صعب عليك أن تثق في وطنية شخص يعتبر الماليزي أو الأندونيسي أقرب إليه من المصري.. صعب عليك أن تصدق فريقًا يسب "مصر" على لسان رئيسه كأنما هي سقط متاع عنده.. هكذا أعلن رئيسهم ومرشدهم الذي يتبعون همساته وإشاراته كأنما كلامه منزل.. أعلنوا ولاءهم للغرباء عن "مصر" لأنهم يتفقون مع تصوراتهم الدينية، وأنكروا حق المصري في بلده، فكيف نثق بهم؟؟؟
هل أصبحوا فجأة يحبون "مصر"؟؟؟ ويحترمونها؟؟؟ أشك جدًا في ذلك.
بدأ مجلس الشعب (غير المصري) جلساته.. ليس هذا مجلسنا الموقر ولا هو المعبِّر عن نبض الشعب، كما أنه ليس عين الشعب التي تراقب بقية السلطات..
لا أقول هذا حقدًا على من نجحوا في البرلمان؛ لأنني لم أكن أحد المرشحين. ولا أقول ذلك كرهًا فيمن نجحوا لأنني لا أحمل كراهية لأحد، لكنني أقول هذا تتبعًا لمصادر التمويل التي تثير أسئلة كثيرة هي موضوع مقالنا هذا.
تُرى لماذا دفعت "قطر" ما يزيد عن مليار جنيه لتمويل السلفيين؟ ولماذا دفعت "السعودية" مليار ونصف للإخوان لتمويل حملاتهم ولشراء الأصوات وما بينهما؟ هل هي مساعدات لوجه الله ولبشاشة وجوه أعضاء السلفيين والإخوان السمحاء؟ هل تثقلت قلوبهم بهذه التبرعات كأعمال خيرية؟؟ وهل هكذا ينفق السياسيون أموالهم؟؟ أليس بالتأكيد أن هناك قصدًا وراء هذا الإنفاق البذخ للإخوان والسلفيين، مع بخلٍ متعمد في تقديم منح أقل قيمة وعدت نفس الدول بتقديمها لـ"مصر" الرسمية وليست الإخوانية؟
هل هي عطف على فقراء الناخبين؟ هل "السعودية" و"قطر" تشفق على عزيز قوم ذل؟؟ بالطبع لا.. لو كانت كل منهما تريد العون فلماذا لم يسددوا المنح التي وعدوا بها (كذبًا) وقت زيارة الطنطاوي للبلدين؟.. فهل كانت دعاية كاذبة لنتائج زيارة "طنطاوي" بعد تسلم السلطة مباشرة؟ أم كانت وعودًا حقيقية معلنة بشروط خفية غير معلنة؟؟ ما هي الشروط يا ترى إن وجدت؟ على أية حال سواء أكانت صفقة فاشلة لم تنفذ أو كانت وهمًا فستبقى أسئلة أخرى.
لماذا تغرمت الدولتان أربعة مليارات جنيه لتمويل الإخوان والسلفيين؟
هل هناك قصد من وراء السبيل؟ بكل تأكيد.. فما هو القصد؟ وكيف سيتم تحقيقه؟ ومنْ سيتكفل بتحقيقه؟ وإلى أي مدى تستطيع المعارضة الوقوف أمام هذا التيار؟ وهل سيتفق الإخوان والسلفيون؟ متى؟ ومتى يختلفا؟هذه نقاط هذا المقال أطرحها، وليس شرطًا أن نجد إجابات شافية لها، بل يكفي أن نترقب الأحداث من خلال هذه النقاط لنستوعب أكثر ما يحدث أمامنا على مسرح مجلس الشعب (ربما الشعب السعودي أو القطري).
تعرفون أن "القرضاوي" القابع في "قطر" يُعد الأب الروحي لجماعة الإخوان، بينما المرشد العام هو الأب المشرّع لقرارات الإخوان.
