كتب: عماد توماس
بدأ مساء أمس الأربعاء ببورسعيد، فعاليات اللقاء الفكري الذى ينظمه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعيـــة، ويستمر يومين بعنــــــوان" تحديات مرحلة التحول الديمقراطي". شارك في اللقاء نخبة كبيرة من قادة الفكر وعدد من القيادات الدينية الاسلامية والمسيحية، وشباب الإعلاميين والأكاديميين.
في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قال الدكتور القس "أندريه زكي"، مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية، أن "مصر" تمر بلحظة فارقة، مشيرًا إلى أن الكثير من دارسي العلوم السياسية يجدون صعوبة في الدراسات المقارنة لطريقة التحول من شعب إلى آخر، وليس بالضرورة من شعب إلى نفس الشعب، موضحًا أن طريقة التحول تختلف من بلد لآخر ومن توجه لآخر، فقبل المرحلة الاولى والثانية للانتخابات، كان لدى البعض منا صعوبة في قراءة الخريطة الحزبية والحركات السياسية من حيث الوزن النسبى ويبدو أن المرحلتين حسموا هذه الصعوبة، لذلك من الضروري أن يكون لدينا القدرة على فهم هذا الطريق.
وأضاف "ذكى"، أن الخريطة الجديدة في مصر أهم ما فيها ليس فوز من، ولكن هناك علاقة جيدة بين الدين والسياسة ترصد في مصر، كعلاقة ليست تقليدية ولا يمكن تناولها من منظور واحد، فالتحول نحو الديمقراطية تمثل الانتخابات فيه ركيزة مهمة فالانتخابات أحد تيارات العبور إلى الديمقراطية.
وقدم "ذكى" عدد من التحديات التى تواجة عملية التحول للديمقراطية في مصر منها:
التحدى الأول: إعادة انتاج الاستبداد القديم : فالبعض ينسى أن الأغلبية في التحول موقف مؤقت لأن جوهر الديمقراطية أن تكون الأغلبية السياسية غدًا أقلية والعكس.
التحدي الثاني: التحول نحو الديمقراطية يتطلب مفاهيم جديدة لقضية الأغلبية والأقلية: فالأغلبية تكون أغلبية عندما تستوعب الجميع والأقلية عليها أن تدرك ذلك وتحترم الأغلبية ولا تفرض رأيها .
التحدى الثالث: الاستيعاب والاعتراف والتقدير كمرحلة جديدة في التحول للديمقراطية، فالتحول نحو الديمقراطية من أهم علاماتة وجود انساق ثقافية للممارسة السياسية، فمن الممكن كتابة دستور يتحدث عن المساواة ولكن إن لم توجد ممارسات ثقافية على أرض الواقع تصبح هذه البنود حبرًا على ورق.
وأشار مدير عام الهيئة الانجيلية، إلى أن الديمقراطية ليست لعبة سياسية لكنها ترتبط بمتغيرات على أرض الواقع، والديمقراطية ليست قطعة شيكولاته يتناولها الجميع، فالديمقراطية تؤمن بحرية التعبير لكنها تؤمن في نفس الوقت بسلطة الدولة، والديمقراطية تؤمن بحرية الاختيار لكنها تؤمن بسلطة الأغلبية.
قراءة في تحديات مرحلة التحول الديمقراطي
وفي الجلسة الأولى للمؤتمر، التى تناولت "قراءة في تحديات مرحلة التحول الديمقراطي"، قال الشيخ "محمود عاشور" – وكيل الأزهر الأسبق، أن الثورة كانت امل تحول إلى ألم، لاننا كلنا كنا نأمل في التخلص من الوضع الذى نعيشه، فمصر عاشت 18 يوما كتلة ووحدة واحدة كامة واحدة، حتى تنحى المتنحى في 11 فبراير، فالعالم بعد 11 فبراير حيا مصر وشبابها وثورة مصر، حتى حدثت اشياء ليست طبيعية كهدم كنيسة صول وحرق كنيسة امبابة ، ويقال أن هناك قوى أخرى أو "اللهو الخفي" كما يقولون، مشيرًا إلى إننا لاشك محسودين فالمصريين في الزمن القديم كان أغنياء العرب يحقدون على مصر، فالثورة لها توابع كالزلازل يخرج بعدها الزوابع إلى سطح الارض، فخرجت علينا مجموعات كثيرة زعموا أنهم شاركوا في الثورة. وبدأ من يقولون أن الخروج عن الحاكم جريمة وبعد الثورة انقلبوا 180 درجة، ومن يقولوا أن من عدانا كافر والديمقراطى كافر وقبل اشياء لم ينزل الله بها من سلطان.
