بقلم- الأب القمص أفرايم الأنبا بيشوي
أهمية الرجاء في حياة المؤمن..
الرجاء نافذة على المستقبل السعيد.. الرجاء مهم لحياتنا، ولو فقد الإنسان الرجاء فإنه يفقد كل شئ؛ لأن الذي يفقد الرجاء يقع في اليأس، ويقع في الكآبة، وتنهار معنوياته، ويقع في القلق والاضطراب ومرارة الانتظار بلا هدف، وقد يقع ألعوبة في يد الشيطان. لذلك كان قداسة البابا "شنودة" كسفير رجاء يحيا ويعلم شعبه عن أهمية التمسك بالرجاء المبارك حتى آخر لحظات حياته، منتظرًا السماء الجديدة التي يسكن فيها مع الله في حياة البر ويبث فينا روح الرجاء، ويقول لنا قداسته: "أولاد الله باستمرار عندهم رجاء، ويعيشون في رجاء، ومهما تعقدت الأمور، ومهما بدا أن الله قد تأخر عليهم، ومهما بدا كل شئ مظلمًا هناك رجاء".
لذلك كتب قداسة البابا كتاب "حياة الرجاء"، الذي كتب في مقدمته قائلاً: "كثيرون جدًا يحتاجون إلى كلمة تعيد إليهم الرجاء، يحتاجون إلى نافذة من نور تبدد الظلمة التي تكتنف نفوسهم". لقد تشبَّه قداسة البابا بمعلمه رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذي كما جاء عنه في نبؤة أشعياء النبي في (أش 42) "هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سُرت به نفسي أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق. لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق إلى النصرة وعلى اسمه يكون رجاء الأمم" (مت 17:12-20).
المسيحية والرجاء المبارك..
في المسيحية نرى أن الله هو إله الرجاء المبارك. ففي بدء خدمة السيد المسيح في الجليل أعلن السيد هدف رسالته بقوله: "لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة" (لو 18:4-19).
يقول قداسة البابا: "في المسيحية يوجد رجاء للأفراد، ويوجد رجاء للهيئات، ويوجد رجاء للكنائس، ويوجد رجاء للبلاد، ويوجد رجاء للعالم كله". وعلينا أن نتمسك بالرجاء في كل حين "لنتمسك بإقرار الرجاء راسخًا لأن الذي وعد هو أمين" (عب 10: 23). لنا رجاء في افتقاد الله للبشرية في كل وقت، هذا الرجاء لا يضعف أبدًا عند المؤمنين مهما بدا الأمر صعبًا، ولهذا نحيا فرحين "فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق، مواظبين على الصلاة" (رو 12: 12). ونحن سنخلص بالرجاء في محبة الله لنا وإيماننا أنه قادر أن يقودنا في موكب نصرته، وبمحبة لنا نحيا حياة التوبة ونثمر روحيًا وننال إكليل الحياة "والرجاء لا يخزى لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو 5: 5).
الله يسعى إلى خلاصنا..
كما بحث عن الخروف وحمله على منكبيه فرحًا، وكما قال السيد المسيح "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب" (لو 7:15). إن الله "يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1 تي 4:2). وكما نصلي في الأجبية "الداعي الكل إلى الخلاص من أجل الموعد بالخيرات المنتظرة". يقول قداسة البابا: "إن عمل الله ليس فقط أن يفرح بتسبيح السارافيم، أو بنقاوة الملائكة، أو بكرازة الرعاة، أو بجهاد القديسين، إنما هو يفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة". ويوصينا قداسته بأن لا نفقد الرجاء مهما ضللنا؛ لأنه هناك درجة أبشع من الضلال جاء الرب ليخلصها كما قال عن نفسه "جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك" (لو 10:19). إذن حتى الذي هلك مازال له رجاء في الخلاص. نعم بلا شك، إن المسيح قد جاء يخلص الموتى بالخطايا. ويشجعنا قداسة البابا قائلاً: "لا يقل أحد إذن، مهما حدث منه ومهما حدث له، أنا انتهيت، أنا ضعت، وليس هناك فائدة مني ولا وسيلة لخلاصي..! اطمئن، فحتى إن كنت قد هلكت فعلاً، فأعلم أن باب الخلاص لايزال مفتوحًا أمامك، والرب قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك".