من جهة التوجهات الإستراتيجية للجماعة (لا تصدق أنها حزب فالأحزاب بدعة من بدع الديمقراطية)، ستكون الخطوط العريضة لسياسات الإخوان نابعة من تكليفات قطرية من خلال "القرضاوي". فلا تتابعوا مجلس الشعب من "مصر".. تابعوه أفضل على قناة "الجزيرة"، من حيث يتلقون الأخبار والتكليفات. تابعوه مع ميول تصريحات "القرضاوي"..
ما مصلحة "قطر"؟ وماذا تريد "قطر" من "مصر"؟
إن أول شيء تريده "قطر" من "مصر" هو الاعتراف بـ"قطر" كقوة سياسية فعالة ذات ثقل.. هكذا دائمًا تشعر الدول الصغرى بالدونية (تمامًا كالأفراد)، لهذا فهي تريد أن تنتزع من "مصر" ليس مكانها بل اعترافًا فقط بتعاظم التأثير القطري..
المشكلة أن "قطر" خلطت بين الإمكانيات المالية وبين الإمكانيات السياسية... لقد ظنت أنها كما اشترت لاعبين أبطال عالميين وجنستهم بجنسيتها تستطيع أن تدفع من أموالها للخصوم في قضايا مختلفة سياسية ليتصالحوا بعد استرضاءهم بالأموال والوعود. فتبدو "قطر" أنها دولة تلعب سياسة، وتحل مشاكل، وتؤثر في الأحداث مثل الدول الكبرى... مشكلة نفسية ستكلفهم الكثير دون أن يحقق لهم هذا الكثير مما يرغبونه في ترأس السياسة العربية (العقيمة أصلاً).
ماذا تريد "قطر" من المتأسلمين؟ وكيف ستتلاعب بهم؟
أقول مبدأً خطيرًا.. إن عضو مجلس الشعب الذي ارتشى من "قطر" قبل أن يبدأ عضويته في البرلمان، ووافق على رشوة ناخبيه كجزء من الرشوة التي نفحته إياها بلاد ترغب في احتلال الضمير المصري، وهو أخطر من احتلال التراب المصري- هذا العضو المزعوم أصبحت عضويته متوقفة المفعول، وأصبح مدينًا لمن أوصلوه للكرسي.. مكسب "قطر" الأول أنها أبطلت مفعول الأعضاء قبل أن يمارسوا مهامهم، أي أنها ضمنت مجلس شعب أغلبيته متخاذل منكسر العين مطأطئ الرأس، ينتظر التعليمات ولا يقوم بالفعل بل برد الفعل..
هل تظن أن أحدهم يستطيع أن يستجوب وزيرًا إلا إذا كانت سياسته لا تروق لقطر؟ هل تظن أن أحدهم يستطيع أن يقف في وجه مستثمر قطري أو ممثل للأموال القطرية في شراء أصول "مصر" من أي نوع؟
ماذا تريد "قطر" أيضًا؟؟
"قطر" تريد أن تقلد النهضة التي حدثت في الإمارات العربية، ولكنها تميل إلى تحقيقها في السياسة وليس في العمران والاقتصاد.
تريد أن تتزعم منطقة الخليج لعل هذا يقيها خطر "إيران"، والقاعدة العسكرية الأمريكية في "قطر" تعطي لها إحساسًا زائفًا بالقوة والاطمئنان. لذا فهي تنشط بهذا الإحساس الزائف وتظن أنه حقيقة. لذا تريد أن تثبت لـ"أمريكا" أن "قطر" تستطيع أن تكون لاعبًا أمريكيًا نشطًا وكيلاً عنها في المنطقة. لكن تغير ميزان القوى بعد الحرب الإيرانية الأمريكية الإسرائيلية التي هي على وشك الحدوث سوف يرد "قطر" إلى قيمتها الحقيقية، مجرد إمارة صغيرة ودورها يشبه حجمها. كما أن ثقلها السياسي لا ينبع من قدرة حقيقية في المعالجة والتواصل مع الأطراف بقدر ما يعتمد على سخاء التمويل.
