ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المرأة «قسيسا» منذ 5 سنوات!

| 2012-01-29 07:57:51

باينت ردود فعل القيادات الكنسية فى مصر بعد القرار التاريخى الذى اتخذه مجمع القاهرة الإنجيلى برسامة المرأة قسا راعيا ومعلما - وذلك لأول مرة فى تاريخ مسيحية الشرق الأوسط - مما يؤكد اتساق الفكر اللاهوتى والعقيدى الإنجيلى مع التطبيق الواقعى والاختبار المعاش، ويمنح ذلك القرار لمجمع القاهرة الإنجيلى الريادة على بقية المجامع الإنجيلية ليس فى مصر فقط، بل فى الشرق الأوسط كله.

وتلك الخطوة التى خطاها مجمع القاهرة الإنجيلى كانت لها بداياتها التاريخية سواء على مستوى التنظير اللاهوتى، أو على مستوى الإجراءات القانونية والسنودسية وصولا لاتخاذ مثل هذا القرار.

- أولا: الخلفيات التاريخية لقرار رسامة المرأة قسا:

بقراءة متأنية لتاريخ الكنيسة الإنجيلية فى الشرق الأوسط عامة، ومصر خاصة، تتضح ريادتها فى ربط التفكير اللاهوتى والكتابى بالواقع العملى المعاصر، وانطلاقا من الرؤية اللاهوتية للكنيسة الإنجيلية والفهم الكتابى للمساواة بين الرجل والمرأة، وتطبيقه فى الواقع العملى، كانت الكنيسة الإنجيلية رائدة فى مجال تعليم المرأة، فقد افتتحت الكنيسة الإنجيلية أول مدرسة لتعليم المرأة عام 1835،وقت كان التعليم مقصورا على الذكور فقط، وعار على المرأة واليوم أصبح عدم التعليم للمرأة هو العار فى حد ذاته.

وفى عشرينيات القرن الماضى كانت للكنيسة الإنجيلية فى مصر مدرستان لا لتعليم الفتيات فقط، بل لتخريج المبشرات المتفرغات لخدمة الإنجيل، بالتساوى مع المبشرين العلمانيين خريجى مدرسة اللاهوت، واستمر هذا الحال حتى الخمسينيات.

كما يسجل التاريخ أيضا أن مجلس الكنيسة الإنجيلية بالأزبكية - أقدم كنيسة إنجيلية فى مصر - وقت أن كان القس غبريال رزق الله رئيسا لمجلسها اتخذ قرارا فى عام 1937،برسامة المرأة شيخا مدبرا، وقد تم انتخاب المرأة لرسامتها شيخا مع عدد من الرجال، إلا أن قسا وقتئذ اعترض على تلك الخطوة.. فما كان من القس غبريال رزق الله ومجلس كنيسة الأزبكية إلا أن أجلوا رسامة المرأة شيخا حتى لا يعثروا ذلك القس، وليمنحوه الوقت الكافى لتفهم ذلك القرار، ومع تكرار التأجيل لم ترتسم المرأة شيخا فى تلك الفترة.

ومع نهاية ستينيات القرن الماضى وبالتحديد فى عام 1970،شهدت كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة تخريج أول سيدة بدرجة بكالوريوس الفلسفة والعلوم اللاهوتية، وهى الدرجة العلمية المؤهلة للرسامة قسا، وكانت تلك السيدة هى فيكتوريا فهيم عزيز.

وفى عام 1971،اتخذ مجلس الكنيسة الإنجيلية بالملك الصالح، قرارا برسامة المرأة شيخا مدبرا للكنيسة، وقد كان الدكتور القس لبيب مشرقى راعيا لتلك الكنيسة ورئيسا لمجلسها وقت اتخاذ ذلك القرار، وبالفعل تمت رسامة سيدتين للمشيخة فى الكنيسة، وهن السيدة مارى فاضل، والسيدة منيرة توفيق، ولأن رسامة الشيوخ حق أصيل لمجلس الكنيسة يكفله له دستور الكنيسة الإنجيلية المشيخية.

