ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

تهب الرياح من كل اتجاه .. هكذا أفكر أنا

إدوارد فيلبس جرجس | 2012-03-23 00:00:00

بقلم: إدوارد فيلبس جرجس
 
إرادة الله فوق كل إرادة ، ولا يمكننا كبشر مجرد التفكير في الإعتراض عليها ، وحتى لو فكرنا فهو نوع من انكماش العقل إلى درجة التلاشي ، إرادة الله أن يرحل قداسة البابا شنودة الثالث في هذا الوقت العصيب من تاريخ مصر ، ولا اعتراض ، لكن من حقنا كبشر أن تصمت عيوننا وتتحجر الدموع ، وتتحول القلوب إلى أجراس حزينة تعلن دقاتها الحداد على رجل أحب مصر فأحبته مصر ، أحب كل أولادها فأحبه كل أولادها ، عبر عما يختلج به قلبه من خلجات الأبن البار نحو أمه بمقولته الشهيرة " مصر وطن يعيش فينا ، وليس وطناً نعيش فيه " . قداسة البابا شنودة جلس على كرسي البابوية لمدة تزيد على أربعة عقود ، وبكل قامته الروحية ، عندما كان يتحدث أو يعظ فيى أمور دينية ، كان يتحدث ببساطة تامة وبلغة يفهمها حتى الأطفال ، البساطة النابعة من إيمان قوي بأن الأديان التي تدعونا لمعرفة الله والإقتراب منه ، لا تحتاج للتعقيد ولا الوعيد أو التهديد ، معظم عظاته وكلماته كانت تدور حول كيف يعيش الإنسان في المجتمع ويتعامل معه وفي نفس الوقت لا يبتعد عن الله ، فجاءت مقبولة بالنسبة للجميع ، وقربت إليه القلوب . روحانيات قداسة البابا لا تحتاج إلى كتابة ولا توضيح فهي تعلن عن نفسها مع كل لفتتة منه

. لكن ما يريحني هو أن أكتب عن الشاب الجامعي " نظير جيد " والضابط بالقوات المسلحة ، والراهب الذي ترك العالم الذي كان يمكن أن ينبغ فيه بكل ما يمتلكه من مواهب وفضل حياة العزلة ، مبتعداً عن المباهج الدنيوية مفضلاً عليها مباهج الإقتراب من الله في خلوة لا ينغصها شيء ، لكنه لم يعترض عندما اختاره قداسة البابا كيرلس السادس كسكرتير له ، عملاً بالمقولة " على ابن الطاعة تحل البركة " ، أحب أن أكتب عن الشاعر وقصائده الموزونة ببحور الشعر ، والكاتب القدير ، وصاحب المقال الأسبوعي في جريدة الأهرام ، وصاحب النكتة والقفشة ببديهة متيقظة لآخر لحظة ، وصاحب الإبتسامة والضحكة الطفولية التي تكشف عن صفاء النفس والقلب معاً ، أذكر أن أحد الصعايده أراد أن يمتدحه فقال له بلهجته الصعيدية " أنت جاموس ياقداسة البابا " وكان يقصد أن البابا قاموس في المعرفة ، وببديهة حاضرة ضحك قداسة البابا ورد عليه بنفس اللهجة الصعيدية " بس الرك على العجول اللي تفهم " ويقصد بها هذا يتوقف على العقول اللي تفهم ، بساطته مع الجميع تُْشْعِر كل من يقترب منه حتى ولو كانت للمرة الأولى أنه يعرفه منذ فترة طويلة ، وتبارى الإعلاميون في إجراء الحوارات معه التي لها كان لها طابعها المميز ، كان يتمتع بذاكرة قوية جداً ، أندهش عندما كان يطلب منه إلقاء قصيدة من قصائدة ويقولها كاملة بالرغم من مرور فترة زمنية طويلة عليها ، فضلت ألا تأخذني كلمات الحزن ، لكن حقيقي أنعي وأرثي نفسي لأنني سأحرم من هذا الوجه الجميل بحبه ولقائه الأسبوعي الذي كنت انتظره عبر النت ، قداسة البابا شنوده سكن قلوب الجميع ولن يقدر الرحيل على إخراجه منها .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com