بقلم: د. ماجد عزت إسرائيل
1- التطور التاريخي للمجمع العلمي المصري (1798-2011م)
في 12 أبريل 1798م اتخذت حكومة الثورة الفرنسية (1789م)، قرارًا بتجهيز حملة إلى بلاد الشرق، وحددت "مصر" لموقعـــها المتوسط بين دول العالم، لسهولة قطع الطريق على "إنجلترا" في الغرب ومستعـمراتها في الشرق، بعد أن سيطر الإنجليز على طريق رأس الرجاء الصالح (الدوران حول إفريقيا)، وأسندت حكومة "فرنسا" لـ"نابليون بونابرت" قيــادة الحملة التي ضمت العديد من العسكريين والمهندسين، وما يقرب من (146)عالــمًا، تحركت الحــملة من مياء "طولون" جنوب "فرنسا"، مرورًا بجزيرة (مالطا) والاستيلاء عليها، ثم الوصـــــــــــل إلى ميناء "الإسكندرية" والاستيلاء عليها بعد مقاومة أهلها بقيادة "محمد كريم"، ثم مقاومة أهل "القاهرة" من خلال ثورة القاهرة الأولى والثانية، حتى أجبرت الحملة الفرنسية بعد تدخل "إنجلترا" ومقاومة الشعب المصري على الجــــلاء عن "مصر" في شهر أكتوبر 1801م، بعد أن قضت ما يقرب من ثلاث سنوات ما بين عام (1798-1801م).
على أية حال، فشلت الحملة الفرنسية على "مصر" في تحقيق أهدافها العسكرية، فلم تقم الإمبرطورية الفرنسية في الشرق، ولم يتوقف طريق رأس الرجاء الصالح وهو الدوران حول قارة إفريقيا، ولم تنقطع "إنجلترا" عن مستعــــــمراتها في الشرق، بل ظلت "إنجلترا" الأمبراطورية التي لم تغيب عنها الشمس.
ونجت الحملة الفرنسية على "مصر" 1798م فى تحقيق نتائجها العلمية في شتى المجالات، نذكر منها المجمع العلمى؛ حيث أصدر قائد الحملة الفرنسية "نابليون بونابرت" قرارًا فى عام 1798م بإنشاء "المجمع العلمي" بـ"القاهرة"، الذي يعد أول مؤسسة علمية في "مصر" الحديثة (ويقع الآن بشارع القصر العينى، بالقرب من ميدان التحرير بذات المدينة)، ويضـم المجمع (146)عالمًا في شتى التخصصات، من العلماء الذين أتوا مع الحملة الفرنسية، في مجالات: الرياضيات، والفيزياء، والاقتصـاد السياسي، والأدب، والفنون، والجغرافيا، وعلم الخرائط، واللغة المصرية القديمة، والموسيقى، والجيولوجيا، والتاريخ، والنحت، والآثار، وذلك بهدف جمع المعلومات عن تفاصـيل الحياة اليوميــة في "مصر"؛ لمساعدة "نابليون بونابرت" على اتخاذ الــقرارات اللازمة طبقًا لمعلومات صحيحة. ويحتوي المجمع العلمي الآن على مكتبة نادرة، حيث تضم ما يقرب من (196) ألف كتاب لا يقدَّر بثمن؛ لأنها تُعد من أمهـــات الكتب، ومن أهم هــذه الكتب على الإطلاق كتاب "وصف مصر"، بالإضافة إلى العــديد من الوثائق والخرائط النادرة.
ومن النتائج العلمية التي توصَّل إليها المجمع العلمي بـ"القاهرة" خلال عام (1798-1801م):
- تأليف موسوعة "وصف مصر" التي تُعد من أهم الموسوعات المعاصرة التي سجَّلت لنا التطور الجغرافي والتاريخي لـ"مصر"، ونقلت تقاليد الحياة اليومية للإنسان المصري، والفلكلور الشعبي في المدن والقرى.
- واستطاع العالم الفرنسي "شامبليون" عام 1799م اكتشاف حجر رشيد، وفك رموزه التي كتبت باللغة "الهيروغليفية"، وفتح مجالًا لمعرفة التاريخ المصري القديم، وأصبح الآن علمًا مستقلًا بذاته يُعرف باسم (المصرولوجيا).
- بدأت الحضارة المصرية مرحلة جديدة من خلال الاحتكاك المستمر بالغرب، وهو ما يُعرف الآن بالتقاء الحضارات، فتبنى المصريون النظم الفرنسية الحديثة، مثل تسجيل الوفيات والمواليد لمعرفة معدل الزيادة الطبيعة، وبالفعل تم إجراء أول تعداد سكاني في "مصر" عام (1847م)، وهو ما يعرف بـ "تعداد النفوس"، ويُنسب هذا الإنجاز لــ"محمد على باشا" (1805-1848م).
- بالإضافة إلى النظم الإدارية، والقانون المدني، ونظم الجيش، والبحرية، وصناعة الأسلحة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com