مع تفعيل قرار مجلس الكنيسة - صاحب الحق الأصيل - لقراره برسامة المرأة شيخا، ثارت زوبعة فكرية ولاهوتية ودستورية فى جنبات الكنيسة الإنجيلية فى مصر، ورفع قرار رسامة المرأة شيخا لعرضه على سنودس النيل الإنجيلى - المجلس الأعلى للكنيسة الإنجيلية فى مصر - الذى اتخذ قراره رقم (73/76)، بتأجيل النظر فى الموضوع للعام التالى حتى يكون الموضوع مطروحا للنقاش وليقدم كل فريق مؤيد أو معارض دراساته فى هذا الشأن، ولم يتخذ السنودس فى ذلك الوقت قرارا يؤيد أو يعارض تلك الخطوة التى اتخذها مجلس الكنيسة الإنجيلية بالملك الصالح.

وفى عام ,2002 اتخذ مجلس الكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط برئاسة القس باقى صدقة، قرارا مماثلا برسامة السيدة مارسيل مهنى شيخا بالكنيسة، ذلك القرار الذى أثار الموضوع ثانية أمام السنودس، وبعد دراسات مستفيضة راعى فيها السنودس الفكر اللاهوتى والكتابى للكنيسة الإنجيلية، والبعد البيئى والمجتمعى لمثل هذه القرارات، وبالعودة للدراسات التى قدمها أكثر من عشر قيادات كنسية بخصوص هذا الموضوع، اتخذ السنودس قراره رقم (116/31) لسنة 2006بالإجماع بإقرار حق رسامة المرأة شيخا، على أن يترك للمجامع ومجالس الكنائس الحرية فى تنفيذ هذا القرار.

وبهذا القرار - أى رسامة المرأة شيخا - تكون المرأة عضوا فى مجلس الكنيسة المحلية، عضوية كاملة، وعضوا منتدبا بالمجمع الذى تتبعه كنيستها المحلية، وأيضا عضوا فى السنودس والمحفل العام، وقد تكون رئيسة للجنة مجمعية، أو سنودسية، ليس لجان المرأة فقط، بل اللجان المشكلة من الرجال والسيدات، كما يكون لها حق الاقتراع والترشيح والتصويت والاعتراض والطعن على أى قرار كنسى مثلها مثل أى شيخ أو أى عضو معها، فى لجنة أو مجمع، وقد تكون نائبة رئيس مجمع.

وما أن حل عام 2007 إلا واتخذ مجلس الكنيسة الإنجيلية بالفيوم قراره الذى يتوافق مع قرار السنودس وكتفعيل له، برسامة السيدة وفاء فيكتور، شيخا للكنيسة الإنجيلية بالفيوم، وكذلك ما اتخذه مجلس الكنيسة الإنجيلية بالعطارين عام 2008 بإقرار رسامة السيدة جان كامل يوسف شيخا بالكنيسة، وفى عام ,2010 رسمت السيدة فيبى زاخر غالى شيخا بالكنيسة الإنجيلية الرابعة بالمنيا، وهكذا أصبح من حق المرأة أن ترتسم شيخا فى الكنيسة الإنجيلية بقرار سنودسى ودون اعتراض منه.

ففى عام 2009 كانت السيدة «آن إميل زكى» - وهى ابنة قسيس إنجيلى - قد أتمت دراساتها اللاهوتية بأمريكا، تلك الدراسة المؤهلة لرسامتها قسا بحسب نظم ولوائح الكنيسة الإنجيلية، وقد حصلت فعلا على تصريح بالخدمة والرسامة فى الكنيسة الإنجيلية من مجمع «Grand Rapies»، التابع للكنيسة الإنجيلية المشيخية بالولايات المتحدة الأمريكية (C.R.C)، ولرغبتها فى أن ترتسم فى بلادها المصرية ووفق قواعد ودستور الكنيسة الإنجيلية المصرية التى تربت وترعرعت فيها، وحيث لا يوجد مانع دستورى ولا لاهوتى يمنع رسامتها قسا فى الكنيسة الإنجيلية بمصر، تقدمت بطلب رسامتها قسا كأول امرأة تتقدم بهذا الطلب، وقد تقدمت بطلبها هذا لمجمع القاهرة التابعة له حيث إنها عضو بالكنيسة الإنجيلية بالقللى بالقاهرة ومجمع القاهرة الإنجيلى هو الجهة المختصة فى هذه الحالة بهذا الشأن.