الرجاء في كل الأوقات والظروف..
كل الأشياء تعمل معًا للخير.. يقول قداسة البابا مؤكدًا: "نحن نعيش في الرجاء فرحين باستمرار، والسلام يملأ قلوبنا، لأننا لا نعتمد على ذواتنا ولا على وسائط عالمية، وإنما نعتمد على الله الذي يعمل كل خير. في هذا الرجاء أحب أن نعيش جميعًا ككنيسة ترجو ملكوت الله وتنتظره، وترجو عمل الله فيها في كل حين، ونؤمن بعمل الله. هذا الرجاء إن لم يكن فينا فلنطلبه كعطية مجانية من الله، الذى يملأ القلوب بسلامه وبرجائه". ولعل هذا ما جعل قداسة البابا يحيا فرحًا مبتسمًا متمتعًا بالسلام والاطمئنان القلبي رغم كل الضيقات والتجارب التي مرت على قداسته. ويؤكِّد قداسته على قول الكتاب المقدس "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رو 28:8). ونقصد بالخير بالمقاييس الإلهية وليس الخير بمفاهيمنا البشرية.
الله صانع الخيرات وهو الذى نعلق رجائنا عليه ونقول له في صلوات القداس: "يا رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين". وكما يقول المزمور "الإتكال على الرب خير من الإتكال على البشر، والرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء" (مز 9:118). ففي عظة البابا في 1/2/2012م عن الاطمئنان، وربما نتيجة لما تمر به بلادنا والكنيسة، رأى قداسته رؤيا في ليلة 31 يناير وقصها الأب القس "بولس الأنبا بيشوي" كما سمعها من قداسته أنه رأى "موسى" النبي وسار معه ليريه كيف شق الله في البحر طريقًا في البحر أمام موسى ومن ورائه الشعب يسير. إن "موسى" كان يسير على الأرض والبحر يهرب من أمامه وتظهر اليابسة، وهكذا أراه الله كيف يحيا على رجاء، وكيف يطمئن ابنائه في ضيقاتهم وأحزانهم وظروفهم الصعبة، وهذا ما وعظ به الشعب في اليوم التالي عن الاطمئنان، دون أن يحدثهم بما شاهد. لعله موسى النبي الذي ظهر قديمًا للقديس الأنبا "أنطونيوس" ليفسر له ما صعب عليه في التوراة جاء ليهب البابا الرجاء المبارك مرسلاً من الله بشفاعة الأنبا "أنطونيوس" الذي أحبه البابا وحمل اسمه راهبًا. إن قداسة البابا هو القائد والراعي صاحب الرؤية الذي يستطيع أن يقودنا للعبور في بحر الحياة بمختلف ظروفها؛ لأنه رجل الإيمان والرجاء المبارك.
الرجاء في أوقات الشدة والتجارب..
كان قداسة البابا في كل المشكلات يقول "ربنا موجود، وكله للخير، ومسيرها تنتهي". وكان يقول: "المفروض أن نقول لكل أحد إن كل باب مغلق له ألف مفتاح، والله يستطيع أن يفتح جميع الأبواب المغلقة. ونقول له إن كل ظلمة لابد بعدها نور، وكل مشكلة لها حل أو عشرات الحلول، وكل ضيقة لها إله هو إلهنا الصالح الذي يُخرج من الجافي حلاوة ومن الآكل أكلاً، والذى يحوِّل كل الأمور إلى الخير. إن كل الأمور التي تمر بنا في حياتنا إن كانت خيرًا ستصل إلينا خير وإن كانت شرًا فالله صانع الخيرات يحول الشر إلى خير. لابد أن تعلموا أنكم في يد الله وحده، وليس في أيدي الناس، ولا في أيدي التجارب والأحداث، ولا في أيدي الشياطين. أنتم في يد الله وحده". وينصحنا قداسة البابا بالصلاة وانتظار عمل الرب دون ضيق أو تذمر أو إحتجاج. إن كثيرًا من الناس تمر عليهم التجارب والضيقات فتعصرهم ويقعون في الكآبة الشديدة وربما اليأس، ولكن المؤمنين يثقون أن كل الأشياء تعمل معًا للخير فيعشون في سلام وفرح في المسيح، فالضيقات مدرسة للصلاة وتقوية الإيمان والنمو في الخبرة مع الله.
