباء ، وليس لهم نفس حق المُسلمون فى الترشح للرئاسة ويساوى ترشح مسيحى للرئاسة بترشح مُسلم للبابوبة، وكأن الأقباط يعيشون دولة مُنفصلة كما كان يَشيع بعض المُغرضين والمُنتفعين عندما قالوا أن الكنيسة دولة داخل دولة .
 
فمعروف أن الكُرسى البابوى هو كُرسى "دينى" بحت وليس سياسى وبما أن صاحب الدعوى مُسلم الديانة فمن باب أولى أن يطلب حقه فى رئاسة مشيخة الأزهر، أما لو إفترضنا أنه من حق مُسلم أن يكون بطريرك الأقباط " البابا المُحتمل" حسب وصفه ، ففى هذه الحالة من حق المسيحى أن يكون "شيخ الأزهر المُحتمل" فالحقيقة لا أدرى ما هذه المُقارنة العجيبة بين حق المسيحى فى الترشح لكرسى الرئاسة وبين حق المُسلم فى الترشح للكرسى البابوى!! ربما يكون هذا هو الجديد بعد الثورة فتعد هذه إحدى إنجازاتها وهى "الوحدة الوطنيية" عن طريق تبادل الكراسى الدينية بلا حساسية ، وعجبى!!!!! 
 
* أما النقطة الثانية وهى وعد هذا الرجل والذى يبدوا أنه حالم وواسع الخيال وربما يكون من مُشاهدى أفلام "الكرتون" بأنه فى حال وصوله للكُرسى البابوى سَيُدير شئون الكنيسة بشفافية  والسماح لأول مرة بمُراقبتها من جانب الجهاز المركزى للمُحاسبات وهذا هو " بيت القصيد" فكان الشغل الشاغل لكثيرين السنوات الآخيرة الماضية هى طلب مُراقبة أموال الكنيسة من الجهاز المركزى للمُحاسبات وبدون أى وجه حق وهذا لسبب بسيط الا وهو أن الدولة لا تنفق جُنيهاً واحداً على الكنيسة ولا تقوم ببناء كنيسة على نفقاتها بل بالعكس كانت تترك المُتطرفون يهدمون ما يبنيه الأقباط من كنائس من تبرعاتهم وإجتهادتهم الشخصية فلا أدرى ما هذا الإلحاح فى مُراقبة أموال الكنيسة ولاسيما أنها قائمة بدون مُساعدة من أى جهة رسمية بالدولة رغم أن الأقباط يدفعون الضرائب كالمُسلمين ومع ذلك يُنفق من خزانة الدولة على الأزهر ولا يحدث هذا مع الكنيسة !!! ويتبقى أن يُصرح صاحبنا هذا بأنه يَعد أنه لو تمكن من الجلوس على الكرسى البابوى سيحقق أمُنية العوا وعمارة فى تفتيش الكنائس لعمل جرد على ما بها من أسلحة وذخائر ولا تعليق!!  
 
-- والآن أريد أن أتطرق للإسباب التى بها تكون هناك إستحالة فى أن يُصبح مُسلم  "بابا الأقباط"  وأولها هو أن هذا الكُرسى دينى بحت فمن يُريد أن يشغره لابد أن ينتمى للديانة المؤسسة له كلا بل بل للطائفة المؤسسة له ، فهذا الكُرسى مُنذ إنشاؤه على يد كاروز الديار المصرية وهو القديس مارمرقس الرسول الذى كرز وبشر بالمسيحية  فى مصر وأستشهد وسُفكت دماؤه على أراضيها بشوارع الأسكندرية وهو يُلقب "بالكرسى المُرقسى" أى من يجلس عليه لابد أن ينتمى لدين هذا الرجل بل لتعاليمه التى ثبتها كعقيدة راسخة فى قلوب وعقول أقباط مصر وهى العقيدة الأرثوذكسية .
 
