أكد علماء الإسلام أن مصر كانت وستظل نسيجًا واحدًا يضم المسلمين بجوار المسيحيين بلا تفرقة أو تمييز علي أساس الدين، وقالوا إن الأحداث الفردية التي تصدر عن بعض المتطرفين من هنا أو هناك لا تعبر إلا عن مرتكبيها فقط، ولا تمثل أيًا من حقيقة الدينين المسلم أو المسيحي.
ودعا العلماء إلي تعزيز مفاهيم التقارب والتعايش السلمي بين الجانبين، معتبرين الأقباط شركاء في الوطن، وليسوا مجرد أقليات في مجتمع مسلم.
وقال الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه لا يوجد في مصر أقليات، واعتبر أن الأقباط الذين يعيشون في مصر هم شركاء في الوطن، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا كما أخبرنا بذلك رسول الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم، أما فيما يتعلق بشئونهم الدينية فإن شريعتهم المسيحية هي التي تنظمها.
ودلل الشيخ عاشور علي رأيه بما جسدته حرب السادس من أكتوبر من اختلاط الدم المسلم بالمسحي لتحقيق هذا النصر العظيم، وكذلك ما شهده ميدان التحرير بالأمس القريب أثناء الأيام الأولي للثورة من لحمة وتماسك ومؤازرة لأبناء الوطن جميعا الذين ناضلوا لتحرير الوطن من الظلم وكان المسلم يحمي المسيحي والمسيحي يحمي المسلم، ولم يشهد الميدان حالة تحرش واحدة أو اعتداء من أي من الطرفين ضد الآخر، كما لم تشهد البلاد أثناء تلك الفترة التي غابت فيها الداخلية حالة تعد واحدة علي كنيسة أو مسجد.
الأمر نفسه أكده الدكتور محمد أبو زيد الفقي عميد كلية الدراسات العربية والإسلامية بطنطا سابقا، وأحد المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية قائلا: إن المسيحي صاحب أرض وشريك في الوطن مثله مثل المسلم وليس مجرد مواطن، منح حق الإقامة لمدة قد تطول أو تقصر، وطالب الدكتور الفقي بتعزيز مفهوم المصاحبة بدلا من المواطنة.
وردًا علي ما ذهبت إليه بعض الآراء بعض الفقهاء التي تذهب إلى أن غير المسلم في بلاد المسلمين من أهل الذمة يعتبر من رعايا المسلمين وليس مواطنا يتمتع بحقوق المواطنة، يقول الدكتور القصبي محمود زلط عضو مجمع البحوث الإسلامية نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق: لقد قام هذا الرأي على أساس تقسيم الناس على أساس أديانهم، واعتبار مواطني الدولة الإسلامية هم المسلمون دون غيرهم، واعتبار مسئولية النظام أمانة في عنق المسلمين وحدهم، الأمر الذي يلغى قيمة الوطن الذي يظل ملكاً للجميع، سواء الذين يدافعون فيه عن العقيدة، أو الذي يدفعون فيه عن التراب.
وأضاف زلط: أن الفقهاء القدامى عندما ذهبوا إلى هذا الرأي كانوا يخاطبون عالماً غير عالمنا، كانوا يخاطبون دولة الإسلام الكبرى في العصرين الأموي والعباسي والتي كانت مترامية الأطراف، فلا يمكن أن نأخذ هذا الرأي، وقد أصبح المسلمون الآن موزعين على أكثر من خمسين دولة، ولا يصح أن يتناقل الفقهاء المحدثون هذا الرأي، لأن الواقع قد اختلف.. هذا إضافة إلي أن النصوص القرآنية والنبوية التي توصي بغير المسلمين خيراً، تناقض هذا الرأي، كما يناقضه ما ورد عن الصحابة في هذا المجال، فالله يقول: (لا ينهاكم الله عن الذين يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). وذهب الفقهاء في هذا الصدد إلي أنه إذا وقع الذميون رعية الدولة الإسلامية في أسر قوم من أهل الحرب، ارتبطوا بأمان مع دولة المسلمين، كان على دولة المسلمين نقض العهد لاستنفاذ المسلمين..
فالفقهاء يسجلون أن على المسلمين حماية أهل الذمة من الاعتداء الخارجي ومن الظلم الداخلي، ودفع الفدية لتخليص أسراهم وحماية أموالهم وأعراضهم، ونرى شيخ الإسلام ابن تيمية عندما تغلب التتار على الشام، وأسر بعض المسلمين وبعض الذميين، ذهب إلى قائد التتار وكلمه في إطلاق الأسرى فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيراً، لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com