والعائق الذي يقف أمام أي دولة عربية لكي تلعب دورًا هامًا في السياسة هو "مصر".. إذا همشوها كما حدث أيام جبهة الرفض التي تبناها "صدام" حينئذ تكبر الدول في عيني نفسها. لذا تهدف "قطر" للزج بنفسها في كل المحافل كمنافس لـ"مصر"، وتريد أن تتوغل في دهاليز السياسة المصرية لتكبيلها، لعل هذا يحقق لها نقطة انطلاق في سياستها. وأسهل الطرق لتكبيل السياسة المصرية هي شراء مجلس الشعب المصري الذي سيكون عائقًا لسياسة "مصر" الخارجية، مما يتيح الفرصة لسياسة "قطر" أن تنمو وتتوغل في المحافل المختلفة.
لذا، سوف تلاحظون تراجع السياسة المصرية في دول أوروبا و"أمريكا" مقابل نشاط غير ذي قيمة في العلاقات العربية التي ليست موضع منافسة مع أحد، وسوف تسمعون كثيرًا من التصريحات والرحلات عن "ليبيا" و"العراق" و"السودان" و"اليمن"، ولكنكم ستشهدون انفصالاً مريعًا عن التواصل مع أوروبا وأمريكا. ولعل الأسافين قد بدأ دقها في نعش السياسة المصرية الأمريكية بتهليل من السلفيين والإخوان بعد احتجاز فريق عمل في حقوق الإنسان من المعهد الأمريكي الديمقراطي. كما سبق منذ فترة إدعاء أن أمريكيًا كان يتجسس في ميدان "التحرير" ويلتقط صورًا وسط الملايين الجارفة من البشر؟؟؟؟ وبعد تهديدات تليفزيونية من القضاء الوهمي المصري والسياسة الفارغة المصرية تم الإفراج عنه.. وهكذا هذه الأحداث التافهة القيمة لكنها مقصودة لعرقلة العلاقات المصرية الأمريكية الأوروبية، مما يخدم الدور القطري والسعودي. بينما لم يجرؤ هذا القضاء الفاشل في التحقيق في مصادر التمويل السلفي والإخواني حتي الآن، رغم أن كل المشاهد كانت مسجَّلة صوت وصورة؟
"السعودية" ومجلس الشعب
ما هي مصالح "السعودية"؟ وكيف ستتوغل "السعودية" في مجلس الشعب الذي دفعت هي تكاليفه؟ فهو مجلس "السعودية" تمويليًا، حيث أنها لا تملك مجلسًا في "السعودية" ذاتها!.
ستجد أعضاء مجلس الإخوان السعودي يولولون إذا ما قامت حكومة "نيجيريا" بمقاومة جماعة "بوكو حرام" المتطرفة التي أحرقت المسيحيين في كنائسهم وهم يصلون.. ستجدهم يناشدون التدخل المصري في "الفلبين" لأن "الفلبين" تقاوم جماعة "أبو سياف" الإرهابية المتأسلمة.. ستجد أعضاء هذا المجلس المزيف دائمي الترحال إلي "السعودية" بمبرِّر (العمرة أو الحج) والحقيقة أنهم يواظبون على تلقي التعليمات في كيفية أسلمة "مصر" شكلاً، وإلهاء "مصر" موضوعًا.. ستجدهم يناقشون الفصل في الكليات بين الجنسين، فتقوم مظاهرات هنا وهناك ثم يتراجعون. ثم يقترحون تدريس العلوم القرآنية في المدارس فتقوم المظاهرات ثم يتراجعون. ويحاولون التدخل في السينما والمسرح فتقوم ضجة ويتراجعون. ثم يتحاورون لأجل تقنين رفع الجلسات أثناء مواقيت الصلاة لكي يصلي الأعضاء جماعة. ثم يقررون إلغاء عيد الحب ويجرموه. ثم يجتمعون لتحطيم قوانين الطفل وقوانين المرأة وقوانين كانت شاهدًا على مدنية "مصر"، فينتشر الجدل وهذا غاية المراد من رب العباد..