ثانياً : الشروط التى يجب أن تتوافر فى المُرشح للكُرسى البابوى حسب المادة الثانية من لائحة 1957 لإنتخاب البطريرك هى :
1 - أن يكون مصرياً قبطياً أرثوذكسياً وأن يكون معروفاً بصادق إيمانه وأتصاله المُستمربالكنيسة
 - فإذا كان الشرط الأساسى للمُترشح أن يكون مسيحياً فحسب بل أن يكون أرثوذكسى الطائفة أى لا يصلح كاثوليكى أو إنجيلى أو أى شخص من طائفة آخرى أن يُرشح نفسه لهذا الكرسى فهل يُعقل أن يترشح له شخص غير مسيحى أياً كانت ديانته ، أى غير مؤمن بعقيدة من أُنشأ الكُرسى من أجل خدمتهم حتى لو تعلم شرائعهم وحفظ إنجيلهم عن ظهر قلب لا يحل لغير مسيحى أن يكون بابا الأقباط، لأن هذا الكرسى قد أُنشأ من أجل الإيمان المسيحى وتثبيته فهو ليس بمُجرد كُرسى إدارى للكنيسة وأموالها وشؤونها بقدر ما هو كُرسى للحفاظ على إيمانها
 
2– أن يكون من الرهبان " أى لم يسبق له الزواج من قبل" سواء كان مُطراناً أو أسقفاً أو راهب عادى.
*الشرط الثانى هو أن يكون المُرشح للكرسى البابوى لم يسبق له الزواج وليس هذا معناه أن يكون "علمانياً" أى يعيش فى العالم بل لابد أن يكون راهباً تحت أى رُتبة سواء مُطران أو أسقف أو راهب بالدير فإذا كان غير مسموح للمسيحيين الغير مُترهبين بهذا فكيف يُسمح به لغير مسيحى!!
3 – أن يكون قد بلغ من العمر 40 سنة ميلادية على الأقل عند ترشحه للكرسى البطريركى ، وأن يكون قد قضى فى الرهبنة عند التاريخ المذكور مدة لا تقل عن 15 عاماً .
 
*الشرط الثالث أن لا يُسمح  للراهب الذى قضى سنوات قليلة فى الرهبنة تقل عددها عن 15 عام أن يترشح ،فكيف يترشح لهذا المنصب رجل مُتزوج وليس براهب بل غير مسيحى!! فمعروف أن الإسلام لا يدعو للرهبنة !! 
وهذا بخلاف أن المُترشح لابد أن يُقدم تزكية مكتوبة وموقعة من ستة من المطارنة أو الأساقفة أو رؤساء الأديرة أو من إثنى عشر عضو أو نائباً من أعضاء المجلس الملى العام ونوابه الحاليين أو السابقين للجنة المسؤولة عن قبول أسماء المُرشحين وهى مكونة من قائم مقام البطريركية و18 عضو يختارهم المجمع المقدس بحيث يكون نصفهم من المطارنة والأساقفة والنصف الاخر من أعضاء المجلس الملى العام أو نوابه الحاليين أو السابقين وهذه اللجنة هى الموكل لها قبول أو رفض المُرشحين للكرسى البابوى ، فهل يستطع الأخ صاحب الدعوى أن يتخطى كل هذه الممنوعات ليُصبح بابا الأقباط!!!
 
*والمادة 8 من نفس اللائحة تقول أن الناخب " أى من يقوم بالتصويت للمُرشح" لابد أن يكون مصرياً قبطياً أرثوذكسياً فإذا كانت هذه هى الشروط الذى يجب أن تتوافر فى الناخبين فماذا عن المُرشحين ، وهل فى حال تخطيه لكل هذه العراقيل سالفة الذكر ، فهل سيجد ناخبين يُصوتون له!!! 
وآخيراً أقول للسيد المحامى الهُمام الذى أشتهى أن يُلقب "ببابا الأقباط" بل يستهويه أن يُقال عنه " البابا المُحتمل" أقول أنه ليس من المُحتمل أن تُصبح البابا المُحتمل فأنك قد أخترت أُمنية صعبة المنال بل مُستحيل تحقيقها ، ولو إفترضنا أنك ستصنع المُعجزات وتُصبح "بابا الأقباط" فماذا نناديك وقتئذ فهل سنُطلق عليك " الحج البطرك" أم بابا الحج !!! 
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com