الرجاء في الموت..
الناس عادةً ما يكرهون الموت ويرونه سببًا للحزن، ويلبسون لأجله السواد، ويقابلونه بالدموع والبكاء غير مدركين أنه للخير أيضًا. الموت هو الطريق إلى حياة أفضل، وإلى مستوى أعلى ستؤول إليه البشرية، حيث في القيامة سنقوم بأجساد نورانية روحانية، في مجد، بأجساد سماوية يمكنها أن ترث الملكوت. ولولا الموت لبقينا في هذا الجسد المادي. ويتساءل قداسة البابا: أليس الموت أيضًا يعمل معًا للخير للذين يحبون الله؟. ربما كان قداسة البابا يريد أن ينطلق في آخر أيامه ليستريح من أتعاب الجسد وتنطلق روحه إلى السماء على رجاء القيامة السعيدة والحياة التي ليس فيها ألم أو حزن. وإذا تألم كثيرًا من مرض الجسد قال للأنبا "أرميا" أيضًا صبيحة السبت وهو ذاهب لصلاة القداس أن يبلغ الله أنه يريد أن ينطلق، وكان أن استجابت السماء في نفس اليوم. فعلى هذا الرجاء المبارك نودع روح بابا الرجاء.
الرجاء في الله مريح التعابى..
جاء السيد المسيح ليريحنا من متاعبنا، وقال لنا "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11: 28). لكل منا متاعبه الخاصة، سواء كانت ظاهرة للغير أو مكتومة، روحية أو نفسية أو جسدية أو عائلية أو اجتماعية. والمفروض أن نلجأ إلى الرب لأنه أعطانا دعوة ووعد. دعوة منه لنأتي إليه ووعد ليريحنا من مشاكلنا وهمومنا وأحزاننا. ولقد رأينا في قداسة البابا القلب المتسع والإنسان المريح، وما من صاحب مشكلة التجأ إليه إلا ووجد عنده حلاً شافيًا. كنت أتحدث مع أحد الآباء الذين كانوا أخوة في دير "مار جرجس" بـ"الخطاطبة" في نهاية القرن الماضي وتم استبعادهم من الدير فالتجأوا لقداسة البابا، وقد قابلوا أحد الأشخاص الكبار فقال لهم إن البابا سيقول لهم ترددوا على أديرة أخرى ومن الأفضل لهم أن يذهبوا إلى بيوتهم، وما أن أقبل قداسة البابا إلا وقد استقبلهم مرحبًا وأمر أن يقدَّم لهم الطعام والشراب، ثم درس حالتهم وأمر بتوزيعهم على الأديرة العامرة جميعًا، فمضوا فرحين، فليس الراعي كالأجير. ومرة قدم قداسته لشخص مبلغًا كبيرًا من المال لإجراء عملية جراحية لنقل الأعضاء، وعندما لم يوافق الأطباء على عمليه النقل وأراد هذا الشخص رد المال رفض قداسته وقال إنه للعلاج ومتابعة حالته وصلى له مباركًا إياه، فمضى المريض وهو يشكر الله الذي أعطانا أبًا مريحًا للتعابى.
كلمات في الرجاء لقداسة البابا..