ورفض الشيخ "عاشور"، فكرة تطوير الخطاب الدينى، لأنه يعتمد على القرآن والسنة، لكن يجب أن نغير من البشر والفكر ومن يتكلمون به لمواكبة العصر.
وأشار "عاشور"، إلى أن الخطاب الدينى يعتمد على المرسل (الامام-الخطيب) والمتلقى (الجمهور)، فالمرسل يحتاج أن يكون متفرغ لعلمه ليبحث ويفتش ليصل لأعماق وضمائر الناس
وفجر "وكيل الأزهر السابق ، مفآجاة عندما قال : "لدينا بعض الائمة يعملون كسائقى تاكسى أو لاصقى سيراميك " حتى يعيشوا عيشة كريمة. فصاحب الخطاب الدينى مشغول بنفسه .
وقال "عاشور"، أن العالم كله كان يلجأ للأزهر الشريف كمرجعية دينة لطلب القتوى ، ومنذ 30 عام بدأ يتقلص دور الازهر وميزانيته ومكانته، وتحول الازهر من جامع (يدرس علوم دينية) إلى جامعة (يدرس طب وهندسة..)، وكليات الأزهر جاءت كمسخ بشرى لا تخرج داعية ولا عالم.
مضيفًا أن المجتمع ظهر فيه الآن قوى جديدة، فخرجت فتاوي تحرم الخمر والبكينى والناس لا تستطيع أن تأكل، معتبرًا هذه الأفكار وافدة ليس من مناخنا وتتبنى التشدد والتطرف وخروج على ما يتبناه الازهر الشريف، مؤكدا على ضرورة التوافق جميعا حتى نصل إلى بر السلامة والامان
أما إذا التبسنا وكفرنا بعضنا البعض سنتحول إلى شرازم وطوائف كل منا يحارب ويكفر ويخون الاخر وسنعود إلى الوراء فالحاجة ماسة إلى أن يجتمع العلماء على منهج واحد وان يكون الخطاب الدينى يجمع ولا يفرق، يبنى ولا يهدم، ليصنع الحضارة، والاخر يجب ان يكون لديه مكان فالاقباط والمراة علينا ان نعترف بهم كشركاء في الوطن والمراة كنصف المجتمع
تحديات تواجه التحول الديمقراطى في مصر
من جانبه، قال الدكتور محمد نور فرحات، استاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق،
تحدث عن خبرته كمرشح لعضوية مجلس الشعب في منطقة ريفية كمعقل لجامعة الإخوان وحزب الوفد وأنضم لهم السلفيين، وحدد (5) تحديات تواجه التحول الديمقراطى في مصر كالتإلى:
الاول: تحدى العلاقة بين الدين والدولة
فالمعركة على الدستور التي بدأت منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية من خلال لجنه يغلب عليها التوجه الدينى، والمعركة الانتخابية التى غلب عليها طابعًا دينيًا طائفيًا.
وأوضح "فرحات"، أن هناك فرق بين المبادئ والاحكام التفصيلية التى تعلمنا أن فقه الأحكام يختلف من سياق لآخر، مبديا خشيته من أن نتبنى احكام واستيراد نماذج من دول قريبة أو بعيدة لا تصلح للمجتمع المصرى المتسامح.
محذرًا من انتخاب شيخ الازهر، في أن تؤدى الانتخابات إلى صياغة توجهات المشيخة إلى تبنى توجهات متشددة بعيدة عن الوسطية التى عودنا عليها الازهر الشريف،فهناك رفضا شديدا من جانب القوى الدينية التى حازت على الأغلبية ان يقترب احدا من الدستور، وهناك ربط لوضع مبادئ حاكمة للدستور، منبها إلى أن سيادة البرلمان تختلف عن سيادة الشعب، فسيادة البرلمان تعنى سيادة اعضاء مجلس العشب الذين انتخبوا في مرحلة معينة.
