ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

بعصاك وعكازك ..... تُعلنْ ليّ عنايتك .....!!

نبيل المقدس | 2012-01-18 00:00:00

 بقلم : نبيل المقدس

كنتُ أقرأ في إنجيل يوحنا 10 عن الراعي الصالح .. وسموت بكلمات الرب يسوع حول مدي محبته اللامحدودة للبشرية .. وأسمحوا لي أن أكتب جزءا مما قرأته لكي يكون متاحا لكل من ليست له الفرصة في قراءة الإنجيل :

7فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي أَنَا بَابُ الْخِرَافِ. 8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ، وَلكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ. 9أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى. 10اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ، وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ. 11أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ. 12وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ، وَلَيْسَ رَاعِيًا، الَّذِي لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ، فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلاً وَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ، فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ وَيُبَدِّدُهَا. 13وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ، وَلاَ يُبَالِي بِالْخِرَافِ. 14أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، 15كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ. 16وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. 17لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. 18لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي».

وجدت من بين سطور هذا المقطع أن العصا هي أداة مشتركة بين الراعي الصالح وبين الآمر بالمعروف .. وانا هنا لست في صدد أن اقارن بين الراعي الصالح والآمر بالمعروف أوالناهي عن المنكر كما يطلقون عليه , لأنه حاشا أن أقارن أحدا برب المجد .. لكن سوف أتكلم عن العصا التي كان يعنيها يسوع , متجنبا الحديث عن العصا الخبيثة التي يهددنا بها هؤلاء الذين توهموا أن في ايديهم ومقدورهم تقويم وتأديب الشعب المصري .. لأن الكلام عن عصا الراعي الصالح سوف يكشف مدي خسة العصا التي يحملها هذا الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

وصف يسوع نفسه بالراعي لأن صورة الراعي في حينها كانت تتكرر يوميا أمام شعب إسرائيل .. فقد قرأت في إحدي التفسيرات الروحية , أن طبيعة معظم مساحة أرض اليهودية من بيت إيل إلي حبرون كانت أرض صخرية واعرة .. لذلك كانت امكانية الزراعة فيها دائما فاشلة , فكان البديل للزراعة هو رعي الأغنام .. وفي نفس الوقت كان الراعي يواجه حياة شاقة .. حيث كان دائما في يقظة .. لا يفارق رعيته ليلا ولا نهارا .. فقد كان دائما يبحث عن الأجزاء الخضراء وما أندرها .. وكان أيضا مفتوح العينين لكل فرد من أفراد قطيعه خوفا من سقوطه في أي منحدر .. بالإضافة إلي وجود الوحوش الضاربة التي تختفي في الكهوف .

عندما تنظر إلي صورة الراعي وهو مستندا علي عصاه , وعيناه ساهرتان لكل كبيرة وصغيرة .. تستطيع أن تدرك لماذا إحتل الراعي مركز الصدارة في تاريخ إسرائيل وفي أدبها الديني .. لذلك أصبح لقب الراعي وهو ممسكا بعصاه لقبا من ألقاب الشرف التي تُطلق علي عاهل البلاد .. ولهذا إتخذه المُخلص مثالا للتضحية والبذل من أجل خرافه ( البشرية ).

كانت عصا الراعي طويلة ورفيعة مصنوعة من الخيرزان وتنتهي في أعلاها بطرف ملتوي لكي يستطيع صاحبها أن ينشل بها أي فرد من قطيعه يسقط في منحدر او حفرة ... كما كانت أداة يستخدمها الراعي فى تدريب القطيع بعض الألعاب ليمارسها بنفسه , فقد كان يجلس الراعي علي إحدي الأحجار ويمد العصا افقيا علي إرتفاع قليل من الأرض ويجعل كل فرد من القطيع يثب علي العصا أمامه .. فقد كانت العلاقة بين الراعي وقطيعه تمتد سنوات عديدة لأن الخراف وقتها كان يتم تربيتها ليس من أجل لحومها بل من أجل الإنتفاع بصوفها , مما يؤدي أنه كان يبقي زمانا طويلا معها .. لذلك كانت العلاقة بين الراعي والقطيع علاقة وطيدة جدا , حتي أن القطيع كان يستطيع أن يميز راعيه بشكل العصا وأيضا بعدد مرات التربيت التي كان يربتها الراعي علي ظهورهم كنوع من التدليل والحنان والإهتمام.

ومن أجمل صور الراعي في زمن الرب يسوع المسيح أن الراعي كان يسير بعصاه أمام قطيعه والخراف تتبعه , لكي يختبر كل خطوة .. ويجس بعصاه الطريق لكي يتأكد من سلامته , كما كان يستخدم العصا عن طريق تلويحها إلي اعلي شمالا ويمينا في توجيه قطيعه .... بعكس ما كان يحدث في البلدان العربية حيث نجد ان الراعي يسير خلف الرعية مستخدما العصا في ضرب ظهور الخراف والقطيع ضربا مبرحا لتوجيههم في الطريق الذي يريده .

كانت عصا الراعي بمثابة عصا المايسترو .. فبها كان يوقف القطيع عن السير بمجرد تثبيت العصا إلي الأعلي ... أو التوجه إلي حظيرته عندما يشير بها إلي إتجاه مكان الحظيرة . كانت العصا دعوة إلي النوم , عندما يسمع القطيع عدد دقات العصا علي باب الحظيرة .. وأيضا كانت العصا تقوم بعمل " المنبه "لايقاظ القطيع من نومه عندما يسمع دقات العصا علي الحجر وهي تنطلق بإيقاعات جميلة راقصة . كانت العصا آداة آمان للقطيع .. فكان كثيرا يترك الراعي عصاه في مكانها داخل الحظيرة ويخرج لأي مأمورية شخصية له .. فكان مجرد وجود العصا في مكانها يعطي سلام وآمان للقطيع .

علينا أن نتعلم من الراعي الصالح الكثير .. علينا أن نُمسك بعصا العناية والمحبة لكل واحد يحتاج إلي معونة او مساعدة .. عصانا هو كلمة الله المعزي والمفرح.. فبه نستطيع أن نُربي ونُعلم أولادنا شريعة الإله المملوءة حب وحنان وفداء ورجاء وآمان وتهليل وحمد وشكر .........!

فتعالوا بنا إلي ميادين التحرير .. رافعين عصا العصيان ضد كل مَنْ يتجرأ ويحاول تغيير طبيعة وصفات وثقافة المصري .. علينا أن لا نتخاذل امام هؤلاء الذين يمسكون العصا ضد الحيــــاة .


بعد ما أنهيت تأملي في الكتاب وأغلقته .. شرد فكري في كلمات هذه الترنيمة الجميلة :

دي حياتــــــي تشهدلك ... توصف غني رعايتك
"بعصــاك" وعكــازك ... تُعلن لي عنـــــــايتك
****

دي إيديـــــــك محــــــــاوطاني .. في حضنك وضماني
وعناية إلاهية هي كل ضماني .. هي هي كل ضمــاني .
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com