ليتنا بدلاً من أن ننظر إلى الحاضر المتعب الذي أمامنا ننظر بعين الرجاء إلى المستقبل المبهج الذي في يد الله. كل مشكلة تبدو معقدة أمامنا لها عند الله حلول كثيرة، وكل باب مغلق له فى يد الله مفتاح بل مفاتيح عديدة، فهو الذي يفتح ولا أحد يغلق (رؤ7:3). الرجاء يمنع الخوف، ويمنع القلق والاضطراب، ويبعث الاطمئنان. بل أننا نكون "فرحين في الرجاء" (رو12:12). ويوصينا قداسته: لا ننظر إلى المتاعب مجردة بدون عمل الله الذي يقدر أن يحول الشر إلى خير. فالله قادر أن يحول كل مجريات الأمور في اتجاه مشيئته.
الذي لا يستطيعه الضعف البشري تقدر عليه قوة الله، والذي لا تستطيعه حكمة الناس تقدر عليه حكمة الله. فثق أنك لست وحدك، بل أنت محاط بمعونة إلهية، وقوات سمائية تحيط بك، وقديسون يشفعون فيك.
لذلك عيشوا باستمرار في بشاشة وفرح. وفي كل ما يحدث لكم قولوا: إننا تحت رعاية الله محب البشر، الذي يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا، والذي يعرف خيرنا أكثر مما نعرفه.
الرجاء وتشجيع صغار النفوس..
من كان يظن أن طفلاً يتيمًا من أمه عقب ولادته، ثم تيتم من أبيه وهو صغير السن، حتى أنه لم يتم استخراج شهادة ميلاد له إلا بالتسنين لدى طبيب في المدرسة، وعندها قال للطبيب مازحًا: أوعى يا دكتور تكتبني مولود بعد وفاة أمي التي انتقلت في 6/8/1923م!. هذا الطفل الذي عانى التنقل في المدارس والأماكن وهو يعيش مع أخيه الأكبر يصل إلى كرسي مار مرقس الرسول؟ إن حياة قداسة البابا هي أكبر دليل على عمل الله مع الإناء المختار الذي يطيع عمل الفخاري الأعظم. فلا تقولوا هل يمكن أن يقبل الله حياتي البسيطة الصغيرة التافهة التي إذا قيست بسير القديسين تكون لا شئ. لعل الشعور بالحرمان من حنان الأم والأب جعل البابا يتعلق بالله كآب سماوي والكنيسة كأم يجد فيها لبن الإيمان. ومن أجل هذا صار البابا "شنودة" رقيقًا ومشجعًا لصغار النفوس كسيده وربه، الذي اختار داود صغير السن وراعي الغنم ليمسحه ملكًا على شعبه، واختار "إرميا" النبي الصغير الذي شعر بضعفه وقال للرب "لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" (أر 6:1). وشجَّعه الله قائلاً له "قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرحم قدستك، جعلتك نبيًا للشعوب" (أر 4:1-5). لقد هزم الله "جليات" الجبار بفتى صغير هو "داود" "انظروا إذًا ولا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار" (مت 10:18)، وكونوا دائمًا رسل رجاء، وتعلموا من الله الذي يرفع المتواضعين ويخلصهم كما يعلمنا الكتاب "شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء، تأنوا على الجميع" (1 تس 5: 14).
الله لا ينسى تعب المحبة..
إن الله لا ينسى تعب المحبة حتى إن صغرت قيمته، فقد مدح السيد الرب فلسي الأرمله لأنها أعطت من أعوازها. وقال لنا "ومن سقى أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق أقول لكم إنه لا يضيع أجره" (مت 10: 42). إن مجرد كأس ماء بارد لم تتعب فيه ولم يكلفك شيئًا هذا لا يضيع أجره. يقول قداسته البابا شنودة مشجعًا لنا في عمل الخير: "هناك أعمال أنت تعملها وتنساها لضآلتها والله لا ينساها، حتى إن كانت في نظرك بلا قيمة هي عند الله لها قيمتها، ويكافئك عليها في اليوم الأخير، وحسن أنك نسيتها لتأخذ أجرها كاملاً هناك. لم ينس الرب لزكا مجرد صعوده على الجميزة ليراه، وناداه ودخل بيته، وقال "اليوم حدث خلاص لأهل هذا البيت إذ هو أيضًا ابن لإبراهيم" (لو 9:19). وكانت صلاة العشار الذي دخل ليصلي شاعرًا بخطيئته باتضاع وانسحاق جملة واحدة وخرج مبررًا دون الفريسي (لو 9:18-14). فلا تيأس إن كان عملك الروحي ضعيفًا وثمرك قليلاً. إن الله يطلب الكمال، ولكنه لا يطلب منك أكثر مما تقدر عليه. إن الله يضع في حسابه إمكانياتك وظروفك، وهو يقبل منك التدرج.. المهم أن تكون سائرًا في الطريق وليس أن تكون وصلت إلى نهايته. وهو يعطيك الفرصة ويطيل أناته عليك لكي يقودك إلى التوبة".