الثانى: المضمون الاجتماعى للديمقراطية
والتى تفترض ان يكون هذا الاختيار مجردًا وبعيدًا عن الهوى والغش والتدليس والإكراه، متأسفا لما لاحظه في المعركة الانتخابية، كيف ان القوى المحافظة تعاملت مع كثير من الافات التى يتعامل معها المصريين من فقر وأمية بمهارة شديدة، فهناك 12 % اصوات باطلة (80 الف صوت باطل ) أى ما يزيد عن 80 الف صوت في أحد الدوائر الانتخابية بالشرقية
موضحا ان مرشحى الكتلة ليس لديهم مهارة في التعامل مع الشعب المصرى، في طريقة انتهاك الانتخابات.
الثالث: العلاقة بين الجيش والمجتمع السياسى
اشار "فرحات"، إلى أن المجلس العسكرى، يرغب في تصوره، في امرين:
الاولى ان يضع الدستور تأمين لميزانية القوات المسلحة بحيث لا تكون متاحة لكل من هب ودب
الثانية :-في شكل تساؤل- هل من المناسب ان يكون للمجلس العسكرى دور لافتئات الأغلبية بالديمقراطية؟
الرابع: العلاقة بين الأغلبية والأقلية
اكد فرحات، على: لا تحظى الأغلبية بالأغلبية إلا إذا كان لديها استعداد لتحولها إلى اقلية في مرحلة تالية فالأغلبية الثابتة لا يمكن تسميها أغلبية. موضحا اننا لا يمكن ان نقول ان هذا مجتمع غالبيته مسلمين لانهم لن يتحولوا إلى مسيحين في وقت اخر او مجتمع اغلبيته رجال لانهم لن يتحولوا إلى نساء في يوم من الايام، لكن من الممكن أن نقول أن المجتمع أغلبيته اشتراكيين، لأنهم من الممكن أن يتحولوا إلى ليبراليين مثلًا.
أما التحدى الخامس والأخير ، هو العلاقة بين الحقوق والحريات العامة، فيجب أن نتمسك بمبادى المساواة وعدم التمييز في الحقوق العامة.
الإعلام والتحول الديمقراطي
من جانبه، قال الكاتب الصحفي الدكتور "ياسر عبد العزير" أن الإعلام مسألة أخطر مما نتصور جميعا، فوسائل الإعلام كانت تعمل لحساب النظام السابق، وعندما ظهرت بعض الصحف الخاصة بدأت بلورة الشعور بالغضب واصبحت مسألة الفساد تتناول يوميًا في الصحافة والإعلام
بالاضافة إلى لعب الإعلام الجديد دورًا في التعبئة والحشد من أجل خطوات لتحقيق الثورة على الارض، مشيرا إلى ان الفصيل الذى فاز باغلبية البرلمان حتى الان استخدم الإعلام من خلال اعلام المنابر باوسع نطاق في الحشد والتعبئة.
حتى أن منظر الثورة وخطيب الثورة وشاعر الثورة وامين الثورة ومذيع الثورة كلهم يقدمون برامج في قناتين يسودا انطباع انهما من قنوات اعادة انتاج النظام السابق.
وأكد "عبد العزيز، أن عملية التحول الديمقراطى تحتاج بالضرورة إلى تحول في وسائل الإعلام
فالمشكلة الأساسية وهى وسائل الإعلام العامة المملوكة للدولة، كانت أداة دعاية في ايدى النظام السابق وبمجرد قيام الثورة لعبت دورا اسودا في التعتيم والانكار، ثم سقط الرئيس السابق فتنكرت له، وتعود لتزايد ثم ترجع إلى السيد الذى تخدمه مباشرة.
وقدم "عبد العزيز"، لمحه عن مشروعه لإنشاء مجلس وطنى للإعلام في مصر، موضحًا أن هذا المشروع يتكون مجلس إدارة فيه من 12 عضوًا، ثلاثة يعينهم رئيس الدولة، وثلاثة يعينهم رئيس مجلس الشعب، وثلاثة يعينهم رئيس مجلس الشورى، وثلاثة من المجتمع المدنى والمؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة)، بينما يعين رئيس الدولة رئيس المجلس بالتشاور مع الحكومة، ومدة المجلس ست سنوات.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com