المهم هو أن تحافظ "السعودية" على هذه الضبابية التي تكتنف الحياة المصرية وتجعل هذا المجلس حجر عثرة ضد قيام "مصر" من عثرتها.
هكذا يشغلون الشعب المصري دون أن ينجزوا شيئًا من المهام التي يجب أن يقوم بها عضو مجلس الشعب المصري، لكنهم أعضاء مجلس لشعوب أخرى غير "مصر".
ستجدهم يريدون تشتيت العقل المصري والسياسة المصرية بافتعال أزمات غير حقيقية؛ لأن الفكر الوهابي يقوم أساسًا على إلهاء الناس، سواء بالدعوة إلى الجهاد في مناطق بعيدة عن التماس مع السياسة المصرية أو اختلاق أزمات في المناطق القريبة منها، أو تطاولات وتجاوزات على الليبراليين الأقلية في المجلس. لذا سنسمع عن أزمات من تصريح فارغ تفوه به أحدهم ثم يأتي آخر وينفيه ويأتي ثالث ويعدله، وهكذا سيتلاعبون بالشعب.
ماذا تريد "السعودية"؟
"السعودية" دولة قمعية تتخذ الدين غطاءً للفساد فيها والظلم و القمع. ومن مصلحتها أن تكون جارتها التي تورد لها 2 مليون عامل سنويًا دولة لشعبها نفس مواصفات الشعب السعودي المقهور باسم الدين. فهي تخشى أن تنهض "مصر" فيتأثر الشعب السعودي المغلق عليه بالمتاريس الحديدية. لذا تنفق بسخاء لكي تتجنب شرارة الثورة. فهكذا فعلت حين وأدت الثورة في "البحرين" وفي "اليمن". هي تريد أن تسبح في منطقة قمعية دكتاتورية لا قيمة للعقل فيها. يكفي تغييب الناس باسم الدين. هذه هي المصلحة السعودية الوهابية الفاسدة.
السياسة والهندسة
نحن أمام معادلة هندسية سياسية واضحة تقول.. إذا كانت القوى الحاكمة للواقع المصري هي ثلاثة أبعاد في شكل مثلث، الشعب هو قاعدة المثلث والمجلس العسكري والتيارات الإسلامية هما ضلعا المثلث، فالمعادلة تقول إنه بقدر ما يقترب الضلعان إلى قمة السلطة بقدر ما يتباعد الضلعان (العسكر والإخوان) عن الشعب. وبقدر ما يزيد إتساع القاعدة يزيد معه بالتبعية التصاق المصالح للجالسين على القمة أي العسكر والتيارات الإسلامية.
وهذا الانفصال عن الشعب قد بدأ قبل أن يبدأ هذا المجلس؛ لأن أعضائه (في معظمهم) لم يأتوا لا من الشعب ولا من أجل الشعب.. هذا الانفصال تبلور في موقف خطير ارتكبه المجلس العسكري بالتعاون مع الأزهر الذي ويا للغرابة هرول مسرعًا إلى المجلس حاملاً قانونه الجديد ولم يقدمه إلى مجلس الشعب الذي يقولون أنه منتخب؟؟؟ ويا للغرابة أنه بعد انعقاد أول جلسة في مجلس الشعب هذا نجد المجلس العسكري يصدر قانون الأزهر الجديد.. أصدر القانون بدلاً من مجلس الشعب الذي ليس له عمل سوي إصدار القوانين... أصدر المجلس العسكري القانون لاغيًا مهمة البرلمان الذي يفتخر المجلس العسكري أنه أشرف على (نزاهة) انتخاباته!!
