ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

«إعلام» مرشحى الرئاسة ليس مبشِّرا

بقلم: د. وحيد عبدالمجيد | 2012-03-09 08:15:26

المرشحون فى انتخابات رئاسية فى بلاد لم تنضج فيها تقاليد الحياة السياسية ليسوا كنظرائهم فى دول استقرت فيها الممارسة الديمقراطية. وفى مصر، كغيرها من البلاد التى تخطو خطواتها الأولى فى طريق تطور ديمقراطى مأمول، يُعرف المرشحون بأشخاصهم أكثر من برامجهم، وبخطاباتهم الإعلامية والدعائية أكثر من مواقفهم السياسية والفكرية. فما يصل إلى الناخبين من هذه المواقف يمر عبر خطاب إعلامى تحفل به الدعاية الانتخابية لكل مرشح.

ولذلك ينبغى أن يتأمل الناخبون حملات المرشحين، الذين سيقدمون أوراق ترشحهم بدءاً من الغد، ويفحصوها جيداً لأنها قد تكشف بعض ما يخفى عليهم أو الكثير منه. ومن أهم ما تكشفه هذه الحملات اتجاهات المرشحين الحقيقية بشأن الديمقراطية وتجاه الحريات العامة، وفى القلب منها حرية التعبير. فهى تكشف مدى استعداد المرشح لأن يكون رئيساً ديمقراطياً يحترم حقوق الشعب وحرياته وليس رئيساً متسلطاً يتحين أول فرصة للعصف بهذه الحقوق أو تقييدها أو محاصرتها.

فإذا كان التأكد من إيمان المرشح للرئاسة بالديمقراطية ضرورياً فى أى بلد فى هذا العصر، فهو يكتسب أهمية أكبر فى حالة مصر فى السنوات المقبلة. فأداء الرئيس القادم سيكون له أثر كبير، وربما الأكبر، فى تحديد الصورة التى ستكون عليها مؤسسة الرئاسة وهل تصير واحدة من مؤسسات دولة ديمقراطية أم تعود إلى وضعها السابق فوق هذه المؤسسات، وهل سيسمع المصريون مجدداً عبارة «حسب تعليمات الرئيس» بما تنطوى عليه من «تأليه» حاكم فرد، أم سيصبح هذا الرئيس موظفاً عاما يُنتخب لأداء دور فى خدمة الوطن والشعب لفترة محددة يعود بعدها إلى بيته؟

والأرجح أن من يراهنون الآن على مجلس الشعب ويقف الآلاف منهم على أبوابه كل يوم سيدركون خلال أسابيع أو أشهر قليلة حدود دور هذا المجلس.

ولذلك لن تمر أشهر قليلة حتى يتحول رهان المصريين من مجلس الشعب إلى الرئيس. ومن هنا الأهمية الخاصة جداً لتأكد الناخبين الذين يراهنون على الرئيس القادم من أنه لن يضيق بمطالب لا تنتهى، ولن يغضب من انتقادات لا تتوقف، ولن يتهم الإعلام بأنه مصدر البلاء، ولن ينزعج من سؤال يوجه إليه حتى إذا كان فيه تجاوز ما، ولن يعتبر السائل بلطجيا أو فوضويا.

وقد رأينا قبل أسابيع كيف تصرف القائمون على حملة أحد المرشحين المحتملين مع مراسلى محطة «بى. بى. سى» العربية عندما خشوا أن يكون لإجابته على أحد الأسئلة أثر سلبى على المستوى الشعبى. فقد رفضوا بث الحوار وانتزعوا الشريط المسجل عليه انتزاعاً. وهذا سلوك يكشف الكثير بشأن الموقف تجاه حرية التعبير ووسائل الإعلام.

وكذلك الحال بشأن سلوك حملة مرشح محتمل آخر خلال مؤتمر انتخابى عقده عندما أدى ضيقه بسؤال إلى صدام عنيف بين أنصاره وبعض الشباب الذين يعترضون على ترشحه. فقد تصرف القائمون على حملته بطريقة تنم عن عدم وجود استعداد لتحمل سؤال مزعج بشكل ما وليس فقط لقبول نقد لابد أن يعرف الرئيس القادم أنه سيكون حاداً وبلا سقف فى بعض الأحيان.

ولا يقل أهمية أن ذلك الخطاب الدعائى لحملة هذا المرشح أخفى حقيقة أن أنصاره هم الذين بدأوا الصدام، وقدم صورة مغايرة للواقع عندما اتهمت معارضى المرشح بالاعتداء على المؤتمر ومحاولة تخريبه، وأساءت إلى حركة ٦ أبريل عبر اتهامات مرسلة مما هو شائع فى الإعلام الشمولى الموجه.

ويمكن الإشارة أيضاً إلى تعجل حملة مرشح محتمل ثالث تسييس اعتداء وقع عليه، وتأكيد أنه هجوم مدبر من خصومه. وكان هذا تسرعاً من جانب المسؤولين عن الإعلام فى حملته بالرغم من أنها تظل من أكثر حملات المرشحين احتراماً للديمقراطية. ولكن الوقت لا يزال طويلاً، والمعركة ما برحت فى بدايتها. ولذلك ستكون مراقبة أداء حملات المرشحين، بوصفها تعبيراً عن توجهاتهم تجاه دور الإعلام وحرية التعبير، كاشفة لأهم ما ينبغى أن يعرفه الناخبون عنهم قبل أن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع.

أما ما يجب أن يعرفه المرشحون فهو أن الفائز منهم سيواجه مجتمعاً انفجرت مشاكله وأزماته كلها فى وقت واحد بعد أن بقيت مكتومة تحت السطح لفترة طويلة، وأنه سيكون ملاحقاً طول الوقت بمظاهرات ومسيرات ستذهب وراءه فى كل مكان وستقف على أبواب قصره، وأن ثورة الاتصالات لن تمكنَّه من تزييف حقيقة ما يحدث، حتى إذا حاول أنصاره السيطرة على «ماسبيرو» لإعادة إنتاج الإعلام الشمولى الذى عانى منه المصريون طويلاً.
نقلاً عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com