حيثيات اتخاذ قرار رسامة المرأة قسا:

بعد تقديم السيدة «آن إميل» طلبا لمجمع القاهرة الإنجيلى تطلب فيه رسامتها قسا، حيث أتمت المؤهلات الدراسية التى تمنحها هذا الحق، ولأنها تشعر بدعوة لأن ترتسم قسا بالكنيسة الإنجيلية، قبل مجمع القاهرة الإنجيلى طلبها من حيث المبدأ، وبعد مناقشات مستفيضة، قرر إحالة طلب رسامة المرأة قسا للسنودس، بالإضافة لتحديد موعد خاص لأعضاء المجمع بكلية اللاهوت الإنجيلية لتقديم الدراسات الكتابية واللاهوتية فى ضوء ظروف المجتمع المصرى، سواء كانت تلك الدراسات مؤيدة أم معارضة لفكر رسامة المرأة قسا ومن ثم تم تحديد خلال عام 2010 ،حيث قدمت دراستان إحداهما مؤيدة والأخرى معارضة لرسامة المرأة قسا بالرغم من أن الدراستين استندتا على بعض من نصوص الكتاب المقدس.

وفى انعقاد مجمع القاهرة عام 2010 قدمت السيدة آن طلبها للمرة الثانية، ورأى المجمع إحالة الطلب للجنة التنفيذية للمجمع، التى اجتمعت وناقشت الموضوع وحيث إن السنودس لم يتخذ قرارا فى هذا الشأن، بل أعاده للمجمع صاحب الحق الأصيل فى اتخاذ القرار من عدمه، أبقت اللجنة التنفيذية الطلب أمام المجمع لحين اتخاذ قرار سنودسى بخصوص هذا الأمر، وبالتالى كان قرار اللجنة رفع الطلب للسنودس مرة أخرى، كما قررت اللجنة التنفيذية إمكانية رسامة السيدة «آن إميل» خارج البلاد.

وفى انعقاد مجمع القاهرة فى دورته العادية فى عام 2011بالكنيسة الإنجيلية بالعباسية، تم طرح موضوع رسامة المرأة قسا للمرة الثالثة، وبعد مناقشات قرر المجمع إحالة الطلب للجنة التنفيذية المجمعية للدراسة وعقد مجمع خاص لدراسة هذا الأمر من جميع جوانبه، وبناء عليه قررت اللجنة التنفيذية لمجمع القاهرة عقد مجمع خاص يوم الخميس 19 يناير 2012 للاستماع لبعض الدراسات المتنوعة سواء المؤيد منها والمعارض لرسامة المرأة قسا، وقد عقد المجمع فعلا فى الموعد المحدد.

وكانت جلسة الانعقاد قانونية من الجهة الدستورية والقانونية، وبعد الاستماع للرأى والرأى الآخر ومناقشة الحضور أمر رسامة المرأة قسا، طرح الموضوع للتصويت، وكان التصويت، بالأغلبية لصالح قرار رسامة المرأة قسا، وتلى نص القرار كالتالى «بشأن موضوع رسامة المرأة قسا، وبعد دراسة الموضوع لاهوتيا وكتابيا واجتماعيا، وبعد الصلاة، قرر المجمع رسامة امرأة قسا بأغلبية الأصوات».

شهد يوم الجمعة انعقاد مجمع القاهرة الإنجيلى فى دورته العادية، والتى صادق فيها على قرار المجمع الخاص برسامة المرأة قسا، وعليه أصبح قرار رسامة المرأة قسا قرارا مجمعيا ملزما لمجمع القاهرة برسامة المرأة قسا.

وهكذا تقدمت السيدة «آن إميل» بطلب التصريح للرسامة قسا وفق قرار مجمع القاهرة الإنجيلى، وقد أحال المجمع طلبها إلى لجنة التعليم اللاهوتى لعمل اللازم كخطوة إجرائية ممهدة لرسامتها قسا لاحقة.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com