شاهد على الانفصال عن الشعب (قانون الأزهر)
أول عمل قام به المجلس العسكري بعد تشكيل مجلس الشعب هو إلغاء دور مجلس الشعب... وتقف على مقربة منه شبهات كثيرة حول شيخ الأزهر ومدى تغلغله في الحياة السياسية بدون مبرِّر، استفادته من قربه من المجلس العسكري في تمرير قانون بعيدًا عن رقابة مجلس الشعب، الذي يستطيع أصغر محام في "مصر" أن يطعن علي هذا القانون الجديد بعدم دستوريته... لكن المهم هنا إيضاح أن ضلعي المثلث الصاعدين إلي القمة يتلاعبان بالشعب (قاعدة المثلث)، وقد انفصلوا عنه بالقدر الذي يحقق لهم انفرادهم بالسلطة، متجاهلين مؤسسات الدولة التي صدعوننا بأنها يجب أن توجد، ولما وُجدت (شكليًا) كانوا هم أول من يتجاهلون وجودها.
كما يكشف هذا التصرف عن ملامح أخرى خطيرة، وهي أن الأزهر جهة تابعة للحكم تبارك قرارات النظام ولا يعنيها سوى أن تستفيد من هذا الدور لتحقيق أغراض قيادة الأزهر الشخصية، غير عابئة بدور الأزهر الرئيسي وهو نشر الوسطية (التي لا أعرفها).
ملاحظات ختامية
- لا أعرف معنى أنه لا دين في السياسة بينما لا يوجد الآن من يمارس سياسة سوى رجال الدين!! حتى الذين كنا نعرفهم كرجال سياسة أصبحوا يتكلمون كالفقهاء.. فهل يخاطب هذا الكلام أناسًا من كوكب آخر؟؟
- كذلك هذا التصرف يكشف عن حجم التباعد الفكري بين الأزهر وبين الإخوان، حتى أنه أصدر قانونه دون العرض علي الإخوان وهم المهيمنون على المجلس. فقولوا لي كيف سيقف الأزهر ضد الأفكار المتطرفة إذا كان يخشى علي نفسه فأصدر قانونه في الخفاء سرقة كاللصوص؟ كيف يتوقع البعض دورًا تثقيفيًا أو تنويريًا للأزهر إذا بدا هكذا مرتعبًا من أول جولة فأصدر بالتواطؤ مع المجلس العسكري قانونه الذي يحقق لشيخ الأزهر بقاءه مدى الحياة في منصبه؟.
- تُرى لماذا لم يصدر المجلس العسكري قانون دور العبادة وقانون الأحوال الشخصية للمسيحيين ما دام هكذا قادرًا بين ليلة وضحاها على الموافقة على قانون الأزهر في خفية؟ أم أنه ترك الأمر لمجلس المتأسلمين الذين بالقطع لن يقرروا القانون، لكي يدق أسفينًا جديدًا بين الأقباط ومجلس الشعب المزعوم؟ أم أنه يلاعبنا وهو في الحقيقة لا يفهم حتى أصول اللعبة السياسية؟ لذا ستأتي نهايته قريبًا بيد الشعب المصري الحقيقي في الشوارع المصرية.
- أشفق من كل قلبي على أعضاء مجلس الشعب الأوفياء من التيارات الليبرالية والمدنية الذين كُتب عليهم أن يجابهوا ليس فقط زملاء لهم في المجلس بل أشخاصًا صاروا مندوبين عن دول أخرى احتلت ويا للأسف مكان المشرِّع المصري. لذا على الليبراليين أن يفسروا العبارات التي يصرح بها المتأسلمون تحت القبة، فهذه من أجل "السعودية" وتلك من أجل "قطر" وثالثة لأجل "الكويت" ورابعة لأجل "الظواهري" بتظيم القاعدة، وهكذا يردون التصريحات إلي مصدرها ويتعاملون معها على هذا الأساس، ويكشفون دون خوف هذه الإزدواجية في الانتماء (هذا لو وجد لدى هؤلاء المتأسلمون انتماءً مصريًا).
أعتقد أننا سنعود مرة ثانية لمجلس الشعب هذا.. فقط بعد أن نعرف عن أي شعب ينوب هؤلاء الأعضاء؟
و الآن دعونا نستند في وادي الراحة.
