بقلم: صفوت سمعان يسى
لم يعاني مخلوق أو كائن من التمييز السلبي منذ الخليقة مثل المرأة ككائن بشري، فمنذ خلقها من أضلاع "آدم" طبقًا لما ذكر في الكتب الدينية التاريخية وحتى اليوم إلا وكانت المرأة مجرد محور هامشي، ويقتصر ذكرها على عدد ما تنجبه وخاصة إنجاب الذكور، أو تجري شهرتها وتسرد قصصها إلا كامرأة لعوب، حتى صارت المرأة رمزًا للتمييز.
فكل الفكر البشري باع واشترى وفصل في المرأة تفصيلاً حسب ما يتطلبه الفكر الذكوري لكل عصر، وحتى في الأديان صار قصر أو طول ملابس المرأة مقياسًا لإيمانها، وكلما زاد غطائها زاد ورعها، حتى المرأة نفسها اقتنعت تمامًا أنها مخلوق ناقص وغير كامل الأهلية، وبعض منهن من استمتع بذلك التمييز وزايد عليه.
ففي محافظة من محافظات الصعيد، وجدت أكثر من (42) جمعية تخص المرأة وتنميتها ولكنها تنتمي اسمًا للمرأة، فهي ضد فكرة تحرُّر المرأة تمامًا، بل واحدة من رائدات تلك الجمعيات قالت نحن نقبل بأن نرضخ للرجل، وهم قوامون علينا، ومن حقه أن يتزوج بما يراه ولكن بشرط أن نتمسك نحن بأن ينفق علينا!! وكان ذلك وقع الصاعقة على محاضر حقوقي من "القاهرة"، حيث قال لها "أهم حاجة عندك ينفق عليكن"، لو أنت في "القاهرة" وقلت ذلك في جمعية من جمعيات المرأة لقاموا بخنقك.. كيف تكوني مشتركة في جمعية تنمية المرأة وأنت تسطّحي دور المرأة في الإنفاق عليكن؟!!!
فمن المشاهدات الكثيرة للمرأة المصرية التي نراها كل يوم هي عند خروجها بعد انتهاء العمل، نجد منهن من يحمل أنواء ثقيلة من احتياجات المنزل وقد ظهر تقوس في أرجلهن من كثرة عبء العمل الثقيل، ومن تقوس بعض فقرات العمود الفقري وما يسبِّبه من تشوه انتصاب الجسم بسبب كثرة إنجاب المواليد، فالمرأة تبدأ يومها بالشقاء والتعب، فهى تصحى من النوم قبل الزوج والأولاد، وتحضر الإفطار، وتلبس الأطفال ملابس المدرسة، ثم تذهب للعمل بمشاكله وبتمييزه بين الرجل والمرأة، وتنتهي بخروجها للعمل ومشقة وبهدلة ركوب المواصلات العامة، وفي عز الحر تلبس إسدال من الملابس التي تكون من البوليستر الصناعي الخانق ومسبِّب الحساسية والسرطان؛ لأن الفكر الذكوري يجبرها عليه. وبعد ذلك تقوم بشراء ما يلزم البيت وحمل المشتريات، ثم يأتي الوقت لتحضير الغداء للزوج والأولاد، ثم غسيل الأطباق وما يتبعه من غسيل الملابس وكيها، ثم يأتي المساء لتذاكر للأولاد دروسهم، وأحيانًا يتم ذلك بطريقة التحفيظ البدائية وما تحتاجه من جهد بدني وعقلي، وبعد ذلك العشاء... الخ. وفي تكرار يومي لا ينتهي..
ولذلك نجد السيدة المصرية تتكهن عند سن الأربعين وتصبح في حكم السيدة المسنة من كم الآلام والأمراض تحت كثرة الضغوط التي ذكرنا جزءًا منها، وما خفي كان أكثر، بالرغم من أن المرأة الأوربية تكون بكامل لياقتها البدنية والجمالية حتى في سن يتعدى أكثر من السبعين.
كما أن المرأة المصرية تفتقد اللمسة الحانية والكلمة الطيبة أحيانًا من بعض الأزواج الأنانيين الذين عندما تصل لتلك المرحلة فلا مانع من طرحها جانبًا والبحث عن أنثى صغيرة تجدد له شبابه بدلاً من زوجته التي تم تكهينها من كثرة الضغوط المجتمعية والقيود الدينية والأنانية الذكورية.
فهل المرأة المصرية لا تعاني من التمييز السافر ولا من استخدامها كشغالة ترقى إلى مستوى العبيد الذي عصره انتهى؟؟ بالإضافة أن يطلب منها إرضاء الزوج ليلاً وإلا لعنتها الملائكة.. ولكن ألا تلعن الملائكة الزوج الأناني الذى أحيانًا يخضع لضغوط عمل ويرجع للمنزل ويصرف غضبه الذي تم في العمل على زوجته وأولاده ويمارس دوره كالسي السيد؟؟؟..
فهل نجد دعوة لإنقاذ المرأة المصرية من كل ذلك ولا نعتمد على جمعيات المرأة التقليدية التي معظمها يعمل ضد المرأة نفسها؟ وهل نأمل ألا يتم هجوم ذكوري تحت مزاعم سلطوية دينية بتصغير دور المرأة لحد يصل لتحقيرها وإخفاء هويتها كأنها شبح، وأن يقتصر دورها على خدمة الرجل ومتعته، وأن لا تخرج للشارع والمجتمع كندٍ له.
لكُن الله يا سيدات "مصر"؛ فبعد أن تنجبن أولادًا وتعلموهم وتتعبن وتشقين في تربيتهن وتخرجهن في الجامعة يمارس أولادكن نفس دور الذكورة عليكن، سواء على أخته أو زوجته أو ابنته، في دائرة جهنمية لا تنتهي.
فهل نبحث عن المرأة المصرية منذ "هدى شعراوي" وما تلاها من عصور؟ حتى سبعينات القرن الماضي كانت المرأة المصرية قيمة في الجمال والأناقة والرقى العقلي والاجتماعي والعلمي...!!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com