كل شئ مستطاع للمؤمن..
الله يستطيع كل شئ ويستطيع أن يعطينا القوة والرجاء والإمكانيات لنقول مع "بولس" الرسول "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (في 13:4). فكما قال لنا الرب "كل شئ مستطاع للمؤمن" (مر 23:9). إن كان الشيطان يدفع الناس إلى اليأس وإلى الخوف والتردد والشعور بالضعف لكن الله يدفعنا إلى الثقة والرجاء ويبث فينا روح النجاح والقوة والرجاء، وهكذا كل من عاشوا فكر الله كما قال البابا المعلم: "الرجاء يعطي قوة على العمل، وعدم التفكير في الفشل. إننا لا نعترف بالفشل إطلاقًا مادامت يد الله معنا. وما أكثر قول الله لا تخف أو لا تخافوا. إنه لم يسمح لموسى النبى أن يخاف من ملاقاة فرعون، ولم يسمح لأرميا النبي أن يخاف رغم صغر سنه.. إن إيمانك بعمل الله معك يعطيك رجاء".
النهاية الطيبة..
النهاية الطيبة تجعل الإنسان ينسى تعبه ولا يذكر إلا النهاية السعيدة التي تعزية، إننا يجب أن نتذكر آبائنا الذين كلمونا بكلمة الله وننظر إلى نهاية سيرتهم ونتمثل بإيمانهم "أذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله، أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 13 : 7). وقد روت لي سيدة فاضلة يوم العاشر من مارس، أي قبل أسبوع من انتقال مثلث الرحمات البابا "شنودة"، منظرًا عجيبًا، إذ أنها في رؤيا صعدت روحها للسماء لترى شفيعها البابا "كيرلس السادس" وكثيرًا من القديسين المنيرين وهم وقوف صفوف صفوت، وعندما سألت البابا "كيرلس" عن سبب وقوف هؤلاء القديسين؟ أجابها البابا "كيرلس": هؤلاء جماعة القديسين يستعدون لاستقبال قداسة البابا شنودة الثالث!. إن القديس "يوحنا" الحبيب في منفاه في جزيرة "بطمس" رأى بابًا مفتوحًا وعرشًا موضوعًا في السماء وعليه يجلس السيد الرب ووجهه يضئ كالشمس في قوتها، فلا تنظروا إلى متاعب الحياة بل إلى عظم المجازاة، وإلى جمال السماء ووعود الله للغالبين، ومنها "ومن يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطانًا على الأمم" (رؤ2: 26) "من يغلب فذلك سيلبس ثيابًا بيضًا ولن أمحو اسمه من سفر الحياة وسأعترف باسمه أمام أبي وأمام ملائكته" (رؤ 3 : 5). "من يغلب فسأجعله عمودًا في هيكل إلهي ولا يعود يخرج إلى خارج، وأكتب عليه اسم إلهي واسم مدينة إلهي أورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند إلهي واسمي الجديد" (رؤ 3: 12). "من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشه" (رؤ 3: 21). "من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلهًا وهو يكون لي ابنًا" (رؤ21: 7).
أحبائي، عيشوا إذًا على رجاء أن الله معنا، وإن كان معنا فمن علينا.. هو الذي قاد الكنيسة أفرادًا وجماعات عبر التاريخ في موكب المنتصرين، والله قادر أن يقودنا كأبناء وبنات له ويعبر بنا ضيقات الحياة لنصل إلى السماء "وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر" (1 يو3: 3).
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com