حافظ الأمانة
يا حافظ الأمانة، ما أعجبك حتى أنك كشفت لنا حقد الجبابرة منذ القديم، حين إلتف السمائيون حولك يسبحونك جاء إبليس بوجهه المنفر. وأنت علمت أنه أتى يستصدر منك قرارًا، وسمحت له بالمثول أمامك. جاء يطلب أن يجرب عبدك "أيوب".. هكذا كان إبليس مكشوف الوجه، وهكذا أولاد إبليس أيضًا لا يخجلون؛ لأنهم خلعوا رداء النعمة، وتعروا من البنوة السماوية.
كان سماحك لإبليس بتجربة البار "أيوب" قمة العدل، حيث أنك أيضًا سيَّجت حول "أيوب" قبل أن تسمح بتجربته، سمحت لإبليس بالقرار، ولكنك حميت عبدك من نتائج هذا السماح المؤلم.
هكذا اليوم عندنا يحدث يا رب. يدخل أولاد إبليس مكشوفي الوجوه، لا يخجلون من إعلان كراهيتهم لك ولنا، بل وللإنسانية جميعها.
وها أنت قد أذنت لهم بالدخول، واستصدروا منك قرارًا بتجربتنا، ولكنك سيجت حولنا، وستظل درعنا الواقية في كل مكان وزمان.
منذ مولدك كان هناك ملكًا خبيثًا يريد موتك، تقابل مع زائريك الملوك القادمين من بعيد يرغب في خداعهم، لكنك كنت هناك لترشدهم فعادوا من طريق أخرى بعيدًا عن الخداع والخيانة.. هكذا تستطيع أن تجنب بنيك شرور الخداع والخيانة.
حين جاءت الساعة وقد أخذت قرارًا أبديًا بخلاصنا على حساب حياتك، قبلها كان هناك رجل يحوم حولك طوال الأسبوع الأخير يرمقك بعيناه الزائغتين لعله يستنطقك فتقول شيئًا، وأنت حذرته مرارًا من الخيانة، حتى لما استنفذ كل فرصته أذنت له أن يعمل ما يريد وبأقصي سرعة. فالخيانة تؤلمك جدًا، وعدم الولاء يحزن قلبك.. هكذا كنت مشغولاً بخلاصنا ومتألمًا من خيانة بعضنا كـ"يهوذا".
اليوم يجتمع بنوك، فأفرز من بينهم الخائن، وبخه ما دام أوان التوبة، حتى إذا عاد يصير بالحقيقة ابنًا لك لا خوف منه.
أفرز الذين يدعون الإيمان بك لكي يعرفوا هل هم حقًا مؤمنون؟ أفرز الذين يعملون باسمك لأن بعضهم يحتاج تبكيتك وبشدة لئلا تضيع بسببه الخراف.
أفرز الذين أخذوا صفة المدافعين عن شعبك لأن فيهم من يدافع فقط عن مصالحه.
هؤلاء المفروزون عن قطيعك المُبعدون لأنهم ليسوا أوفياء، قم بعملك فيهم لكي تستكمل نواقصهم وتعيدهم بقوة أعظم، فتكون توبتهم مكسبًا لأنفسهم وللكنيسة.
اليوم نصلي لأجل الخائنين لتجعلهم مثل "بطرس"، اليوم نطلب لأجل المتلفين ليكونوا نصيبك مثل "بولس".
لقد أرهقت الخيانة شعبك، بل كل الشعوب، حتى فقد الكثيرون الثقة في الجميع. لكنك تستطيع معالجة الكل، الشعوب والخائنين معًا.
ما أعجبك أيها القدوس، إذ أنت تتمسك بأمانتك دوامً، تشرق بمحبتك فوق أرض لا يكف من عليها عن خيانتك؟ لكن محبتك أبدية، أقوى حتى من الخيانة. لذلك حولت الخائنين إلى قديسين. ولذلك نجرؤ نحن الخائنين لمحبتك على الاعتراف بذنوبنا والاعتذار عنها وطلب الصفح وتوقع مغفرتك. كلنا أمامك مقصرون، فأكمل ضعفنا بقوتك، فنصير أمناء.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com